IMLebanon

سباق بين ترتيب أوراق الرئاسة وتداعي مؤسسات الدولة

سباق بين ترتيب أوراق الرئاسة وتداعي مؤسسات الدولة

الحريري بعد لقاء السيسي: لسنا ضد إيران والعلاقة لا تكون لمصلحتها فقط

 بصرف النظر عن النفي أو التأكيد عما إذا كان وزير الخارجية الأميركي جون كيري بعث برسالة تتضمن معلومات عن انتخاب رئيس جمهورية للبنان قبل حلول 25أيار المقبل، وهو تاريخ انقضاء سنة على الشغور في الرئاسة الأولى، فإن القوى السياسية، لا سيما الممثلة في الحكومة تقيم حساباتها وترتيباتها على أن مرحلة جديدة دخلت فيها المنطقة مع ارتفاع حظوظ التوقيع على الاتفاق النووي الايراني في الرابع والعشرين من الشهر الحالي.

وإذا كانت حركة الاتصالات السياسية التي يجريها الرئيس سعد الحريري تصب في إطار تحضير لبنان للاستفادة من المتغيرات على نحو إيجابي، في سياق الأهداف المعلنة لدعم الاعتدال ومواجهة الارهاب، فإن الحوارات الجارية تصب هي الأخرى في إطار تحصين المواقع عندما تحين لحظة إعادة تفعيل الدولة اللبنانية ومؤسساتها، بعدما ضربها الشغور الرئاسي بأوسع عملية تعطيل نجت منه الحكومة بالعودة الى الاجتماعات وتنوء تحت تأثيراته إدارات الدولة وهيئات الرقابة من التعيينات الأمنية الى هيئة الرقابة على المصارف الى مجلس إدارة الضمان الاجتماعي، فضلاً عن المجلس الدستوري:

1- وبقدر ما يحرص الرئيس نبيه بري على التقاط توقيت مناسب لإحياء التشريع إذا أتيح له فإنه يولي التحضيرات الجارية لعقد مؤتمر حركة «أمل» يوم الأحد المقبل أهمية خاصة لإعادة تنشيط العمل الحركي، وضخ دم جديد الى الهيئات والقيادات من غير الفئة الأولى، في إطار مواكبة مرحلة ما بعد التفاهمات الاقليمية الكبرى.

2- كان من الملفت التصريحات التي أدلى بها الرئيس الحريري بعد لقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على مدى ساعة كاملة، حيث كشف أن الرئيس السيسي أعرب عن تمنياته بانتخاب رئيس للجمهورية،.متحدثاً بلغة لينة عن موضوع إيران في إطار ما وصفه بوضع استراتيجية عربية لمواجهة الأخطار المحيطة بالوضع العربي، وقال: «لدينا ملاحظات، ولكن هذا لا يعني أننا ضد إيران، نحن نريد أن تكون علاقاتنا مع إيران لمصلحة لبنان ومصلحة إيران معاً، وليس لمصلحة إيران فقط».

وحول الوضع في سوريا قال الحريري: «إن النظام السوري يقول شيئاً ويفعل شيئاً آخر. هناك إجماع عالمي بأن هذا النظام لا يمكن أن يكمل بالشكل الذي يوجد فيه حالياً، وحلول جنيف 1 و2 تقضي بأن يخرج بشار الأسد من السلطة».

3- مع أن النشاط بدا غائباً أمس عن دارة المصيطبة، فإن التحضيرات انطلقت لعقد جلسة لمجلس الوزراء الخميس المقبل بـ140 بنداً عادياً قسم منها يتعلق بالموافقة على نقل اعتمادات، من دون تأكيد ما إذا كانت لجنة الرقابة على المصارف مدرجة على جدول الأعمال، على أن الأبرز هو ما كشفه وزير التنمية الادارية نبيل دو فريج لـ«اللواء» من أن موضوع توقيع المراسيم العادية لا يزال نقطة غير محسومة في مجلس الوزراء، وأن أي نقاش حوله لم يحصل، وهذا الموضوع أهم من صلاحيات رئيس الجمهورية.

وفي السياق، استغربت مصادر وزارية أن يعلن وزير التربية والتعليم العالي الياس بوصعب، أن نقطة التوقيع على المراسيم العادية حلّت بـ22 وزيراً، وسألت: كيف يقبل وزراء التيار بهذا الأمر؟ مشيرة إلى أن الرئيس تمام سلام ليس بوارد القبول بالتعطيل وهو يراهن على التزام أطراف الحكومة بتعهداتها.

وعلى هذا الصعيد، ألمح وزير العمل سجعان قزي أن هناك اتصالات تجري بين الرئيسين ميشال سليمان وأمين الجميّل لبحث ما إذا كان ثمة ضرورة لعقد اجتماع تشاوري ثالث، والانتقال من فكرة اللقاء إلى تطوير الاتصالات بين الرئيسين سليمان والجميّل.

4- مسيحياً، أكدت مصادر مطلعة لـ«اللواء» أن اللقاء العابر بين الوزير كيري ورئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر، والذي حضره رئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن تناول قضية انتخاب رئيس الجمهورية، من ضمن رؤية أميركية لتعزيز الاستقرار في لبنان وإعادة الروح إلى مؤسسات الدولة اللبنانية وإداراتها، بعد التوقيع على الاتفاق النووي، ولكن من دون التطرق إلى إسم الرئيس، وقد وضع البطريرك الماروني بشارة الراعي في هذه المعلومات ضمن حرص على عدم الخوض والتوسع حولها.

وعلى صعيد الحوار بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية»، فإن المعطيات المحيطة بهذا الحوار كشفت عن اتجاه لتشكيل ثنائية مسيحية على غرار ما يحصل لدى طوائف أخرى، لمواجهة المتغيّرات المتسارعة في المنطقة ووضع المسيحيين داخلها، بصرف النظر عن التفاهم على رئيس جمهورية مداورة أو انتظار ما ستسفر عنه التفاهمات الأميركية والسعودية والإيرانية والفرنسية.

ولم تشأ مصادر في تكتل «التغيير والاصلاح» تأكيد أو نفي معلومات عن زيارة مرتقبة لرئيس لجنة التواصل والإعلام في القوات اللبنانية ملحم الرياشي إلى الرابية اليوم أو غداً لتسليم ملاحظات «القوات» على وثيقة «إعلان النيّات»، لكنها أكدت في المقابل أن الزيارة ستكون قريبة، أي أقرب مما هو متوقع.

وقالت هذه المصادر لـ«اللــواء» ان فريق «القوات» حريص على تقديم ملاحظاته في أسرع وقت، لافتة إلى ان هذه الملاحظات مؤشر على انتهاء مرحلة، والدخول في مرحلة ثانية، تشكّل الجواب لاحتمال اللقاء المنتظر بين رئيس التكتل العماد ميشال عون ورئيس حزب «القوات» سمير جعجع .

صيد ثمين آخر

أمنياً، صيد ثمين آخر وقع في شباك الجيش اللبناني، بعد إحالة «الإرهابي الخطير» في «داعش» أبوحارث الانصاري إلى القضاء، وهذا الصيد الجديد تمثل بإحالة مديرية المخابرات إلى القضاء السوري الموقوف حسن محمّد جميل حربا الذي أوقف بتاريخ 27 شباط الماضي لانتمائه إلى تنظيمات إرهابية وقيامه مع آخرين بالاعتداء على مراكز الجيش.

وبحسب بيان قيادة الجيش، فإن الموقوف حربا اعترف في التحقيقات معه ترؤسه لمجموعة مسلحة كانت تتنقل بين جرود فليطا وعرسال وجرودها، وانه شارك مع مجموعته في الاعتداء على حاجز وادي الحصن، وانه حاول مع مجموعته السيطرة على حاجز وادي حميد وفشل، كما شارك مرات عدّة في الهجوم على حاجزي وادي سويد ووادي حميد.

وكشفت التحقيقات ان حربا بايع في أيلول الماضي تنظيم «داعش»، وانه عيّن من قبل هذا التنظيم مسؤولاً أمنياً داخل عرسال وتم تجهيزه بآلية وأجهزة اتصال وسبع عبوات ناسفة وكلف زرعها عند مراكز الجيش، فزرع عبوة على طريق المصيدة وتفجيرها في اليوم التالي، وزرع ثانية قرب مستوصف الحريري داخل عرسال حيث تمكن الخبير العسكري من تفكيكها، كما زرع مع مجموعته عبوة ثالثة على طريق وادي عطا لكنها لم تنفجر، بالاضافة إلى وضع سيّارة مفخخة في محيط بلدة عرسال لم تنفجر لتمكن وحدات الجيش من ضبطها.

تزامناً، قام الجيش اللبناني بمداهمات في القرى الحدودية في منطقة الدريب في عكار، وتم توقيف خمسة سوريين للاشتباه بهم، كما أوقف الجيش 4 سوريين في شبعا كانوا يحاولون التسلل إلى سوريا، وأوقف 3 سوريين آخرين في عرسال أثناء توجههم إلى الجرود للمشاركة في القتال مع المجموعات المسلحة.

قضية العسكريين

من جهة ثانية، توقعت مصادر مطلعة ان يقوم الوسيط القطري بزيارة إلى جرود عرسال في الأسبوع الطالع لمعاودة مفاوضاته مع خاطفي العسكريين في شأن المطالب ولائحة الأسماء.

وأشارت مصادر لبنانية متابعة للمفاوضات إلى ان مسار التفاوض لإطلاق العسكريين الرهائن مستمر ولم يتوقف، لكنه دقيق وبحاجة إلى وقت وجهد كبيرين.

في غضون ذلك يستمر الأهالي في اعتصامهم في ساحة رياض الصلح، من دون القيام بأي تحركات التزاما بالهدوء والسرية، طالما ان الدولة تتعاطى مع ملف ابنائهم بجدية ومسؤولية، خصوصاً وان معلوماتهم تفيد بأن هناك تعهداً بعدم التعرّض لحياة العسكريين، كما ان معاملة الخاطفين لهم أصبحت أفضل من السابق، وهذا مؤشر خير بالنسبة إلى الأهالي، ودليل على ان المفاوضات جارية ومثمرة.