عون في كليمنصو بحثاً عن الرئاسة .. وتسوية فورية ومؤجلة لقادة الأجهزة
«السلسلة» تنتظر «التفاهمات الكبيرة» .. و«حوار الضرورة» بين المستقبل وحزب الله اليوم
انشغلت الأوساط اللبنانية بمتابعة اثار نتائج الانتخابات الإسرائيلية على لبنان والقضية الفلسطينية، والوضع في المنطقة التي تشهد تحولات يختلف اللبنانيون حول سبر غورها، ورؤية ما يمكن ان تحمله من ترتيبات على أوضاع الشرق الأوسط وسوريا ولبنان.
وعليه، تراجعت إلى المحل الثاني شؤون الخلافات، وإدارة الملفات العالقة، في بلد يستولد الأزمات بمناسبة وبلا مناسبة.
وإذا كان مسار عملية التشريع في المجلس النيابي ينوء تحت ضغط كلام الليل يمحوه النهار، في ما خص مواقف الكتل من عملية التشريع، فإن التحضيرات الجارية لجلسة مجلس الوزراء غداً، استأثرت بالحيّز الأكبر من اللقاءات في عين التينة وكليمنصو ودارة الرئيس ميشال سليمان في اليرزة، فضلاً عن المصيطبة.
ففي عين التينة، أضاف الرئيس نبيه برّي إلى انشغاله بترتيبات الحوار بين المستقبل وحزب الله ومتابعة مسار جلسة اللجان المشتركة، التي سادتها أجواء من البلبلة قبل ان تنعقد ثم تنفرط وكان لا سلسلة ولا من يحزنون، وسط غضب هيئة التنسيق النقابية التي ارتفع منسوب خشيتها من ضياع السلسلة بين مناورات الكتل وعدم جديتها وربط وزارة المال أرقام السلسلة وايراداتها بالموازنة العامة، وتراجع قوة هيئة التنسيق من حركة نقابية ذات إرادة مستقلة إلى نقابة تيارات غالباً ما تتصادم وتتباعد فتلحق بها الحركة المطلبية حيث تميل، متابعة مجريات الخطة الأمنية في الضاحية ومسألة التمديد للضباط، فضلاً عن آلية اتخاذ القرارات في مجلس الوزراء.
ونقل زوّار الرئيس برّي عنه، انه يتجه إلى دعوة مجلس النواب لجلسة عامة في النصف الثاني من نيسان بسبب اعداد جدول الأعمال في مكتب المجلس الذي يتعذر عليه الانعقاد قبل عودة عضوين منه من الخارج هما نائب رئيس المجلس فريد مكاري وعضو هيئة المكتب أحمد فتفت، بالإضافة إلى عدم بث المجلس لسلسلة الرتب والرواتب وقانون الإيجارات.
اما في كليمنصو، حيث استقبل النائب وليد جنبلاط رئيس تكتل الإصلاح والتغيير النائب ميشال عون ظهر أمس، فقد أعلن جنبلاط لموقع «العهد» الاخباري ان اللقاء مع عون كان «ودياً» للغاية، وتم التباحث في كافة الشؤون المحلية والإقليمية.
واعتبر جنبلاط ان اللقاءات مع «التيار الوطني الحر» مستمرة ولا تحتاج إلى وسيط، الأمر الذي فسر بأنه ردّ على ما نشر من ان الرئيس برّي هو الذي رتب اللقاء.
إلا ان مصادر سياسية عادت وأكدت ان الزيارة وإن كانت رداً على زيارة قام بها النائب جنبلاط إلى الرابية في 6 آب الماضي، فإنها أعقبت اللقاء الذي عقد في عين التينة بين برّي وعون، حيث جرى التطرق إلى جلسات انتخاب رئيس الجمهورية، وإمكانية كسب الكتلة الوسطية التي يمثلها جنبلاط إلى جانب ترشيح عون، فيما لو جرى الاتفاق مع رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع على تأمين النصاب إذا انحصرت المعركة بينهما، وهذا يقتضي سحب النائب المرشح هنري حلو.
ووفقاً لهذه المصادر، فإن برّي لم يبد حماساً لأخذ المبادرة تجاه حليفه جنبلاط، ووعد باجراء ما يلزم من اتصالات على ان يطرح الموضوع على عون مباشرة، باعتباره صاحب مصلحة.
لكن المصادر نفسها لم تشأ التطرق إلى ما يمكن ان يكون حصل على هذا الصعيد والموقف الجنبلاطي من دعم عون في الرئاسة الأولى.
ونقل عضو تكتل «الاصلاح والتغيير» النائب سليم سلهب عن عون قوله انه كان مرتاحاً للقاء جنبلاط، مكتفياً في تصريح لـ«اللواء» بأن عون أبلغ من التقاهم ان لقاء كليمنصو اتسم «بالايجابية».
وفي السياق نفسه، أوضحت مصادر التكتل لـ«اللواء» ان ثلاثة مواضيع حضرت في لقاء كليمنصو وهي: انتخابات الرئاسة، تشريع الضرورة، والتمديد للقادة الأمنيين من ضباط الجيش وقوى الأمن الداخلي.
اللقاء التشاوري
اما في اليرزة، فقد حضرت آلية العمل في مجلس الوزراء مجدداً على طاولة اجتماع الوزراء السبعة (3+3+1) بمشاركة رئيس الكتائب الرئيس أمين الجميل والوزير السابق خليل الهراوي.
وحرص المجتمعون في اللقاء الثالث من نوعه، على تضمين موقفهم في بيان حمل من يعطل نصاب جلسات انتخاب رئيس الجمهورية مسؤولية تكريس الشغور وتهديد النظام السياسي ومستقبل
البلاد.
وفي ما خص الحكومة طالب المجتمعون الرئيس تمام سلام بمواصلة الحفاظ على الجد الوفاقي في منهجية اتخاذ القرارات وحسم الخلافات وإقرار المراسيم.
وفي ما خص الجيش طالب اللقاء بالإسراع بتزويده والقوى الأمنية الأخرى ما يحتاج إليه من عتاد بعد الهبتين السعوديتين المخصصتين لشراء الأسلحة.
وقال وزير الإعلام رمزي جريج لـ«اللواء» أن المجتمعين لاحظوا أن المطالبة بانتخاب رئيس جديد للبلاد لا تكفي وحدها، بل يجب العمل على تحقيق ذلك، موضحاً أنه لم يتفق على موعد اجتماع آخر للقاء.
وأكدت مصادر المجتمعين لـ«اللواء» أن اللقاء شدد على ضرورة استمرار الانسجام في عمل الحكومة والتأكيد على أن أحداً ليس بإمكانه أن يهمّش الآخر، ولا سيما في الساحة المسيحية.
التمديد للضباط
وكشف مصدر وزاري لـ«اللواء» أن مسألة القادة الأمنيين ستعالج على مرحلتين:
الأولى فورية، وتقضي بالتمديد لمدير المخابرات العميد ادمون فاضل ولمدير قوى الأمن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص بقرارات وزارية تجنباً للفراغ، ولعدم ضمان حصول إتفاق حول البدائل المطروحة.
والثانية، وتشمل قائد الجيش العماد جان قهوجي ورئيس الأركان اللواء وليد سلمان، فإنها متروكة إلى حينه، أي بعد ستة أشهر، حيث من الممكن أن تكون مشكلة الشغور الرئاسي قد حلّت وانتخب رئيس جديد للجمهورية، وعندها ستشكل حكومة جديدة وتجري التعيينات حيث يكون هناك شغور في المؤسسات العسكرية والادارات الرسمية وأجهزة الرقابة والقضاء.
وكشف المصدر الوزاري أن وزير الدفاع سمير مقبل يتجه مع قائد الجيش لإصدار قرار بالتمديد للعميد فاضل الذي تنتهي ولايته يوم الجمعة في 20 آذار الحالي، سنة كاملة، وذلك استناداً إلى قانون الدفاع الذي يجيز لوزير الدفاع تأجيل تسريح الضباط، بناء لطلب قائد الجيش.
وفي هذا المجال، قال الوزير مقبل أنه سيمدد للقادة الأمنيين إذا كان ذلك ضمن صلاحياته، ولا يخالف القوانين، موضحاً بأن هذا التمديد لا يحتاج إلى مجلس الوزراء.
الحوار
وبالنسبة إلى جلسة الحوار الثامنة التي من المقرر أن تلتئم مساء اليوم في عين التينة بين تيار المستقبل و«حزب الله»، فقد أبلغ الرئيس بري زواره مساء أمس، أن الحوار سيتواصل اليوم، وأن النقاش سيتابع حول الوضع الأمني وخطة الضاحية الجنوبية ورئاسة الجمهورية، مشدداً على أن المواقف التصعيدية من قبل البعض لن تؤثر على هذا الحوار.
تزامناً، وفي إطار المرحلة الثانية من إزالة الشعارات والأعلام الحزبية من بيروت بهدف تنفيس الاحتقان، باشرت بلدية الشياح صباح أمس، بالتنسيق مع القوى السياسية المحلية، وفي مقدمتها حركة «أمل»، حملة لإزالة الشعارات والأعلام الممتدة ضمن نطاق بلدية الشياح، وشملت هذه الحملة: قصقص، الطيونة، طرق صيدا القديمة وصولاً إلى كنيسة مار مخايل تجاه الحدث – غاليري سمعان حتى المشرفية.
وأشارت مصادر مقربة من «حزب الله» إلى أنها مستعدة لكل متطلبات الخطة الأمنية من دون اعتراض، وقد أبلغ الحزب المسؤولين أن تحديد ساعة الصفر لانطلاق هذه الخطة يعود لوزارة الداخلية البت فيه.
ومن جهتها، أكدت كتلة «المستقبل» في بيان أصدرته أمس، بعد اجتماعها الأسبوعي برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة، على استمرار الحوار نهجاً واسلوباً لمصالحة قضيتين محددتين وهما: التفاهم على مبدأ الرئيس التوافقي لإنهاء حالة الشغور في سدة رئاسة الجمهورية، والعمل على خفض مستويات التوتر والتشنج في البلاد.
ولفتت إلى انها «مع ادراكها بوجود عدد من المسائل والقضايا بشأنها مع حزب الله، تعتبر ان استفزازات الحزب وتهديداته لن تثنيا عن الثبات على مواقفنا تجاه القضايا المختلفين معه حولها، مشيرة إلى ان قيادات الحزب هي التي بادرت إلى التصعيد والتوتير السياسي والكلامي بعد أن سبق وجاهرت قبل أيام ليست بعيدة بتمسكها بالعماد عون مرشحاً وحيداً لرئاسة الجمهورية أو الاستمرار في الفراغ، ومجاهرتها بتعطيل كل محاولات انتخاب رئيس الجمهورية ما لم يخضع اللبنانيون لمشيئة الحزب في وحدانية الترشيح العوني، وإلا إبقاء حالة الشغور في موقع الرئاسة الأولى.
إضافة إلى كل ذلك، لاحظت الكتلة ان المواقف الإيرانية حول امبراطورية فارسية عاصمتها بغداد ومفاخرة باحتلال أربع عواصم عربية لم تحرك نخوة حزب الله أو أي من حلفائه، وهو المفترض انه ينتسب إلى النسيج العربي، وبالتالي اتخاذ موقف رافض في هذا المجال، معلناً ولاءه لولاية الفقيه، ولإيران على المصلحة اللبنانية والمصلحة العربية.
وقالت مصادر بارزة في كتلة «المستقبل» ان الحملة السياسية والإعلامية التي تخوضها قيادات «حزب الله» وفوى 8 آذار ضد الرئيس السنيورة مكشوفة ومردودة، وهدفها شق صف تيّار «المستقبل» و14 آذار، وهذا لن يصل إلى نتيجة بأهدافه، والدليل أن بيان كتلة «المستقبل» أعاد تبني بيان 14 آذار في «البيال»، والموقف الأخير للرئيس سعد الحريري ألغى كل المقولات التي تروج لموقفين في تيّار «المستقبل».
أضافت، لقد فات قيادات 8 آذار ان من وتّر الأجواء هو من صعد إلى الرابية ليقول: لن نترك عون ولن نرضى بديلا عنه»، وهذا ما أطاح بالأجواء الديمقراطية التنافسية. وأكد ان حزب الله» يقول: «آما عون أو لا شيء أو لا انتخابات، وبالتالي فإن من يحاول تحميل الرئيس السنيورة مسؤولية التصعيد السياسي كلامه مردود عليه».
اللجان
وكانت كتلة «المستقبل» قد قاطعت أمس جلسة اللجان النيابية المخصصة لدراسة سلسلة الرتب والرواتب، وتضامن معها نواب «القوات اللبنانية»، وذلك احتجاجاً على تكليف النائب إبراهيم كنعان رئاسة الجلسة خلافاً للنظام الداخلي للمجلس، فيما سجل خرق من قبل نائبي الكتائب سامر سعادة وسامي الجميل.
ومع ان النصاب القانوني توفّر بالثلث، فإن الجلسة التي استمرت ساعتين لم تتمكن من التوصّل إلى نتيجة، وذهب أحد النواب إلى حدّ القول بأنه لم يحصل نقاش فعلي، بعد ان وصل صدى الخلافات إلى خارج القاعة العامة، سواء بين النواب أو بين أعضاء هيئة التنسيق النقابية التي شاركت في الاجتماع، ثم جاء فقدان النصاب ليؤكد ان التوافق السياسي هو من سيسجل الهدف الأساسي في مرمى السلسلة والتشريع على حدّ سواء، وسط توقعات بانعقاد جلسة تشريعية في النصف الثاني من نيسان المقبل.
وفيما أكّد الوزير مقبل تمسكه بحقوق العسكريين، كاشفاً عن اجتماع آخر مع كنعان لاستكمال البحث، أكّد وزير المال علي حسن خليل بدوره جهوزية وزارته من الناحية التقنية في التعاطي مع ملف السلسلة واقرارها وفقاً للمشروعين الموجودين لدى الوزارة، ولفت إلى ان ربط السلسلة بالموازنة صحي، ويجب ان لا يعطل هذا الأمر امراً آخر، لافتاً إلى انه بإمكاننا ان نقر السلسلة والموازنة سوياً أو في شكل منفصل.
تمويل الإرهاب
وسط هذه الأجواء، جاءت زيارة مساعد وزير الخزانة الأميركية لشؤون تمويل الإرهاب دانيال غلايزر إلى بيروت، لتشي باهتمام أميركي دؤوب بمكافحة عمليات تمويل الإرهاب عبر تبييض الأموال.
وأعلنت السفارة الأميركية في بيان ان غلايزر اجتمع بكل من الرئيس سلام والوزراء خليل، جبران باسيل، نهاد المشنوق وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس جمعية مصارف لبنان، وانه شجع خلال لقاءاته السلطات اللبنانية والمؤسسات المالية على مواصلة العمل على مكافحة خطر عمليات التمويل غير المشروع ومنع محاولات التهرب من العقوبات المالية، خصوصا من سوريا وايران المفروضة من الولايات المتحدة والمجتمع الدولي.
كما بحث غلايزر موضوع تمويل داعش وجهود الولايات المتحدة كما الدولية لمكافحة شبكاتها المالية. وأكد مجددا التزام الولايات المتحدة العمل مع لبنان لمواصلة حماية نظامه المالي من سوء استخدامه في التهديدات الإرهابية.