شهادة السنيورة: ترسم الإطار السياسي لظلم الحريري واغتياله
باريس تربط المساعدات المالية بانتخاب الرئيس .. ومفاوضات العسكريّين تتقدّم مع اقتراب معركة القلمون
شكلت شهادة الرئيس فؤاد السنيورة امام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي تنظر في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، حدثاً قائماً بذاته. وبقدر ما أضاءت على محطات من الظلم والضيم والاستهداف للرئيس الشهيد من قبل الفريق الذي اصطلح على تسميته بجهاز الأمن اللبناني السوري المشترك، اعتبرت محاكمة بالوقائع والخبرة المباشرة من إحدى أبرز الشخصيات التي كانت قريبة من الرئيس الحريري، بحق مرحلة كاملة بكل ما لها وعليها. لا سيما بعد انتقال السلطة في سوريا واشتداد التأزم في الحقبة الممتدة بين أواخر آب 2004 إلى يوم الاثنين في 14 شباط 2005، وهو اليوم المشؤوم الذي أرّخ للزلزال الذي ضرب لبنان باغتيال الحريري، واغرق سوريا والمنطقة في دوّامة أزمات انفجرت في العام 2011 ولم تتوقف بعد.
وإذا كانت المحطة الأولى من الشهادة لامست بعرض واقعي – انساني، معلومات بعضها معروف والبعض الآخر يعلن للمرة الأولى، فإن المحطة الثانية المتوقعة اليوم ستكون موضع متابعة، مع ان الرئيس – الشاهد حاذر بفطنة الا يقع في فخ الأسئلة ذات الطابع الاتهامي أو التأزيمي، خشية ان يترك انعكاسات على الاستقرار اللبناني الحالي، وتمسك تيّار «المستقبل» باستمرار هذا الهدوء المفترض ان يبقى محصناً، عبر الحوار الدائر في عين التينة مع حزب الله برعاية الرئيس نبيه برّي.
وبصرف النظر عن التكهنات، وردود الفعل المرتقبة بعد الانتهاء من الشهادة، فإن طلائع الانزعاج من شهادة رئيس كتلة «المستقبل» ظهرت في مؤشرين:
1- الأوّل تمثل بتوقيت زيارة وفد رفيع من حزب الله رأسه رئيس المجلس السياسي السيّد إبراهيم أمين السيّد إلى الوزير السابق وئام وهّاب، وإعلانه من هناك ان وهّاب «ليس داعماً للمقاومة بل هو في موقع متقدّم من مواقع المقاومة».
والثاني: مسارعة النائب السابق اميل اميل لحود في الإعلان ان والده لن يلبي الدعوة إلى المحكمة الدولية كشاهد في الجريمة، في ما لو طلب إليه الحضور للاستماع إلى شهادته لا سيما في ما خص علاقاته المتوترة دائماً مع الرئيس الحريري ودوره في منعه من تنفيذ مشروعه التنموي والاصلاحي والاعماري في لبنان، واصفاً ما يُحكى عن احتمال استدعائه «بالخرافات»
ولا يخفى مصدر في 8 آذار ان تكون الشهادات امام المحكمة احدثت توتراً عى الساحة المحلية، لا سيما في حال انتقلت المحكمة إلى سماع شهادات فريق 8 آذار في ما خص الجريمة، بما في ذلك الرئيس بشار الأسد.
ولوحت مصادر هذا الفريق إلى تأثير شهادة الرئيس السنيورة على الحوار بين «المستقبل» و«حزب الله»، ما دفع عضو كتلة «المستقبل» النيابية النائب عمار حوري إلى وضع هذا الكلام في خانة «كاد المريب ان يقول خذوني»، معتبراً ان ذلك يدل على هلع فريق 8 آذار وكأنه هلع المرتكب، ملاحظاً ان تصعيد هذا الفريق يهدف إلى تحسين شروطه في الحوار، ريثما تتبلورمفاوضات الملف النووي الإيراني.
ولفتت مصادر بارزة في كتلة «المستقبل» ان الرئيس السنيورة قدم أمس أهم مطالعة للدفاع عن حقيقة مشروع الرئيس الشهيد رفيق الحريري في لبنان، وبيّن ابعاده الإنسانية والاصلاحية والوطنية، وسجل امام أهم كاتب عدل دولي حقيقة من وقف مع إصلاح المؤسسات الوطنية والقطاع العام اللبناني، ومن وقف وعمل لإفشال هذا الإصلاح.
وأضاف ان الرئيس السنيورة «كشف كيف اطاح اميل لحود والنظام الأمني اللبناني – السوري بأهم مشروع إصلاح لانهاض القطاع العام، وإقرار سلسلة الرتب والرواتب، فضلاً عن قطاع الكهرباء والاتصالات والطيران المدني، وكشف من وقف مع البشر ومن يتولى الآن تهديم الحجر». (راجع وقائع الشهادة ص 3)
مكتب المجلس والسراي
في هذه الأجواء، تعقد هيئة مكتب مجلس النواب اجتماعاً اليوم للبحث في وضع جدول أعمال للجلسة التشريعية التي يعتزم الرئيس برّي الدعوة إليها في النصف الثاني من نيسان، في وقت كشفت فيه مصادر نيابية في قوى 14 آذار ان تشريع الضرورة بالنسبة لها يتضمن 4 بنود وهي: انتخاب رئيس الجمهورية، إقرار قانون الانتخاب، والأمور المالية والشؤون الأمنية.
وأوضحت ان التمديد لقادة الأجهزة الأمنية لا يندرج في خانة الشأن الأمني في جدول تشريع الضرورة، لأنه من صلاحيات الوزراء المعنيين.
تجدر الإشارة في هذا السياق، إلى الطرح الذي يتبناه «التيار العوني»، وسبق ان عرضه على الرئيس أمين الجميل، وفق ما من إشارات آلية «اللــواء»، ويقتضي بتعيين العميد شامل روكز قائداً للجيش والعميد عماد عثمان مديراً لقوى الأمن الداخلي، خلفاً للواء إبراهيم بصبوص الذي تنتهي ولايته في 5 حزيران المقبل، إلا ان التيار لم يتلق أي ردّ على الاقتراح، باستثناء ردّ الكتائب برفضه في حين أعربت مصادر وزارية عن اعتقادها بأن يُصار إلى اعتماد صيغة تقضي بالتمديد للقادة الأمنيين تزامناً مع إقرار مشروع قانون برفع سن التقاعد للعسكريين، بما يتيح للعميد روكز الاستمرار في الخدمة.
أما في السراي الكبير، فكان لبنان يتبلغ من وزيرة الفرانكوفونية والتنمية أنيك جيرادايان ان بلادها قررت تخصيص 166 مليون يورو في إطار تضامنها مع لبنان لمواجهة أعباء استضافة اللاجئين السوريين على أراضيه.
إلا أن الوزيرة التي التقت الرئيس تمام سلام والوزيرين جبران باسيل ورشيد درباس ربطت الإفراج عن هذه المساعدات بانتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وكشفت مصادر في السفارة الفرنسية ان المبالغ التي أشارت إليها الوزيرة الفرنسية هي عبارة عن مشاريع قروض بفوائد متدنية مقدمة من الوكالة الفرنسية للتنمية ومخصصة كمشاريع تتناول التعليم وبناء مدارس، وبينها 45 مليون دولار لتنقية المياه وقروض مصرفية للمؤسسات في مجال مصادر الطاقة المتجددة.
وفي هذا السياق أكد وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ«اللواء» أن مشاركة لبنان في مؤتمر الدول المانحة المزمع عقده في الكويت مختلفة عن المشاركات السابقة، باعتبار أن هذه الحكومة تعمل ولا تطلق كلاماً في الهواء فحسب.
وأعلن درباس عن إعداد ملف متكامل للمؤتمر حول حاجات لبنان ومشكلة اللاجئين السوريين بالتعاون مع المنظمات الدولية، وقال: «نحن نسمع وعوداً جيدة بشأن مساعدة لبنان لمواجهة هذه المشكلة».
وعلى هامش جلسة مجلس الوزراء التي ستعقد الخميس وعلى جدول أعمالها 54 بنداً، بينها 20 موضوعاً مؤجلة من الجلسة السابقة (راجع مضمون الجدول ص2) أوضح وزير الإعلام رمزي جريج لـ«اللواء» أن الطريقة التي تم اعتمادها في قرارات مجلس الوزراء لجهة التوافق ستنسحب بدورها على آلية توقيع المراسيم، مؤكداً أن الرئيس سلام سيكون آخر من يوقّع المراسيم.
ولفت جريج إلى أن الرئيس سلام سينظر في ما إذا كانت المراسيم لا تحظى بتوقيع عدد كبير من الوزراء أم لا، وعندها قد تكون الأمور بحاجة إلى مراجعة، غير أن المرسوم الذي لا يوقّع من قبل وزير لأسباب شخصية أو غير ذلك، سيصار إلى السير به وتجاوز موضوع عدم توقيع هذا الوزير حتى لا يكون هناك تعطيل.
الأسرى والجرود
على صعيد قضية العسكريين الأسرى، ومع تعزيز المصادر المعنية بالمفاوضات المعلومات عن حصول تقدّم حقيقي لمسألة التفاوض المفترض أن يؤدي الى الافراج عن هؤلاء العسكريين في إطار عملية تبادل كبيرة، لم يشهدها لبنان من قبل، انشغلت مصادر أمنية لبنانية رسمية وحزبية بالمعلومات التي تحدثت عن إعادة تموضع مجموعات من «داعش» ضمن جبهة «النصرة» على أطراف جبال القاع وتلال القلمون السورية، وأن بعضاً من هؤلاء تمكن من التسلل إلى الأراضي اللبنانية، في إطار التحضير لمعركة الربيع التي كثر الحديث عنها منذ أوائل العام الجاري.
يُشار إلى أن وفداً من ذوي العسكريين الأسرى زار أمس نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع سمير مقبل الذي طمأنهم الى مصير أبنائهم ومسار المفاوضات والسعي لاسترداد جميع العسكريين المخطوفين، مشدداً على أهمية السرية في المفاوضات، داعياً إياهم إلى الصبر والتروي.
وكرر مقبل أن المفاوضات تسير على السكة الصحيحة وهو التعبير نفسه الذي قاله المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، مشدداً أن سياق الأمور يأخذنا نحو التفاؤل، لافتاً إلى أن بحوزته لوائح من جبهة «النصرة» وننتظر مطالب «داعش»، وأن الوسيط القطري يتحرك ضمن الخطوط المرسومة بالتنسيق مع الجانب اللبناني.