Site icon IMLebanon

العقم السياسي والسلسلة يهدّدان بحرمان الدولة من الموازنة

العقم السياسي والسلسلة يهدّدان بحرمان الدولة من الموازنة

إنقسام وطني حول «تشريع الضرورة» وعطلة مجازر الأرمن .. و8 آذار لن تعطّل الحكومة

خلافاً للأجواء التي سبقت جلسة مجلس الوزراء التي خصصت لمشروع موازنة العام 2015، خرج الوزراء أمس بانطباعات راوحت بين الاستغراب والحيرة والدهشة والاستياء إلى درجة التشاؤم، إذ وصفها أحد الوزراء لـ«اللواء» بانها كانت «متل قلتها».

وحسب مصادر وزارية، فإن النقاش الغامض والخلاف غير المفهوم حول الموازنة وربطها بالسلسلة على طريقة الدجاجة قبل أم البيضة، شكل امتناعاً لدى الرئيس تمام سلام، بأن هناك من لا يريد إقرار الموازنة، وقال مخاطباً الوزراء «بأن المسار الذي جرى الجدل حول الموازنة لا يفضي إلى نتائج ايجابية»، وبالتالي فإن ثمة حاجة إلى تأجيل النقاش أسبوعين على أقل تقدير لافساح المجال امام مشاورات جديدة للكتل السياسية علّها تصل إلى اتفاق.

وأكدت المصادر ان ما أعلنه وزير الإعلام بالوكالة سجعان قزي، من ان لا توافق سياسي خارج مجلس الوزراء على موضوع الموازنة وسلسلة الرتب والرواتب هو الذي أدى إلى انتهاء الجلسة، مخلفاً أجواء من البلبلة، وجعل الغموض يتحكم بمداخلات الوزراء.

ومرد الانقسام يعود إلى ان فريقاً يرى ادراج أرقام السلسلة مع بنود الموازنة، وفريق آخر يطالب بإقرار السلسلة أولاً، ثم ادراج بنودها ضمن الموازنة.

وقال وزير آخر لـ«اللواء» ان المواقف من الموازنة لم تكن تعبر عن الاصطفاف السياسي بين 14 و8 آذار، وعلى سبيل المثال، قال الوزير الذي طلب عدم ذكر اسمه ان موقف المستقبل ممثلاً بالوزير نبيل دو فريج وحزب الله ممثلاً بمحمد فنيش كان واحداً لجهة ضم مشروع الموازنة والسلسلة معاً، وهو الموقف الذي يدعم توجه وزير المال علي حسن خليل.

واضاف: ان وزراء الكتائب و«التيار الوطني الحر» و«اللقاء الديمقراطي»، كانوا يميلون لفصل مشروع السلسلة عن مشروع الموازنة.

وقبل انتهاء الجلسة تقدّم وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دو فريج باقتراح يقضي اما ان نأخذ سلسلة الرتب والرواتب كاملة انفاقاً وايرادات، أو ان نسحبها كاملة من مشروع الموازنة.

ولان الوقت اشرف على الانتهاء لم تجر مناقشة هذا الاقتراح، واقترح الرئيس سلام في ما تبقى من الوقت البحث في معالجة موضوع سائقي الشاحنات العالقين بين سوريا والأردن والسعودية، ورصد مليون دولار لاعادتهم، فقرر إحالة المبلغ إلى هيئة الاغاثة العليا للمساهمة في إعادة هؤلاء السائقين مع شاحناتهم إلى الأراضي اللبنانية بامان، وفقاً لاقتراح وزير الزراعة اكرم شهيب.

جلسة التشريع

وإذا كان مجلس الوزراء يعقد جلسته العادية غداً لمناقشة وإقرار البنود المدرجة على جدول الأعمال مضافاً إليها رصد اعتمادات لبناء سجن حديث، بناء على اقتراح وزير الداخلية نهاد المشنوق، وهو مصاب بخيبة أمل من نقاشات أرقام الموازنة وارتباطها بالسلسلة، فإن موضوع الجلسة التشريعية ألقى بثقله على الوسط السياسي، في ضوء الاتجاه لدى الكتل المسيحية الممثلة بحزبي الكتائب و«القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر»، أي ما يساوي ثلث مجلس النواب، بعدم المشاركة في جلسات تشريعية، وأن كانت لأسباب ليست واحدة بالنسبة لكل كتلة،

وعزا تكتل «الاصلاح والتغيير» سبب مقاطعته الجلسة التشريعية المرتقبة لما وصفه «بعدم توافر مقومات «تشريع الضرورة» في جدول أعمالها.

وما لم يقله التكتل في بيانه، كشفه مصدر نيابي بتأكيده أن موقف التكتل غير مرتبط بالشغور الرئاسي، وإنما بعدم إدراج اقتراحات قوانين تقدّم بها التكتل إلى رئاسة المجلس مثل استعادة الجنسية للمغتربين.

في هذا الوقت كان النائب وليد جنبلاط يوفد وزير الصحة وائل أبو فاعور إلى عين التينة ومعه موقف داعم لجلسات التشريع والتنسيق في ما يتعلق بالسلسلة والموازنة وعمل الحكومة، فضلاً عن التداول في المواقف التي صدرت عن لسان جنبلاط في ما خص حزب الله.

ولوحظ أن بيان كتلة «المستقبل» النيابية، تجاهل موضوع الجلسة التشريعية، لكن الكتلة حرصت على نفي أن يكون رئيسها الرئيس فؤاد السنيورة، قد حمل إلى البطريرك الماروني بشارة الراعي إسم أي مرشّح لرئاسة الجمهورية، في سياق مطالبته بضرورة إنهاء حالة الشغور الرئاسي وانتخاب رئيس جديد للجمهورية يتمتع بالرؤية وبالصفات المناقبية والقيادية، والقادر على جمع اللبنانيين ويكون رمز وحدتهم.

وقالت أن الرئيس السنيورة أكد على ضرورة إنجاز هذا الاستحقاق الدستوري لقطع الطريق على تفاقم المشكلات الوطنية ووقف تعريض لبنان للمشكلات المتعاظمة في المنطقة،

واستنكرت الكتلة الكلام الأخير للأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله تجاه المملكة العربية السعودية ومبادرة «عاصفة الحزم»، معتبرة أن هذا الكلام فيه تنكر للمصالح العليا للأمة العربية وأمنها القومي.

غير أن مصادر سياسية لاحظت أن إعلان السعودية مساء أمس عن انتهاء عملية «عاصفة الحزم» في اليمن، والتي أشاعت ارتياحاً في الأوساط السياسية من شأنها أن تريح الأجواء في لبنان، وتخفف من التوتر السياسي الذي رافقها نتيجة التراشق الكلامي بين «المستقبل« و«حزب الله».

التعيينات

على صعيد التمديد لقادة الأجهزة الأمنية، وفي مقابل رفض التيار العوني معادلة الفراغ أو التمديد، علمت «اللواء» أن قوى 8 آذار ترفض معادلة رفض ربط مصير الحكومة بقضية التعيين أو التمديد للقادة الأمنيين، وبالتالي، فإن وزراء 8 آذار، وإن كان من السابق لأوانه، وفقاً لتأكيد قيادي بارز في هذا الفريق لـ«اللواء»، لن يجاروا العماد ميشال عون في الاعتكاف أو الاستقالة من الحكومة ما لم يعيّن العميد شامل روكز قائداً للجيش.

وإذا كان التيار العوني حاذر اتخاذ موقف نهائي في اجتماعه أمس، في ما خص التمديد للقادة الأمنيين، فإنه لوّح بأنه لن يمر مرور الكرام على أي خلل، متهماً بعض الأحزاب بأن معارضة تعيين القادة هي متعمدة، والمجلس والحكومة بارتكاب سلسلة من المخالفات الدستورية والقانونية لا تحترم الشراكة الوطنية وبناء الدولة.

واعتبر الوزير المشنوق أنه من المبكر فتح ملف التمديد للقادة الأمنيين، وأن هناك مجالاً حتى الخامس من حزيران حيث سيتخذ القرار.

وأشار في معرض سؤال عن تهديد عون بسحب وزرائه إذا حصل التمديد إلى أن لا أحد أقفل المواضيع بشكل نهائي وأنه سيتخذ القرار في حينه، في ما خص التمديد للواء إبراهيم بصبوص.

في مجال آخر، علق الوزير المشنوق على مطالبة أهالي السجناء الإسلاميين الذين تظاهروا أمام وزارة الداخلية أمس مطالبين باستقالته، بالقول: «بطبيعة الحال أنا لن أستقيل إلا إذا شعرت أنني أخطأت في تطبيق القانون، لكنني حتى الآن أتصرف ضمن القانون، موضحاً بأن المصابين في سجن رومية هم خمسة عسكريين وهناك اثنان من العسكريين الأربعة عشر الذين احتجزهم السجناء تعرضوا للضرب بشكل مؤذٍ، مشيراً إلى أن كل من قام بهذا الفعل سيتم معاقبته.

إنقسام حول العطلة

تربوياً، وفيما تنفذ هيئة التنسيق النقابية اضراباً غداً الخميس رداً على المماطلة بإقرار سلسلة الرتب والرواتب، والذي سيشمل المدارس الرسمية الابتدائية والثانوية ومدارس التعليم المهني والتقني والمدارس الخاصة، اثار قرار مجلس الوزراء بتأييد خطوة وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب بتعطيل المدارس الرسمية بالذكرى المئوية للابادة الأرمنية (بحسب تعبير الوزير قزي) احتجاجات من جانب جمعيات وهيئات بيروتية التي أعلنت  رفضها لقرار الوزير كون الذكرى موضع خلاف تاريخي، وأن لا إجماع وطنياً حول ملابساتها.

وطالبت هذه الجميعات الوزير بو صعب بحصر قراره بالمدارس الخاصة التي ترغب بذلك، دون التعرّض للمدارس الإسلامية والمدارس الرسمية، وانه لا يحق للوزير فرض موضوع خاص بطائفة على بقية الطوائف، مشيرة إلى ان القرار يُسيء للعلاقات التركية – اللبنانية.