IMLebanon

8 ساعات حكومية حول قضية العسكريين .. و«النصرة» تهدّد بوقف التفاوض

8 ساعات حكومية حول قضية العسكريين .. و«النصرة» تهدّد بوقف التفاوض

الجميل وجنبلاط إلى باريس للقاء هولاند والحريري .. وصدام بين المشنوق وباسيل حول عرسال

تعب الوزراء من مناقشات مرهقة، خلال ثماني ساعات اسفرت عن تجديد الثقة بالرئيس تمام سلام وبخلية الازمة التي شكلها لادارة مفاوضات تقضي الى استعادة العسكريين الاسرى لدى «داعش» وجبهة «النصرة»، كما اسفرت عن تأجيل ثلاثة مواضيع كانت مدرجة على جدول الاعمال لضيق الوقت، ابرزها: انشاء مخيمات للنازحين السوريين داخل الاراضي اللبنانية، وهو موضوع خلافي، وليس من السهل الاتفاق عليه، بعد الموقف الذي اعلنه وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، بأن «اقامة مخيمات لن يمر لا اليوم ولا بعد مائة عام».

واذا كانت علة التأجيل مرتبطة بما دأبت عليه الحكومة من النأي عن الملفات الخلافية، فإن احد الوزراء ادرج موقف باسيل بأنه «هجوم وقائي» ضد ما بلغه من ان انتقادات بالجملة واعتراضات على اجتماعه بوزير الخارجية السوري وليد المعلم في نيويورك، وفي مقدمهم وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق الذي اعلن اعتراضه على اللقاء لانه لا ينسجم مع وجهة تأليف الحكومة «بحفظ لبنان» عبر النأي عن النظام وعن المعارضة في حد سواء.

وقال الوزير المعني لـ«اللواء» ان خطة وزارة الداخلية مدعومة من وزارة الشؤون الاجتماعية لا تهدف الى استحداث مخيمات، بل الى ايجاد حل لبلدة عرسال عبر اخراج النازحين السوريين منها، وعدم ابقائها اسيرة النيران وتحذيرها من ان تكون خط تماس بين الدولة اللبنانية المسؤولة عن امنها والمعارضة السورية التي تنشر مسلحيها في القلمون وصولاً الى جرود عرسال، وبالتالي فإن هذه المسألة هي من اختصاص الداخلية، التي تطلب دعم مجلس الوزراء لتنفيذها وليس قراراً في هذا الخصوص.

واوضح الوزير المشنوق في مقابلة مع تلفزيون «المؤسسة اللبنانية للارسال» مساء امس، ان المقصود بموضوع المخيمات هو انقاذ عرسال فقط وتحريرها من مشكلة النازحين السوريين الذين يفوق عددهم عدد اللبنانيين داخل القرية، مشدداً على ان انقاذ عرسال لا يكون الا باخراج النازحين السوريين منها وابعادهم عن خط التماس مع الحريق، مشيراً الى انه لا يتحدث عن اقامة مخيمات في المطلق، بل عن مشكلة محددة تتعلق بهذه البلدة.

ولفتت معلومات وزارية الى ان صداماً لم يخل من الحدة حصل بين الوزيرين المشنوق وباسيل على خلفية المخيمات وكلام باسيل قبل الجلسة، واوضحت ما يسعى اليه الوزير المشنوق هو معالجة وضع عرسال واخراجها من حالة الاحتلال القسري الذي تعيشه وضبط وضع النازحين فيها، وبالتالي فعلى القوى السياسية، ولا سيما العماد ميشال عون تفهم هذه المسألة، لا سيما وان المطروح اقامة مخيمات في المناطق القريبة من الحدود او في المنطقة الفاصلة بين البلدين.

وعلى الرغم من مناقشة تمت بين الوزراء حول اهمية الجلسة الخاصة التي ستنعقد قريباً لهذه الغاية، فإن اراءً ظهرت ان هناك من يؤيد انشاء مخيمات وهناك من يعارضها، وهناك من الوزراء من سأل عن جدوى اقامة مخيمات قد تضم مؤيدين للمسلحين او يخرج منها المزيد منهم، كما ان هناك من يريد الاحتماء بالمدنيين، وقال بعض الوزراء ان الحديث لم يعد يتناول المخيمات بل تعداه الى ما بعدها.

وفي هذا المجال قال وزير الاقتصاد آلان حكيم لـ«اللواء» ان هناك فكرتين كبيرتين يجب ان ينطلق منهما هذا الموضوع اولهما منح دور للبلديات في كل منطقة لبنانية لمراقبة التجمعات، وثانيهما وقف اللجوء السوري بكل ما تعنيه عبارة اللجوء على الصعيد الاقتصادي وغيره.

التفاوض

 وقبل أن يجف «حبر» الوعود بأن مسألة التفاوض لاستعادة العسكريين وضعت على السكة، وأن الأجواء الإيجابية تبشر بأن الجنود الأسرى أصبحوا بمنأى عن أي خطر بانتظار التفاوض الذي قد يأخذ وقتاً، سارعت جبهة «النصرة» عبر بيان وزعته على حسابها على موقع «تويتر» الى نفي أنها قدمت تعهداً بعدم قتل أي جندي محتجز لديها، وقالت «لا يوجد أي جهة تمثلنا أو تفاوض عنا».

واتهم الحكومة بأنها لا تزال على موقفها تجاه اللاجئين السوريين، وأعادت المسألة الي نقطة الصفر بتأكيدها «أن لا مفاوضات حتى يتم تسوية وضع بلدة عرسال بشكل كامل، وحل مشاكل اللاجئين السوريين والافراج عن من اعتقل منهم مؤخراً».

وكشفت «النصرة» لأول مرة أنها «سلمت الموفد القطري هذه الشروط»، بالإضافة الى أن الجبهة «على استعداد لإطلاق سراح أسرى من الجنود مقابل إفراج الحكومة اللبنانية عن سجناء من رومية بعد تنفيذ الشروط الأولية الآنف ذكرها».

وخاطبت الجبهة في بيانها أهالي الجنود الأسرى بزعمها «أن أي تعدٍّ مقبل على أهل السنّة سيدفع ثمنه كل من ينتمي الى المؤسسة العسكرية، ولا أهمية للمفاوضات حينها، وننصحكم بالوقوف على الحياد».

وفي ما يشبه التحريض على الجيش اللبناني والدعوة الى التمرّد عليه، قالت «النصرة»: «إذا استمر الجيش اللبناني في تعدياته فسيكون هدفاً لنا فبادروا الى إنقاذ أبنائكم قبل ألا ينفع الندم».

وأوضح المشنوق، في مقابلته التلفزيونية، رداً على بيان «النصرة» أن المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم لم يقل أنه تسلم تعهداً، بل قال أن هناك باب ضوء، واللواء ابراهيم قام باختراق أمني وسياسي كبير في هذا الملف وبمستوى عالٍ من الاحتراف لاعلاقة له بما نقل عنه.

وأكد أن من يتولى التفاوض هو الموفد القطري وليس الحكومة اللبنانية، أو أي جهة أخرى، ومن تولى التفاوض خلال اليومين الماضيين تفاوض فقط مع «داعش»، وليس «النصرة»، وكلامها عن اعتقال الحكومة اللبنانية للسنّة في لبنان هو كلام غير صحيح.

وعن إمكانية حصول مقايضة في ملف العسكريين، شدد المشنوق على أن هناك قراراً في مجلس الوزراء يقول استناداً الى القوانين المرعية الاجراء، موضحاً «بأن الموقوف يخرج من خلال أمر قضائي، وهذه هي القوانين المرعية، ولكن هذا الأمر مسار طويل من المفاوضات لم نصل إليه».

ولفت الى أن ما يحصل هو استباحة لعقول الناس، وما يحصل استعراض وتعذيب للأهل، متسائلاً هل الحكومة هي من خطف العسكريين، مشيراً الى أنه كان في تركيا 49 دبلوماسياً اختطفوا في الموصل وصدر أمر قضائي يمنع على وسائل الإعلام ويمنع على الأهل أن يتحدثوا الى حين انتهاء المفاوضات، بينما نحن هنا في لبنان الأمور فالتة، وهناك استباحة كما قلت لعقول الناس من خلال وضع البلد بأكمله بأنه متهم بخطف العسكريين، وسأل هل هذا معقول؟

 على أن المهم في جلسة مجلس الوزراء والتي طال فيها النقاش حول مسألة العسكريين، هو إجماع الوزراء على دعم جهود الرئيس سلام وخلية الأزمة واللواء ابراهيم للاستمرار في التفاوض لإطلاق العسكريين الرهائن، في وقت أمل الرئيس سلام أن تحمل الأيام المقبلة أخباراً سارة في موضوع المخطوفين.

وبحسب المعلومات، فإن البحث في مسألة المفاوضات أخذ أكثر من أربع ساعات، وسط تأكيد بأن موقف الدولة واضح، وأن المفاوضات سرية، فيما أدلى جميع الوزراء بدلوهم في هذا الملف.

وعلى الرغم من عدم موافقة كل مكونات الحكومة على مبدأ المقايضة، في ظل إصرار وزراء الكتائب والتيار الوطني الحر على رفض هذا المبدأ، فإن وزيرا حزب الله أيدا التواصل مع الخاطفين من أجل معرفة مطالبهم والتحرك في ضوئها، إلا أن الإيجابي في مواقف الوزراء كان الاتفاق على العمل بصمت وجدية لانجاح المفاوضات ومن هنا كان تأكيد وزير العدل اللواء اشرف ريفي على وجود اطمئنان اكثر لدى الحكومة لعدم التعرض للعسكريين المخطوفين وان المفاوضات جدية، ومن هنا ايضاً خرج القرار الذي صدر عن المجلس، بلسان وزير الاعلام رمزي جريج، وفيه تأكيد المجلس «ثقته بالرئيس سلام وتفويضه بمواصلة التفاوض بكل الوسائل والقنوات المتاحة، توصلاً الى تحرير الجنود المخطوفين، على ان يطلع مجلس الوزراء على نتائجها».

وفي السياق ذاته اكد مجلس الوزراء على ضرورة ابعاد موضوع الجنود المخطوفين والمفاوضات الجارية من اجل تحريرهم عن التداول الاعلامي المكثف والمثير حفاظاً على سلامة هؤلاء الجنود وعدم استغلال قضيتهم بشكل يحقق مآرب الارهابيين التكفيريين.

وجاءت هذه الفقرة الاخيرة استجابة لمداخلة وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس الذي اضاء فيها على اهمية التضامن الحكومي في ظل الاوضاع الخطيرة الحاصلة، وكان تركيز على اهمية مراقبة الاعلام وألا يصار الى استخدامه خدمة للارهابيين في ملف العسكريين، مع العلم ان لبنان في حالة حرب ضد الارهاب وعلى الاعلام ان يأخذ حذره في ما ينقله.

واوضحت اوساط وزارية ان الكلام عن تقدم في المفاوضات لتحرير العسكريين، لا يعني ان القضية ستنتهي خلال ساعات او ايام، وان كانت بدأت مساراً واضحاً، ومن شأنه ان يوصل الى الخواتيم السعيدة، فيما لو بقيت الامور تسير في اجواء ايجابية، كما كان عليه الوضع خلال اليومين الماضيين.

الجميل وجنبلاط في باريس

 في غضون ذلك، غادر رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط الى باريس امس، في زيارة وصفت بأنها خاصة، الا ان مصادر مطلعة لم تستبعد ان يصار خلاله الى عقد لقاءات، لا سيما مع الرئيس سعد الحريري الموجود في العاصمة الفرنسية، وفي السياق نفسه يتوجه رئيس حزب الكتائب الرئيس أمين الجميّل الى باريس في زيارة  مماثلة توقعت المصادر أن  تمتد ثلاثة أيام، يلتقي خلالها الرئيس الحريري الذي سيجتمع مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الثلاثاء المقبل، الذي ترددت معلومات أنه قد يستقبل أيضاً كلاً من الرئيس الجميّل والنائب جنبلاط، وربما  الثلاثة أيضاَ مجتمعين.

الى ذلك، أدرجت مصادر مقربة من «حزب الله» زيارة وفد كتلة الوفاء للمقاومة الى كليمنصو أمس الأول في إطار حراك من نوع أمني بعيد عن ملف الرئاسة، وأن ملف تحرك الجماعات الإرهابية في البيئة الدرزية في حاصبيا وراشيا والعرقوب كان المحفز للطرفين للانتقال الى مرحلة التشاور والتنسيق على مستوى قيادات الصف الأول.

وعلى ذمة المصادر نفسها، فإن جنبلاط أخذ ما يشبه الوعد من حزب الله بعدم ترك القرى الدرزية تواجه مصير عرسال، وأن اللقاء أثمر ما يشبه الاتفاق الضمني على زيادة التنسيق الأمني بما يشبه أيضاً إقامة غرفة عمليات أمنية مشتركة لتبادل المعطيات والمعلومات وأدق التفاصيل عن أي تحركات مشبوهة على الأرض لبعض «الخلايا المكشوفة».