IMLebanon

مواجهة بين ملفين في مجلس الوزراء الإثنين: وحدة الحكومة أو وحدة المصالح؟

مواجهة بين ملفين في مجلس الوزراء الإثنين: وحدة الحكومة أو وحدة المصالح؟

قهوجي يردّ على عون: لن نسمح بتحريف أو تشويش تضحيات الجيش

دوريات من اللواء الثامن في الجيش اللبناني في شوارع عرسال

عند الرابعة من عصر الاثنين في الأوّل من حزيران 2015، واستيفاءً للاهمية يبحث مجلس الوزراء في الجلسة الخاصة، موضوعين مترابطين: الوضع الأمني داخل عرسال والتعيينات في المراكز الأمنية والعسكرية، وسط ترقب لما يمكن ان تسفر عنه المناقشات من قرارات، في ظل ضغط من تكتل «الاصلاح والتغيير» مدعوماً من حزب الله على حكومة الرئيس تمام سلام، وتوعد «بالويل والثبور وعظائم الامور» ما لم تحدد الحكومة ساعة الصفر لمعركة عرسال، وتصدر مراسيم التعيينات في المراكز الأمنية والعسكرية، لا سيما قيادة الجيش بالتزامن مع مديرية قوى الأمن الداخلي، ضمن «منطق إكراهي» يفرض على الحكومة تسلطاً غير مسبوق من زاوية تأخذ «بما نريد.. أو لا يبقى حكومة».

وبتزامن هذا الضغط الذي افسحت الاتصالات الجارية بتأجيل مفاعيله السلبية، مع الإعلان الرسمي عن ان الرئيس سلام سيزور المملكة العربية السعودية الثلاثاء لمدة يومين، لاجراء محادثات مع القيادة السعودية، وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، والتي مهد لها السفير السعودي في بيروت علي عواض عسيري الذي كان زار الرئيس سلام والرئيس نيبه برّي، في إطار التحضير لهذه الزيارة، ومتابعة الاتصالات حول الملفات التي يدور حولها أخذ ورد، سواء في ما خص الملفات الداخلية أو الأوضاع ذات الصلة بما يجري في المنطقة.

وبانتظار نتائج المساعي المبذولة على خط المصيطبة – عين التينة – كليمنصو، فضلاً عن خط الرابية – حارة حريك، فإن ثمة ترقباً حذراً لما يمكن ان تسفر عنه هذه المساعي، تحضيراً لجلسة الاثنين.

ولم يشأ مصدر وزاري استباق هذه النتائج، لكنه ربطها بطبيعة المناقشات التي جرت في الجلسة العادية أمس، والتي اتفق على انها رحلت الملفين الخلافيين: عرسال والتعيينات، ونجحت في احتواء أي تصادم، بعدما جرى نزع فتائل التفجير في ضوء ضغوطات ونصائح تلقتها مختلف الأطراف، من ان المتغيّرات الميدانية المتسارعة في سوريا وفي العراق تستدعي «حكمة» في مقاربة الخلافات و«تبريد» الرؤوس الحامية في معرض البحث عن مخارج، في ضوء أفكار وصفها المصدر بأنها تنطوي على «نيّات جدية» عن التحالف غير المعلن القائم بين الرئيسين برّي وسلام والنائب وليد جنبلاط والوزير نهاد المشنوق، بمتابعة مباشرة من الرئيس سعد الحريري، بحثاً عن مخارج تمنع أي تصدع حكومي، وتوفر الغطاء للقوى الأمنية والعسكرية للتعامل وطنياً وليس فئوياً مع حالات النتوء الأمني سواء في لبنان أو في غيره، ضمن قرار يتخذه مجلس الوزراء.

إلا ان تلويح تحالف عون – حزب الله بأن وزراءه لن يشاركوا في أية جلسة جديدة ولن يناقشوا أي جدول أعمال جديد ما لم تحسم قضية تلازم التعيينات وإصدار القرار للجيش اللبناني للتعامل مع الوضع في عرسال، لا تتعامل معه الأوساط الحكومية سوى بجدية قصوى، وسط خشية من ان تكون بعض «المطابخ» الخارجية تحضر لافتعال أزمة عشية زيارة الرئيس سلام إلى الرياض.

ولئن جاءت خطوة نشر اللواء الثامن من الجيش في عرسال أمس، محاولة لتنفيس الاحتقان واستيعاب الخلافات المتفجرة، لكنها لم تكن خطوة كافية بالنسبة إلى «حزب الله» الذي يستعجل حسم الوضع في جرود عرسال وصولاً إلى القلمون لقطع الطريق على مسلحي المعارضة السورية وإعادة تشكيل فكّي كماشة حول منطقة القصير وريف حمص بعد التقدّم الذي أحرزه المسلحون في هذه المنطقة، وتجنّب فتح معركة القصير مجدداً، وبالتالي قطع طريق دمشق الساحل السوري.

وبين الثاني من حزيران والخامس منه، يمكن اعتبار أن هذه الأيام تعتبر مصيرية في ما خصّ الوضع السياسي الداخلي، في ضوء ارتفاع «نبرة» السجال السياسي بين «حزب الله» وتيار «المستقبل»، بما يذكّر بمرحلة سبقت الحوار بين الطرفين، عبّر عنه بيان كتلة الوفاء للمقاومة، أمس، باتهام تيّار «المستقبل» «بإشعال المشاكل الداخلية والتغطية على تورّط حزب المستقبل باحتضان عصابات الإرهاب التكفيري في لبنان».

مجلس الوزراء

فماذا جرى في جلسة أمس:

لاحظت مصادر وزارية أن مجلس الوزراء رحّل التباينات حول ملفي عرسال والتعيينات الأمنية إلى جلسة الاثنين المقبل وذلك إفساحاً في المجال أمام المزيد من الاتصالات لاحتواء أي تصادم مرتقب، مع العلم أن بعض الوزراء يتوقع جلسة حامية في هذا الصدد، رغم أن وزير الإعلام رمزي جريج توقّع في حواره مع الصحافيين، أن الأمور ذاهبة إلى الاتفاق على موقف موحّد من هذين الملفين، لافتاً إلى أن النقاش في جلسة أمس كان «هادئاً ورصيناً».

وقالت هذه المصادر أن المواقف التي عبّر عنها أربعة أو خمسة وزراء حيال هذين الملفين لم تخرج عن سياق ما تمّ التعبير عنه في الأيام القليلة الماضية، مؤكدة أن الجلسة استهلت بدراسة بنود جدول الأعمال الـ81، بناء لاقتراح وزير الصحة وائل أبو فاعور، والتي استغرق النقاش فيها حوالى الساعة وربع الساعة، من دون أن يصل إلى بند إحالة قضية الوزير السابق ميشال سماحة على المجلس العدلي، أو إلى بند تعيين عدد من مجالس إدارة بعض المستشفيات الحكومية، وإن طرح من خارج الجدول موضوع تعيين أربعة قضاة أعضاء في مجلس القضاء الأعلى، إضافة إلى الأعضاء الحكميين والعضوين المنتخبين.

وفي المعلومات المتوافرة أن وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل تحدث بداية مطالباً بشرح حقيقة الوضع في عرسال، واصفاً إياه بأنه ينذر بخطر كبير، لافتاً إلى عدد المسلحين الموجودين فيها، وداعياً إلى تحديد دور الجيش في المدينة، قائلاً: «نحن نعلم أن الجيش يقوم بدوره، لكن لا بدّ من تدابير فعّالة واتخاذ القرار الحاسم عند اللزوم»، ملمحاً إلى تقصير قائد الجيش العماد جان قهوجي في مكان ما في وقت سابق، مشيراً إلى أن هذا الأمر يطرح إجراء استحقاق التعيينات في المراكز الأمنية والعسكرية، رابطاً المناصب الأمنية والعسكرية ببعضها ضمن سلّة واحدة.

ثم تحدث وزير الصناعة حسين الحاج حسن في الإطار نفسه مدافعاً بقوة عن المقاومة، وقال انها أثبتت بأنها خير وسيلة للدفاع، وأن معركة القصير كانت بهدف إنهاء التكفيريين منعاً لتكرار ما جرى في الموصل، منبهاً إلى ان هؤلاء التكفيريين لا يمكن لهم ان يمهلوا أحداً أو ان يتعاطفوا مع أحد، مشدداً على ضرورة تحمل الدولة مسؤوليتها حيال هؤلاء في عرسال.

ورد وزير الداخلية نهاد المشنوق بمطالعة وصفت «بالنارية» عرض فيها لكيفية دخول حزب الله على خط القتال في سوريا، وكيف ان القتال بدأ دفاعاً عن مقام السيدة زينب ليصبح ضد دولة الخلافة، داعياً الحزب إلى الانسحاب من هذه العملية الخطيرة التي ستؤدي إلى احراق البلد.

ولاحظ المشنوق انه لو نقل مخيم النازحين السوريين من عرسال لما وصلنا إلى هنا، لافتاً إلى ان عدد المسلحين لا يتجاوز العشرات، وانه لا داعي للمبالغة، وأن لا أمر طارئاً عسكرياً أو امنياً في عرسال، وأن الجيش يحصّن قواعده في المنطقة، وهو قادر على الدفاع عن كل القرى اللبنانية التي كان تحدث عنها السيّد حسن نصر الله.

وقال: انا أوّل من أعلن ان عرسال محتلة، لكنكم رفضتم اخلاء النازحين لثمانية أشهر واوصلتمونا إلى هنا.

اما وزير الدفاع سمير مقبل، فطمأن بدوره إلى ان الوضع في عرسال مستقر وتحت السيطرة، مشيراً إلى ان الدخول بقوة إلى البلدة ومخيماتها مكلف ويحتاج إلى قرار سياسي.

وعند هذا الحد أعلن الرئيس سلام استكمال النقاش في جلسة الاثنين التي تحددت فقط لبحث موضوع عرسال والتعيينات الأمنية، على ألاَّ يُحدّد أي جدول أعمال لمجلس الوزراء قبل التوصّل إلى حلول لهاتين المسألتين.

وقال: نحن وصلنا إلى الجلسة وقد سبقنا التهويل إليها، ولذلك نريد حلاً بالحوار والهدوء، متمنياً ان يكون الجو ايجابياً، ولا سيما وأن مجلس الوزراء هو المؤسسة الدستورية التي تعمل على المحافظة على تسيير شؤون النّاس.

ردّ قهوجي

ولفتت المصادر إلى ان هم الوزير باسيل كان يقضي باجراء التعيينات أكثر من أي أمر آخر، ومن هنا كانت اشارته إلى ان لا تراجع عن هذه المطالبة، متحدثاً بأن طريقة التمديد لقائد الجيش غير قانونية.

وفي هذا السياق، ادرجت مصادر متابعة، كلام قائد الجيش خلال تفقده فوج المدفعية الأوّل في الكرنتينا، بأنه ردّ ضمني على النائب ميشال عون وفريقه الوزاري والنيابي، حيث أكّد قهوجي بأنه «لن يسمح بأي تعمية أو تشويش أو تحريف للتضحيات الهائلة التي قدمها الجيش في المواجهات الشرسة التي يخوضها ضد الإرهاب التكفيري منذ شهر آب الماضي»، مشيراً إلى ان الجيش قام بما لم تتمكن منه اقوى الجيوش التي واجهت وتواجه تنظيمات كهذه، مطمئناً اللبنانيين إلى ان كل عوامل التخويف والتشكيك ساقطة امام مناعة الجيش وجهوزيته وتفانيه.

فتح شارع المصارف

من ناحية ثانية، رفعت القوى الأمنية امس العوائق الحديدية والاسلاك الشائكة من شارع المصارف، مما أعاد فتح هذا الشارع امام حركة عبور المواطنين والسيارات.

ولاقت هذه الخطوة ارتياحاً لدى الأهالي وأصحاب المؤسسات، خصوصاً وإنها جاءت بمثابة أولى ثمار الاتصالات التي قام بها «لقاء بيروت الوطني» مع الرئيس سلام من أجل إعادة النهوض بالوسط التجاري للعاصمة.

وكشفت معلومات خاصة بـ«اللواء» ان فتح شارع المعرض قيد المعالجة مع قيادة شرطة مجلس النواب.