اهتمام سعودي بزيارة سلام .. وتأكيد على التزامات المملكة تجاه لبنان
الحريري يتهم حزب الله بتخريب مصالح اللبنانيين .. وعون وجعجع يطلقان «بيان النيات» ويمدّدان للفراغ
جدّة – د. عامر مشموشي:
عبّر الاهتمام السعودي بزيارة الرئيس تمام سلام للمملكة العربية السعودية عن أهمية الاستقرار في لبنان، والتعامل مع الحكومة في المجالات كافة، ونظرة المملكة إلى ضرورة تنامي علاقات التعاون بين البلدين، من زاوية تقديم كل ما يلزم من دعم، في إطار سياسة المملكة الثابتة تجاه لبنان بكافة أطرافه، والتي تمثلت بالودائع المالية التي ثبتت الاستقرار النقدي، وبهبة الأربعة مليارات دولار لتسليح الجيش اللبناني وتعزيز قدرات القوى الأمنية.
وعلمت «اللواء» انه خلال الاجتماع الذي عقد بين الرئيس سلام وولي العهد الأمير محمّد بن نايف بن عبد العزيز في مقر إقامة الوفد اللبناني في قصر الضيافة، لمس الوفد اللبناني ان لا إشكالية حول الهبة السعودية للجيش اللبناني، وأنه بعد الدفعة الأولى من الأسلحة التي تسلمها الجيش من الجانب الفرنسي، انفاذاً للبروتوكول الذي وقع في باريس، فإن دفعة ثانية من المتوقع ان يتسلمها الجيش.
وكشف عضو في الوفد الرسمي انه خلال اللقاء الذي انضم إليه الرئيس سعد الحريري في حضور أعضاء الوفد جرى تناول معظم القضايا التي تهم البلدين، سواء في ما خص العلاقات الثنائية، أو الوضع في المنطقة.
وأشاد الرئيس سلام بسياسة المملكة ودورها في تمتين وحدة الصف في العالمين العربي والإسلامي، ومحاربة كل اشكال التطرف ومواجهة التدخلات الخارجية في الشؤون العربية.
ووصف المصدر الأجواء بأنها كانت إيجابية، وأن الوفد اللبناني لم يلمس أي تغيير باي من التزامات المملكة تجاه لبنان.
وتوقف عند ما أدلى به السفير السعودي في بيروت علي عواض عسيري من ان خبر وقف تسليح الجيش بتمويل سعودي غير صحيح، وأن المملكة ثابتة في خياراتها وقراراتها، وهي لا تغير قراراتها كيفما اتفق.
ولدى خروجه من الاجتماع، سئل الرئيس الحريري عن صحة ما تردّد عن وقف تسليح الجيش بموجب الهبة السعودية، فحمّل حزب الله مسؤولية إلحاق الضرر بمصالح اللبنانيين، ليس في الخليج فقط إنما في كل دول العالم.
ونصح الحريري النائب ميشال عون بعدم السير في تعطيل الحكومة، مشيراً إلى ان الاهمية الآن هي لانتخاب رئيس جمهورية وليس تعيين قائد الجيش، مؤكداً اننا نستطيع التفاهم معه.
ومن المقرّر ان يلتقي الرئيس سلام في الحادية عشرة والنصف من قبل ظهر اليوم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، حيث سينقل له ما يحظى به من مكانة وتقدير واحترام لدى اللبنانيين، فضلاً عن تقديم الشكر لما قدمته المملكة من مساعدات لتعزيز الأمن والاستقرار، بدءاً من اتفاق الطائف الذي رعته المملكة في العام 1989، إلى الهبة المالية الكبيرة لتسليح الجيش وتحديث قدراته لحفظ الأمن على الحدود ومواجهة الإرهاب.
وستكون للرئيس سلام محطة بعد ذلك في لقاء الجالية اللبنانية، خلال حفل الاستقبال الذي يقيمه قنصل لبنان في جدّة زياد عطا الله في المبنى الجديد للقنصلية، قبل ان يعود إلى بيروت قرابة منتصف الليل مع الوفد المرافق.
وعلى صعيد الاتصالات الثنائية بين الوزراء، أكّد وزير الصحة وائل أبو فاعور لـ«اللواء» بعد اجتماع مع نظيره السعودي خالد عبد العزيز الفالح اننا اتفقنا على التعاون بين كل المستشفيات وتبادل الخبرات مع الاستعانة بالخبرات اللبنانية، ومساعدة لبنان على مواجهة النزوح السوري على المستوى الصحي، فضلاً عن تقديم ما يلزم من دعم لمستشفى رفيق الحريري الحكومي وسائر المستشفيات الحكومية في كافة المناطق.
حوارات مع الوزراء
وكانت الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء، سواء في ما يتعلق بالشق المتعلق بالتعيينات في المراكز الأمنية أو معالجة الوضع في عرسال، ومصير الحكومة في ضوء مواقف وزراء تكتل الإصلاح والتغيير وحزب الله من أولوية جدول الأعمال، مدار تعليقات الوزراء واحاديثهم في الطائرة من بيروت إلى جدّة.
ولم يستبعد الوزير أبو فاعور استقالة وزراء عون لكن ذلك لن يؤدي إلى استقالة الحكومة بل انها ستصاب بالشلل، مطالباً بدعوة مجلس الدفاع الأعلى لاجتماع عاجل وإصدار قرار بتكليف الجيش مسؤولية الأمن في عرسال وجرودها للحؤول دون الحرب المذهبية.
وشكك وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق بالمعلومات التي نشرت حول تجميد هبة الأربعة مليارات دولار لصالح تسليح الجيش، معتبراً ان زيارة سلام إلى المملكة اصدق ردّ على ما ورد في بعض الصحف لهذه الهبة، معتبراً انه لا يمكن الاكتفاء باصدار بيان حول مسؤولية الجيش حفظ الأمن في عرسال، بل لا بدّ من قرار واضح على هذا الصعيد.
وفي ما خص التعيينات أكّد المشنوق لـ«اللواء» انه يرفض إصدار التعيينات سلّة واحدة، ولا يرى موجباً للربط بين قيادة الجيش ومديرية قوى الأمن الداخلي، وانه لن يقدم على أي خطوة إلاَّ في ربع الساعة الأخير.
وكشف وزير الخارجية جبران باسيل انه لا يمانع من الفصل، لكنه أعلن التمسك بعدم بحث أي موضوع قبل الانتهاء من تعيين قائد جديد للجيش.
اما الوزير المعني بموضوع قيادة الجيش وزير الدفاع سمير مقبل فأكد على ضرورة تكليف الجيش بشكل واضح وحاسم وترك تحديد التوقيت لقيادة الجيش.
أما في بيروت، وبعيداً عن التطورات السياسية، نفت مصادر مطلعة أن يكون قائد الجيش العماد جان قهوجي أدلى بأي موقف من الهبة السعودية لمحطة O.T.V الناطقة بلسان «التيار الوطني الحر».
وقال المصادر أن موضوع الهبتين السعوديتين بقيمة ثلاثة مليارات ومليار دولار تسير وفق الخطة الموضوعة لها، وهي لا يمكن أن تتم بشهر أو اثنين بل تحتاج إلى وقت نظراً لاعتبارات لوجستية تتعلق بتحديث بالأسلحة الجديدة، ودعت إلى سحب هذا الملف من التداول نظراً لخطورته على المؤسسة العسكرية.
مصير الحكومة
وعشية جلسة مجلس الوزراء العادية التي تنعقد غداً، ترددت معلومات عن تكثيف شبكة الاتصالات الجارية لإنشاء حزام أمن سياسي يحمي حكومة الرئيس سلام من التهديدات والوعيد التي تتعرض له، في ضوء الموقف الذي صدر عن العماد عون بعد اجتماع تكتل «الاصلاح والتغيير» في الرابية، والذي استبق الزيارة المفاجئة التي قام بها رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، والذي «أعطى» الحكومة أجازة من الآن وحتى أيلول، طالما أنها (أي الحكومة) مصممة على تعطيل عملها، على حدّ تعبيره. معتبراً أن ما حصل في جلسة الاثنين «لا يتعدى كونه كلام بكلام ومحاولات كسب الوقت».
وفي محاولة لاحتواء الموقف، تحدثت معلومات عن اتصالات تجري لعقد اجتماع رباعي يُشارك فيه الرئيس نبيه برّي والعماد عون والسيّد حسن نصر الله والنائب سليمان فرنجية وإذا تعذر ذلك يكون على مستوى مندوبين عن الأطراف الأربعة للبحث في مآل الموقف بعد جلسة غد الخميس.
ونفت مصادر تكتل عون أن تكون لدى الأخير نية لاستقالة وزرائه من الحكومة، لكنها ألمحت إلى خيار الاعتكاف في حال لم يُصرّ إلى حل لموضوع التعيينات الأمنية، وملف عرسال.
ولم يتبلغ وزراء حتى الساعة أية أجواء من هذا القبيل، غير أن مصادر وزارية أكدت لـ«اللواء» أن المجال لا يزال متاحاً لمعالجة معينة، لا سيما وأن وجود الوزير باسيل ضمن الوفد المرافق للرئيس سلام قد يجعل التشاور يتم بشكل متواصل، مما يتيح طرح أفكار أو اقتراحات قابلة للبحث، من بينها احتمال تأجيل جلسة الخميس، لافتة إلى تحذير الرئيس الحريري للنائب عون بأن الشلل إذا أصاب الحكومة فإنه سيصيب كل لبنان.
لكن مصادر التكتل لم تشأ إشاعة أجواء توحي بأن التيار سيتراجع عن مواقفه، واكتفت بأن وجود باسيل في السعودية قد يفتح أجواء معينة مع المملكة.
لقاء عون – جعجع
وفي إطار ترتيبات العلاقات بين الأطراف، وعلى نحو غير مقرر، أصدر «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» الإعلان المشترك بينهما، عبر مؤتمر صحفي تلا فيه كل من النائب إبراهيم كنعان ورئيس جهاز الاتصال في القوات ملحم رياشي نص الإعلان ذي البنود الـ16، قبل أن ينضم الىا لمؤتمر كل من عون وجعجع اللذين عقدا اجتماعاً تركز بصورة رئيسية على تحصين الوضع المسيحي في ضوء «إعلان النيات» ومتابعة الحوار القائم بين الجانبين، من دون التطرف مباشرة لا إلى الانتخابات الرئاسية الأولى، ولا إلى التعيينات الأمنية ومصير الحكومة.
وفيما تبادل كل من جعجع وعون عبارات الارتياح للاجتماع بينهما، اعتبر الأول أن السبب الرئيسي لزيارة الرابية هو «التقاء القوتين السياسيتين المسيحيتين الأكبر على الساحة اللبنانية»، فيما وصف الثاني الزيارة بأنها «هدية للمسيحيين الذين كانوا قلقين من الوضع المسيحي».
وفي حين غاب موضوع رئاسة الجمهورية عن الاتفاق بين الرجلين، أعرب جعجع عن عدم ممانعته من اللجوء إلى الاستفتاء الشعبي لاختيار مرشحين للرئاسة شرط مراعاة الدستور، لفت عون إلى أن الاستفتاء إن حصل سيكون ضمن الآليات التي لا تمس الدستور، مشيراً إلى أن «الرئاسة ما تزال حبيسة القفص الذهبي» في إشارة إلى أن الزعيمين مددا للفراغ الرئاسي (راجع ص3).
واقتصر «إعلان النيات» على مبادئ عمومية، لكنه ركز على قانون انتخاب جديد، وانتخاب رئيس جمهورية قوي ومقبول في بيئته، مطالباً بتنفيذ القرارات السابقة للحوار الوطني، لجهة حل مشكلة النزوح السوري التي وصفها البيان بأنها قنبلة موقوته أمنياً واقتصادياً واجتماعياً وأن حلها يكون عن طريق تأمين عودة النازحين إلى المناطق الآمنة داخل سوريا، مطالباً باللامركزية الإدارية وبترشيد الانفاق واستعادة الجنسية للمغتربين وإنشاء المحاكم الخاصة بالجرائم المالية، وضبط الأوضاع على الحدود اللبنانية – السورية وعدم السماح بإقامة منطقة عازلة في لبنان.
القمة الإسلامية
وفيما غاب موضوع عرسال عن البيان الذي خرجت به القمة الإسلامية الطارئة التي انعقدت في دار الفتوى، أكدت القمة على مجموعة من الثوابت، أبرزها التأكيد على حرمة قتال المسلم على المسلم، وإدانة كل اشكال التطرف والغلو وتكفير المؤمنين بالله الواحد، والدعوة إلى اعتماد الصراط المستقيم في العلاقات الإسلامية – الإسلامية، وفي العلاقات الإسلامية المسيحية، وإدانة السلوك الارهابي الذي يلازم التطرف والغول، وإدانة الاعتداءات التي يتعرّض لها مسيحيو الشرق على خلفية دينية، معتبرة هذه الاعتداءات اعتداء على الإسلام نفسه شرعة ومنهجاً. (التفاصيل صفحة 4)