تنصيب دريان مفتياً .. والإسلام المعتدل يجدِّد الثقة بالميثاق والحريات
أزمة المراسيم قيد المعالجة … و514 بينهم 35 سيدة ترشحوا لمجلس يستعد للتمديد
تحول حفل تنصيب الشيخ عبد اللطيف دريان مفتياً للجمهورية اللبنانية الى مناسبة وطنية اسلامية ومسيحية وعربية، جدد فيها الاسلام المعتدل ثوابت العيش وبناء الحياة المشتركة في لبنان والعالمين العربي والاسلامي.
وبقدر ما كان حفل التنصيب هذا حدثاً لبنانياً، بدا ايضاً انه حدث عربي واسلامي، وعلى مسامع مفتي الديار المصرية الدكتور شوقي علام، وممثل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الشيخ سليمان بن عبد الله بن ابي الخير، جدد الاسلام اللبناني المعتدل ميثاق العيش المشترك في لبنان من زاوية المساواة في الحقوق والواجبات، وسمع ممثلو المسيحيين من رجال سياسة ورجال دين، وفي المكان الذي احتضن حفل التنصيب، مسجد محمد الامين في وسط بيروت، كلاماً وطنياً ودينياً متسامحاً بدد الهواجس، وانعش آفاق الحياة المشتركة بين المسلمين والمسيحيين، ومن المدخل الطبيعي، وهو انتخاب رئيس جديد للجمهورية، بدا وكأنه اولوية في خطاب الرئيس تمام سلام، وفي الخطاب البرنامج للمفتي الجديد الذي اعتبر انه يتحمل مسؤولية غير مسبوقة في اعادة الاعتبار للاسلام المعتدل في مواجهة التطرف والارهاب.
رفع المفتي دريان الصوت جلياً في مواجهة ما وصفه «عصائب ضالة ومضلة» تهجر وتقتل باسم الدين والمذهب من اجل شهوات السلطة والثروة والامبراطورية، وقال: «لدينا مسؤوليات كبرى في ما يخص اجهزتنا الدينية في الامامة والتدريس والتربية الاسلامية»، وأكد: «ينبغي ان نكون حاضرين ومبادرين لحماية الناس وحياتهم وليس لتسويق القتل باسم الدين»، وقال جازماً: «لن نسمح لاحد ان يخطف منا ديننا او وطننا او سلامة انساننا وأمنه واطمئنانه»، معتبراً «ان السلاح هو البلاء الاعظم»، معلناً «التمسك بالعيش المشترك الاسلامي – المسيحي، باتفاق الطائف، والالتزام بنهج السلم والسلامة والاسلام الكفيل بحماية الانسان والاديان والاوطان».
واعلن ان دار الفتوى على اتفاق تام مع وثيقة الازهر الشريف المسماة «منظومة الحريات الاساسية الاربع»:حريات العقيدة والعبادة وحرية الرأي والتعبير، وحرية البحث العلمي وحرية الابداع الفني والادبي.
اما الرئيس سلام فلاحظ في كلمته ان عملية تنصيب مفتي الجمهورية تدشن عهداً جديداً في مؤسسة دار الافتاء، التي دعاها الى استكمال الدور التاريخي الذي طالما تولته في حياتنا الوطنية، سواء في شد اللحمة داخل الطائفة السنية او في العمل على التقريب بين المذاهب الاسلامية او في مواقفها المتقدمة من الحوار الاسلامي – المسيحي وحرصها الدائم على الوحدة الوطنية، مشيراً الى ان «اسلامنا العظيم، دين المحبة والاعتدال والوسطية والتسامح يتعرض لهجمة شرسة من جماعات تكفيرية ظلامية تعيث فساداً في الارض، وقال ان هذه الجماعات وصلت شرورها الى لبنان من خلال الهجوم الغادر على بلدة عرسال واختطاف العسكريين الذين ما زالوا في الاسر، مشدداً على ان الحكومة لن تتوقف او تستكين قبل ان تعيد هؤلاء الابطال الى عائلاتهم سالمين».
واذ اكد سلام على مسؤولية الحكومة في مواجهة ظاهرة الارهاب، لفت الانتباه الى ان المسؤولية الاكبر تقع في المقام الاول على عاتق دار الفتوى وجميع المؤسسات الدينية، مشيراً الى ان شبابنا يحتاج الى من يرشده وينقي وعيه، ودعا المسلمين اللبنانيين والعرب الى خوض معركة تثبيت المسيحيين في ارضهم، بعدما جرى في العراق، والحرص الكامل على وجودهم وفاعليتهم، وعلى تكاملهم وشعورهم بالانتماء والرضى، بعيداً عن أي شعور بالإحباط أو بالحرمان أو بالخوف على المستقبل، مشيراً الى تعطيل انتخاب رئيس جديد للجمهورية المسيحي الماروني يلحق ضرراً بالغاً بالمسيحيين، فضلاً عن ضرره المؤكد على لبنان الذي يفقد كثيراً من معناه وجوهره كلما تضاءل دور المسيحيين فيه وتراجع حضورهم في الحياة الوطنية.
وحظيت كلمة نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان بتنويه الحاضرين وتصفيقهم، لا سيما وأنه بدأها بالإشارة الى الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي قال أنه يتذكره في كل خطوة يخطوها من أجل لبنان والعرب والمسلمين، وكذلك عندما ختمها بالدعوة الى نزع السلاح من أيدي الناس ليكون فقط بيد الدولة والجيش، داعياً الى أن نذهب جميعاً الى عرسال سنّة وشيعة ودروزاً ومسيحيين لإنقاذ العسكريين الأسرى.
الإستحقاق الرئاسي
وأضفى هذا المناخ الوطني أجواء مريحة في الوسط السياسي أعادت الاعتبار للتواصل من أجل إحياء العمل البرلماني والتشريعي، جنباً الى جنب مع مساعي انتخاب رئيس جديد للجمهورية التي يتولاها مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان ديريك بلامبلي الذي تداول مع الرئيس نبيه بري في المعطيات المحيطة بانتخاب رئيس جديد للجمهورية في ضوء جولته التي شملت المملكة العربية السعودية وإيران وروسيا.
لكن أوساط رئيس المجلس لم تلمس جديداً يمكن أن يُبنى عليه، لا سيما وأن اللاعبين الرئيسيين المحليين ما زالوا يتقاذفون كرة المسؤولية عن تأخير إنجاز الاستحقاق الرئاسي.
وفي عين التينة، تداول موفد قوى 14 آذار النائب جورج عدوان مع الرئيس بري في تحديد موعد لجلسة تشريعية لإنجاز سلة من القوانين، في مقدمها سلسلة الرتب والرواتب وإصدار سندات «اليوروبوندز»، وصولاً الى إقرار موازنة العام 2014.
وكشف مصدر نيابي لـ «اللواء» أنه في حال تم الاتفاق على أرقام السلسلة الأخيرة ونسبة الزيادة العادلة لكل القطاعات، يصار عندها لى تحديد موعد الجلسة، بدءاً من الأسبوع المقبل، ولهذه الغاية عقد اجتماع في وزارة المال بين الوزير علي حسن خليل والوزير وائل أبو فاعور والسيد نادر الحريري جرى التطرق خلاله الى وضع اللمسات الأخيرة على المواد العالقة في سلسلة الرتب والرواتب.
وحول الاجتماع المرتقب بين الرئيس بري والرئيس فؤاد السنيورة قال المصدر النيابي لـ «اللواء» أن موضوع البحث سيكون محصوراً بمبادرة 14 آذار من أجل إنقاذ الجمهورية، أي حول الاتفاق على رئيس جديد للجمهورية وسحب المرشحين الذين لا يحظون بالتوافق، باعتبار أن الجلسة التشريعية ومواضيعها سبق للرئيس بري وناقشها مع رئيس كتلة «المستقبل» في جلسات سابقة.
وفي تقدير مصادر نيابية، أن موافقة 14 آذار على عقد جلسات تشريعية تحت عنوان «تشريع الضرورة» بحسب تعبير النائب عدوان، قد يفسح في المجال للوصول الى تسوية سياسية، يفترض أن يكون عنوانها إجراء الانتخابات النيابية، أو التمديد للمجلس الحالي، إذا ثبت للسياسيين، أي للحكومة والمجلس معاً أنه من المتعذر إجرائها في موعدها المحدد في 16 تشرين الثاني، لأسباب أمنية، نسبة الى الظروف الأمنية الحاضرة.
وتوقع وزير فاعل لـ «اللواء» أن يكون شهر تشرين الأول المقبل شهر التسويات السياسية على صعيد مجلس النواب، وصولاً الى احتمال اجراء انتخابات رئاسية في تشرين الثاني، لكن الوزير المعنيّ حسم الأمر بالنسبة إلى الانتخابات النيابية باتجاه التمديد للمجلس استناداً إلى الظروف الأمنية، مشيراً إلى أن هذا الأمر من مسؤولية الحكومة والمجلس النيابي مجتمعين.
514 مرشحاً
ومهما كان من أمر، فقد اقفل باب الترشيحات للانتخابات عند منتصف ليل أمس على 514 مرشحاً بينهم 35 سيّدة، بحسب ما أعلن وزير الداخلية نهاد المشنوق في مؤتمر صحفي، لفت فيه النظر إلى أن عدد المرشحين عام 2013 كان أكبر من العدد الحالي بحيث بلغ 705 مرشحين.
ولفت إلى انه ستجري الانتخابات النيابية لأول مرّة خارج لبنان ابتداء من 7 تشرين الثاني في الكويت، و9 منه في ملبورن وسدني في اوستراليا وأن 2900 ناخب من المغتربين المسجلين يحق لهم الاقتراع في الاغتراب.
وأشار إلى انه لأول مرّة يجري الترشح بواسطة تقديم الطلبات وفق نظام مكننة متطور.
وأوضح أن الانتخابات العامة عملياً ستكون في 16 تشرين الثاني على أساس قانون الستين في كل لبنان في يوم واحد.
وقال أن وزارة الداخلية اتخذت الاجراءات القانونية اللازمة بالنسبة إلى الدعوة إلى الانتخابات وفتح باب الترشيحات ووضعت على طاولة مجلس الوزراء موضوع هيئة الاشراف على الانتخابات، وأنه تعذر صدور مرسومها بسبب خلافات سياسية داخل مجلس الوزراء.. لكنه أشار إلى أن الخبراء يقولون ان التأخير في صدور مرسوم الهيئة لا يسبب بطعن جدي ولا يؤدي لتأجيل الانتخابات والقرار أصبح للسياسيين، مجلس النواب ومجلس الوزراء.
وإذ أشار إلى الحاجة لوجود 7 آلاف قلم اقتراع، وإلى 21 ألف عسكري من قوى الأمن نصفهم من الجيش لتسهيل العملية الانتخابية قال أن الوزارة جاهزة لإجراء الانتخابات إذا كان القرار السياسي موجوداً.
وأكّد رداً على سؤال التزامه بقرار كتلة «المستقبل» بالتمديد أو عدم التمديد، لكن الحديث الان يجري على الانتخابات لا على التمديد، وأن شاء الله تحصل الانتخابات.
وسيتوجه الوزير المشنوق الخميس أو الجمعة إلى موسكو لمتابعة المحادثات الجارية حول المساعدة الروسية لتسليح الجيش اللبناني من ضمن هبة المليار دولار من المملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى تزويد قوى الأمن الداخلي بالسلاح الروسي.
أزمة مراسيم
وفي السياق، لم يستبعد وزير التربية الياس بو صعب لـ «اللواء» أن يناقش موضوع تعيين هيئة الاشراف على الانتخابات في جلسة مجلس الوزراء غداً الخميس بعدما طرح أحد الأسماء لهذا التعيين، وايداعه اياه وزير الداخلية والبلديات، لافتاً إلى أن الموضوع قيد المعالجة لدى رئاسة مجلس الوزراء وأن هذا التعيين كان يجب أن يتم قبل دعوة الهيئات الناخبة.
اما بالنسبة إلى ما تردّد عن إمكانية قيام أزمة توقيع مراسيم داخل الحكومة، أكّد بو صعب أنه ما لم يوقع وزير الاتصالات بطرس حرب بعض المراسيم العائدة إلى وزارات تكتل التغيير والإصلاح فان هذه الأزمة ستحصل، موضحاً انه لا يمكن لوزير عرقلة المراسيم وعدم التوقيع عليها.
وقال: «لقد طلب الوزير حرب اسبوعاً لدراسة الأمر قبل التوقيع الا انه مضت 3 أسابيع، غير انني اتوقع أن يكون الموضوع قد عولج وأن ندخل إلى الجلسة المقبلة وتكون المراسيم قد وُقعت».