شرائط التعذيب في رومية: مخطط خبيث لحرق الخطط الأمنية
سلام والحريري يتابعان الإجراءات مع المشنوق وريفي .. وتوقيف عنصري أمن من المتورطين
حتى الساعة الواحدة من فجر اليوم، كانت حركة الاحتجاجات والإستنكار لشرائط التعذيب الذي تعرض له سجناء إسلاميون في سجن رومية، تتفاعل، وبلغت الاحتجاجات تقاطع فردان الحمراء، حيث أقدم شبان غاضبون على إحراق إطارات السيّارات وحاويات النفايات في تلك المنطقة، بعد الطريق الجديدة وقصقص ومحلة الكولا حيث حضرت سيّارات الإطفاء وعملت على إخماد الحرائق وتدخلت قوى الأمن لفتح الطريق بمختلف الاتجاهات.
وكانت حركة الاحتجاجات اندلعت في طرابلس وصيدا والبقاع بعد افطار غروب أمس، للتعبير عن الغضب الشعبي والإسلامي ضد جرائم التعذيب والإهانة التي نشرت مقاطع منها على مواقع التواصل الاجتماعي.
ونجحت الاتصالات في احتواء «فورة» الغضب التي تسبب بها في مناطق طرابلس وعكار وسعدنايل وتعنايل وبعض أحياء صيدا وصولاً إلى الطريق الجديدة ومحلة الكولا في بيروت، تسريب مقاطع وصور فيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عن إقدام عناصر من قوى الأمن الداخلي المكلفين بحفظ الأمن والنظام في سجن رومية بالاعتداء بالضرب على سجناء اسلاميين أثناء إنهاء عملية تمرّد في المبنى «د» قبل شهرين والتلفّظ بكلمات نابية بحق هؤلاء، مما يُشكّل خروجاً على شرف الوظيفة وعلى التقاليد والأعراف اللبنانية والحقوقية والاخلاقية التي تمنع تعذيب سجناء والاعتداء عليهم.
وساهم في هذه الاتصالات الرئيس تمام سلام والرئيس سعد الحريري الذي أجرى اتصالات بكل من وزير الداخلية نهاد المشنوق ووزير العدل اللواء أشرف ريفي. وكشف بيان عن المكتب الاعلامي للرئيس الحريري عن أنه «أبدى ثقته بإجراءات الوزيرين المشنوق وريفي، بعيداً عن المزايدة واستغلال قضية إنسانية».
ووصف ممارسات العناصر الأمنية بأنها لا إنسانية وتسيء للدولة والحكومة وقوى الأمن الداخلي، مؤيداً كل الاجراءات المتخذة لتوقيف المتورطين واتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم.
وليلاً أبلغ الوزير ريفي «اللواء» أن عدد المتورطين هم خمسة عناصر من قوى الأمن، تمّ توقيف اثنين منهم وجاهياً وإحيلا إلى المحكمة العسكرية.
وكانت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي اعتبرت أن ما حصل هو عبارة عن «خطأ» ويشكل «جرماً واعتداءً على كرامة الانسان»، مطالبة بوقف التجاذب حول هذه القضية.
وإذ حذر اللواء ريفي من مشروع فتنة يستهدف طرابلس والميناء ولبنان ككل، نفى أن يكون أحد العسكريين الموقوفين من أبناء الميناء في طرابلس، مطالباً بضرورة التنبه الشديد لما يحاك في «الغرف السوداء» من مخططات لإثارة الفتنة في المناطق الإسلامية، وإعادة عقارب الساعة إلى الوراء.
وناشد الوزير ريفي العقلاء من أبناء طرابلس وصيدا وبيروت وسعدنايل وكل لبنان وعي المخاطر التي تستهدف البلاد، واليقظة أكثر من أي وقت مضى لتجنيب البلد مشكلة.
وكشف ريفي لـ«اللواء» أيضاً أنه أبلغ المشايخ والشخصيات الإسلامية التي التقاها، وكذلك ذوي السجناء الموقوفين في سجن رومية، أنه سيبقى إلى جانب طرابلس وأهلها، مؤكداً لهم أن القضية ستتابع إلى النهاية، وأن الإجراءات ستتخد بكل حزم ومسؤولية ضد العناصر الذين أساؤوا إلى قوى الأمن وأخلاقيات ضباطها وأفرادها.
وأبلغ ريفي أن الاتصالات التي تلقاها والتي قام بها مع كل من الرؤساء سلام والحريري وفؤاد السنيورة والوزير المشنوق والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء إبراهيم بصبوص ورئيس شعبة المعلومات العميد عماد عثمان، جميعها تركزت على تفويت الفرصة على الساعين لاستهداف أمن البلد واستقراره ولمنع لبنان من الوقوع في مخطط هؤلاء، مؤكداً أن تسريب الشرائط المصورة عمليةغير بريئة.
وتطرق إلى أن جولته في أسواق طرابلس قبل يومين، جاءت في أعقاب معلومات عن وجود مخطط لتعكير أجواء المدينة، ولذلك قام في ما يشبه «اللعبة المضادة» للتأكيد على الحرص على استمرار الاستقرار الذي تنعم به المدينة.
بدوره، وضع الوزير المشنوق ما حصل في سجن رومية بحق السجناء وتعنيفهم في إطاره الطبيعي، مؤكداً الإدانة السياسية لما حدث وتحمله المسؤولية الكاملة عن المداهمات التي حصلت في المبنى «د» والأخطاء التي وقعت خلالها.
وأكد: لن نقبل بأي اعتداء غير إنساني على أي سجين، وأننا نحن الدولة الوحيدة التي تحيل عسكرييها إلى المحاكمة، ولا يجوز إدانة مؤسسة قوى الأمن وأبطالها الذين أنقذوا المبنى «ب».
وكشف أنه سيكون اليوم الاثنين في سجن رومية ويستمع مباشرة إلى السجناء الثلاثة الذين تعرضوا للتعذيب والاهانة، وهم عمر الأطرش ووائل الصمد، وشخص لم يعرف من شريط الفيديو المسرّب.
أهداف التسريب
ماذا وراء تسريب «شرائط التعذيب»؟
تتفق الأوساط المسؤولة في وزارة الداخلية وقوى الأمن مع الهيئات الإسلامية التي نهضت احتجاجاً على ما حدث في حق السجناء الثلاثة، على اعتبار أن المشاهد تنطوي على أفعال جرمية، والغاية من تسريبها إثارة الفتنة وإشعال الشارع، واستعادة التوتر في المناطق السنية الاسلامية وتحديداً في طرابلس.
وكشف مصدر قريب من الوزير المشنوق أن الإجراءات التي ستتخد بحق العسكريين المعتدين لن تقتصر على العقوبة، بل أنه بصدد فتح أبواب السجون أمام المنظمات واللجان الحقوقية المحلية والدولية.
ولم يستبعد المصدر أن تحدث حركة تشكيلات في ما خص الضباط والعناصر المولجين الحفاظ على أمن المساجين، كما أن وزير الداخلية سيستقبل الهيئات الإسلامية، ومنها هيئة العلماء المسلمين، وسينسق مع دار الفتوى لمعالجة كل ما من شأنه أن يسبب اضطراباً على الساحة الإسلامية والحؤول دون حصوله.
وربط مصدر سياسي بين التسريب وتأجيج نار الفتنة للتشويش على ما يحصل من انتهاكات تترتب على أفعال «حزب الله» وفريقه، والتي أدت إلى الإطاحة بالخطة الأمنية في مناطق نفوذ الحزب ودفع المناطق السنية للخروج على الخطط التي نفّذت.
وسيتطرق الرئيس تمام سلام في الخطاب الذي سيلقيه اليوم في إفطار جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في «البيال» إلى الوضعين الحكومي والأمني، وسيستنكر ما تعرض له السجناء، وأنه يدعم الإجراءات المتخذة سواء المسلكية أو القضائية بحق المرتكبين.
وكان اللافت للانتباه التهديد الذي تبلغه أهالي العسكريين المحتجزين لدى تنظيم داعش، التي هددت أن تكون المعاملة بالمثل. ونقل شقيق العسكري المخطوف إبراهيم مغيط نظام بأن التنظيم هدّد بأن الانتقام من العسكريين المخطوفين سيكون رداً على تعذيب سجناء رومية.
أسبوع سماح
سياسياً، من المتوقع أن يتطرق الرئيس سلام أيضاً إلى الأزمة الحكومية القائمة، معلناً أن صبره لن يستمر إلى ما لا نهاية، وأن التطورات الجارية في البلاد تستدعي استئناف جلسات مجلس الوزراء، وعدم الانتظار حتى أيلول المقبل، لأن البلد لا يمكن أن يبقي يدور في حلقة مفرغة.
وبالتالي، فإن رئيس مجلس الوزراء، استناداً إلى مصادر مقربة، سيحتكم إلى الدستور في تحديد موعد جلسة لمجلس الوزراء، بعد أن يكون قد قيّم حصيلة المشاورات والمبادرات التي جرت طوال الأسابيع الثلاثة الماضية، وفي ضوء الاجتماع الذي سيعقده مع الرئيس نبيه برّي بين الأربعاء والخميس، على أن يكون هذا الأسبوع أسبوع سماح أيضاً، قبل تحديد موعد الجلسة.
ونفى وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دو فريج علمه بوجود جلستين لمجلس الوزراء هذا الأسبوع، أو من ضمن الاقتراحات المتداولة، وقال لـ«اللواء» أنه لم يتلق أي معلومات في هذا الصدد، كما أن لا جلسة للحكومة اليوم الاثنين.
وفي سياق متصل، أشارت مصادر في تكتل «الاصلاح والتغيير» الى أن هناك خطوات قد يُصار إلى اللجوء إليها للتعبير عن رأيه، بعد أن استنفد العماد ميشال عون التجمعات المناطقية لأنصاره في الرابية، مؤكدة أن التعبير عن هذه الخطوات سيكون ديموقراطياً.
إسقاط طائرة استطلاع
ميدانياً، دمر الطيران الإسرائيلي صباح أمس طائرة استطلاع من دون طيّار تابعة له، بعد سقوطها ليلاً في جرود بلدة صغبين في البقاع الغربي، من دون أن تتضح أسباب سقوطها، ولم تعلن إسرائيل مسؤوليتها عن الغارة.
وكان دوي انفجار قوي سجّل قرابة العاشرة صباحاً في أعالي جبل الباروك، تبين لاحقاً أنه نتيجة انفجار صاروخ أطلق من الجهة الجنوبية للبقاع الغربي باتجاه المكان، حيث سقطت طائرة التجسس الإسرائيلية.
وأرسل الجيش اللبناني فريقاً من الخبراء في مروحية للتحقيق والكشف على حطام الطائرة، حيث أظهرت صور التقطها أحد أجنحة الطائرة ومحركها وبقايا الحطام، بالإضافة إلى قطعة عليها كتابات باللغة الروسية.