سلام يَخرُج عن صمته: مجلس الوزراء سينعقد ويتخذ قرارات
موفد الحريري يؤكّد الثقة بوزير الداخلية .. وريفي لـ«اللــواء»: أنا والمشنوق في خط واحد
قطع الرئيس تمام سلام الشك باليقين, وأكد أنه «سيكون هناك مجلس وزراء وقرارات لمجلس الوزراء ومواقف لمجلس الوزراء ودور لمجلس الوزراء، نرفع جميعاً رأسنا به».
ومضى الرئيس سلام، في كلمة له في الإفطار الذي أقامته جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في «البيال»، قائلاً وبنبرة عالية: «لست أنا الذي يتخلّى عن مسؤولياته.. وبضمير مرتاح لست أنا الذي سيوقف هذا البلد عن التقدّم».
ولم يقف جزم رئيس مجلس الوزراء على تطمين اللبنانيين بأن «السلطة التنفيذية لن تشلّ، بل أكد أنها ستتعاون مع السلطة التشريعية أيضاً لتقوم بواجباتها، لأنه من غير المعقول في النظام الديموقراطي أن تشلّ السلطة التشريعية باعتبارها العمود الفقري لهذا النظام»، في إشارة إلى عزم الحكومة على فتح دورة استثنائية لمجلس النواب.
وانطلق الرئيس سلام في الإعلان عن هذه المواقف المتقدمة، بعد لغط وتساؤلات وتسريبات عن أن مجلس الوزراء سوف لن يجتمع خلال شهر رمضان، وأن العطلة الحكومية قد تدوم إلى ما بعد رمضان، مما يعني حكماً أن الشلل سيصيب الحكومة بعد مجلس النواب والشغور الرئاسي.
لكن الرئيس سلام الذي اعتبر أنه «في موقع الأمانة في رئاسة مجلس الوزراء، وأنه مؤتمن على الوطن وليس على منطقة»، وهذا يقتضي وفقاً لما يراه المضي قدماً في اعتماد الأمور الوفاقية، «فالوفاق سيبقى رائدي وسأستمر على هذا النحو، عملاً بالآلية التي اعتمدت بعد تشكيل حكومة «المصلحة الوطنية»، الأمر الذي يعني إبعاد أي بند لا يكون موضع وفاق».
وعلى هذا الصعيد، اعتبرت مصادر وزارية أن رئيس مجلس الوزراء في هذا الموقف الحاسم رمى الكرة إلى ملعب تكتل «الاصلاح والتغيير» وحليفه «حزب الله» حيث من المتوقع أن يصدر التكتل موقفاً بعد اجتماعه اليوم، مع العلم أن وزير التربية والتعليم العالي الياس بوصعب أعلن أمس أن وزراء التكتل سيحضرون أي جلسة لمجلس الوزراء.
وتوقّع المصدر أن تنجلي المعطيات السياسية المتعلقة بتحديد موعد جلسة مجلس الوزراء لغاية يوم الجمعة المقبل، على أن يكون الرئيس سلام تلقى ردوداً مباشرة على هذا التوجه، وربما زار الرئيس نبيه برّي لهذه الغاية.
بدوره أبلغ أحد الوزراء الناشطين على خط ترميم الوضع السياسي «اللواء» أن أفكاراً جديدة أصبحت في حوزة الرئيس سلام، وتحمل في طياتها مخارج للعقد الحالية، وهو بصدد وضع الكتل الوزارية في أجوائها قبل الدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء في موعد لا يتعدى نهاية الشهر الحالي.
أما مصادر «تكتل التغيير والاصلاح» فقد نفت أن تكون هناك زيارة قريبة لأحد من وزيري التيار العوني للرئيس سلام، مشيرة الى أن التكتل ينتظر حصيلة اللقاءات التي ستعقد لمعالجة الوضع الحكومي ليحدد خطواته اللاحقة، مكررة القول بأن التحركات الشعبية هي من بين الخيارات التي يمكن اللجوء إليها.
تعذيب السجناء
وفي اعتقاد مصادر سياسية أن «قطوع» تعذيب السجناء شكل حافزاً إضافياً لإعادة لمّ الشمل الحكومي، بعدما كانت التجمعات الاحتجاجية على التعذيب والإهانة، ضربت في قلب العاصمة وطرابلس وامتدت إلى صيدا والبقاع، وسط مخاوف جدية من تدهور الوضع الأمني في المخيمات وتزايد المخاطر من تصعيد الجماعات المسلحة عند الحدود الشرقية، لا سيما في جرود عرسال ورأس بعلبك، حيث ينشغل الجيش في مواجهات ومناوشات يومية مع مسلحي جبهة «النصرة» و«داعش»، وانعكاس ذلك على العسكريين المحتجزين لدى هذين التنظيمين.
وباكر الرئيس سلام في معالجة ذيول ما نجم عن تسريب أشرطة التعذيب والضرب لسجناء رومية الإسلاميين، فاجتمع بعد ظهر أمس بوزيري الداخلية نهاد المشنوق والعدل اللواء أشرف ريفي، في حضور مدعي عام التمييز القاضي سمير حمود والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء إبراهيم بصبوص، وكان تشديد على رفض المسّ بالسجناء الذين هم في عهدة القوى الشرعية، بصرف النظر عن هويتهم وأسباب سجنهم، وفي الوقت نفسه، رفض الحملة الجارية على قوى الأمن وعلى الوزيرين المعنيين المشنوق وريفي، واعتبار أن المعالجة لا تكون في الشارع بل عبر الإجراءات التي اتخذت على صعيد التحقيق والتوقيفات ومحاكمة الدركيين المتورطين الذين ارتفع عددهم إلى ستة واتخاذ الإجراءات اللازمة في حقهم.
وشدّد الرئيس سلام أثناء الاجتماع على أن لا تهاون في ما خص هيبة الدولة وسلامة القانون واحترام حقوق الإنسان.
وعلمت «اللواء» أن إجراءات اتخذت، سواء على صعيد تشكيل القوة المولجة حماية سجن رومية وتشديد الرقابة والتفتيش على عمل هؤلاء، منعاً لتكرار ما حدث في حق السجناء عمر الأطرش وقتيبة الأسعد ووائل الصمد.
وأشاد الرئيس سلام بأداء كل من الوزيرين المشنوق وريفي، واعتبر أن عملهما جاء متكاملاً في استيعاب صدمة تسريب الأشرطة ومضاعفاتها في الشارع، مؤكداً تأييده الكامل لكل الخطوات التي قاما بها حتى الآن لمعالجة هذا الملف، واصفاً ما ارتكب بحق السجناء بأنه «عمل مشين وغير أخلاقي، فضلا عن أنه مخالف للدستور الذي يكفل حقوق الإنسان، لكنه دعا في الوقت نفسه إلى التعامل مع هذا الملف بروية، وحصره في إطاره القانوني بعيداً عن الغرضية السياسية والتحريض الذي يُسيء للاستقرار».
المشنوق
وقبل هذا الاجتماع، كان الوزير المشنوق قام بخطوة كبيرة باتجاه سجن رومية، واجتمع بضباط وآمري السجن، ثم التقى السجناء الثلاثة الذين أظهرت الشرائط المصورة تعرضهم للضرب المبرح: عمر الأطرش وقتيبة الأسعد ووائل الصمد، قبل أن يعقد مؤتمراً صحفياً واضعاً فيه النقاط على الحروف، موجهاً رسائل ثلاث باتجاه مؤسسة قوى الأمن والسجناء الذين تعرضوا للضرب والتعذيب وأهاليهم، وإلى الذين قاموا بالاعتداء عليهم، مؤكداً ان هذا الارتكاب الذي قامت به مجموعة من العسكريين يجب ألا ينال ولا لحظة من هيبة قوى الأمن الداخلي ولا من سمعتها، وانه ستتم محاسبة أي ضابط أو عنصر يخالف الحقوق لانسانية لأي سجين، لافتاً النظر إلى ان الصلاحيات الموجودة لدى وزير الداخلية كبيرة ولم يسبق استعمالها، واعداً ببذل كل ما في وسعه لحماية مؤسسات الدولة.
ولم يشأ المشنوق الرد في السياسة على أحد، مشيراً إلى انه في يوم من الأيام أعرف كيف أرد جيداً، لكنه أشار إلى الذين يتعاطون مع هذا الموضوع بالطريقة التي يتكلمون بها بأنهم لا يخدمون إلا التطرف من خلال إدانة مؤسسات الدولة، لافتاً إلى ان تفريع هذه المؤسسات هو خدمة للتطرف.
ورداً على سؤال، أعلن المشنوق انه لا يوافق على اتهام وزير العدل اللواء أشرف ريفي بالموضوع.
وعن المطالبة باستقالته، قال: «اذا كانت استقالتي تمنع التطرف في البلد فأنا مستعد لأن أستقيل، خاتماً بأن العودة إلى المبنى ب مثلما كان بقبضة الارهابيين لن تحدث، وكرر ذلك ثلاث مرات.
ومساء، استقبل المشنوق في مكتبه في الوزارة مدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري الذي أكد دعم تيّار «المستقبل» له.
ريفي
ومن جهته، لم يستبعد الوزير ريفي لـ«اللــواء» أن يكون المحور السوري وراء تسريب أشرطة تعذيب السجناء في سجن روميه، بهدف إرباك الاعتدال السني وتشويه سمعة شعبة المعلومات في قوى الأمن، ومحاولة ضرب أسفين بينه وبين الوزير نهاد المشنوق، لافتاً النظر إلى من يطالع صحف هذا المحور ومواقعه الإخبارية، يلحظ أن هناك غرفة عمليات وجوقة أبواق كانت «تعزف» على هذه النغمة، لكن ليسمحوا لنا، فأنا والمشنوق أصدقاء ولا خلاف بيننا على الإطلاق، ونحن جميعاً في خط سياسي واحد.
وقال: أما اتهامي بتسريب الافلام فهي واقعة لا أساس لها من الصحة، وذكرتني بفيلم «أبوعدس» بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري بقصد التصويب على غير الجهة الفاعلة، علي طريقة: «كاد المريب يقول خذوني».
وكشف ريفي ان عدد الموقوفين من العسكريين ارتفع إلى ستة، وقد تبين ان ثلاثة منهم تولوا تعذيب السجناء، فيما قام الرابع بمهمة التصوير وأعطى الأفلام إلى اثنين من الموقوفين، مشيراً إلى ان التحقيقات القضائية قد تنتهي اليوم أو غداً.
وأوضح ان اجتماع السراي كان لتقييم الوضع وضرورة متابعة الإجراءات التي اتخذت، وإن الرئيس سلام شدّد على ضرورة الانتباه في هذه المرحلة الحسّاسة.