تفاهم ميثاقي وطني: وقف تعطيل مجلس الوزراء ومجلس النواب
بري: القرارات بالنصف + واحداً تمشي { سلام: أراهن على وطنية جميع الحكومة الإئتلافية
ماذا سيحصل غداً في مجلس الوزراء؟
هذا هو السؤال الذي لا يمتلك أي طرف جواباً عليه، لكن سائر الأطراف معنية به، بمعنى أن تسلك المناقشات غداً طريق الإيجابية، ومن زاوية تحمّل المسؤولية الوطنية، ومن منطلق العودة إلى الضمائر «بحيث نتخطى مصالحنا الفئوية، ونضع الأمور الخلافية جانباً وننصرف إلى تسيير شؤون الناس والتصدي للاستحقاقات الداهمة»، والكلام للرئيس تمام سلام.
تتجاوز مسألة الدعوة إلى انعقاد مجلس الوزراء بما يصفه الفريق العوني «بالتحدي»، إلى اتفاق وطني عام على عدم جواز توقف الحكومة عن تسيير مصالح الدولة، وأن الدعوة إلى عقد جلسة هي من صلاحيات رئيس الحكومة، وأن فترة المشاورات لا يمكن أن تستمر إلى ما لا نهاية، وأن الكتل الأخرى المكونة لأكثر من ثلثي مجلس الوزراء هي كتل وازنة وتمثل أكثر من نصف الشعب اللبناني.
إذاً، قبل 24 ساعة من مجلس الوزراء، بدت الصورة واضحة:
1- الرئيس نبيه برّي، وفقاً لما نقل عنه زواره ليلاً يعتبر أن الحل للمأزق الحكومي يكون بالعودة إلى الدستور، وهذا يعني أن القرارات يصوّت عليها بالنصف زائداً واحداً، وفي مثل هذه الحالة تمشي وتصبح قابلة للتنفيذ.
أضاف الرئيس برّي، نقلاً عن زواره، أن المراسيم الصادرة عن مجلس الوزراء لا تحتاج إلى توقيع كل الوزراء، وهنا يكتفى بتوقيع الوزير المختص أو الوزراء المختصين ورئيس الحكومة.
يضيف برّي، ودائماً بحسب الزوار، أنه إذا طرحت مسألة التعيينات في جلسة الغد يمكن للجلسة أن تأخذ الطريق الدستوري.
2- أما في الشق التشريعي فالرئيس سلام سيطرح في جلسة الخميس فتح دورة استثنائية بعد المطالعة السياسية التي سيقدمها، وهو متفق مع الرئيس برّي على ضرورة فتح تلك الدورة. وهنا تقول أوساط رئيس المجلس أن فتح الدورة لا تحتاج إلى توقيع كل الوزراء لأنها خارج ما تنص عليه المادة 65 من الدستور (أي أن التصويت بالنصف زائداً واحداً)، وإذا اتفق الوزراء مع الرئيس سلام وصدر مرسوم فتح الدورة، فإنه (أي بري) سيدعو إلى جلسات متتالية لتشريع الضرورة وبمن حضر، لأنه كفى تعطيلاً لمجلس النواب أيضاً، فضلاً عن أن مستجدات طرأت بعد اجتماع هيئة مكتب المجلس، مؤكداً (بري) أنه إذا تأمن نصاب الجلسة وحضر البعض من المكون الطائفي سأمشي بالجلسات، لأن البلد لم يعد يحتمل التأجيل.
3- أوساط الرئيس سلام تؤكد على هذا المنحى، وتضيف أن مشاورات رئيس مجلس الوزراء مع ممثلي الكتل والوزراء، من كتلة «التنمية والتحرير» إلى «اللقاء التشاوري» وكتلة «اللقاء الديموقراطي» وكتلة «المستقبل» إلى سائر المكونات الأخرى، أفضت إلى تفاهم ميثاقي – وطني على وقف تعطيل مجلس الوزراء وكذلك مجلس النواب، على أن تشكّل هذه الخطوة وثبة إلى الأمام لإنهاء الشغور الرئاسي، عملاً بالقواعد الدستورية والديموقراطية التي تتحدث عن أكثرية تحكم وأقلية تعارض إذا تعذر التوافق، لأن التعطيل لا مكان له في الدستور، ولا في الحياة السياسية والوطنية.
وكان الرئيس سلام أشار في إفطار مؤسسات الرعاية الاجتماعية – دار الأيتام الإسلامية غروب أمس، إلى أنه «بات من الملحّ إصدار مرسوم بفتح دورة استثنائية لمجلس النواب لإقرار قوانين لم تعد تحتمل التأجيل، منها ما يتعلق بخدمة الدين وإصدار سندات خزينة، ومنها ما يتعلق بمشاريع وقروض ومساعدات خارجية بمئات ملايين الدولارات لأن لبنان بات مهدداً بخسارتها.
مواقف من الجلسة
4- في هذه الأثناء, تفاعلت الدعوة لجلسة الخميس سياسياً أمس، على صعيد الكتل السياسية الممثلة في الحكومة، فأعلنت كتلة «المستقبل» النيابية بعد اجتماعها الدوري أمس، برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة، تأييدها لقرار الرئيس سلام استئناف عمل مجلس الوزراء، وطلبت أن تمضي الحكومة قدماً في عملها المنتج من أجل تسهيل حياة اللبنانيين ومتابعة قضاياهم الحياتية والمعيشية، ولاستئناف النشاط الاقتصادي.
ومن جانبه، دعا «اللقاء التشاوري» الذي انعقد أمس في منزل الوزير ميشال فرعون وبمشاركة الرئيسين ميشال سليمان وأمين الجميّل، القوى المشاركة في الحكومة إلى إعطاء الأولوية لاحترام مصالح الشعب، خصوصاً وأن المرحلة التي يمر بها لبنان لا تحتمل شغوراً في المؤسسات الدستورية، لا بل تستدعي انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
ولفت اللقاء إلى أن دعوة مجلس الوزراء إلى الانعقاد استحقاق طبيعي وروتيني في ظل وجود حكومة، وبالتالي لا يجوز رهن انعقاد الحكومة بأي تسوية سياسية.
أما تكتل «التغيير والاصلاح» فأعلن أمين سره النائب إبراهيم كنعان، بعد اجتماعه الأسبوعي، تمسك التكتل بموقفه من موضوع التعيينات الأمنية، واعتبار عدم تضمين جدول أعمال الجلسة هذا البند مخالفة قانونية ودستورية، ورأى أن الاستمرار في هذا التجاهل وهذه المخالفات يُشكّل عنصراً خطيراً في عملية تفعيل عمل الحكومة.
وأكد كنعان أن وزراء التكتل سيحضرون الجلسة وسيناقشون هذا الأمر بالذات وفي طلب وضع التعيينات كبند أول، لكنه لم يوضح ما إذا كان الوزراء سينسحبون من الجلسة إذا لم يناقش هذا البند، مكتفياً بالقول: بحسب مسار الجلسة وأداء الحكومة سنتخذ الموقف المناسب.
وأشار إلى أن حضور الجلسة سيكون لمنع تجاوز القانون وتعطيل الحكومة من خلال التمديد مرة أخرى وعدم احترام القوانين، ولن نبحث في أي بند إذا لم يكن البند الأوّل المستحق دستورياً وقانونياً وأمنياً وإدارياً هو التعيينات الأمنية.
وفي هذا الإطار أشار عضو التكتل النائب سليم سلهب لـ«اللواء» إلى أن الوزيرين جبران باسيل والياس بوصعب سيتخذان الموقف مما يحصل داخل الجلسة وفق النظام، وأن وزيري «المردة» و«الطاشناق» ووزيري حزب الله سيتضامنون معهما.
مراسيم النفط
وبالإضافة إلى الكلمة السياسية التي سيستهل بها الرئيس سلام الجلسة، والتي يُؤكّد فيها على الصلاحيات والتوافق والائتلاف، ولكن من دون تعطيل مصالح الدولة والمواطنين، وتوقيع 111 مرسوماً، وفتح دورة استثنائية لمجلس النواب، تحضر قضية مرسومي النفط بقوة في الجلسة قبل الانتقال إلى جدول الأعمال والذي يتضمن 81 بنداً مدرجة قبل شهر.
وعشية مناقشة هذه القضية، وصل إلى بيروت نائب وزير الخارجية الأميركي لشؤون الطاقة آموس هوشتاين آتياً عن طريق اسطنبول بهدف لقاء المسؤولين اللبنانيين، وفي مقدمهم الرئيس سلام اليوم، لاستكمال البحث معهم في مسألة ترسيم الحدود البحرية ومتابعة المهمة في ما يتعلق بحقوق لبنان النفطية في مياهه الإقليمية.
يذكر أن هوشتاين خلف فريدريك هوف في هذه المهمة.
وكشف مصدر وزاري لـ«اللواء» أن عدم توقيع مرسومي النفط سيعطي الحجة لإسرائيل لاغتصاب الثروة النفطية اللبنانية بحجة عدم جهوزية الجانب اللبناني لإظهار حدوده البحرية وحصته من الثروة النفطية داخلها.
وأضاف المصدر أن الرئيس سلام سيوضح للموفد الأميركي أن لبنان متمسك بحقوقه كاملة، وأن كامل الإجراءات اتخذت على هذا الصعيد، بما في ذلك التوقيع على مرسومي النفط.
كاغ في عرسال
في غضون ذلك، شكلت زيارة الممثلة الشخصية للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ، لوحدات الجيش اللبناني المنتشرة في منطقة عرسال ومحيطها، برفقة وزير الدفاع الوطني سمير مقبل وقائد الجيش العماد جان قهوجي، حدثاً لافتاً للانتباه، خصوصاً وأن هذه الجولة الميدانية وغير المسبوقة لممثل للأمم المتحدة تأتي قبل اجتماع مجلس الأمن الدولي في 8 تموز الحالي، والذي سيتناول الوضع في لبنان ككل في هذه المرحلة، في إطار القرار 1701.
وجال الثلاثة الذين وصلوا إلى عرسال في طوافة عسكرية في المراكز القتالية المتقدمة لوحدات الجيش، واطلعوا على الواقع الميداني العام للحدود الشرقية إلى جانب أوضاع هذه الوحدات وظروف عملها، والإجراءات التي تنفذها لضبط الحدود، ومنع تسلل الارهابيين وتوفير الأمن والاستقرار لأهالي القرى والبلدات في هذه المنطقة.
وإذ شكرت كاغ الوزير مقبل والعماد قهوجي لمنحها الفرصة لتكون أول من يطلع على الوضع في عرسال، على اعتبار أن «الرؤية مختلفة جداً عن قراءة تقرير»، كررت التعبير عن اعجابها بالرجال الذين يخدمون على هذه الجبهة، آملة أن ينالوا أقوى دعم سياسي وعسكري.
وإذ لاحظت أن هؤلاء الجنود يعملون تحت ظروف خطرة، وبوسائل محدودة جداً في ظل أوضاع حرجة، قالت: «إن الوجود في عرسال هو خط تماس بالنسبة إلى لبنان وكذلك لأوروبا، لذا كل ما علينا فعله هو العمل مع المجتمع الدولي لتجهيز الجيش بكل المعدات اللازمة والمنطقية بدون أي تأخير».
أضافت: «إن دعم لبنان وأمن وسلامة المواطنين ليس رفاهية بل هو ضرورة».
ميدانياً، استهدف الجيش اللبناني من مواقعه في البقاع الشمالي تحركات للمسلحين في جرود عرسال بالأسلحة الثقيلة، وفيما لم ترد معلومات إضافية، أفيد أن صاروخاً مجهول المصدر سقط في جرد عرسال، في محلة وادي الخيل، مما أدى الى إصابة ثلاثة أشخاص بجروح أثناء قطافهم محصول الكرز في بستانهم.
وشن الطيران السوري بعد ظهر أمس، غارات على مناطق عدّة في جرود القلمون وعلى جرود عرسال بالتزامن مع تحليق لطيران الاستطلاع السوري.
وأعلنت جبهة «النصرة» عن مقتل القيادي في حزب لله حسن دياب، إثر استهدافه من قبل «جيش الفتح» مع أربعة من مرافقيه في جرود الرهوة في القلمون.
وفي إطار الحفاظ على الأمن والاستقرار، أوقفت وحدة من الجيش، أمس، بين بلدتي اللبوة وعرسال، السوري وليد أحمد يوسف لانتمائه إلى أحد التنظيمات الارهابية، كما أوقفت سبعة أشخاص سوريين للاشتباه بانتمائهم الى المجموعات الإرهابية المنتشرة في جرود عرسال.
من جهة ثانية، أعلن خضر ذبيان شقيق الجندي الأسير لدى تنظيم «داعش» سيف ذبيان أنه سيتم قطع معظم الطرقات الرئيسية في لبنان بالتزامن مع انعقاد جلسة مجلس الوزراء الخميس، بهدف إيصال صوت أهالي العسكريين المحتجزين لدى «النصرة» و«داعش» إلى آذان المسؤولين. واعتذر مسبقاً من المواطنين على «شل حركة تنقلاتهم والمواصلات».
الاستطلاع المسيحي
على صعيد آخر، ناقش تكتل عون في اجتماعه إلى جانب موضوع جلسة الغد الجولة التي قام بها كنعان على عدد من الأحزاب المسيحية في ما يتعلق بالاستطلاع الرئاسي ومبادرة العماد ميشال عون بخصوص من هو الزعيم الأقوى على الساحة المسيحية، فلاحظ كنعان نقطة مشتركة بين غالبية هذه الأحزاب أي «القوات اللبنانية» و«المردة» و«التيار الوطني الحر» باستثناء حزب الكتائب على مبدأ اجراء الاستطلاع، رغم وجود ملاحظات وشروط من جانب «المردة» لناحية تقنية الاستطلاع ونتائجه. معتبرا ان العودة إلى المسيحيين في استحقاق رئاسي غابت عنه الإرادة المسيحية هو أمر ضروري ولا يخالف الدستور، داعياً المعترضين عليه إلى التعاطي معه بإيجابية.
وفيما سارع رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع إلى التوضيح بأن الاستطلاع ليس موجهاً ضد أحد من الفرقاء السياسيين مسيحيين أو غير مسيحيين، كما انه ليس ملزماً ولا يمس بالدستور اللبناني، انتقدت كتلة «المستقبل» ضمناً هذا الاستطلاع، معتبرة انه «بدعة جديدة» ترمي إلى اختراع أعراف جديدة وملتوية تعطل إنجاز انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية.
وشددت الكتلة على انتخاب الرئيس وفق الآلية الدستورية الوحيدة للانتخاب، في مجلس النواب استناداً إلى المادة 27 من الدستور التي ترفض تقييد النائب اللبناني بأي قيد أو شرط في ممارسة مهام من قبل منتخبيه.
وفي المعلومات ان هذا الموقف أبلغ إلى جعجع قبل ان يصدر بيان الكتلة.
والموقف نفسه اتخذه «اللقاء التشاوري» الذي شدّد على ان انتخاب رئيس الجمهورية يجب ان يتم وفق آلية دستورية واضحة ووحيدة تتمثل بحضور النواب إلى مجلس النواب لانتخاب رئيس، واي التفاف على هذه الآلية الدستورية الميثاقية بامتياز يعتبر جزءاً من مشروع تأخير انتخاب رئيس الجمهورية إلى «أجل غير مسمى».
وكان الرئيس سليمان اعتبر في تغريده له عبر «توتير» انه ماذا لو حاز المصنف ثالثاً في الاستطلاعات الرئاسية على أكثرية مرجحة؟ كفى «لعباً وتسلية».