إستنفار سياسي – أمني مع عودة الحكومة للإجتماع اليوم
حملة عونية على برّي.. ومصير الإستقرار أمام إفطار المستقبل – حزب الله في عين التينة
من السعديات إلى الرابية، المفاجأة أن اليد على الزناد أمنياً وسياسياً، في وقت يفترض أن تتثبت دعاءم الاستقرار مع انكشاف حول «العمليات الارهابية» التي تستهدف الجيوش العربية، في محاولة لنسف أسس الدول القائمة والإطاحة بالنسيج الاجتماعي المشكّل لها، والذي يجمع شتى المكونات تحت هوية الإسلام والعربية الجامعة، سواء في المشرق أو المغرب العربي.
ويأتي هذا الاستنفار السياسي والأمني، عشية استحقاق عودة الحكومة إلى الاجتماعات، وإطلاق الرئيس نبيه برّي صفارة العودة إلى التشريع، سواء كان تشريع الضرورة، أو التشريع الذي هو في صلب مهام مجلس النواب.
قد يبدو أن لا رابط بين التأزم السياسي والاشتباك غير المسبوق الذي وقع في بلدة السعديات – الجية، أو على الخط الذي يربط الجنوب ببيروت وإقليم الخروب، وأيضاً لا رابط بين الحريق الهائل الممتد من سوريا إلى مصر، وعلى نحو غير مسبوق أيضاً، إلا أن دعوة النائب ميشال عون التكتل الذي يرأسه إلى اجتماع طارئ عند الثالثة من بعد ظهر اليوم، أي بعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء، لتحديد موقف يرجح أن يكون تصعيدياً، يرتبط بمجريات «الكباش» السياسي ليس بين الفريقين الخصمين في البلاد 8 و14 آذار، بل أيضاً بين «التيار الوطني الحر» وأحزاب مسيحية أخرى والرئيس برّي على خلفية التأهب لعقد جلسات تشريعية.
وإذا كانت ساعات الليل الطويلة التي امتدت بعيد الواحدة حتى ساعات الصباح الأولى، في أطول اشتباك بين «سرايا المقاومة» التي يرعاها «حزب الله» وأهالي السعديات التي يرعاها تيّار «المستقبل» شكّلت «جرس إنذار» من أن الاستقرار القائم، وأن الخطط الأمنية التي نفّذت هشة إلى درجة كأنها غير قائمة، فإن الجلسة رقم 14 لحوار «المستقبل» و«حزب الله» والتي كانت مقررة منذ انتهاء الجلسة 13 قبل أكثر من أسبوعين، ستواجه مثل هذا التحدي، وفي ضوء نتيجتها سيتبيّن ما إذا كان الطرفان ما يزالان يلتزمان الهدنة التي أدت إلى ولادة «حكومة المصلحة الوطنية» التي يرأسها الرئيس تمام سلام قبل سنة وبضعة أشهر.
وأعربت مصادر غير سياسية عن توجسها من هذا الحادث الذي تدرجه القوى السياسية في إطار الحادث المحلي، ولا يحتضنه قرار مركزي عام، بدليل حصر ذيوله في المحلة التي وقع فيها، وحرص الطرفين على تجنّب تبنّي المسلحين أو إصدار البيانات والحملات، لا سيما وأنه يأتي بالتزامن مع محاولة تحريك الوضع الأمني في مخيم عين الحلوة ومحيطه، في وقت يتصدى فيه الجيش اللبناني لمحاولات متكررة من قبل جبهة «النصرة» ومجموعات أخرى مسلحة تحاول التسلل بين بلدة عرسال وجرودها، الأمر الذي من شأنه أن يخلق إرباكات للقوى الأمنية، إذا ما تحوّل الطريق الساحلي بين بيروت والجنوب إلى منطقة ساخنة، في ظل تزايد التغيّرات الميدانية على الجبهات السورية المشتعلة.
مجلس الوزراء
ومهما كان من أمر، فأن المصادر الوزارية لا تتوقع أن تكون جلسة مجلس الوزراء اليوم مريحة، أقله بالنسبة إلى بقاء مواقف الوزراء المعترضين على حالها، وإن كان وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس يرى أن الرئيس سلام مرتاح وأعصابه طيبة..
ورفض درباس التكهن لـ«اللواء» بما يمكن أن يحصل في الجلسة، بانتظار ما سيتخذه وزراء تكتل عون من مواقف، في حال رفضت غالبية الوزراء السير بموضوع تعيين قائد جديد للجيش، علماً أن الاتصالات لم تهدأ منذ أن وجه الرئيس سلام الدعوة الى الجلسة الاثنين الماضي.
وقال وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دو فريج لـ«اللواء» أن وزراء 14 آذار سيسيرون مع الرئيس سلام بما يراه مناسباً، سواء رغب في رفع الجلسة أو إكمالها لاتخاذ قرارات في شأن جدول الأعمال، مؤكداً أنه يفضل إكمال النقاش في الجلسة، بعد أن يدلي وزراء عون بدلوهم.
بدورها، أكدت مصادر في تكتل «التغيير والاصلاح» لـ«اللواء» أن موقف وزيري التيار العوني بالنسبة إلى أولوية البحث في ملف التعيينات الأمنية ما يزال على حاله، لكن هناك ترقباً لمسار الجلسة، مشيرة الى أن اجتماع التكتل الاستثنائي الذي سيتم بعد ظهر اليوم سيحدد كيفية التعاطي مستقبلاً مع الحكومة.
ولم تشأ هذه المصادر الحديث عن طبيعة القرار الذي سيتخذ، قبل معرفة تطوّر النقاش في الجلسة الحكومية، لكنها لفتت إلى أن الكتاب الذي أرسله وزير التربية الياس بوصعب إلى رئيس الحكومة بالاعتراض على جدول أعمال الجلسة، جاء باقتراح من صعب نفسه، ويتضمن تثبيتاً لوجهة نظره بالنسبة لصلاحيات وضع جدول الأعمال في ظل الشغور الرئاسي.
هوشتاين
في غضون ذلك، بدأ نائب وزير الخارجية الأميركي لشؤون الطاقة أموس هوشتاين جولته على المسؤولين أمس، فالتقى صباحاً رئيس الحكومة تمام سلام في حضور السفير الأميركي في لبنان ديفيد هيل والوفد المرافق، ثم زار وزير الطاقة والمياه أرتور نظريان، على أن يلتقي اليوم رئيس المجلس النيابي نبيه برّي في عين التينة، ثم وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، ويغادر ظهراً.
وأوضحت مصادر مطلعة أن محادثات الموفد الأميركي تركزت على مسألة ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، وهو أبدى كل استعداد لمساعدة لبنان في هذا المجال، فيما شدّد الجانب اللبناني على أن ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل يجب أن يتم تحت مظلة الأمم المتحدة، مشيراً إلى أن المسؤولين اللبنانيين ينتظرون إقرار مرسومي النفط من قبل مجلس الوزراء كي يصبح لبنان جاهزاً للمباشرة باستغلال ثروته النفطية.
وكان ملف النفط قد استأثر بجانب مهم من لقاء الرئيس برّي مع نواب الأربعاء، حيث أكد على أهمية الموقف اللبناني الموحّد في مواجهة محاولات إسرائيل الاعتداء على بحرنا وثروتنا النفطية، مشيراً إلى أن الموقف اللبناني واضح، وهو مع ترسيم الحدود البحرية بإشراف الأمم المتحدة، ووفقاً للقرار 1701، ولا تنازل عن أي قطرة مياه أو شبر واحد من حدودنا البحرية، كما البرية.
ومساء شارك هوشتاين في حفل إفطار أقامه على شرفه مدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري في «بيت الوسط» في حضور السفير هيل والوفد المرافق.
السعديات
وفي تقدير مصادر مطلعة، أن حادثة السعديات التي حصلت بعيد منتصف ليل أمس الأوّل، حيث وقعت اشتباكات مسلحة بين مناصري «سرايا المقاومة» و«حزب الله» من جهة وأهالي البلدة المناصرين لتيار «المستقبل» من جهة ثانية، شكلت اول امتحان حقيقي للحوار القائم بين الطرفين منذ انطلاقته في عين التينة، قبل سنة تقريباً.
وسلطت هذه الحادثة الضوء مجدداً على مصير هذا الحوار الذي ينعقد في الجولة الرابعة عشرة اليوم، ورسمت أكثر من علامة استفهام حول فعاليته، بعدما أظهرت المواجهات التي استمرت لأكثر من ثلاث ساعات ليلاً، دليلاً على عدم نجاحه في تنفيس الاحتقان المذهبي، ولا في حماية السلم الأهلي كما يفترض.
وأكدت أوساط تيّار «المستقبل» أن ما جرى، على خطورته، لن يؤثر على مجريات الحوار طالما انه ذو طابع محلي، إلا انه سيحضر بقوة في جلسة اليوم، حيث سينعقد الحوار إلى مائدة افطار يقيمها الرئيس برّي.
وكانت الاتصالات السياسية نجحت بعد تدخل الجيش ميدانياً، في إعادة الهدوء الحذر الى البلدة التي شهدت صباحاً انتشاراً كثيفاً للجيش، بعد الاشتباك المسلح الذي أدى إلى سقوط حوالى 7 جرحى، واستخدمت فيه قاذفات وأسلحة خفيفة ومتوسطة.
وفيما اقتصرت رواية قيادة الجيش على أن ما حصل في السعديات نتيجة إشكال بين أشخاص ينتمون إلى جهات حزبية، تطوّر إلى تبادل إطلاق نار بالأسلحة الحربية الخفيفة، تضاربت روايات الأهالي مع أوساط «سرايا المقاومة» و«حزب الله»، لكنها أجمعت على ان سبب التوتر بين الطرفين يعود إلى افتتاح مصلى للحزب في مجمع انشئ قبل خمسة أشهر، مما اثار حفيظة الأهالي، الذين اتهموا بأن المصلى مخزن سلاح، واعترضوا عليه لدى دار الفتوى والقوى الأمنية.
ورغم أن اتفاقاً حصل لوقف الأذان في المصلى، إلا أن الإشكالات لم تتوقف، وكان آخرها وأخطرها ما حصل ليلاً، حيث أطلق مسلحون من داخل سيّارة ذات زجاج داكن الرصاص على مقهى يملكه محمّد الأسعد وهو مسؤول تيّار المستقبل في البلدة، فرد الأهالي بمهاجمة المصلى، في حين قالت رواية أخرى لسرايا المقاومة ان نفس السيّارة التي أطلقت النار على المقهى واصلت طريقها وأطلقت النار على المصلى بهدف زرع الفتنة.
ولوحظ أن «حزب الله» لم يصدر أي بيان عن الحادثة، وكذلك فعل تيّار «المستقبل»، فيما تجنبت قناة «المنار» الإشارة إليه في نشرتها المسائية، لكن الأمانة العامة لقوى 14 آذار اعتبرت أن الحزب يريد من جريمة السعديات السيطرة على خط الجنوب.
عرسال
ميدانياً، استهدفت قوة من الجيش في منطقة عرسال ليلاً مجموعة مسلحة من جبهة «النصرة» أثناء محاولتها التسلل بين البلدة وجرودها، واشتبكت مع عناصر هذه المجموعة، وأوقعت في صفوفها خمسة قتلى عرف منهم السوري غالب سعيد غيه، وتم تسليم الجثث إلى المراجع المختصة للبت بمصيرها.
إلى ذلك، عززت وحدات الجيش المتمركزة في جرود عرسال وفي البلدة، مواقعها تحسباً لأي ردّات فعل، وعملت على تمشيط المنطقة بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة في المنطقة الجنوبية لعرسال والممتدة من وادي عطا إلى الحصن ووادي حميد. وأفيد بعد الظهر عن استهداف الجيش لمواقع المسلحين في جرود رأس بعلبك والقاع.
وأفادت قناة «المنار» أن عناصر من المقاومة شاركت وحدات الجيش في إحباط هجوم المسلحين وقصفت مواقعهم في وادي الخيل جنوب شرق عرسال.
وداهم الجيش فجر أمس مخيمات النازحين السوريين في الطيبة شرق بعلبك وأوقف 30 شخصاً لعدم حيازتهم اوراقاً ثبوتية.
وفي سياق متصل، أعلن أهالي العسكريين المحتجزين لدى «النصرة» وتنظيم «داعش» انهم سيعودون اليوم إلى الشارع، تزامناً مع الجلسة الحكومية، وانهم قرروا تنفيذ تصعيد تحذيري في نقطتين: طريق الصيفي في بيروت وأوتوستراد صيدا – الجنوب، وانهم لن يفتحوا الطريقين قبل نيلهم تطمينات إيجابية عن مصير أولادهم.