9 تموز: ولادة جديدة للحكومة وسقوط عوني في الشارع
سلام لـ«اللواء»: ندعو كل الأطراف لعدم التلاعب بالإستقرار.. والسنيورة والمشنوق في جدّة
9 تموز 2015: يوم تاريخي لم يسبق لحكومة أن واجهته منذ قرابة عشرين سنة ولكن بأي معنى؟
1- أثبتت الأكثرية الوزارية أنها أكثر تمسكاً بحكومة «المصلحة الوطنية»، أكثر من أي وقت مضى.
2- أكدت الاتصالات السياسية والاقتصادية والروحية المسيحية التي تلقاها الرئيس تمام سلام بعد جلسة مجلس الوزراء، خياراتها بتأييد موقفه من الحفاظ على فعالية مجلس الوزراء وإدارته الحكيمة للمرحلة الدقيقة التي يمر بها البلد.
3- وفي المعلومات أن إيحاء الوزير العوني جبران باسيل بأن فريقه نجح في أخذ ما يريد كان بمثابة ادّعاء فارغ، لأنه لا يتوافق مع واقع ما حدث في الجلسة، إذ أن المعلومات التي حصلت عليها «اللواء» تؤكد أن الرئيس سلام أبلغ الوزراء في مستهل الجلسة أنه لن يكون هناك جلسة الخميس المقبل، بسبب وقفة العيد التي تصادف الخميس 16 الجاري، على أن يستأنف المجلس جلساته في الخميس الذي يلي. وهو ما كانت أشارت إليه «اللواء» في عددها الصادر الأربعاء، عندما أشارت إلى مساعي كانت تجري للتفاهم على «هدنة الفطر» من دون أي خضة أو احتكاك في الشارع.
4- سجّل يوم 9 تموز «سقوطاً أخلاقياً» للأداء السياسي للفريق العوني، سواء على طاولة مجلس الوزراء، حيث بلغ الأمر بالوزير وائل أبو فاعور حدّ المطالبة بإخراج الوزير باسيل من الجلسة، بعدما وصفه بـ«قلّة الأدب»، أو في الشارع عندما بلغ الأمر بالشبان العونيين الإصرار على التحرّش بجنود وضباط الجيش اللبناني والاعتداء على بعض عناصره، الأمر الذي أدى إلى إصابة 7 عسكريين بجروح مختلفة، واستخدام الشدّة مع العسكريين، على حدّ تعبير البيان الذي صدر عن مديرية التوجيه في الجيش اللبناني.
5- أما السقوط السياسي لـ«التيار الوطني الحر» فتمثّل بقول النائب ميشال عون في مؤتمر صحفي عقده في الرابية، سبقه دعوة أنصاره إلى الخروج من وسط بيروت والعودة من حيث جاؤوا، بأنه «لن يوفّر أحداً في أي موقع عندما يستمر بالدعوة للنزول إلى المجلس وانتخاب رئيس للجمهورية».
وعبّر هذا السقوط المريع عن نفسه عندما أطاح بأي أمل لانتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل إجراء الانتخابات النيابية.
ولم يوفّر حلفاءه عندما قال: «أنا بكفّي وبوفّي بمفردي».
وفي كلام غمز فيه من قناة الجيش وصف عون المتظاهرين بأنهم الجيش الحقيقي الذي «لم ولن يمدّ يده على الجيش اللبناني»، واصفاً البيان الصادر عن مديرية التوجيه بـ«البيان الكاذب» والذي «ليس إلا لتبرير الزعرنات التي ارتكبت وهذا له أيضاً حساباته».
المشادّة المفتعلة
وفي تقدير مصادر وزارية أن الوزير باسيل افتعل المشادة مع الرئيس سلام قبل بدء الجلسة وفي حضور الإعلام من أجل أن تكون «كلمة السر» الموجهة إلى العونيين الذين كانوا محتشدين في سنتر ميرنا شالوحي في سن الفيل، للتوجه إلى السراي الكبير.
وكان باسيل قد حضر ومعه كتاب الدستور قائلاً: «أنا اليوم أتظاهر مع الدستور»، فردّ عليه الوزير بطرس حرب: «يجب عليه أن يقرأه».
وبحسب الوقائع التي شاهدها اللبنانيون على شاشات التلفزة، فقد تعمّد باسيل أمام المصوّرين الصحافيين إفتعال المشادة، في استعادة لمشهد الوزير السابق مروان حمادة مع الرئيس السابق إميل لحود في العام 2006، فبدأ، قبل أن يعلن الرئيس سلام افتتاح الجلسة، بتوجيه كلامه إلى رئيس الحكومة بعد أن فتح الميكرفون الموضوع أمامه، فاعترض الرئيس سلام وحصلت المشادة، على نحو ما بثته شاشات التلفزة، واضطر الرئيس سلام للجوء إلى هذا الردّ الصاعق بعدما لاحظ استغلال باسيل وجود الإعلاميين في القاعة.
وفي المعلومات، أنه بعد إقفال باب قاعة مجلس الوزراء، أكمل الرئيس سلام بنبرة حادّة وانفعال، وقال لباسيل: «تفضل إجلس مكاني وترأس الجلسة، ما تفعله عيب، وأنت تتصرّف على أساس أنا أو لا أحد وتعتمد الغوغائية، وتتكلم باسم رئيس الجمهورية، وهذا منطق لا يليق به ولا بك كوزير للخارجية».
وتابع: «صار لي سنة وأكثر وأنا اتحمّلك بهذه الأخلاق وأنت لا تحترم أحداً، ما هكذا يكون الوزراء».
وقالت مصادر وزارية أن المشادة استغرقت ثلث ساعة قبل أن يتدخل الوزير وائل أبو فاعور الذي كان واقفاً بجوار مقعد سلام فقال كلاماً عنيفاً في حق باسيل واصفاً كلامه بأنه «قلّة أدب»، وطلب منه أن يخرس وأن يخرج من القاعة، فيما وجّه الوزير أكرم شهيّب لباسيل كلاماً مشابهاً مستغرباً أن يصدر كلام غير ديبلوماسي من وزير الديبلوماسية.
وقال أحد الوزراء أنه لم يبق وزير إلا أن «بلّ يده» بباسيل، فيما كان هو يتحدث ويتحدث ولا يسمح لأحد من الوزراء بالكلام، ولم يرق إلا بعد أن تحدث الوزير حسين الحاج حسن الذي دافع عن وجهة نظر الوزير آلعوني، من دون أن يتصدى للكلام الذي تفوّه به في حق الرئيس سلام.
في هذا الوقت، كان وزراء «المستقبل» يلوذون بالصمت، لكن الاشمئزاز كان بادياً على وجوه جميع الوزراء، وكان وزيرا «أمل» الأكثر انزعاجاً من تصرفات باسيل، وتمنيا على رئيس الحكومة الدخول فوراً في جدول الأعمال، وهما كانا على تواصل هاتفي مع الرئيس نبيه برّي الذي كان همّه الشروع في مناقشة جدول الأعمال.
جدول الأعمال
عند ذلك، طرح الرئيس سلام جدول الأعمال بدءاً بالبند الأوّل المتعلق بفتح اعتمادات للمستشفيات العامة والخاصة، لكن وزراء الفريق العوني و«حزب الله» اعترضوا.
وهنا، بحسب المعلومات، نهض الرئيس سلام من مقعده، لقضاء حاجته، فلحق به وزير الداخلية نهاد المشنوق وطلب من رئيس الحكومة الاختلاء به في قاعة جانبية، ومعه الوزير باسيل، بعدما قال أن الوضع بات يتطلب البحث في آلية عمل الحكومة، ويجب أن نأخذ فرصة من أجل ذلك.
وطلب المشنوق أيضاً من الوزيرين محمّد فنيش وحسين الحاج حسن الانضمام إليهم في قاعة جانبية، كانت تخصص عادة لتناول الطعام.
وقالت المعلومات الوزارية أن المشنوق اقترح على باسيل الاعتذار من سلام ففعل، لكن وزير المال علي حسن خليل اعترض على الخلوة الوزارية، طالباً بأن أي تسوية يجب أن تتم على طاولة مجلس الوزراء، فعاد الوزراء الأربعة مع سلام إلى القاعة العامة، حيث عاد رئيس الحكومة وطرح بند فتح الاعتمادات للمستشفيات، فطلب وزير العمل سجعان قزي باسم وزراء الكتائب تعديل هذا البند لكي يلحظ زيادة المخصصات للمستشفيات فوعده أبو فاعور إيجاباً، وأقر البند من قبل جميع الوزراء.
وهنا، طرح الرئيس سلام إدراج موضوع البحث في مقاربة عمل مجلس الوزراء في ظل الشغور الرئاسي (وليس آلية عمل الحكومة) قبل البحث بسائر بنود جدول الأعمال، في الجلسة المقبلة التي ستعقد بعد عيد الفطر.
سلام: لعدم
التلاعب بالشارع
في نهاية الجلسة، كرّر الرئيس سلام دعوته كل الأطراف السياسية للعودة إلى الحوار تحت سقف المؤسسات الدستورية، وعدم التلاعب بالشارع حتى نتمكن من اجتياز المرحلة العصيبة التي تمر بها المنطقة، وحفاظاً على الأمن والاستقرار في لبنان، خاصة وأننا نحن في بداية موسم سياحي واصطيافي ينتظره اللبنانيون بفارغ الصبر.
واعتبرت هذه الأوساط أن التعاطف الواسع مع كلمة رئيس الحكومة في الأوساط المسيحية كان بمثابة اختبار لحقيقة موقف الأكثرية الساحقة من اللبنانيين، بمن فيهم المسيحيون، من الشعارات الطائفية في الشارع.
وتلقى الرئيس سلام اتصالات من شخصيات دينية وسياسية واقتصادية مسيحية تؤيد موقفه من الحفاظ على فعالية مجلس الوزراء، وإدارته الحكيمة للمرحلة الدقيقة التي يمر بها البلد.
قزي
وعلّق الوزير قزي على الجلسة قائلاً: «لقد بتنا بحاجة لوضع آلية أخلاقية قبل أن تكون دستورية. لقد دخلنا الى المجلس والبعض طرح مصير صلاحيات رئيس الجمهورية في ظل الشغور الرئاسي وانتهينا بالسؤال عن صلاحيات رئيس الحكومة في ظل ما يجري خارج الآلية والدستور والقوانين، ونحن لا نقبل بما حصل، ونريد توضيحاً، لأن ما جرى سابقة خطيرة لا يجوز أن تتكرر».
شارع ضد شارع
ولاحظت مصادر نيابية في «المستقبل» أن وزراء 14 آذار لم يدخلوا في اللعبة التي ارادها الفريق العوني، أي الدخول معه في مشادة بغرض استثمارها في شارعه لكي يكون هناك شارع ضد شارع.
وأشار أحد هؤلاء الوزراء لـ «اللواء» انهم ظلوا هادئين كي لا يتحقق مبتغى باسيل، فيما كانت واضحة محاولات تلفزيون عون جر الفريق الإسلامي إلى الشارع من خلال التحريض الطائفي ضد «المستقبل» والسنّة وطرابلس والطريق الجديدة.
وقالت المصادر أن الرئيس سلام ظل محافظاً في الكثير من محطات الجلسة على هدوئه، وأشاد عدد كبير من الوزراء به، على الرغم من كل الضغوطات التي مورست ضده.
وقال وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دو فريج لـ «اللواء»: لم نكن نحن والرئيس سلام في أي مرّة من المرات على انزعاج من طريقة مقاربة صلاحيات رئيس الجمهورية، ولم نقل اننا لا نريد المناقشة، بل كنا نريد ان يتم ذلك ضمن الدستور والقانون.
وعُلم أن الوزير دو فريج اثار موضوع النفايات، مذكراً الوزراء بأنه بعد ثمانية أيام ينتهي عقد سوكلين الممدد له، فهل من المعقول ان يُعيّد اللبنانيون في ظل وجود عشرة أمتار من النفايات؟ ومعلوم أن مجلس الوزراء لن ينعقد قبل هذا التاريخ، أي 17 تموز موعد إقفال مطمر الناعمة.
السنيورة والمشنوق
في جدّة
وفي سياق آخر، غادر رئيس كتلة المستقبل الرئيس فؤاد السنيورة ووزير الداخلية نهاد المشنوق إلى جدّة في المملكة العربية السعودية، لإجراء جولة مشاورات روتينية مع الرئيس سعد الحريري تسبق كلمته يوم الأحد المقبل في «البيال».
ولم تشأ مصادر في «المستقبل» استباق ما سوف يعلنه الرئيس الحريري في كلمته المرتقبة، لكنها لفتت إلى أن ما جرى أمس في مجلس الوزراء، وفي الشارع من احتجاجات عونية، سيكون له تأثير على الكلمة، إضافة إلى ما سوف يقوله أيضاً الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عصر اليوم في احتفال «يوم القدس».