مخاوف من «أزمة سياسية».. وعون ينقل المواجهة إلى جدول الأعمال
مشاورات الحريري في جدّة تُركِّز على دعم الحكومة.. وجعجع في السراي لإدراج قانون الإنتخاب على الدورة ا
مع التحولات الجديدة التي طرأت على الملف النووي الإيراني، الذي أدخل المنطقة في مرحلة جديدة، فرضت ملامحها نفسها على المشاورات والتقييمات لمفاعيل الاتفاق في ما خص أزمة الشرق الأوسط، وفق وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، تركزت الاتصالات التي جرت في كل من بيروت ، خاصة في السراي الكبير، وجدة، على هامش التعزية بوفاة وزير الخارجية السعودي السابق الأمير سعود الفيصل على دعم الحكومة، حيث التقى الرئيس سعد الحريري مع كل من الرئيسين تمام سلام وميشال سليمان ومع رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط، فضلاً عن الرئيس فؤاد السنيورة والنواب والوزراء في تيّار «المستقبل»، فيما لم تحظ جلسة انتخاب رئيس الجمهورية المقررة اليوم بأي صدى عملي على اعتبار أن الجلسة ستكون على صورة الجلسات الـ 25 السابقة.
الإنطباع الرئيسي حول التوقيع على الاتفاق النووي في فيينا هو التريّث لمعرفة آليات التطبيق وكشف تفاصيل عن ما جرى وراء الكواليس، في ضوء الاشتباك الدائر بين «البيت الأبيض» والكونغرس الأميركي.
إلا أن هذا التريّث لم يحجب تركيز المساعي على ما يتعيّن القيام به لمنع تعطيل «حكومة المصلحة الوطنية» بالتزامن مع فتح دورة استثنائية لمجلس النواب وتجنيب البلاد أزمة سياسية ما تزال مواقف «التيار الوطني الحر» مدعوماً من «حزب الله» تدفع البلاد إليها.
وإذا كان فريق 8 آذار هلّل بقوة للإتفاق النووي وكأنه إنتصار له إلى حدّ أن الرئيس نبيه برّي اعتبر أن ما بعد الإتفاق ليس كما قبله، تحاشت قيادات 14 آذار إعلان موقف سلبي من الاتفاق، لكنها طالبت برؤية نتائج عملية تحدّ من التدخل الإيراني في شؤون المنطقة وتترجم التحسّن الذي من المرجح أن يطرأ على علاقات طهران مع المجتمع الدولي.
وتريّث مصدر نيابي في كتلة «المستقبل» في كشف قراءة التيار للإتفاق وانعكاساته على لبنان، ولا سيما أزمة إنتخاب رئيس الجمهورية، على اعتبار أن لا معطيات لديه عن الاتفاق الذي يقع في 157 صفحة مع ستة ملاحق، واكتفى بما أعلنه بيان الكتلة التي اجتمعت أمس برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة بالإعراب عن الأمل بأن يُشكّل الإتفاق حافزاً لإيران لفتح صفحة جديدة مع العالم العربي وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، بدلاً من أن تستمر بسياسة الاستقواء والتدخّل والعمل على فرض الهيمنة والنفوذ.
وتمنّت الكتلة أن يُشكّل الاتفاق محطة على صعيد الاعتراف بحق كل دول المنطقة بالاستفادة من الطاقة النووية في الأغراض السلمية على طريق أن تصبح المنطقة بكاملها خالية من أسلحة الدمار الشامل.
«الباب المفتوح»
من ناحية ثانية، نقلت مصادر وزارية لـ«اللواء» عن رئيس الحكومة تمام سلام قوله بأن الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء يعتبرها فرصة كبيرة لمقاربة العمل الحكومي ضمن سقف الدستور، لافتة إلى أنه قرّر أن يفتح الباب للأخذ والعطاء بالنسبة لهذا الموضوع بهدف الوصول إلى مخرج معيّن، لكنها أكدت أنه على غير استعداد للزحزحة قيد أنملة عن ما ينص عليه الدستور لناحية عمل مجلس الوزراء، والذي يُؤكّد أساساً على التوافق.
ولفتت المصادر إلى أنه إذا أصرّ حلف عون – حزب الله على التمسّك بوجهة نظره بالنسبة لآلية العمل الحكومي ولا سيما المطالبة بأن يكون شريكاً في وضع جدول الأعمال، فهذا معناه أن هناك أزمة سياسية وليست أزمة آليات، وبالتالي، على هذه القوى أن تتحمّل مسؤولياتها وأن تعلن بالفم الملآن أنها مع بقاء الحكومة أو أنها تريد إسقاطها، علماً أن الرئيس سلام ليس في وارد القبول باستمرار حكومة غير منتجة، ولا يكون لديها عمل وقرارات.
ونقلت المصادر أن الرئيس سلام سعيد ومرتاح للتجاوب الكبير مع مواقفه والتضامن الذي لمسه إزاء ما حدث في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء ولا سيما من القيادات المسيحية التي أعربت عن تقديرها له ولعائلته التي كانت لها أيادٍ بيضاء على لبنان، وتقدّر الظروف التي أبعدت الرئيس صائب سلام عن لبنان زمن الوصاية السورية.
وفي السياق نفسه قالت مصادر مطلعة على اللقاء الذي جمع الرئيس سلام ورئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع أمس أن الوضع الحكومي ومرسوم فتح الدورة الاستثنائية لمجلس النواب استحوذا على قسم لا بأس به من المحادثات.
وكشفت أن جعجع أبلغ الرئيس سلام استعداده القيام باتصالات في إطار الوضع الحكومي، نافية أن تكون لديه أفكار محددة في هذا المجال.
ولفتت هذه المصادر إلى أن رئيس «القوات» كرّر أمام رئيس مجلس الوزراء أهمية إدراج قانون الانتخابات النيابية وقانون استعادة الجنسية على جدول أعمال مجلس النواب عند فتح الدورة الاستثنائية للمجلس.
إلى ذلك، بقيت مواقف وزراء «اللقاء التشاوري» من موضوع التوقيع على مرسوم فتح الدورة الاستثنائية لمجلس النواب على حالها.
وأبلغت مصادر وزراء الرئيس سليمان «اللواء» أن موضوع الضمانات الذي يطالب به هؤلاء الوزراء ضروري للتوقيع على المرسوم، أما مصادر حزب الكتائب فأكدت لـ«اللواء» أيضاً أن هناك نافذة وحيدة تتصل بموافقة الحزب على المرسوم ألا وهي أن يُصار إلى إدراج بنود على جدول أعمال مجلس النواب تتعلق بانبثاق السلطة كقانون الانتخابات النيابية، مشيرة إلى أنه إذا كان من أمر أو بند آخر فهذا يتعلق بقرار المكتب السياسي للحزب.
وأشار وزير الاقتصاد والتجارة آلان حكيم لـ«اللواء» إلى أنه أكد موقف حزبه من موضوع المرسوم في خلال لقائه الرئيس سلام أمس، مؤكداً أن ما من شيء جديد يتصل بموضوع الحكومة، لافتاً إلى أنه جرت مناقشة انعكاسات الاتفاق النووي على لبنان في سياق ما أعلنه سلام الذي أمل في أن ينعكس هذا التطور في شكل إيجابي على الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، بما يُساعد على خفض التوترات وإشاعة السلام والاستقرار.
وكان لافتاً على هذا الصعيد، تغريدة الرئيس سليمان عبر «تويتر» والتي سأل فيها: «هل أصبح الإتفاق النووي بين أميركا وإيران أسهل من الإتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية؟».
أما تكتل «الاصلاح والتغيير»، فالظاهر أن الاتفاق لم يبدّل من مواقفه، إذ أصرّ النائب ميشال عون على ما أسماه مبادراته الأخيرة، سواء في ما يتصل بانتخاب الرئيس من الشعب مباشرة، أو الإستفتاء وصولاً إلى الاستطلاع، مشيراً إلى أن المناخ الذي يمكن أن يضفيه الاتفاق يمكن أن يمهد لحوار بين اللبنانيين، في ضوء انعكاس التشنجات الخارجية على الواقع اللبناني.
وقال أمين سر التكتل النائب إبراهيم كنعان بعد الاجتماع أن المطلوب من الجميع الاستفادة من الظروف الراهنة تفعيل مبادرات عون الداخلية على أسس سليمة وانتخاب رئيس لا تعيينه.
وشدّد التكتل، بحسب ما أعلن كنعان، على أنه شريك أساسي في وضع جدو أعمال مجلس الوزراء، داعياً إلى احترام آلية اتخاذ القرارات لبتّ ما يجب بتّه من مسائل عالقة لها علاقة بانتظام عمل الدولة وبالتعيينات وسواها من البنود.
الحوار
وعلى صعيد آخر، أوضحت مصادر في كتلة «المستقبل» النيابية أن جولة الحوار الأخيرة في عين التينة، لم تحقق أي خرق في أي موضوع من المواضيع التي طرحت، وان كل طرف كرّر مواقفه المعروفة من دون ان يحصل أي تقدّم.
وقالت انه في موضوع رئاسة الجمهورية الذي أثير بقوة في الجلسة، مع موضوع عمل الحكومة، كرّر «حزب الله» موقفه من ضرورة أن يتفاهم «المستقبل» مع العماد عون ولاحظت أن الحوار بات امام جدار مقفل.
لكن كتلة المستقبل كررت في بيانها تمسكها بالحوار الجاري في عين التينة، مع انه لم يحقق أي تقدّم جدي في المواضيع الخلافية الرئيسية.
إغلاق ملف نهر البارد
وفي تطوّر قضائي لافت، أعلن مجلس القضاء الأعلى في بيان انه أنهى بصورة شبه كاملة ملف الاعتداء على أمن الدولة في مخيم نهر البارد، مشيراً إلى انه عقد 159 جلسة محاكمة على امتداد 22 شهراً أسفرت عن إصدار 63 حكماً وقراراً تناولت 573 شخصاً بين متهم وظنين، من بينهم 93 موقوفاً وجاهياً.
وأوضح البيان أن المجلس انزل عقوبة الإعدام وجاهياً في حق ثلاثة متهمين وغيابياً في حق 46 متهماً، كما انزل عقوبات في حق 439 آخرين تراوحت بين الاشغال الشاقة المؤبدة والحبس لمدة شهرين، وأعلن براءة 85 متهماً وظنيناً.
وسيقوم وزير العدل اللواء اشرف ريفي بزيارة مجلس القضاء اليوم لتقديم التهنئة لمناسبة اكتمال عقد المجلس وشروعه في القيام بمهامه، والتداول في شؤون قضائية أخرى.