سجال تلفوني حادّ بين درباس وباسيل حول أطفال النازحين.. وريفي يؤكِّد التشكيلات القضائية لمجلس القضاء
غداة التوقيع على الاتفاق النووي الإيراني، سعى «التيار الوطني الحر» إلى قطع كل خطوط التواصل، مرجحاً خيار الشارع، عبر ما أسماه «بروفات الجهوزية» لقطاع الشباب المنتمين اليه، مستفيداً من تطورات المواقف الميدانية في اليمن وسوريا، ومحاولاً فرض «امر واقع»، من زاوية أن تعطيل الحكومة غدا هدفاً لديه، في ما يسميه ضغطاً لاستعادة حقوق المسيحيين!
وهكذا توسعت محاور الحركة الاحتجاجية العونية، فلم تعد مقتصرة على تعيين العميد شامل روكز قائداً للجيش اللبناني، لتطال جدول أعمال مجلس الوزراء وآلية اتخاذ القرارات بالإجماع، الأمر الذي يعني تعطيلاً، لأن التجربة برهنت انه من غير الممكن الإجماع على القضايا الخلافية في لبنان.
وتزامنت هذه الاستعدادات العونية مع التحضيرات الجارية لعيد الفطر السعيد الذي يصادف اليوم الأوّل منه يوم اختبار القوة بين التمديد أشهر قليلة لمطمر الناعمة مع تخفيض اطنان النفايات التي يمكن أن ترمى فيه، والإقفال في الموعد المحدد سلفاً وفق قرار مجلس الوزراء، حيث تصر لجنة اقفال المطمر على التجمع غداً في عرمون لمنع شاحنات «سوكلين» من التوجه الى هناك، ويدعم «اللقاء الديمقراطي» موقف اللجنة هذا، الامر الذي استدعى زيارة من وزير البيئة محمد المشنوق اليوم إلى كليمنصو للقاء النائب وليد جنبلاط.
وإذا كان جنبلاط ينظر بسوداوية لمفاعيل الاتفاق النووي، فان الفريق العوني لا يزال يراهن على معلومات تناهت اليه من أن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي يسعى إلى تعيين رئيس جديد للأركان في استحقاق 7 آب، في محاولة لتحويل المناسبة إلى اختبار «مبارزة» جديدة مع رئاسة الحكومة، إلا أن مصادر التقدمي الاشتراكي تنفي هذه المعلومات. وتؤكد انها مع التمديد لرئيس الاركان الحالي اللواء وليد سلمان.
واعتبر مصدر وزاري في 14 آذار أن النائب ميشال عون يهدف من وراء تهيئة الشارع واللهو به في الوقت الفاصل عن مجلس الوزراء إلى ربط نزاع مع الحلف النووي المستجد، ولا سيما إيران وحلفائها، خشية أن تؤدي الاتصالات التي ستبدأ بين الدول الأوروبية وخاصة فرنسا مع طهران إلى التفاهم على آلية انتخاب رئيس للجمهورية، قد تشكّل نقطة تقاطع بين 8 و14 آذار، شرط أن يستبعد هو عن الواجهة.
ولا تستبعد المصادر أن تكون هذه الخلفية وراء افتعال وزراء عون مجموعة من الصدامات مع الوزراء السنة تحديداً في الحكومة للتصويب على الرئيس تمام سلام شخصياً، حيث لا تزال الاتصالات مقطوعة تماماً بين المصيطبة والرابية، على حدّ ما قالته المصادر الإعلامية العونية.
ولاحظت هذه المصادر أن الصدامات المفتعلة طاولت، أمس، الخلاف الذي حصل بين وزير الخارجية جبران باسيل ووزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، على خلفية تسجيل الولادات السورية لدى مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، مثلما طاولت أيضاً وزير العدل اللواء اشرف ريفي على خلفية المناقلات التي يجريها للمساعدين القضائيين، والتي هي ليست بعيدة عن الأزمة الأم المتعلقة بآلية العمل الحكومي، واتصالاً بجلسة انتخاب رئيس الجمهورية والتي أرجئت أمس الى 12 آب المقبل، علها توقف عداد جلسات الانتخاب عند الرقم 27، فلا يكون مصيرها كمصير الجلسات السابقة.
خلاف باسيل – درباس
فبينما يعتبر باسيل أن تسجيل الولادات السورية يُخفي إمكانية توطين هؤلاء في لبنان، يرى الوزير درباس انه من حق أي طفل أن تكون له شهادة ميلاد، معتبراً أن هواجس وزير الخارجية ليست في محلها.
وسأل: إذا كانت الأم اللبنانية المتزوجة من اجنبي لا تستطيع أن تمنح طفلها الجنسية اللبنانية، فكيف يستطيع والدان من جنسية غير لبنانية توطين ابنهما حديث الولادة؟
وشدّد درباس على أن تسجيل هؤلاء الأطفال في قيود مفوضية اللاجئين لا تلزم لبنان بأي شيء، مؤكداً انه منذ بداية العام لم يدخل لبنان أي لاجئ سوري جديد.
وكان باسيل سلّم أمس ممثلة مكتب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين ميراي جيرار، رسالة إلى المفوض السامي للأمم المتحدة للاجئين انطونيو غوتيرس طلب فيها وقف إجراءات التسجيل حفاظاً على علاقات لبنان مع المفوضية وتداركاً لأي وضع قد يؤدي إلى تدهورها، معتبراً أن تسجيل هؤلاء الأطفال من اختصاص السلطات السورية.
وأرسل باسيل أيضاً كتابين إلى كل من الرئيس تمام سلام والوزير درباس لافتاً نظرهما إلى الموضوع، والتدخل لوقف هذه الإجراءات.
وعلمت «اللواء» أن درباس تلقى بعد ظهر أمس اتصالاً هاتفياً من باسيل، الذي لفت نظره إلى الكتاب الذي أرسله إليه بخصوص تسجيل هؤلاء الأطفال، فردّ عليه درباس بلهجة لا تخلو من عتب ومن حدّة، مشيراً إلى أنه هو الذي طلب من مفوضية اللاجئين وقف تسجيل 6000 لاجئ سوري لدى تبلغه تقريراً في هذا الخصوص منذ قرابة الشهرين، وسأله: هل من اللياقة أن يستخدم منبر وزير الخارجية الإيطالي باولو جانتيلوني الذي زار لبنان منذ يومين لإثارة مثل هذا الموضوع؟ وأبلغه أن ممثلة المفوضية في بيروت نينت كيلي أجابته يومذاك أن تسجيل اللاجئين السوريين تمّ لحالات إنسانية، فردّ عليها قائلاً: أنا الذي أقرر الحالات الإنسانية، ويومذاك سمحت بتسجيل كل الأشوريين الذين دخلوا لبنان، نظراً لأنهم شكّلوا حالات إنسانية حقيقية.
وبحسب المعلومات، فإن باسيل ردّ على درباس أنه بإمكان السوريين أن يسجلوا أولادهم لدى السفارة السورية، فأجابه الأخير: وماذا نفعل بمعارضي النظام؟، مشدداًَ على أنه وفق شرعة حقوق الطفل، فإنه من حق أي طفل أن تكون له وثيقة ولادة، قائلاً: «أنا مقتنع بهذا الحق ولن أتخذ أي إجراء يوقف هذا الحق».
إنتهى الإتصال الهاتفي بين الوزيرين عند هذا الحدّ، لكن الوزير درباس سأل عبر «اللواء» عن الأسباب التي تدفع بالوزير باسيل إلى طرح هذه المسألة في هذا الوقت؟ وقال: نحن ممثلو السنّة في الحكومة لا نبحث عن تضخيم الديموغرافيا السنّية في لبنان، لأننا نحن المتضررون الحقيقيون الذين ينيؤون أكثر من غيرنا بحمل اللجوء السوري والذي يتركز في المناطق السنّية.
أضاف: لكني لا أستطيع أن أكون شوفينياً ولا عنصرياً ولا مصاباً بداء الإنكار، فالوجود السوري يجب أن يعالج باحتواء وبوجود حميد، ونبحث عن شركاء لمساعدتنا في امتصاص هذه الحالة، واعداً بأنه سينشئ في وقت قريب حضانة نموذجية للأطفال السوريين واللبنانيين في عرسال بالتعاون مع الصندوق الكويتي للتنمية.
وكشف درباس أن ممثلي السنّة الثلاثة في الحكومة المعنيين بملف اللاجئين أي هو والرئيس تمام سلام والوزير نهاد المشنوق، هم الذين أخذوا قرار وقف اللجوء السوري إلى لبنان، وأنه عندما طرحت الورقة في اللجنة الوزارية، علّق عليها باسيل قائلاً: إنه لم يرَ ورقة غير خلافية كهذه الورقة، فلماذا في هذا الوقت يثير هذه المسألة، ولماذا قال ما قاله أمام وزير الخارجية الإيطالية؟.
ريفي
ومن جهته، أكد وزير العدل لـ«اللواء» أنه لا يحتاج إلى شهادة من أحد على لبنانيته وبُعده عن المنحى الطائفي، داعياً قناة O.T.V التي اتهمته بإبعاد قضاة مسيحيين من مناطق الشمال في التشكيلات القضائية إلى أن «تخيّط بغير هذه المسلّة»، واصفاً إياها «بالمفترية».
وأوضح أن مجلس القضاء الأعلى هو الذي يُجري التشكيلات القضائية، وليس وزير العدل، لافتاًَ إلى أنه يجري حركة مناقلات داخل سلك المساعدين القضائيين لتحريك الجسم القضائي تحضيراً للسنة القضائية الجديدة.
وقال ريفي لـ«اللواء» إن هذه الحركة تشمل كل الموظفين ومن كل الطوائف والمذاهب، والذين بقوا في مراكزهم أكثر من عشر سنوات، وأن هذه الحركة تتم محافظة وراء محافظة، وستراعي الحفاظ على التوازن الطائفي في كل المراكز.
ودعا ريفي هؤلاء الذين يثيرون الحملة عليه بمراجعة مؤسسة «لابورا» التي تهتم بالحضور الماروني في الوظائف، والتي شهدت بمراعاته للتوازن الطائفي عندما كان مديراً عاماً لقوى الأمن الداخلي، حيث ارتفعت نسبة المسيحيين فيها من 27 في المائة إلى 40.2 في المائة.
تحريض طائفي
تزامناً، عاود قطاع الشباب في «التيار الوطني الحر»، تحركه في الشارع، عشية عطلة عيد الفطر السعيد، التي كان يفترض أن تكون هدنة، على الأقل إعلامية، لإفساح المجال أمام الاتصالات السياسية لإيجاد مخارج لأزمة العمل الحكومي.
ونظّم هذا القطاع قرابة السادسة من غروب أمس، تجمعاً في مركزه في سنتر ميرنا شالوحي، ثم توجه عشرات الشبان بمسيرات سيّارة ترفع أعلام التيار إلى الأشرفية في بيروت، حيث تمّ توزيع مناشير لتحريض الشارع طائفياً.
وتضمنت هذه المنشورات الآتي: «أنا مسيحي، لن أسمح بتهميشي ولن أقبل برئيس صوري لا يؤثر في المعادلة، لن أقبل بقانون انتخابي يلغي تمثيلي، ولن أقبل بقيادات منقادة.. معاً نستعيد حقنا».
وأوضح مسؤول الشباب في التيار العوني أنطون سعيد، أن هذا التحرّك يندرج في إطار الحفاظ على الجهوزية لأي تحرك قد يُطلب منا تنفيذه على الأرض، وهو استكمال للحركة الاحتجاجية التي بدأت الأسبوع الماضي.
وقال: صحيح أن تهدئة سياسية دخلت حيّز التنفيذ بعد جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، إلا أننا كشباب ماضون في التعبير عن رأينا حتى تحقيق مطالبنا ونيل حقوقنا، وستكون حركتنا تصاعدية إن لم يتم التجاوب معنا.
أزمة النفايات
وفي تطوّر متصل بأزمة النفايات المرشحة للتفاعل، مع موعد إقفال مطمر الناعمة غداً الجمعة، أعلن «اللقاء الديموقراطي» بعد اجتماع عقده برئاسة النائب جنبلاط، رفضه تمديد أي مهلة لإقفال المطمر، مؤكداً أن موعد 17 تموز هو الموعد النهائي للإقفال، وأن ما سينتج عن ذلك لا تتحمله المنطقة وأهلها، بل سياسة التسويف وعدم الحسم التي اعتمدت في الأشهر الماضية.
وأعلن البيان أن منطقة الشوف والاقليم وعاليه تحملت قسطها من العبء والمسؤولية منذ العام 1998، وهي لن تكون بعد اليوم مكباً للنفايات، ولا ساحة للحسابات المالية والسمسرات التي تقوم بها الشركات وخاصة تلك التي تقدمت بعروضها في اللحظة الأخيرة والتي لا نقبل أن تكون المنطقة ساحة لحساباتها الخاصة.
وجاء البيان في أعقاب معلومات ذكرت أن رئاسة الحكومة أبلغت مجلس الإنماء والاعمار الموافقة على مواصلة العمل بمطمر الناعمة بشكل استثنائي لتفادي تراكم النفايات لحين البتّ بالمناقصات.
لكن معلومات أخرى أفادت أن الكتاب أرسله وزير البيئة محمد المشنوق إلى مجلس الإنماء والاعمار، وفيه طلب تمديد عقد معالجة النفايات في مطمر الناعمة حتى نهاية كانون الثاني 2016، مع الإشارة إلى إمكانية تخفيض حجم النفايات من 3000 طن إلى 500 طن.
ورفض تجمع لأهالي عرمون هذا التمديد وأعلنوا في بيان أن 17 تموز سيكون يوماً تاريخياً، ملوحين بخطوات تصعيدية في حال عدم تطبيق قرار مجلس الوزراء بإقفال المطمر.
وعلمت «اللواء» أن الوزير المشنوق سيلتقي جنبلاط اليوم للبحث معه في ملف مطمر الناعمة، وأنه سيحاول إقناعه بالحل المؤقت الذي يقترحه لمعالجة مشكلة النفايات في العاصمة، على اعتبار أن العروض التي أجراها مجلس الإنماء والاعمار أوجدت شركات لجمع ومعالجة النفايات في كل المناطق باستثناء بيروت، الأمر الذي يفرض اقتراح حل مؤقت لحين إجراء مناقصة ثالثة، إلا أن الوزير المشنوق يتكتم عن تفاصيله.