سلام: الخلاف بَلَغَ الضوء الأحمر ولن أقبل العبث بالدستور
قلق دولي من استمرار الشغور الرئاسي.. وقلق وطني من إنفجار أزمة النفايات
ديبلوماسياً، نقلت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ إلى كبار المسؤولين وقيادات الأحزاب رسالة من مجلس الأمن تتضمن: «إن استمرار الفراغ الرئاسي لا يزال موضع قلق، وهو يقوّض قدرة لبنان على التصدّي للتحديات الأمنية والإقتصادية والإجتماعية التي يواجهها».
بيئياً، تواجه العاصمة ومعها البلديات في المحافظات محنة إقفال مطمر الناعمة نهائياً بدءاً من اليوم، فيما لم تجهز وزارة البيئة والبلديات وجمعيات المجتمع المدني والشركات المتعهّدة للنفايات الصلبة، من وضع الخطة التي أقرّها مجلس الوزراء.
وأمنياً، أشعرت قيادة الجيش اللبنانيين أن وحدات عسكرية بدأت تنفيذ تدابير أمنية استثنائية حول دور العبادة ومحيطها، والطرق الرئيسية، وأماكن التسوّق والمرافق السياحية، طيلة أيام عيد الفطر، الأمر الذي يسمح للبنانيين بإقامة الاحتفالات الخاصة وابتياع الحاجيات والتحرّك بحرية وأمن.
أما سياسياً، «فالتيار الوطني الحر» يرفع من وتيرة جهوزيته لمواجهة ما يسميه «بالداعشية السلامية»، في أول خميس بعد عيد الفطر، وكأن المعركة آتية، وأن المواجهة حتمية، بصرف النظر عن النتائج التي يمكن أن تترتب عن افتعال هذا النوع من التوتير.
هكذا يستقبل اللبنانيون عيد الفطر السعيد، في أول أيامه اليوم. وبدون الأخذ بفرحة العيد وعطلته، يستمر التوتر بدون حصول أي مساعٍ جدّية لاحتواء الموقف وتحضير لبنان للاستفادة من المتغيّرات الدولية والإقليمية، بما يُساعد على تعزيز قوّته المالية وإنعاش إقتصاده، وتوفير الفرصة لطاقاته المتجددة في الإستفادة من عودة إيران إلى المجتمع الدولي، والمساعي الجارية لرفع الحظر عن التعامل معها، على غير صعيد إقتصادي ومالي ونفطي، بما في ذلك الإستثمارات داخل إيران التي من المرجح أن تتسابق الشركات الغربية، وربما الأميركية للإستثمار على أراضيها، فضلاً عن الإستفادة من أسواقها الواسعة.
واللافت أنه على الرغم من أجواء الإضطراب والتشنّج السياسي، فإن تفاؤلاً صاحب التحضيرات للعيد في أسواق بيروت وباقي المحافظات على أمل أن يعوّض ازدياد النشاط في حركة المتسوّقين، جانباً من الإنتعاش الإقتصادي، مستفيداً من الوضع الأمني شبه الجيّد والتهدئة على الصعيد السياسي.
والبارز، في هذا السياق، هو ما شهدته طرابلس من حركة مميّزة، هذه السنة، سواء خلال شهر رمضان أو الاحتفالات بالعيد، حيث شهدت باحة معرض رشيد كرامي الدولي في المدينة احتفالات للمرة الأولى منذ سنوات، عكست عودة المدينة إلى ما كانت عليه كمدينة التعايش والوئام والسلام.
التحرّك العوني
في هذه الأثناء، واصل التيار العوني استعراضه في الشارع وتوزيع منشورات التحريض الطائفي، لكن تحركه، أمس، اقتصر على تسيير مواكب سيّارة في مناطق جونيه وجبيل والمتن الشمالي، وزّع خلالها الشبان منشور: «أنا مسيحي لن أقبل بتهميشي».
وأدرجت مصادر نيابية في تكتل «التغيير والاصلاح» تحرك قطاع الشباب في التيار العوني أمس وأمس الأوّل، في إطار «التحرك العفوي»، نافية أن تكون الهدنة قد خرقت.
وقالت هذه المصادر لـ «اللواء»: «نحن ننتظر ما ستكون عليه جلسة مجلس الوزراء المقبلة، كما ننتظر الآلية التي ستعتمد في ما خص تعيين رئيس الأركان في الجيش اللبناني، وفي ضوئها نتخذ القرار المناسب».
وألمحت المصادر إلى تحركات لن يعلن عنها كي تبقى القضية، على حدّ قولها، على «صفيح ساخن»، مشيرة إلى ان التحرّك هو جزء من خطة العماد ميشال عون للتذكير بالثوابت والأولويات.
وكشف عضو التكتل النائب آلان عون لـ «اللواء» هدف التحرّك بإبقاء حالة الجهوزية مستمرة في الشارع، وأن تسيير المواكب السيّارة، هو لإبقاء حالة من الاستنفار لمواكبة مسار الأمور على مستوى المفاوضات التي ستحصل، بعد انتهاء عطلة عيد الفطر.
وعلى خط آخر، ترددت معلومات أمس، مفادها أن وزيري «التيار الوطني الحر» سيعمدان إلى التوقيع على مرسوم فتح الدورة الاستثنائية لمجلس النواب، بالتزامن مع توقيع وزيري «حزب الله» للمرسوم، وقالت المصادر النيابية أن هناك ميلاً لاتخاذ قرار على هذا الصعيد، من دون أن يكون له اي ارتباط بالواقع الحكومي.
تجدر الإشارة إلى أن مرسوم فتح الدورة ما زال يحتاج إلى توقيع وزيرين ليصبح نافذاً، وإذا ثبت أن الوزيرين محمّد فنيش وحسين الحاج حسن وقعا المرسوم ومعهما الوزيرين جبران باسيل والياس بو صعب، فان عدد الموقعين يكون قد تجاوز الـ16 وزيراً، ومن المنتظر ان يعلن الرئيس تمام سلام ذلك قبل جلسة الحكومة، على ان يراعي المرسوم الضوابط والمعايير المتصلة بتحديد مواضيع الجلسة، وعدم فتح الباب امام التشريع على مصراعيه.
ولفتت مصادر مطلعة إلى انه بدءاً من الأسبوع المقبل قد يتضح المشهد الحكومي، وإلى أين قد ترسو الأمور، مشيرة إلى أن الاتصالات يفترض أن تنطلق بعد عطلة العيد، علماً أن الأفكار المتداولة لا تزال غير نهائية، علماً أن آلية العمل الحكومي قد لا تشهد تغييراً جذرياً، في ظل التأكيد بأن الرئيس سلام ليس في وارد العبث بنصوص الدستور، بحسب ما اعلن وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس الذي لاحظ ان تجميد طرف ما لجدول اعمال الحكومة يعني تعطيلها، مشيراً إلى أن لا الرئيس سلام ولا معظم الوزراء يقبلون بأن تكون الحكومة شاهد زور على التجميد، وفي هذه الحال من الأفضل ان تصبح الحكومة حكومة تصريف اعمال قانونياً، اي تقديم استقالتها إلى الشعب.
وكشف درباس لـ «اللواء»، أن الرئيس سلام أبلغ الوزراء في الجلسة الأخيرة للحكومة، الى اننا وصلنا في الخلاف إلى الضوء الأحمر، في إشارة إلى احتمال أن يتحوّل الخلاف حول آلية العمل الحكومي الى أزمة سياسية في حال أصر وزراء عون وحزب الله مع الطاشناق على ان يكونوا شركاء في وضع جدول اعمال الجلسات، وبالتالي فان الاطراف السياسية التي ساهمت في تأليف الحكومة، تكون في ذلك تساهم في اسقاطها.
ومهما كان من أمر، فقد أكدت مصادر وزارية أن عطلة عيد الفطر ستكون مناسبة لإجراء المزيد من المشاورات والاتصالات لمعالجة الوضع الحكومي، مشيرة إلى أن موضوع فتح الدورة الاستثنائية بالنصف زائداً واحداً سيكون له محاذيره، وهو مرفوض كونه يخالف الآلية المعتمدة لعمل مجلس الوزراء بالتوافق.
واستبعدت هذه المصادر أن يكون للاتفاق النووي أية مفاعيل فورية أو قريبة على مستوى الاستحقاقات اللبنانية، مرجحة أن تبقى الساحة السياسية أسيرة التجاذبات والمناكفات بفعل الخلاف الواقع على العديد من الملفات التي لا يمكن معالجتها «بكبسة زر».
أزمة النفايات
وعشية الموعد المحدد لاقفال مطمر الناعمة اليوم، رمى وزير البيئة محمّد المشنوق كرة النفايات إلى البلديات، لكنه أعلن، في بيان، أن شركة سوكلين ستستمر في عمليات الكنس والجمع والنقل والمعالجة، باستثناء عملية الطمر، حيث يتوجّب على البلديات واتحاداتها تأمين مطمر للنفايات المعالجة والموضبة ضمن بالات تعاد إلى هذه البلديات كل يوم في الظرف الاستثنائي الراهن بانتظار تحديد المطامر البديلة بصورتها النهائية.
ولفت إلى أن هذا العمل يحتاج إلى تعاون وتنسيق بين البلديات واتحاداتها وشركة «سوكلين» لتحديد المواقع التي ستوضع فيها بالات النفايات بعد معالجتها، مشيراً إلى أن تعذر تحديد هذه المواقع سيؤدي إلى اغراق معامل المعالجة، مما سيحتم وقف جمع هذه النفايات من هذه المناطق.
وكان من المفترض أن يلتقي رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط في دارته في كليمنصو الوزير المشنوق أمس، الا ان زعيم المختارة ألغى الاجتماع في خطوة تعكس رفضه اي تمديد إضافي للمطمر، وتمسكه بالتالي بالموعد الذي قطعه لأهالي المنطقة بإقفاله بشكل نهائي اليوم.
ويتوقع أن يشهد مدخل المطمر اليوم تظاهرة حاشدة للمطالبة بإغلاق أبوابه نهائياً، قد تتطور إلى قطع طرق ونصب خيم، ويتحول إلى اعتصام مفتوح، وبذلك تكون شوارع العاصمة بيروت وجبل لبنان مهددة بالغرق في النفايات في غياب أي مطمر بديل، علماً أن «البالات» التي تحدث عنها المشنوق قد تتحلل في خلال ثلاثة أيام إذا لم تطمر، بحسب خبير بيئي.
يذكر أن لجنة المتابعة لمكب حبالين في جبيل هددت بإقفال الطريق امام شاحنات النفايات السبت، في حال حاولت هذه الشاحنات الدخول إلى المكب.