«معادلة التعطيل» تُغرِق العاصمة بالنفايات!
«لقاء عائلي» بين هولاند وجنبلاط ونجله.. والرئاسة بين الحريري وجعجع
الثابت، قبل 48 ساعة على جلسة مجلس الوزراء، وهي الأولى بعد عيد الفطر السعيد، ان شوارع العاصمة امتلأت بالنفايات، واكتفت «سوكلين» برش المبيدات على حاويات النفايات المكدسة، لمنع توالد الميكروبات والجراثيم، فيما كادت المخارج الممكنة لهذه الأزمة الخطيرة تبدو غير متوافرة، لا عند وزير البيئة محمّد المشنوق ولا عند تكتل «الاصلاح والتغيير» المنشغل بمواصلة «ركوب رأسه» بحجة «المعادلات الميثاقية» أو ما شاكلها.
وغياب التصور الواضح لحل هذه الأزمة ليس وحده الذي يلقي بظلاله على الجلسة، بل أيضاً مسألة الآلية، سواء التي يطرحها الرئيس تمام سلام، أو التي يتمسك بها التيار العوني، بصرف النظر عن النتائج، وعن تحول أزمة النفايات إلى أزمة وطنية كبيرة.
وإذا كانت الحركة البيئية اللبنانية ونشطاء منع إعادة تشغيل مطمر الناعمة يوصلون الليل بالنهار اعتصاماً وتجمعاً لليوم الرابع على التوالي، لمنع إعادة فتح المطمر امام شاحنات «سوكلين»، فإن الأنظار تتجه مجدداً إلى النائب وليد جنبلاط الذي وحده يملك مفاتيح إعادة تشغيل المطمر، ولو لمرة أخيرة، أو على الأقل السماح باستيعابه فقط نفايات العاصمة، حيث ان عودته المرتقبة قبل الخميس من شأنها ان تبلور تفاهماً ما على مخرج ولو مؤقت لمعالجة الأزمة المتفاقمة، على ان تسرّع عملية اجراء مناقصة جديدة وتلزيم النظافة كنساً وجمعاً وفرزاً للشركة التي ترسو عليها المناقصة، بعيداً عن المحاصصة أو الحسابات والنكايات السياسية.
وتوقع مصدر وزاري ان تفرض كارثة النفايات نفسها على مجلس الوزراء، بصرف النظر عن الوقت الذي ستستغرقه قضية بحث الآلية، سواء تمّ التوصّل إلى اتفاق حولها أم لا، ضمن معادلة لا معنى لعمل الحكومة أو بقاء حكومة عائمة فوق بحر النفايات!
وفيما يُصرّ وزير البيئة محمّد المشنوق على ضرورة خروج مجلس الوزراء بقرار في ما خص معالجة النفايات وإعادة تكليف شركة «سوكلين» المتوقفة عن العمل لإخراج النفايات من العاصمة، استبعد المصدر الوزاري نفسه حصول مقايضات، باعتبار ان النفايات تطال كل المواطنين، وهي أزمة من الخطأ ان تتداخل فيها حسابات مناطقية أو طائفية أو حتى محاصصية.
جدول أعمال
ومع عودة الرئيس سلام إلى بيروت من الخارج، أمس، تحرّكت المساعي والاتصالات للتفاهم على صيغة لمعاودة انتاجية العمل الحكومي، ترضي جميع الأطراف ولا سيما فريق حلف عون – حزب الله، لكن هذه الاتصالات لم تحقق أي نتيجة إيجابية، وإن كانت طرحت بحسب مصدر حكومي في بعض المراحل، فكرة المقايضة بين معاودة العمل الحكومي وتسهيل إطلاق المناقصة الدولية للتنقيب عن الغاز الطبيعي في لبنان، على أساس البلوكات العشرة.
ووزع بعد ظهر امس على الوزراء، ملحق جديد لجدول أعمال جلسة الخميس، تضمن بنوداً جديدة، إضافة إلى موضوع مقاربة العمل الحكومي مع مجموعة من المراسيم تحتاج إلى توقيع الوزراء.
وأوضح مصدر وزاري لـ«اللواء» ان موضوع النفايات الذي تحول إلى كارثة بيئية مع توقف شركة «سوكلين» عن جمع النفايات التي تكدست في الحاويات في شوارع العاصمة والضواحي سيفرض نفسه بقوة على الجلسة، ولن يكون بمقدور أي طرف التهرب منه تحت أي ذريعة سياسية اوانتخابية، متوقعاً ان يكون هناك موقف صارم تجاه الوضع المحزن الذي أصبحت عليه العاصمة، وإن كان المصدر الوزاري يعتقد ان الحل لهذا الملف غير جاهز، وقال: «لو كانت هناك حلول لكان هذا الملف عولج منذ مُـدّة طويلة»، متحدثاً عن «صفقات مالية وحسابات سياسية»، وراء انفجار هذه المشكلة.
ولفت المصدر الى ان موضوع الآلية يمكن ان يطرح وإنما لفترة بسيطة، وسواء تمّ التوافق على صيغة أم لا، فإن مجلس الوزراء مفروض به ان يتصدى لمشكلة النفايات ولبنود جدول الأعمال، مشيراً إلى انه من اليوم وحتى موعد الجلسة ثمة مساحة من الوقت لاجراء المزيد من الاتصالات للتفاهم على صيغة الآلية، وايضاً على موضوع التمديد لرئيس الأركان في الجيش اللواء الركن وليد سلمان الذي قالت معلومات ان جنبلاط وافق عليه على مضض، علماً ان أوساط عون الذي ستكون له إطلالة إعلامية عبر شاشة L.B.C مساء الخميس اعتبرت ذلك مخالفة جديدة إضافة إلى المخالفات التي ترتكبها الحكومة الحالية.
النفايات
وفي تقدير مصادر مطلعة، ان أزمة النفايات مرشحة للتمديد والتفاعل على أكثر من صعيد، خاصة وأن مناقصة جمع وفرز النفايات في بيروت والتي تمت على دورتين لم يتقدّم إليها أحد وفق دفتر الشروط الذي اعده مجلس الإنماء والاعمار.
ولاحظت ان بوادر أزمة النفايات ظهرت بشكل جلي في الأسبوع الماضي، عندما ألغى النائب وليد جنبلاط موعده مع وزير البيئة محمّد المشنوق والذي كان مخصصاً للبحث في تمديد العمل لمطمر الناعمة. ثم جاء سفر جنبلاط إلى باريس ليزيد الأزمة تفاقماً لأنه الوحيد الذي يملك مفاتيح مطمر الناعمة، والجميع بانتظار عودته للبحث معه مجدداً في إعادة العمل به، ريثما يتم الاتفاق على إنشاء محرقة أو محرقتين للنفايات وتحويلها إلى طاقة كهربائية ومواد كيماوية تستخدم في تسميد المزروعات.
غير أن مصادر مطلعة أعادت أزمة النفايات إلى عقلية المحاصصة السائدة في البلد والتي تعطل الكثير من المشاريع المفيدة للخزينة، وفي مقدمها عمليات استخراج النفط.
وأشارت هذه المصادر إلى أن تأخير اجراء المناقصة الثالثة في بيروت ليس بعيداً عن الخلاف على الحصص بين الافرقاء المعنيين بنفايات العاصمة وضاحيتها الجنوبية والشمالية.
وفي السياق، علمت «اللواء» أن نواب بيروت طلبوا موعداً للقاء الرئيس سلام قبل جلسة مجلس الوزراء، على أن يحضره وزير البيئة، وطالب النائب محمّد قباني أن يكون ملف النفايات على رأس جدول أعمال الجلسة لأن الملف لا يحتمل «دلعاً»، فيما طالب زميله النائب عمار حوري مجلس الوزراء بعقد جلسة طارئة قبل الخميس، مشدداً على أن صحة المواطنين أهم من أي تعيينات أو محاولة أي فريق تحقيق مكاسب خاصة.
في هذا الوقت، استمر الاعتصام أمام مطمر الناعمة لليوم الرابع على التوالي، منعاً لإعادة فتحه أمام الشاحنات المحملة بالنفايات، فيما بدأت العاصمة بيروت والمناطق تغرق في نفاياتها، بعدما توقفت «سوكلين» عن العمل منذ يوم الأحد.
وفيما لوحظ أن الحلول لمشكلة النفايات معدومة، أو غير واضحة بالنسبة إلى الكثير نظراً لتعقيداتها أقلّه حتى موعد جلسة مجلس الوزراء، باشرت «سوكلين» اعتباراً من أمس رش المبيدات على النفايات المكدسة في الشوارع منعاً لتوالد الجراثيم.
وأوضحت مصادر الشركة أن عمليات جمع النفايات توقفت فعلياً بسبب عدم قدرة المعامل على استقبال المزيد منها، إلى حين صدور قرار عن مجلس الوزراء يعيّن مواقع جديدة، إلا أن الشركة ستواصل عمليات الكنس تخفيفاً لانتشار النفايات على الطرق والتسبب بتشويه منظر الشوارع والطرق.
ومن جهته، اعتبر الوزير المشنوق أن مشكلة النفايات أزمة وطنية وفي حاجة للمعالجة من قبل الجميع. وإذ شدّد على أن مطمر الناعمة في حاجة إلى صيانة ولا يمكن أن يبقى مقفلاً أمام الموظفين اعتبر أن لا حل جذرياً إلا بتطبيق المناقصات، كاشفاً أن شركات عالمية تقدمت بعزوض بشحن النفايات إلى بعض الدول ومنها البرتغال والمغرب وتركيا وألبانيا وإيرلنده، إلا أن الكلفة باهظة جداً.
لقاء الحريري – جعجع
على صعيد آخر، ذكرت معلومات أن اللقاء الذي جمع الرئيس سعد الحريري ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الذي يزور المملكة العربية السعودية في جدّة أمس اتفق خلاله على أولوية انتخاب رئيس الجمهورية، وأن البلد سيبقى معطلاً إذا لم يحصل ذلك، لكن المصادر نفسها أشارت إلى أن موضوع الاستحقاق الرئاسي تحديداً لم يطرح خلال اللقاء بين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز وجعجع، باعتباره شأناً سيادياً لبنانياً، إلا من باب الحرص السعودي على إجرائه في أقرب وقت لما فيه مصلحة اللبنانيين.
وقالت إن جعجع سمع من كبار المسؤولين السعوديين الذين التقاهم أن المملكة تدعم كل ما يتفق عليه اللبنانيون وبأنه ليس لها أي مرشّح، ولا تؤيد أحداً، بل أنها تساعد الرئيس الذي ينتخبه مجلس النواب.
.. ولقاء هولاند – جنبلاط
أما لقاء جنبلاط والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند عصراً في قصر الاليزيه، فقد أكد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي لـ«اللواء» أنه كان «عائلياً» وأنه جاء بناء على طلب الرئيس هولاند للتعرّف على نجله تيمور.
وكشف جنبلاط، بحسب ما نقل مراسل «اللواء» في باريس بشارة غانم البون، أن الرئيس الفرنسي أبلغ تيمور في حضور والده، دعمه له قائلاً: «لا تنسى أبداً أن فرنسا ستكون دائماً إلى جانبكم وإلى جانب لبنان». مؤكداً على استمرار «الصداقة الشخصية» التي تجمعه بزعيم المختارة.
وأشار جنبلاط إلى ان البحث تركز على الوضع في لبنان من مختلف جوانبه السياسية والاقتصادية، وقد طرح هولاند اسئلة محددة حول الصعوبات والتعقيدات الحالية.
وأضاف انه جرى التطرق إلى الأزمة الحكومية وامكان فتح دورة استثنائية لمجلس النواب إضافة إلى المؤشرات الاقتصادية غير المشجعة في حال استمر تعطيل عمل المؤسسات الدستورية.
واعرب جنبلاط عن امتعاضه من تصرفات بعض اللبنانيين بحيث حولوا وطنهم إلى «بلد الفرص الضائعة» خصوصاً وأن دول العالم منشغلة بهمومها وبمشاكلها، وتساءل كيف نريد ان يساعدنا الخارج ان لم نساعد انفسنا.
اما مصادر قصر الاليزيه فقد اكتفت بالقول ان الرئيس هولاند أجرى مع النائب جنبلاط «جولة أفق في الأوضاع في الشرق الأوسط وخصوصاً في لبنان وسوريا».
خطف التشيكيين
إلى ذلك، لا يزال الغموض يكتنف حتى الساعة عملية خطف التشيكيّين الخمسة في كفريا في البقاع. وفي وقت تستنفر الاجهزة الامنية للامساك بأي خيط يشير الى خلفيات العملية وهوية منفذيها، وما اذا كانت اهدافها مادية ام يراد منها مبادلة التشكيين بشقيق سائق السيارة التي كانت تقلّهم، اللبناني منير صائب طعان، الموقوف في تشيكيا، أثار الخطف موجة قلق في الداخل كما في عدد من السفارات الاجنبية، خوفا من عودة هذه الظاهرة التي يعود آخر فصولها الى عام 2011 اثر خطف الاستونيين السبعة.
وكانت عائلة علي طعان فياض الموقوف قيد التحقيق في براغ منذ العام 2014 افادت ان محامياً موكلاً بالدفاع عن ابنها هو بين المخطوفين الخمسة ما يطرح بقوة احتمال وجود رابط بين قضيته وعملية الخطف.