الحريري يكشف من روما عن شراء طائرات للجيش .. وجنبلاط ينصح بعدم قبول الهبة الإيرانية
كشفت اوساط قريبة من الرئيس تمام سلام انه اجرى مراجعة وتقييماً لما جرى في الجلسة الماضية لمجلس الوزراء، على ان يستفيد من ذلك في جلسة مجلس الوزراء غداً، والابتعاد ما امكن عن المواضيع الخلافية، حرصاً على المهمة التي تشكلت من اجلها «حكومة المصلحة الوطنية»، وهي حفظ الاستقرار العام، وتجاوز الخلافات السياسية، وبناء تفاهمات امنية واقتصادية واجتماعية، تصب في هذا الاتجاه، بانتظار انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ومقاربة مختلف الاستحقاقات من نيابية ومالية وخدماتية.
ويأتي هذا التوجه لتجاوز مطبات المرحلة الصعبة التي تمر بها المنطقة وتنعكس على لبنان، في ضوء التطورات العسكرية على الجبهة الشرقية والشمالية وما يمكن ان تسفر عنه المعركة بين الائتلاف الدولي بقيادة الولايات المتحدة وتنظيم الدولة الاسلامية «داعش»، سواء في سوريا او في العراق، والتي يتابع لبنان وقائعها، سواء عبر المشاركة باجتماع واشنطن، او على ارض المواجهة في خطوط التماس.
تحرك الحريري ولقاء روما
في هذه الاثناء، يواصل الرئيس سعد الحريري لقاءاته في روما، حيث عقد امس اجتماعين مع كل من وزيرة الخارجية الايطالية فريديركا موغيريني ووزيرة الدفاع روبيرتا بينوتي، في اطار الجهود التي تبذل لتوفير تسليح الجيش اللبناني من ضمن هبة المليار دولار، وهي الهبة الثانية التي قدمها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، بعد المليارات الثلاثة.
وكشف الرئيس الحريري انه صرف 300 مليون من هذه الهبة حتى اليوم لشراء طائرات ومعدات واسلحة للجيش وقوى الامن الداخلي، كما تطرق البحث الى مساعدات الاتحاد الاوروبي للنازحين السوريين في لبنان.
وعلى هامش اللقاءين، كانت للرئيس الحريري مواقف من ثلاث قضايا تشغل الساحة اللبنانية:
1- في موضوع «داعش»: اكد الرئيس الحريري اننا لن نساوم في هذا الموضوع على الاطلاق، «هم ارهابيون قاتلوا اللبنانيين والجيش اللبناني، ونحن سنقاتلهم لانهم لا يمثلون الاسلام»، رافضاً ان يكون اهل السنة بيئة حاضنة للارهاب، ملمحاً الى مسؤولية حزب الله عن استجلاب البلاء الى بلادنا.
2- في موضوع الرئاسة، اكد الحريري ان علينا كقوى 14 آذار وتيار المستقبل ان نصل في مكان ما الى ما وصلنا اليه عام 2007 عندما سمينا الرئيس ميشال سليمان، مشدداً على اننا «بلغنا مرحلة التمديد للمجلس، وهذا امر لم نكن نريده»، نافياً ان يكون ناقش مع البطريرك الماروني بشارة الراعي اية اسماء لرئاسة الجمهورية.
3- في موضوع النازحين، كشف انه طلب مساعدات مالية للبنان لاحتواء اللاجئين، آملاً ان يلقى طلبه دعماً وتجاوباً. الا أن موقف 8 آذار، سواء «التيار الوطني الحر» أو «حزب الله» أعاد تكرار أن النائب ميشال عون هو المرشح للانتخابات الرئاسية، ومن يريد التفاهم فطريق الرابية معروف، فيما تناولت مصادر أخرى في بيروت معلومات مؤداها ان ابرز اسمين طرحا في اللقاء هما الرئيس أمين الجميل في المرتبة الأولى، يليه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في المرتبة الثانية، في حين اعلن النائب وليد جنبلاط ليل أمس انه مستمر في ترشيح النائب هنري حلو، وان لا مظلة إقليمية حالياً لانتخاب رئيس للجمهورية.
وكشف جنبلاط انه سيزور بعد غد معراب ويلبي دعوة رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع لتناول الغداء إلى مائدته، حيث سيكون ملف الرئاسة على الطاولة اضافة إلى ما وصفه جنبلاط بتجميد الخلافات السياسية لتوفير سبل التوصّل إلى انتخاب رئيس للجمهورية.
على أن اللافت في مقابلة جنبلاط لتلفزيون التيار العوني O.T.V هو مهادنته للجماعات الإسلامية المتطرفة، ولا سيما جبهة «النصرة» التي أوضح انه لا يعتبرها إرهابية، بل مواطنون سوريون، داعياً إلى التأقلم مع الوضع الجديد في سوريا، ولفت إلى أن «حزب الله» لا يمكنه ان ينسحب من سوريا، لأن هذا يتطلب تسوية سياسية إقليمية بين إيران والمملكة العربية السعودية، ناصحاً في الوقت عينه وزير الدفاع سمير مقبل لعدم زيارة طهران لبحث موضوع الهبة الإيرانية لتسليح الجيش، لأنها ستدخلنا في عقبات نحن بغنى عنها.
وبالنسبة إلى الانتخابات النيابية، سأل جنبلاط : بغياب الرئيس كيف يمكن اجراء مثل هذه الانتخابات، معتبراً انه من الأفضل أن لا نغامر، وأن ندخل في تمديد مشروط للمجلس بأهمية انتخاب رئيس، لكنه لم يتمكن من حسم مُـدّة التمديد منذ الآن، لأنه لا يمكن اجراء تمديد من دون ميثاقية مسيحية كانت أم إسلامية، في إشارة إلى إعلان الرئيس الحريري مقاطعة تيّار «المستقبل» لهذه الانتخابات.
حراك التمديد
إلى ذلك، وضعت مصادر وزارية الحراك الحاصل سواء في لبنان أو فرنسا أو روما في إطار البحث عن مخرج للتمديد وليس التفتيش عن حل للاستحقاق الرئاسي الذي على ما يبدو يتم التعامل معه وكأنه المدخل للتمديد.
واعتبرت هذه المصادر أن القيادات المسيحية لم تحسم امرها بعد في ما خص المرشح للرئاسة، واضعة المرشحين الذين يتم تداول اسمائهم في الصالونات السياسية بأنهم ليسوا على المستوى المطلوب، ولا تجسد طموحات المكون المسيحي، كما هو الحال عند المكونين الشيعي والسني.
وفي تقدير المصادر نفسها أن ولوج مسألة الاستحقاق الرئاسي مسألة تحتاج إلى وقت طويل، لأن المشهد الإقليمي شديد التعقيد، وهو ضبابي بشكل كبير، ما يحول دون إنجاز هذا الاستحقاق حتى الساعة.
غير أن الذي لم تقله المصادر الوزارية كشفته مصادر في 8 آذار التي ربطت موافقتها على التمديد للمجلس بانتخاب العماد عون لاحقاً، ملوحة بأن الموافقة على هذا الأمر لم يحسم بعد، لا من قبل كتلة الرئيس نبيه بري ولا من كتل «التغيير والاصلاح» و«الوفاء للمقاومة»، الأمر الذي يشي بإمكانية حصول مقايضة أو صفقة، بين التمديد وانتخاب عون، علماً أن الخشية من احتمال الوصول الى فراغ كامل في السلطة في حال رفض التمديد وكذلك رفض إجراء انتخابات نيابية مع استمرار الشغور في الرئاسة الأولى بات راهناً مع تجدد الاشتباك السعودي – الايراني، والاشتباك بين «المستقبل» و«حزب الله» واستمرار تمسك عون بأن يكون هو الرئيس أو لا أحد.
إشارة هنا الي أن تكتل التغيير والاصلاح الذي اجتمع أمس برئاسة النائب عون أعاد تكرار ما أعلنه رئيسه عون أمس الأول لجهة تكريس تولي المكون المسيحي للرئاسة، وليس مجرد تولي أحد المسيحيين الموارنة سدة الرئاسة، من التأكيد على المشاركة المسيحية الفعلية في السلطة، بالإضافة الى رفض التمديد، ودعوة مختلف الكتل النيابية التي تقول أنها ضد التمديد بضرورة إقران هذا الرفض بالسعي الى إقرار قانون انتخاب جديد.
تزامناً، جال وزير الداخلية نهاد المشنوق تباعاً أمس، على كل من النائب عون، والرئيسين ميشال سليمان وأمين الجميّل، لدعوتهم الى حضور الذكرى الثانية لاستشهاد اللواء وسام الحسن التي ستقام في قصر الأونيسكو نهاية الأسبوع الحالي.
وفيما لم يشأ المشنوق الادلاء بأي تصرح بعد زيارته عون، أوضح بعد زيارة الرئيس الجميّل أن الظروف الحالية لا تساعد على إجراء الانتخابات في مواعيدها الدستورية، بسبب الأوضاع الأمنية وانهماك المؤسسات العسكرية والأمنية في عرسال وطرابلس بمكافحة الارهاب. كذلك تخوف المشنوق من صعوبة إجراء انتخابات رئاسة الجمهورية بسبب انعكاس التناقضات الاقليمية سلباً على ظروف إجرائها في لبنان.
ملف العسكريين
في هذا الوقت، بدا أن ملف العسكريين المخطوفين أخضع لكثير من السرية، بدليل أن الأهالي المعتصمين في ساحة رياض الصلح لليوم السادس على التوالي التزموا الهدوء داخل خيم الاعتصام، استناداً الى تطمينات المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم بأن الملف يسلك طريقه الصحيح، وان أي أجواء تتصل به ستتبلغ فوراً إلى الأهالي، إلا ان هؤلاء ابلغوا المتصلين بهم انه سينتظرون إلى ما بعد جلسة مجلس الوزراء الخميس، وفي ضوئها يمكن اتخاذ قرار بالخطوة اللاحقة.
غير ان مصادر تساءلت عما اذا كان الإدعاء على الشيخ مصطفى الحجيري «أبو طاقية» بانتمائه إلى تنظيم ارهابي (النصرة) من شأنه أن يعقد عملية التفاوض أم يدعها تسير في اطارها الحالي، خصوصاً وان الاشتباكات والجيش اللبناني، وكان آخر هذه الاشتباكات التي حصلت منتصف الليل في وادي رافق بين رأس لتعليق وجرود القاع. بعد اشتباكات حصلت في وادي الرعيان بعد محاولة مجموعة مسلحة التسلل إلى مراكز الجيش اللبناني.