قضية العسكريّين إلى نقطة الصفر .. وهيئة العلماء: لا حل عسكرياً في طرابلس
مجلس الوزراء: يواجه «إيبولا» اليوم .. والهبة الإيرانية ليست على جدول الأعمال
في الوقت الذي كان فيه الواقع الميداني المتفجر عند الحدود اللبنانية – السورية، وفي القرى المنتشرة في سلسلة جبال لبنان الشرقية، مع بدء موسم الشتاء، كان السفير الأميركي في بيروت ديفيد هيل يتنقل بين السراي الكبير وقصر بسترس وكليمنصو حيث تناول طعام الغداء الى مائدة النائب وليد جنبلاط قبل أن ينتقل الى الوردية لتقديم العزاء بالراحل منح الصلح.
ووفقاً لمصادر متابعة، فإن تحرك السفير الأميركي ينصبّ على جمع المعطيات حول الواقعين السياسي والميداني على الساحة المحلية لجهة إدارة الخلافات، وطريقة التعامل مع الأزمات القائمة، في ظل ابتعاد موضوع رئاسة الجمهورية عن جدول المتابعة السياسية والديبلوماسية.
وذكرت هذه المصادر أن اللقاء مع جنبلاط تناول تقييم الموقف في سوريا وانعكاساته على لبنان، في ضوء ضربات الائتلاف الدولي من الجو التي لم تؤد وفق ما صرّح به أكثر من مرة جنبلاط الى أية نتيجة، فضلاً عما أظهره في مقابلته التلفزيونية الأخيرة من ليونة تجاه جبهة «النصرة» ونظرته الى تنظيم الدولة الاسلامية «داعش» والحرب الدائرة في المنطقة، ورؤيته لحماية الاستقرار في لبنان.
وفي هذا السياق تخوّف مصدر دبلوماسي من تفاقم التطورات الأمنية شرق وشمال لبنان، لا سيما في منطقة الشمال وفي قرى البقاع الشمالي، فضلاً عن تعقد قضية العسكريين المخطوفين، بعد الموقف الذي أعلنه الشيخ مصطفى الحجيري (أبو طاقية) عن سحب يده من الضمانات التي أعطاها لعملية المفاوضات وسلامة العسكريين، عازياً ذلك الى تقييد حركته بين عرسال والجرود، نتيجة مذكرة التوقيف الصادرة بحقه من قاضي التحقيق العسكري فادي صوان، ملمحاً الى أن «ما يحدث في ملف العسكريين هو مجرد كلام»، «ولا أحد يتابع لا القطري ولا التركي»، داعياً لإطلاق سراح «المظلومين في سجن رومية» للإفراج عن العسكريين وعناصر قوى الأمن، واصفاً مذكرة القاضي صوان بأنها «قضاء على أي جهد لإطلاق العسكريين».
وفي السياق المتعلق بطرابلس، شددت «هيئة العلماء المسلمين» على أن الحل في طرابلس يكون بإسقاط الحل العسكري، معربة عن استنكارها لما وصفته «بالاعتداءات المشبوهة ضد مراكز الجيش في المدينة لرجه في صراعات مع أهله»، مطالبة بالحد من الاجراءات العسكرية، مناشدة الدولة «الالتفات الى المطالب الاقتصادية والاجتماعية وإنشاء مجلس لإنماء طرابلس والشمال على غرار مجلس الجنوب، وإطلاق الموقوفين الاسلاميين، وعلى رأسهم الشيخ حسام الصباغ.
مجلس الوزراء
في هذه الأجواء الضاغطة، تنعقد جلسة مجلس الوزراء في العاشرة من قبل ظهر اليوم لمناقشة جدول أعمال من 59 بنداً، معظمها إداري، ويحتل موضوع استيراد اللحوم والمواشي من أفريقيا بنداً رئيسياً في ضوء تقرير وزيري الزراعة والصحة عن الاجراءات الواجب اتخاذها للحيلولة دون وصول وباء «إيبولا» الى لبنان، وذلك في سياق اجراءات منظمة الصحة الدولية، والتدابير المتخذة في العالم.
وأكد مصدر وزاري لـ «اللواء» أن الجلسة ستتطرق إلى السماح لوزارة المال إصدار سندات خزينة بالليرة اللبنانية لسداد ديون للمتعهدين، مشيراً إلى أن هذا الموضوع لم يعد يحتمل التأجيل، بعدما تمّ ارجاؤه في أكثر من جلسة سابقة، بالإضافة إلى تعيين عضوين في المجلس العدلي، وإنشاء فصيلة أمنية في عرسال.
إلى ذلك، أكّد مصدر وزاري آخر، أن موضوع الهبة الإيرانية لتسليح العسكريين قد لا تطرح على أعمال هذه الجلسة باعتباره موضوعاً خلافياً، إذ أن وزراء اللقاء الديمقراطي لن يسيروا مع مطلب قبول هذه الهبة، نظراً لانعكاساتها السلبية على لبنان، في ضوء القرارات والعقوبات الدولية ضد إيران، وتمشياً مع القاعدة التي يعمل بموجبها الرئيس سلام من عدم إقحام المواضيع الخلافية في النقاشات حرصاً على التضامن الوزاري ووحدة الموقف، مع العلم ان «حزب الله» يؤيد تسليح الجيش اللبناني، سواء كانت مصادر هذا السلاح من ايران أو غيرها، شرط ان لا تكون من إسرائيل (والكلام لنائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم).
وباعتباره من أولويات الحكومة، فان ملف العسكريين سيكون الحاضر الأكبر في الجلسة، في ضوء ما سيدلي به الرئيس تمام سلام من معطيات جديدة متوفرة لديه ولدى خلية الأزمة، علماً ان أهالي العسكريين المعتصمين في ساحة رياض الصلح لليوم الثامن على التوالي ينتظرون ما ستؤول إليه نتائج المفاوضات الجارية لتحرير ابنائهم، ينتظرون المعلومات الجديدة في هذا الصدد، وفي ضوئها سيكون لهم تحرك جديد ابتداء من اليوم.
وبدوره، سيكون ملف النازحين السوريين حاضراً أيضاً في ضوء «خارطة الطريق» التي وضعتها اللجنة الوزارية الخاصة بهذا الملف، في اجتماعها الأخير، وترتكز إلى اتخاذ قرار بوقف تدفق النزوح السوري إلى لبنان عبر وضع ضوابط قانونية وترحيل المخالفين من دون اقفال الحدود، وطلب المساعدة الدولية للمؤسسات اللبنانية لتمكينها من مواجهة تحديات هذا الملف وتقديم دعم انساني لهؤلاء، والتعاون اللبناني والدولي لإنشاء مخيمات لهم في المناطق الآمنة في الداخل السوري، وضبط الحدود بين لبنان وسوريا عبر آلية يتم التوافق عليها.
السلسلة
وعلى خط سلسلة الرتب والرواتب، التي يبدو انها دخلت في دهليز قد لا يؤدي إلى نتيجة، حققت اللجان النيابية المشتركة خرقاً محدوداً تمثل بإقرار مبدأ وحدة التشريع بين القطاعين العام والخاص، فيما بقيت سلسلة الاداريين معلقة في انتظار وصول ملف رواتب العسكريين وانتهاء مهلة الأيام العشرة التي اعطيت لوزير الدفاع سمير مقبل لتقديم رؤيته.
وبانتظار الاتفاق على الدرجات الست لأساتذة التعليم الخاص وتثبيت أساتذة التعليم الثانوي توسعت دائرة المطالب والخلافات، وبرز تباين واضح بين فريق تكتل التغيير والإصلاح، إذ تخلى بعض النواب من اعضاء اللجان عن وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب حتى أن التباينات كانت واضحة بين نواب التكتل أنفسهم، على حدّ قول احد النواب الذين شاركوا في الجلسة التي طارت بفعل فقدان النصاب للمرة الثانية في غضون يومين، والذي اتبع بسجال بين نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري والوزير أبو صعب.
وقال وزير المال علي حسن خليل أن وزارة المال مستعدة لهضم السلسلة شرط حصول توازن بين النفقات والواردات، وكان لافتاً موقف وزير التربية الذي قال انه لم يعرف «ما هي النقاط التي توافقنا عليها»، معتبراً ان لا جدية في التعاطي في موضوع السلسلة.
واعترض مكاري على كلام بو صعب «الذي لم يحترم في رأيه الاصول والبروتوكول وقال: العرف والأصول أن يتحدث بعد اللجان المشتركة، رئيس الجلسة أو مقرر اللجان، قبل ان يتحدث أي من الوزراء او النواب».
التمديد
تزامناً، عاود «الحراك المدني للمحاسبة» تحركه الرافض للتمديد للمجلس النيابي، من خلال اعتصام نفذه في ساحة رياض الصلح، بعيداً عن ساحة النجمة بمشاركة جمعيات أهلية ومدنية، وسط تدابير أمنية مشددة، رفع خلاله المعتصمون لافتات ترفض التمديد للمجلس، من دون أن يحاول الناشطون الوصول إلى البرلمان، مثلما فعلوا امس الأوّل.
تجدر الإشارة إلى أن ملف التمديد، حضر في الاجتماع الدوري الروتيني الذي عقدته قوى 14 آذار في بيت الوسط أمس الأوّل، في سياق استعراض نتائج محادثات الرئيس سعد الحريري والبطريرك الماروني بشارة الراعي في روما، الا أن النقاش لم يؤد إلى موقف واحد تجاه هذا الملف، بسبب تباين وجهات النظر بين ممثلي الاحزاب المسيحية داخل فريق 14 آذار، حيث يميل المسيحيون المستقلون إلى تأييد هذا الخيار بينما يعارضه حزبا الكتائب و«القوات».
الا أن مصدراً نيابيا في كتلة «المستقبل» لاحظ انه من المبكر تصوّر الوصول إلى موقف مسيحي واحد، لافتاً النظر إلى احتمال تعديل هذا الموقف قبل الجلسة التشريعية التي سيدعو إليها الرئيس نبيه برّي بعد جلسة 22 الشهر الحالي، مشيراً إلى أن ممثلي الطوائف الإسلامية يسيرون في خيار التمديد فيما يعارضه نصف ممثلي الطوائف المسيحية، وبالتالي استبعد ان يكون هناك موقف للمكون المسيحي، على غرار موقف المكون الإسلامي.
وفي هذا السياق، نفى عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب انطوان زهرا لـ «اللواء» وجود موقف متجانس بين المكون المسيحي من موضوع التمديد، مؤكداً أن هناك مكونات مسيحية أخرى والمستقلين اعلنوا موافقتهم على التمديد، كما أن النائب سليمان فرنجية وفريقه النيابي لم يبدوا معارضة له، لافتاً النظر إلى أن عدم الموافقة على التمديد شيء والتصدي له شيء آخر، وقال «نحن كقوات لبنانية لا نؤيده لكننا لن نتصدى له»، داعياً الى ابعاد الموضوع عن المزايدات.
وفي موضوع انتخاب رئيس الجمهورية الذي لاحظ عضو كتلة «المستقبل» النائب أحمد فتفت في حديثه إلى تلفزيون «المستقبل» مساء أمس، أن هناك محاولات لتحريكه من خلال لقاء الرئيس الحريري والبطريرك الراعي، استبعد نائب في الكتلة نفسها أن تكون لبكركي مبادرة في هذا الخصوص، بحسب ما تردد عن معلومات عن إمكان طلبه من الدكتور سمير جعجع الانسحاب من المعركة من أجل إقناع النائب ميشال عون بأن يكون ناخباً وليس مرشحاً، وقال: لا أعتقد أن البطريرك الراعي ممكن أن يدخل في تفاصيل صغيرة مثل هذه، أو في موضوع إعلان موافقته او رفضه التمديد، لكن موقفه يتقاطع معنا لجهة اولوية انتخاب رئيس الجمهورية.
وأضاف ان موضوع انسحاب جعجع هو في صلب المبادرة التي طرحتها قوى 14 آذار، لإنجاز تسوية وطنية لانتخاب رئيس الجمهورية، باعتبار أن هذه المبادرة تقول بصريح العبارة للفريق الآخر: «اذا كنت تريد معركة فالدكتور جعجع سيبقى مرشح 14 آذار، اما إذا كنت تريد تسوية، فنحن حاضرون للتفاهم على مرشح يتوافق عليه الجميع».