عون حائر بين تصعيد غير مجدٍ أو «بلع التمديد»
حزب الله للتهدئة بين عين التينة والرابية .. ولا تراجع عن آلية المادة 65
غداً، يجمع النائب ميشال عون تكتل «الاصلاح والتغيير» في اجتماع استثنائي، بالتزامن مع استنفار الكوادر الطلابية التي طلب منها ان تكون في حالة جهوزية لتنفيذ «عمل ما»، ما بين أوّل الأسبوع ونهايته، من دون الأخذ بعين الاعتبار ان السبت في 15 آب هو عيد انتقال السيدة العذراء، وهو يوم عطلة رسمية، وأصدر الرئيس تمام سلام مذكرة في هذا الشأن أمس.
ويعقد اجتماع التكتل في أجواء من الصدمة وخيبة الأمل في صفوف التيار العوني، وتحمل الأوساط العونية الرئيس ميشال سليمان ووزير الدفاع سمير مقبل والوزراء المسيحيين ووزراء «المستقبل» مسؤولية قرار الوزير مقبل التمديد لقائد الجيش ورئيس الأركان والأمين العام لمجلس الدفاع الأعلى، ومن دون استثناء وزراء «أمل» ضمناً، نظراً لأن وساطة «حزب الله» بين عين التينة والرابية ناشطة بدءاً من وقف الحملات الإعلامية أو تبريدها بين الجانبين.
وتعزو الأوساط العونية اقدام الوزير مقبل على التمديد إلى تطورات إقليمية وحراك دبلوماسي من أجل تبريد الأزمات أو تسويتها، بما في ذلك الأزمة السياسية في لبنان.
وفي محاولة لاستدرار العطف على النائب عون وتياره، تقول الأوساط العونية ان التسوية ستكون على حساب عون وابعاده، ليس فقط عن الرئاسة الأولى أو تعيين ضابط قريب منه قائداً للجيش، بل عن المسرح السياسي ككل، من خلال تصويره وكأنه هو المسؤول عن كل الأزمات دفعة واحدة، من الشغور الرئاسي إلى شل مجلس النواب وتعطيل التشريع إلى محاولة شل عمل الحكومة، وذلك في محاولة لاظهارمظلوميته وتعرضه لحرب إلغاء سياسية تسبق أية تسوية.
وتعترف هذه الأوساط بأن التيار تعرض «لخدعة» انطلت عليه، وهذا ما يجعل رده متجاوزاً لما حصل في المرات السابقة.
ونسب إلى قيادي في التيار العوني قوله ان الرد سيكون تصاعدياً ومتناسباً مع «الخطوة الاستفزازية» التي قام بها وزير الدفاع.
ولا تخفي هذه الأوساط ان اللجوء إلى الشارع هو من الخيارات المتقدمة لدى التيار، لكن بطريقة «موجعة» و«غير متوقعة».
وتمضي هذه الأوساط إلى التأكيد بحدة انه ليس بإمكان التيار فقط ان يحافظ وحده على المصلحة الوطنية، متهمة سائرة الأطراف الأخرى بان التسوية السياسية في البلاد لا تعنيهم.
إلاَّ ان مصدراً قيادياً في قوى 8 آذار يسلّم بأن التسوية السياسية بعناوينها الأمنية والحكومية والتشريعية قد أصبحت من الماضي بعد التوقيع على التمديد، لكن خيار ذهاب الأزمة السياسية إلى اللاعودة وارد لكنه ليس حتمياً، في ضوء حركة الاتصالات المستمرة للتعويض عن النائب عون بادراج بعض القوانين التي يطالب بها وبينها قانون الانتخاب على أوّل جلسة تشريعية ان عقدت.
لماذا استعجل مقبل؟
والسؤال: لماذا استعجل الوزير مقبل إصدار قرارات تأجيل تسريح الضباط الثلاثة؟
المعلومات تُشير إلى ان القرار جاء قبيل منتصف الليل، بعدما تبلغ الوزير مقبل ان جلسة الحوار التي عقدت في عين التينة بين تيّار «المستقبل» وحزب الله لم تتوصل إلى تفاهم بين الطرفين حول التسوية السياسية المطروحة، لا سيما رفع سن التقاعد للعمداء في الجيش.
وكشف مصدر في حزب الله أن الوقت الأكبر من الجلسة تركز على هذا الموضوع، وأن الحزب طلب من «المستقبل» السير في هذه التسوية، لكن فريق «المستقبل» اعتبر أن السير برفع سن التقاعد من شأنه أن يرهق خزينة الدولة، ويؤثر سلباً على هيكلية المؤسسة العسكرية، وأن قيادة الجيش لا توافق على الاقتراح، إضافة إلى أن «المستقبل» ملتزم بموقف 14 آذار من أنه لا يجوز التعيين للقادة الأمنيين في ظل غياب رئيس الجمهورية، وهو موقف معلن ولم يطرأ أي جديد يقتضي تعديله.
وقال مصدر مطلع أن الوزير مقبل، ومنعاً للتسويف وعلى قاعدة «أن خير البر عاجله» أصدر القرار ليلاً، نظراً لارتباطه بزيارة الرئيس سلام مع الرئيس نبيه برّي إلى الاسماعيلية.
أما لماذا اشتمل القرار على تأجيل تسريح العماد جان قهوجي واللواء محمّد خير بتوقيت واحد، فالمصدر عينه يُشير إلى أن الوجهة المعتمدة أنه لا تعيينات مع الشغور الرئاسي، ولا يمكن ترك الأمور إلى آخر لحظة، ولا يجوز الانتظار حتى وقوع الشغور أو الفراغ، مع الإشارة إلى أن التسوية السياسية تحتاج إلى وقت وإلى ا تفاق على فتح دورة استثنائية، فضلاً عن أنها لم تتعد سياق المناورة لتمرير الوقت.
خطوات تصعيدية
ومع عودة الرئيسين برّي وسلام والوزير مقبل من الاسماعيلية بعدما شاركوا في افتتاح قناة السويس الجديدة، من المتوقع أن تنشط الاتصالات لاحتواء أي تصعيد عوني محتمل، لا سيما وأن المعلومات أو التلميحات الصادرة عن وزراء التيار العوني تُشير إلى أن الرد سيكون على مستوى تعطيل عمل الحكومة، وإبقاء أبواب مجلس النواب مغلقة، سواء للتشريع أو حتى لانتخاب رئيس الجمهورية، التي أعاد الرئيس برّي أمس التذكير بموعد الجلسة رقم 27 لانتخاب الرئيس في 12 آب الحالي.
وقال مصدر حكومي لـ«اللــواء» أنه مهما كان الموقف الذي سيلجأ إليه عون للرد على قرار مقبل، فإنه بالنسبة للرئيس سلام لا تراجع عن آلية اتخاذ القرارات في مجلس الوزراء، بحسب ما تنص عليها المادة 65 من الدستور.
وفي ردّ على تحميله مسؤولية قرار مقبل، أعلن الرئيس سليمان أن تعطيل انتخاب رئيس الجمهورية هو الذي أوصل إلى تأجيل تسريح القادة الأمنيين، متمنياً على كافة الأطراف الكف عن إقحام الجيش في التجاذبات السياسية، خاصة بعد تعذر إقرار التعيينات الضرورية التي طرحها الوزير المعني على طاولة مجلس الوزراء استجابة لإلحاح بعض الكتل على وجوب تعيين قائد الجيش لدى تعيين رئيس الأركان، موضحاً بأن بسبب عدم إجماع وزراء الحكومة أو توافقهم بحده الأدنى على أي اسم من الأسماء المطروحة للتعيينات بالرغم من مواصفاتها القيادية، دفع الوزير المختص إلى اللجوء إلى حقه القانوني بتأجيل التسريح وفقاً للمادة 55 من قانون الدفاع الوطني.
أما «تيار المستقبل» الذي شملته اتهامات التيار العوني، فقد أوضح عضو كتلته النيابية عمار حوري لـ«اللــواء» بأنه ليس المطلوب منا أن نوافق أو لا نوافق على خطوة وزير الد فاع، لأننا لسنا من يتحمل مسؤولية القرار الذي أصدره الوزير مقبل استناداً إلى واجبه، لكن الخطوة منطقية لتفادي حدوث شغور في المراكز العسكرية.
واللافت أن مصادر في تكتل «التغيير والاصلاح» رفضت الحديث عن تحرك معيّن يتخذ طابعاً ما، شعبياً أو سياسياً، لكنها أشارت إلى أن التوقعات بردّ فعل تصعيدية من قرار مقبل كبيرة جداً.
ولم تشأ المصادر نفسها التأكيد ما إذا كانت الخطوة المرتقبة من التيار العوني تتصل بتعليق حضور وزيري التيار جبران باسيل والياس بوصعب جلسات مجلس الوزراء أم لا، أو القيام بتظاهرات في الشارع أو غير ذلك، وتوقعت أن يتحدث العماد عون في نهاية اجتماع السبت عن كل هذه الخطوات في حال تمّ اتخاذ قرارات بشأنها.
وتوقع الوزير بوصعب العودة إلى الموقف السابق المتخذ من قبل وزراء التكتل مع وزراء «حزب الله» بعدم البحث في أمر في الحكومة قبل البتّ في ملف التعيينات، واعتبار قرار مقبل غير قانوني، لكن بوصعب نفى ليلاً صدور أي تصريح عنه بهذا المعنى.
حزب الله
ولوحظ أن بيان كتلة «الوفاء للمقاومة الذي صدر بعيد اجتماع الكتلة، تجاهل خطوة وزير الدفاع، واكتفى بدعوة كل القوى السياسية إلى اليقظة والتنبه، خصوصاً في هذه الفترة التي بدأت ترتسم فيها مؤشرات تحركات واتصالات لا بدّ من الاستفادة من أجوائها لتعزيز تماسك اللبنانيين وتقرير ما يتلاءم مع مصالحهم الوطنية، واستبعاد كل ما من شأنه الاضرار بها وبسيادتهم.
ولفتت مصادر مطلعة إلى أن هذه الإشارة في بيان الكتلة تشي إلى ضرورة الاستفادة من المناخات التي بدا يشيعها الاتفاق النووي الإيراني على مستوى المنطقة، والتي يفترض ان تتبلور معالمها مع الزيارة التي يعتزم وزير الخارجية الإيراني محمّد جواد ظريف القيام بها إلى بيروت، ضمن جولة له للمنطقة، بدءاً من الثلاثاء المقبل، حيث استبق السفير الإيراني في لبنان محمّد فتحعلي هذه الزيارة بجولة له على قيادات حزبية، كان اللافت بينها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، من أجل وضع ترتيبات اللقاءات التي سيعقدها ظريف في بيروت والتي ستشمل المسؤولين، وفي مقدمهم الرئيسين برّي وسلام.
وشددت الكتلة على ان الأولوية يجب ان تكون لملء الشغور في رئاسة الجمهورية، ودعم كل مبادرة تسهل استئناف الدور التشريعي للمجلس وتعزيز مناخات الحوار والتفاهم والتوافق بين الكتل النيابية، ورأت ان الظروف الاستثنائية الضاغطة التي تشهدها البلاد تملي ضرورة التعاطي بدقة تسمح للحكومة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتسيير عجلة مصالح الشعب والدولة، دون أي تعكير للتوافق داخل مجلس الوزراء، وهذا ما يحتم عدم الاستخفاف بمواقف واوزان القوى الشريكة في اتخاذ القرارات، داعية تيّار المستقبل إلى فتح الأبواب امام المخارج المطروحة للمسائل المختلف عليها وضرورة ملاقاتها تجنباً لتفاقم المعضلات.