ظريف في السراي: دعم سلام والإستقرار
الحريري يدعو نواب المستقبل لتجاهل كلام عون .. و«العراضة العونية» تهدّد بشل
الضيف الإيراني محمّد جواد ظريف الذي أعلن النائب ميشال عون اعتبار نفسه في خطه، أعلن من السراي الكبير ان بلاده «تتعاون مع لبنان ودول أخرى للوصول إلى مزيد من الاستقرار في هذ البلد».
على ان المعلومات بقيت تتراوح بين زيارة وزير الخارجية الإيراني للرابية أم الاكتفاء بلقاء الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، مع الأخذ بعين الاعتبار ان النائب عون الذي دعا أنصاره للتظاهر اليوم، أو بمعنى ما التجمع، اختار توقيتاً يتناسب مع مغادرة الدبلوماسي الإيراني، استعداداً لتظاهرة كبرى يزمع عون تسييرها في شوارع بيروت بالتزامن مع جلسة مجلس الوزراء الخميس، في إشارة إلى تأثيره في الشارع المسيحي وكضغط على الحكومة لتعيين القادة الأمنيين الذين حسمت مسألة بقائهم في مناصبهم في ضوء قرار وزير الدفاع سمير مقبل والذي أصبح نافذاً، على حدّ تعبير وزير الإعلام رمزي جريج.
واللافت ان نقاط التجمع العونية كلها تبدأ عند الرابعة من بعد ظهر اليوم من سنتر ميرنا الشالوحي إلى نهر الموت، ويتركز ثقلها على خط بيروت – الشمال، من جبيل إلى ساحة ساسين.
ولئن كانت «بروفة» التحرّك بالسيارات وليس على الأرض مدروسة لجهة ان الذين سيشاركون في ما وصفه مقرّب من التيار العوني «بالعراضة السيّارة»، قد يبيتون ليلتهم خارج منزلهم للمشاركة في تظاهرة الخميس، فإن وقع الكلام الذي أعلنه الوزير الإيراني من ان بلاده «تثمن الدور الكبير الذي لعبه شخص رئيس مجلس الوزراء في لبنان لتوفير الأمن ومكافحة التطرف والإرهاب ولخلق التعاون»، انطوى على ان إيران ليست في وارد فتح جبهة أو دعم أي اشكال يؤثر على استقرار لبنان في هذه المرحلة التي تعطي فيها الأولوية لتسويق دورها في البحث عن حل للأزمة السورية.
وما قاله ظريف، وفقاً لمصدر دبلوماسي، امام الرئيس سلام في لقاء استمر 35 دقيقة، سيردده على مسامع الشخصيات التي سيلتقيها اليوم، وفي مقدمها الرئيس نبيه برّي ووزيري الدفاع سمير مقبل والخارجية جبران باسيل، إضافة إلى الشخصيات الفلسطينية التي ستزوره في مقر اقامته في فندق «فينيسيا».
وكانت المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية مرضية افخم قالت ان جولة ظريف الإقليمية تبدأ في بيروت وستبحث في خطة إيران الجديدة للمساعدة في تسوية المشكلة السورية.
وتوقف وزير اطلع على أجواء ما دار في لقاء السراي عند كلام ظريف من ان الانقسامات بين اللبنانيين على خلفية النزاع في سوريا لا معنى لها «فليس اليوم يوم المنافسة والتنافس في لبنان، ولا بدّ ان يكون التنافس لاعمار لبنان»، معتبراً ان هذا الموقف ينطوي على تهدئة وتبريد وليس لدعم أي طرف ضد أي طرف.
لا مبادرة
ووصف مصدر حكومي محادثات سلام مع ظريف بأنها كانت جيدة، وهي تناولت ثلاثة ملفات من ضمنها الاتفاق النووي، وضرورة الافادة منه لدعم ملفات الاستقرار في المنطقة. ودعم المؤسسات الرسمية في لبنان، وأبرزها إنهاء الشغور الرئاسي، لكنه شدّد بأن المسؤول الإيراني لم يحمل أية مبادرة في هذا الخصوص.
وفي ما خص الاتفاق النووي، اعتبر ظريف ان الاتفاق هو نصر للمنطقة بكاملها، وهو أظهر انه بالحوار يمكن ان نتوصل إلى معالجة كل المسائل الإقليمية والدولية المستعصية، وحتى بين الدول التي بينها خلافات أساسية مثل إيران والولايات المتحدة.
وقال ان إيران بذلت جهداً كبيراً في محادثات فيينا لنتوصل إلى اتفاق لا يشعر فيه أي طرف من الطرفين أن هناك خاسراً أو رابحاً، ولم نسمح بأن تستغل القضايا الإقليمية في معالجة الملف النووي.
وأضاف: نحن نعتبر أن الجميع خرج من المفاوضات رابحاً، ولم يكن هناك من خاسر، ونعتبر أيضاً أنه بعد هذا الاتفاق يجب أن نلتفت إلى حل قضايا المنطقة، ونحن من جهتنا مستعدون للتعاون مع دول المنطقة لحل المشاكل العالقة، بما في ذلك تحقيق الأمن والاستقرار.
وأشاد الديبلوماسي الإيراني برئيس الحكومة، مثنياً على الدور الذي يقوم به لتوفير الأمن ومكافحة التطرف والإرهاب والتعاون بين مختلف الفرقاء، معرباً عن سروره لوجود حوار بين فريقي 8 و14 آذار، مؤكداً أن طهران تشجّع هذا الحوار، آملاً أن تحل جميع المشاكل اللبنانية عبر الحوار، بما في ذلك الوصول إلى اتفاق على موضوع رئاسة الجمهورية.
وأمل الرئيس سلام من جهته أن يكون للاتفاق النووي انعكاس إيجابي على دول المنطقة، وعلى العلاقات العربية – الإيرانية، وتوقف مطولاً عند مشكلة الشغور الرئاسي، عارضاً لتطورات الوضع في لبنان، وكيفية تصدي الدولة للإرهاب من خلال قواها الأمنية، مؤكداً بأن الحكومة تفاخر بالمؤسسات الأمنية بعيداً عن الخلافات السياسية، أملاً أن تحكون إيران قادرة على مساعدة لبنان لحل مأزق الشغور الرئاسي.
ولاحظ مصدر سياسي أن ظريف لم يوجه دعوة للرئيس سلام لزيارة طهران، مشيراً إلى أن الزيارة هدفت فقط إلى إظهار الجانب الإيجابي من الاتفاق النووي، والاهتمام الإيراني بملفات المنطقة والتعاطي معها بإيجابية، إلا أن أي شيء ملموس لم يظهر من محادثاته في السراي، وحتى أن حديثه بالنسبة للملف الرئاسي لم يكن جديداً، وقد سمعه المسؤولون مراراً، وهو ضرورة أن يتفق اللبنانيون في ما بينهم.
زيارة الأردن
من ناحية ثانية، لم تؤكد مصادر السراي إمكان أن يلتقي الرئيس سلام اليوم بالعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ربما بسبب وجوده خارج عمّان، مشيرة إلى أن المحادثات ستتركز مع نظيره رئيس وزراء الأردن عبد الله النسور ومجموعة من الوزراء الذين سيشاركون في اجتماعات اللجنة اللبنانية – الأردنية المشتركة، والتي لم تجتمع منذ العام 2010.
ولفتت إلى أن هناك ملفات كثيرة عالقة بين البلدين، حيث سيتم التوقيع على مجموعة من بروتوكولات التعاون في قضايا تتصل بالاقتصاد والسياحة والزراعة والشؤون الاجتماعية والإعلام.
وسيرافق الرئيس سلام في الزيارة التي تستغرق يوماً واحداً سبعة وزراء هم: أكرم شهيّب (الزراعة)، نبيل دو فريج (الشؤون الادارية)، ميشال فرعو (السياحة)، رشيد درباس (الشؤون الاجتماعية)، آلان حكيم (الاقتصاد)، رمزي جريج (الإعلام) وعبد المطلب حناوي (الشباب والرياضة).
عون و«المستقبل»
في هذا الوقت، توقعت مصادر مطلعة أن يستنسخ النائب عون تجربته السابقة عندما حرك أنصاره باتجاه السراي، على غرار ما فعل قبل ثلاثة أسابيع، ولكن هذه المرة بأعداد كبيرة، ورصدت في هذا السياق اتصالات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو أنصار التيار العوني للتظاهر الخميس، بالتزامن مع انعقاد جلسة مجلس الوزراء.
واستناداً إلى هذه الاتصالات اتخذت إجراءات أمنية مشددة بإقامة حزام أمني حول السراي الكبير بواسطة قوة الفهود التابعة لقوى الأمن الداخلي، بدعم خلفي مباشر من قوى الجيش، خشية من افتعال مواجهة مع الجيش، على خلفية الحملة العونية على التمديد لقائد الجيش.
لكن مصادر تكتل «التغيير والاصلاح» الذي اجتمع أمس، لم تشأ أن تكشف أية تفاصيل عن تحرك التيار وفق ما أعلن عون، بحجة أن هذا الموضوع لم يبحث في الاجتماع.
غير أن نائب التكتل آلان عون أوضح لـ«اللواء» أن هناك تجمعات للتيار اليوم، وأن الأهداف تحدد في وقتها، دون أن يجزم ما إذا كانت التظاهرة الجديدة ستشبه تلك التي سبقتها قبل فترة.
وليلاً صدر عن المكتب الإعلامي للرئيس سعد الحريري بيان تمنى فيه الحريري على النواب في كتلة «المستقبل» وكافة القيادات في تيّار «المستقبل» «تجنّب زج إسم الرئيس الشهيد رفيق الحريري في أي سجال، من النوع الذي ورد على لسان أحد القيادات، واعتبار انتفاضة الاستقلال قضية تعلو فوق أي اعتبار».
وجاء هذا البيان، بمثابة ردّ على ما أعلنه عون في مؤتمره الصحفي عندما عزا إلى نفسه خروج القوات السورية من لبنان، معتبراً بأنه هو الذي حرّر الأرض اللبنانية، وأن اغتيال الرئيس رفيق الحريري جاء من باب الصدفة.
وسبق بيان الحريري موقف قوي ضد عون جاء على لسان كتلة «المستقبل» النيابية التي اجتمعت برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة، استنكرت فيه ما وصفته «بالكلام التهديدي المعيب والمرفوض الذي اطلقه قائد الجيش الاسبق عون بحق قائد الجيش والمؤسسة العسكرية، معتبرة بأنه كلام استعلائي تجاه مؤسسة وطنية تقف سداً منيعاً في وجه تحديات الخارج والداخل».
ورأت الكتلة ان «التهديد باستعمال الشارع للاعتراض على قرارات حكومية يجب ألا يصل إلى حدود افتعال الفوضى، لا سيما وأن البلاد تمر بأوضاع سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية دقيقة يمكن ان تمس بتداعياتها مصالح جميع اللبنانيين وتدفع بهم إلى حال من اليأس والضياع».
ونوهت الكتلة بقرار وزير الدفاع بتأجيل تسريح قائد الجيش ورئيس الأركان وأمين عام مجلس الدفاع الاعلى، ووصفته بأنه «قرار حكيم» بعد ان تعذر على مجلس الوزراء إنجاز التعيينات المطلوبة في جلسته الأخيرة.
جلسة الخميس
إلى ذلك، أفادت مصادر وزارية لـ «اللواء» ان ما من توقعات محددة في ما خصّ جلسة مجلس الوزراء غدا الخميس، لافتة إلى ان الرئيس سلام قد يفتتح الجلسة بالاشارة إلى موضوع الفراغ الرئاسي وإلى نتائج زيارته إلى الأردن وإلى زيارة وزير الخارجية الإيرانية محمّد جواد ظريف. أما بالنسبة إلى المواضيع التي ستطرح، فيعود تقديرها إلى الرئيس سلام.
وقد أكدت المصادر ذاتها انه لن يعترض على ما يثيره وزراء لا سيما إذا كان الأمر متصلا بحاجات ملحة أو استحقاقات قريبة كملف رواتب الموظفين.
وأشارت إلى انه في ما خصّ آلية العمل الحكومي، فهي مسألة مطروحة للبحث بشكل دائم.