عون ينقل الإستفزاز إلى الشارع .. وبيروت ترفض الشعارات المعيبة
زيارة ناجحة لسلام إلى الأردن .. ودرباس ينتقد موقف باسيل بعد لقاء ظريف
بصرف النظر عمّا إذا كان محازبو «التيار الوطني الحر» ومناصروهم الذين تجمعوا في وسط بيروت، بعد أقل من ساعتين من مغادرة وزير الخارجية الإيراني محمّد جواد ظريف تجاوزوا 750 عنصراً (وفقا لمعلومات امنية) أو اقتصر على ألف شخص (وفقاً لتقدير خبير في الحشود المهرجانية)، فإن أوساط المراقبين سجلت لبيروت ولجمهور الرئيس الشهيد رفيق الحريري ترفعه عن الالتفات إلى الشعارات الاستفزازية التي سيقت على لسان المتكلم باسم التجمع، أو أولئك الذين سمعت اصواتهم دون صورهم يستخدمون العبارات النابية والشعارات التحريضية في تحرك أعلن ان الهدف منه هو «استعادة الحقوق»، وليس التعدّي على مشاعر النّاس وكراماتهم.
انتهى التجمع قبيل الثامنة مساءً، وعاد الذين شاركوا في العراضة السيّارة من حيث جاؤوا باستثناء منطقة الشمال التي لم تشكّل استجابة ملحوظة باستثناء بعض مناطق البترون، وسط تهويل باستئناف التحرّك وصولاً إلى «تسونامي» غامض لم يشأ مُنسّق «التيار الوطني الحر» بيار رفول الكشف عن طبيعته لأسباب ليس أقلها انعدام طبيعة هذا «التسونامي الموهوم».
فماذا حقق «التيار العوني» من العراضة رقم 2 في شوارع بيروت، والتي كانت أشبه بعرض مسرحي يتابعه اصحاب الفضول، أو الذين يتأثرون بشل حركة الشارع، وهم في طريق العودة إلى منازلهم:
1- أراد النائب ميشال عون إيصال رسالة إلى مجلس الوزراء، قبل الجلسة بساعات، في محاولة لانتزاع مكسب سياسي يتعلق بالآلية، مستفيداً من دعم «حزب الله» على طاولة مجلس الوزراء.
2- أراد النائب عون أيضاً إثبات انه ما يزال المتحكم بحركة الشارع المسيحي، في محاولة لانتزاع اعتراف هو يعرف قبل غيره، انه ليس سهل المنال يتعلق بحصر تسمية الموظفين في أدارة الدولة بفريقه، باعتبار انه هو الذي يدافع عن حقوق المسيحيين، وليس حزبي «القوات اللبنانية» و«الكتائب»، أو حتى تيّار « المردة» وبكركي.
3- ووفقاً لكوادر في التيار العوني، فإن النقاشات التي أعقبت قرار وزير الدفاع بالتمديد للقيادات العسكرية الثلاثة: العماد جان قهوجي واللواء محمّد سلمان واللواء محمّد خير، التقت على انه لا يمكن ان يمر قرار التمديد من دون ردة فعل، وهذا ما حدث أمس.
4- طلب النائب عون من الوزراء والنواب أن يكونوا في مقدمة المشاركين بعدما لمس فتور همة نشطاء التيار، وهو ما عبّر عنه وزير الخارجية جبران باسيل، عندما خاطب أنصار التيار في «ميرنا شالوحي» قائلاً «نطلب منكم مشواراً في السيّارة، في حين أن غيرنا يقدّم شهداء لإثبات دوره والحفاظ عليه»، فكان النزول إلى الساحة مجدداً إشارة إلى القدرة، أو إلى إمكانية تحريك هؤلاء النشطاء.
5- على أن الأهم هو تحميل وزيري التيار باسيل والياس بوصعب، رسالة إلى اجتماع الحكومة اليوم من أن الأزمة ستطول وستشهد فصولاً من التحركات واعتصامات ومهرجانات ما لم تقرّ آلية تعطّل القرار داخل مجلس الوزراء وتسمح للوزيرين العونيين بإعلام الجمهور بتحقيق ما دفع بالنزول إلى الشارع.
ولكن، في حسابات الربح والخسارة، فإن ما أراده عون لم يطابق حسابات البيدر، سواء بالنسبة إلى الأعداد التي نزلت إلى وسط بيروت أو بالنسبة لتعطيل عمل الحكومة، أو لشطب العماد قهوجي من المعادلة الرئاسية، فقرار التمديد له نافذ، ولا يمكن العودة عنه، إذا أراد ضرب الجيش من الداخل، أو افتعال مواجهة جديدة معه، تجنبتها القيادة، فلم يظهر أي جندي في الشارع باستثناء بضع أفراد من شرطة السير لتنظيم المرور، وبقيت الإجراءات الأمنية فقط حول المقرات الرسمية، والسراي الكبير على وجه التحديد.
غير أن اللافت هو حجم الشتائم والتعرّض للرئيس الشهيد رفيق الحريري وتيار «المستقبل»، حيث نشر مناصرو عون عند تمثال الشهداء في وسط بيروت علماً لتيار «المستقبل» وقد ذيّل بعبارة كتب فيها: «الدولة الإسلامية – إمارة لبنان»، في محاولة مفضوحة لاستفزاز التيار الأزرق وجرّّه لاشتباك.
وبحسب معلومات «اللواء»، فإن هذه الاستفزازات كادت أن تؤدي إلى ردود فعل لدى جمهور المستقبل لو لم تجر اتصالات عاجلة تضبطها، خصوصاً بعدما نزل عدد من الشبان لقطع الطرقات في أكثر من منطقة.
ولاحظ نائب في كتلة «المستقبل» أن الهجوم على تيّار «المستقبل» جاء بسبب الإحباط الذي أصاب قيادة التيار العوني نتيجة هزالة العدد الذي تجمّع في الساحة، حيث لم يتجاوز العدد بضع مئات حشدهم التيار من كل المناطق اللبنانية، من دون أن يحقق نجاحاً في التعبئة، لوعي جمهوره بأن الشعارات المطروحة هي أكبر من حقيقتها الفعلية، والتي هي محصورة بمجيء صهره العميد شامل روكز إلى قيادة الجيش خلفاً لقهوجي.
وكان وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس قد أعرب لـ«اللواء» عن انزعاجه الشديد من الشعارات التي رفعها مناصرو التيار العوني، وهي شعارات يُراد منها استفزاز فريق من اللبنانيين، لكننا نحمد الله اننا لم نجد ولن يوجد أحد يرد على هذا الاستفزاز.
اضاف: «اما عن الحرب بين الأقليات والاكثريات التي تحدث عنها الوزير باسيل، خلال مؤتمره الصحفي مع الوزير ظريف، والتي بالتأكيد احرجت الوزير الإيراني، لأنه لا يعتبر إيران أقلية، فهذه الحرب مفترضة وغير صحيحة، فرونق الأكثرية هي اقليتها، ونحن نؤكد ان الدور المسيحي القيادي في لبنان هو حاجة إسلامية وجودية».
سلام في الأردن
في هذا الوقت، عاد الرئيس تمام سلام مساء أمس إلى بيروت، بعدما أجرى في عمان محادثات ناجحة مع نظيره الأردني عبد الله النسور، الذي رعى معه توقيع 8 اتفاقيات وبروتوكولات تعاون في مجالات الزراعة والإعلام والسياحة والطاقة المتجددة والشؤون الاجتماعية والشباب والرياضة والتنمية الإدارية.
وأكّد الرئيس سلام ان النزوح السوري ومواجهة الجماعات الإرهابية معضلتان امام لبنان والأردن ما يحتم عدم التهاون في التصدّي الأمني لهما وتبني نهج الاعتدال، مشدداً على ضرورة التصدّي للارهاب، وداعياً المجتمع الدولي إلى مزيد من التنسيق والتعاون لمواجهة النزوح السوري ومحاصرة الإرهاب وتجفيف منابعه والقضاء عليه.
وفي كلمة له امام الجالية اللبنانية في الأردن جدد الرئيس سلام على معاهدة نفسه واللبنانيين عدم التخلي عن المهمة المكلف بها مهما كلف الأمر، مشيراً إلى انه بحاجة الي كل لبناني مخلص ومنتج وناجح.
ووصف وزير الاقتصاد والتجارة آلان حكيم الذي كان ضمن الوفد الوزاري الموسع الذي رافق سلام الزيارة بالناجحة على جميع المستويات، لافتاً إلى انها هدفت للبحث في سبل التعاون بين البلدين بما فيه مصلحتهما المشتركة.
وتحدث حكيم لـ«اللواء» عن اتفاق لتبادل الخبرات على الصعيد الامني، العسكري، مشيراً إلى ان هناك زيارات مرتقبة لعدد من المسؤولين الأردنيين لكن لم يُحدّد موعدها بعد.
وكشف بأن سلام ناقش والمسؤولين الأردنيين وجوب دفع مستحقات «الاونروا» كونها الجهة المخولة للتعاطي مع اللاجئين الفلسطينيين حصراً، وتبلغ قيمتها مائة مليون دولار، مشيراً إلى انه نوقشت محاولة تحويل هذه المنظمة إلى هيئة إغاثة للاجئين غير الفلسطينيين، وكان تأكيد على ضرورة وضع حدّ لذلك.
وأشار إلى انه تمّ الاتفاق على الإسراع في تفعيل اللجنة العليا اللبنانية – الأردنية، وإنجاز بنود جدول أعمالها، كما تمت الموافقة على زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين والذي يبلغ 250 مليون دولار، وتشكيل لجان تجارية فنية والتنسيق على قواعد إنشاء وتحرير التجارة بين الدول العربية وتفعيل التجارة البيئية ومعالجة موضوع النقل البحري للبضائع عبر «خليج العقبة» فضلاً عن التعاون في المعارض وتحضير مناخ مؤات للقطاع الخاص والاتكال على مشاريع رجال أعمال اللبنانيين – الأردنيين.