IMLebanon

البلد أسير «أزمة الثقة» .. وبوادر تفاهم حول «تشريع الضرورة»

البلد أسير «أزمة الثقة» .. وبوادر تفاهم حول «تشريع الضرورة»

نصر الله ينتصر لعون والحريري يسأله: كيف تكون الشراكة بالتحريض على «المستقبل»؟

السؤال الكبير: هل انتهت التسوية التي أتت بحكومة الرئيس تمام سلام؟

واستطراداً: هل أنهت الحكومة المهمة التي جاءت من أجلها؟

ومن جملة الأسئلة المقلقة: إذا كان الرئيس سعد الحريري اعتبر عندما تشكّلت الحكومة ان مشاركته مع «حزب الله» هي بمثابة «ربط نزاع» فإن السؤال المشروع: هل انتقل الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله إلى النزاع مع «المستقبل» بصورة مباشرة؟

هذا هو على الأقل ما أشار إليه الرئيس الحريري في واحدة من تغريداته رداً على الشق اللبناني من خطاب نصر الله عندما قال: «انهم يخترعون مقولة ان هناك جهة تريد عزل العماد عون وكسره، فبركوا الكذبة وصدقوها وجعلوا منها باباً مشروعاً للتحريض على «المستقبل»، تيّار «المستقبل» مؤتمن على الاستقرار وعلى الوحدة الوطنية، وهو لم يكن ولن يكون في أي يوم من الأيام أداة لكسر شركائه في الوطن».

ووفقاً لمصدر مطلع، فإن كلام الرئيس الحريري جاء رداً على الفقرة التي أشار فيها نصر الله، بأن هناك شريحة كبرى من المسيحيين تشعر بالاستبعاد، ويتم الحديث عن محاولة لكسر العماد عون، مشيراً إلى ان «التيار الوطني» نزل إلى الشارع، متسائلاً: هل من يريد ان يكسر التيار متيقن من ان جمهور التيار سيكون فقط في الشارع؟ مشدداً على ان «خياراتنا في دعم حلفائنا مفتوحة، لأن حزب الله لن يقبل بأن يكسر أي من حلفائنا أو يعزل، خصوصاً الذين وقفوا معنا في حرب تموز (في إشارة إلى عون)، مؤكداً إلى «انكم لن تستطيعوا ان تعزلوه أو تكسروه، واصفاً بأن عون ممر الزامي لانتخابات رئاسة الجمهورية ولحكومة منتجة، رافضاً عقلية الحزب أو التنظيم أو التيار القائد للدولة، مشيراً إلى ان دولة الشراكة الحقيقية تعطي الثقة لجميع اللبنانيين.

فإننا في لبنان شركاء في الخوف والغبن، معتبراً ان الحوار هو الوسيلة التي توصل إلى الشراكة والشراكة هي التي توصل إلى الدولة، مطالباً في مجال آخر، ما وصفه بالقيادات الوطنية المسيحية بإعادة النظر بإعادة فتح المجلس النيابي من أجل معالجة قضايا اللبنانيين، ولم ينس بأن يشيد بكل من الرئيس نبيه برّي والرئيس اميل لحود، مبرئاً إيران من أي محاولة ضغط على حلفائها في لبنان لاتخاذ قرار هم ليسوا مقتنعين به.

وفي ردّ الرئيس الحريري نقطة التقاء مع السيّد نصر الله، ونقطة افتراق:

الأولى بقوله: «كنا نتمنى ان ينتهي الاحتفال بذكرى حرب تموز عند الكلام الذي يقول ان كل اللبنانيين شركاء في الخوف والغبن، وأن الدولة هي الضمانة والحل».

أما نقطة الافتراق، فهي تسجيله ملاحظتين على كلام نصر الله، أولاها أن الشراكة الحقيقية لا تستوي مع الخروج على الإجماع الوطني، والإصرار على زجّ لبنان في الحروب الأهلية المحيطة به، والثانية أن الشراكة الحقيقية لا تستوي مع صبّ الزيت على نار التحريض ضد فريق أساسي في المعادلة الوطنية، والإصرار على رمي الأمور في الإتجاه الخاطئ وتحميل تيّار المستقبل مسؤولية أزمة يُشارك حزب الله في إنتاجها.

عون

أما الطرف الثالث في أصل الأزمة النائب ميشال عون فقد كشف في حواره مع «المنار» عن أزمة ثقة مع الرئيس الحريري، وبدا مطمئناً إلى الدعم الواسع الذي قدّمه السيّد نصر الله في خطاب وادي الحجير في الذكرى التاسعة لانتهاء حرب تموز في العام 2006، مفسحاً في المجال أمام الحوار معه حول انتخابات الرئاسة الأولى التي عادت أولوية معه بالنسبة إليه، كاشفاً عن بوادر تفاهم حول تشريع الضرورة بقوله أنه في وارد إعادة النظر بموقفه من مرسوم فتح دورة استثنائية لمجلس النواب في ردّ على سؤال حول دعوة نصر الله إلى فتح أبواب مجلس النواب، مهدداً في المقابل بتسونامي إذا لم تحقق مطالبه بالشراكة وحول حقوق المسيحيين، مؤكداً بأن أي رئيس جمهورية يجب أن يمثّل المكوّن الطائفي الذي ينتمي إليه، وهذا الأمر يسري على المسيحيين، مثلما هو يسري على السنّة والشيعة.

وبدا عون راضياً على التظاهرة التي جمعت أنصاره في ساحة الشهداء، معتبراً أنها كانت أكبر من التوقعات، لكنه عزا الشعارات التي طرحت في التظاهرة ضد «المستقبل» إلى «مندسين». وأظهرت «المنار» أثناء المقابلة صورة لمتظاهرين يدوسون بأقدامهم علماً «للمستقبل» في مقابل صورة أخرى لمتظاهرين يدوسون علم «التيار الوطني الحر»، معيداً إلى الأذهان تظاهرة طرابلس ضد حكومة الرئيس نجيب ميقاتي.

ولفت عون إلى أن الرئيس الحريري هو الذي بدأ بعزل التيار مع الرئيس ميشال سليمان، عندما أعطى التيار حقيبة واحدة سيادية العام 2010، عازياً توقف الحوار مع الحريري إلى مداخلات خارجية، مشيراً الى أنه لا يضع شروطاً على استئناف الحوار معه، لكنه لفت إلى أزمة ثقة وعدم وفاء، كاشفاً للمرة الأولى إلى أن التفاهم مع نصر الله كان عبارة عن كلمة وليس ورقة، وهي بقيت كلمة استناداً إلى أخلاقيات ومبادئ، نافياً أن تكون هناك بصمات أميركية وسعودية وراء التمديد للعماد جان قهوجي في قيادة الجيش، خاتماً المقابلة بسؤال: من يملك بيروت؟

ناخب وليس مرشحاً

على أن اللافت، في خطاب نصر الله، واستطراداً كلام عون هو موضوع رئاسة الجمهورية إذ أن الثاني أبدى استعداده للحوار معه حول

الرئاسة التي عادت بالنسبة إليه أولوية، فيما اعتبره نصر الله ممراً الزامياً لانتخاب الرئيس، مثلما هو ممر لعمل الحكومة.

وبحسب عضو كتلة «المستقبل» النيابية النائب عمار حوري، فإن نصر الله أنهى ترشيحه لعون لرئاسة الجمهورية وابقاه ناخباً قوياً.

ورأى حوري لـ«اللواء» ان هذا الموقف هو أولى نتائج زيارة وزير الخارجية الإيراني محمّد جواد ظريف لـ«اللواء» والذي حوّل عون من مرشّح إلى ناخب.

ولاحظ حوري الذي وصف خطاب نصر الله بأنه «تبريري» بأن دعوة الأخير إلى فتح أبواب مجلس النواب، موجه اساساً إلى عون الذي عطل المجلس منذ تقرر انتخاب رئيس للجمهورية.

وقال: ليت نصر الله أخذ بالاعتبار عندما تحدث عن الشراكة الوطنية احداث 7 أيّار والقمصان السود، أو حتى قبل احتكاره قرار السلم والحرب بالذهاب إلى سوريا لمقاتلة المعارضة السورية لمصلحة النظام.

الوضع الحكومي

في ضوء هذه المواقف بدت البلاد أسيرة أزمة ثقة بين اللاعبين الثلاثة الكبار، أو على الأقل بين حلف نصر الله – عون في وجه تيّار «المستقبل» بقيادة الرئيس الحريري.

وقالت مصادر نيابية ان الوضع الحكومي لم يعد يعمل خارج هذا الاشتباك، الأمر الذي يعني ان المعالجة لن تكون على طاولة مجلس الوزراء، بل في الاتصالات البعيدة عن الأضواء والمبادرات، سواء جاءت من الرئيس نبيه برّي أو تولاها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم.

وأشار المصدر لـ«اللواء» ان أية مبادرة لا تأخذ بالاعتبار ملف الرئاسات الثلاثة وازمتي التشريع ورواتب موظفي القطاع العام وسائر الملفات العالقة من نفايات وكهرباء، لا يمكن ان يكتب لها النجاح، وبالتالي المسألة لم تعد مسألة آلية في مجلس الوزراء أو اعداد جدول أعمال، بل تتعلق بالقرار السياسي وبكيفية تدوير الزوايا للحفاظ على الاستقرار الذي لم يعلن أي طرف من الأطراف خروجهم عليه بعد.

ولم تستبعد مصادر وزارية لـ«اللواء» ان يكون الوضع الحكومي مفتوحاً على احتمالات عدّة ما لم يتم التوصّل إلى حل سياسي، معربة عن اعتقادها ان هذا الحل يجب ان يأتي من خارج مجلس الوزراء.

ولفتت المصادر نفسها إلى ان بعض الوزراء الذين شاركوا في الجلسة «العقيمة» للحكومة أمس الأوّل أبدوا استياء من واقع الحال وشككوا بإمكانية مواصلة أعمال الحكومة.

وقال وزير الاقتصاد والتجارة آلان حكيم لـ«اللواء» «عار على مجلس الوزراء إلاَّ يتخذ قرارات تتصل بالمواطنين»، معلناً ان الوضع المأزوم بحاجة إلى حل سياسي سريع، كاشفاً ان وزراء حزب الكتائب طالبوا في مجلس الوزراء بجلسات مفتوحة لإيجاد حلول للأزمات الراهنة، نافياً ان يكون هناك توجه بالاستقالة من قبل وزراء الحزب.

إلى ذلك، أكدت مصادر الرئيس سلام  لـ«اللواء» ان خيار الاستقالة لديه غير واردة وهو «مطوي» حالياً، وتحدثت عن اتصالات ستتم بهدف منع تأزم الأوضاع.

وأبلغ أحد الوزراء لـ«اللواء» ان أي موعد جديد لمجلس الوزراء لم يحدد وهو لن يُحدّد قبل بلورة صورة الاتصالات التي ستحصل علماً ان اليوم السبت الذي يوجه فيه عادة الدعوة لانعقاد الحكومة هو يوم عطلة رسمية.

وفي ردّ على سؤال أعلن وزير الدولة نبيل دو فريج لـ«اللواء» ان الرئيس سلام كان واضحاً في تأكيده انه مستمر في مهامه حتى الدقيقة الأخيرة.