IMLebanon

مجلس الوزراء ينقسم قبل جلسة تلزيم النفايات اليوم

مجلس الوزراء ينقسم قبل جلسة تلزيم النفايات اليوم

برّي مع إلغاء المناقصة .. وحوار المستقبل وحزب الله يطفىء نار وسط بيروت

فاقم إعلان الرئيس نبيه برّي، بُعيد ساعات قليلة من المؤتمر الصحفي لوزير البيئة محمّد المشنوق، مطالبته بإعادة النظر بمناقصات ملف النفايات «نظراً للأسعار المرتفعة وتحميلها الخزينة أعباء إضافية كبيرة، وإلا إلغاء المناقصات بالكامل»، من المخاطر المحدقة بجلسة مجلس الوزراء الاستثنائية اليوم لمناقشة هذا الملف وإقراره، وفقاً لما تضمنته الدعوة للجلسة التي أثارت لغطاً مفتعلاً من قبل وزراء التكتل العوني لجهة الشكل والمضمون.

وتتمثل المخاطر المحدقة بنقل الأزمة التي عاشتها بيروت قبل أكثر من شهر عندما امتلأت حاويات النفايات وساحاتها وشوارعها بالنفايات النتنة، وعاشها وسط العاصمة على مدى الأسبوع الفائت، لا سيما في نهاية الأسبوع شغباً واضطراباً وعودة للاحتكاك المذهبي والسياسي ونكء جراح 7 أيار 2008، إلى السراي نفسها من باب الخلاف على نتائج المناقصة التي أعلنها الوزير المشنوق وفازت بموجبها ست شركات التزمت موضوع النظافة في العاصمة وكل لبنان الذي توزع على ست مناطق بيئية.

وإذا كان البيان الذي صدر عن الجلسة 17 للحوار بين تيّار المستقبل و«حزب الله»، شدّد على الاستقرار الداخلي وحفظ الأمن والمؤسسات العامة والأملاك الخاصة، مؤكداً على «أن الحوار والتفاهم أولوية بين مختلف الأطراف لمعالجة الأزمات»، وأن على الدولة «تحمّل مسؤولياتها في القضايا التي تهم المواطنين، مع الحرص على حرية التعبير والتظاهر السلمي في إطار القوانين والأنظمة المرعية»، عكس اتجاهاً للتبريد في ضوء السخونة التي شهدتها ساحات رياض الصلح، والمصارف والنجمة والشهداء مساء الأحد، وما نجم عنها من أفعال، سواء في التخريب المفتعل ضد المحلات والسيارات وصولاً إلى الاعتداء على ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري، في ظل اتهامات بعضها معلن وبعضها مستتر، ويتعلق بمسببي حوادث الشغب، لدرجة أن تلفزيون «المستقبل» رأى في الذي جرى بأنه «ميني 7 أيار» في رسالة محلية وربما إقليمية مفادها أن هناك طرفاً ممكن أن يحرق بيروت في أي لحظة، تماماً كما كانت تظاهرة الاتحاد العمالي العام حجة البدء بغزوة السابع من أيار الأصيلة عام 2008.

وعلمت «اللــواء» ان مناقشات جلسة الحوار 17 في عين التينة تركزت على تمرير قطوع جلسة الحكومة اليوم، بأقل خسائر ممكنة، على الرغم من حالة الاستقطاب التي قد تشهدها.

وكشفت معلومات ان فريق «حزب الله» طلب مجدداً من «المستقبل» أن يحاور النائب العماد ميشال عون للتفاهم معه على مسائل  تتصل  بانتخابات الرئاسة والحكومة، وأن الحزب لا دور له في ذلك.

على أن السؤال: هل يمهد موقف برّي إلى تجميع وزراء 8 آذار في موقف موحّد للإطاحة بالمناقصة اليوم، مما يعني الإطاحة بالحكومة؟ أم هو محاولة لتحسين شروط المناقصة وربما شروط أخرى غير معلنة تركت للاتصالات التي جرت ليلاً، أو التي يمكن أن تستكمل قبل بدء جلسة مجلس الوزراء عند العاشرة من قبل ظهر اليوم، في ضوء الملاحظات التي طرحها وزير المال علي حسن خليل خلال اجتماع اللجنة الوزارية المكلفة بفضّ المناقصات، والتي تتعلق بقضيتين، واحدة تتصل بالأسعار المرتفعة والمطالبة بخفضها، والثانية بحيثيات العقد الذي سيوقّع مع كل شركة على حدة، في ما خصّ المنطقة التي تتولى النظافة فيها.

ويتقاطع موقف وزيرا حركة «أمل» في الجلسة اليوم، مع موقف وزراء التيار العوني المدعوم علناً من وزراء «حزب الله» عند ما يسمى بهدر المال العام والمحاصصة بقبول المناقصات على الشركات المرتبطة بمرجعيات سياسية وحزبية.

وفي هذا الإطار، أكد وزير التربية والتعليم العالي الياس بوصعب لـ«اللواء» ليلاً رفضه تمرير أي صفقة تحت عنوان إرهاب الوزراء، بفعل الضغوط التي حصلت، وقال: «ليس منطقياً أن يتم تمرير مناقصات فيها هدر للمال العام وفيها أسعار لشركات أعلى من أسعار شركة «سوكلين» وأن الأمور لا تقطع بهذا الشكل»، قائلاً: «نحن لا نشعر بالراحة ولن نوافق»، كاشفاً أنه تسلّم التقرير المتصل بملف النفايات مع الدعوة إلى الجلسة عند العاشرة مساءً، الأمر الذي لا يتيح دراسته بشكل صحيح، فضلاً عن أن الدعوة لمجلس الوزراء صدرت عن الوزير رشيد درباس وليس من قبل الرئيس تمام سلام».

الا انه كان للوزير المشنوق في لجنة المناقصات موقف مختلف عن مقاربة وزراء 8 آذار، إذ أوضح في بيان لاحق أن الأسعار تشمل إقامة معامل للمعالجة وتحضير وتجهيز المطامر في وقت كانت شركة «سوكلين» تشغل معامل موجودة، كما ان الأسعار تشمل موضوع الكنس الذي لم تكن سوكلين تقوم به خارج بيروت.

اما وزير الاقتصاد والتجارة آلان حكيم فكانت له مقاربة مختلفة، إذ اعتبر أن نتائج المناقصة شكلت انجازاً تمثل بجانبين: الأوّل الانتقال من الاحتكار إلى التعددية، والثاني: الانتقال من الاتفاق بالتراضي إلى المناقصة، مؤيداً إسناد مهمة تخفيض الأسعار إلى مجلس الإنماء والاعمار، وأن يكون للبلديات دور في هذا الموضوع.

وتوقع حكيم لـ «اللواء» أن لا يحصل تعطيل في مجلس الوزراء، وإنما تداول في الملف من دون الوصول إلى حل لموضوع المناقصة، مرجحاً أن يُصار إلى تأجيله لمزيد من البحث، غير أن موضوع المطامر وجمع النفايات يمكن بته اما من خلال عقار معين أو إعادة فتح مطمر الناعمة لمدة مؤقتة.

اما وزير الدولة للتنمية الإدارية نبيل دو فريج فقد تمنى أن لا تدخل السياسة في ملف النفايات، وأن تبقى الجلسة علمية مائة في المائة، رافضاً لـ «اللواء» ما تردّد عن أن هناك محاصصة حصلت في نتائج المناقصات، معلناً أن فتح العروض كان واضحاً امام الشركات كما عملية إنجاز الأسعار، لكنه أيضاً استبعد أن تبت اليوم نتائج المناقصات لحين درس الخبراء التقييم المالي وتقديم ملاحظاتهم، موضحاً انه كان في الإمكان الوصول إلى أسعار مخفضة اكثر لو ان دفتر الشروط وضع لمدة 12 أو 15 سنة، وليس بـ7 سنوات فقط، وانه من الطبيعي أن تكون الشركات التي ستدفع اموالاً في تحضير وتجهيز المطامر أن ترفع اسعارها، في حين ان الدولة هي من انجزت مطمر الناعمة وليس «سوكلين».

تجدر الاشارة إلى أن مصادر في حزب الكتائب أوضحت لـ «اللواء» أن رئيس الحزب النائب سامي الجميل الذي زار الرئيس سلام وكذلك الرئيس ميشال سليمان، مع وزراء الحزب، حمل إلى رئيس الحكومة رسالة دعم، شرط أن تنتج الحكومة، مشيرة إلى انه سيكون للحزب موقف حازم ما لم تحل أزمة النفايات بشكل نهائي.

ولفتت المصادر نفسها إلى أن الرئيس سلام أبلغ الوفد الكتائبي أن جلسة مجلس الوزراء اليوم ستخصص فقط للنفايات في ضوء نتائج المناقصات، موضحة أن جلسة الخميس التي ما زالت قائمة ستكون جلسة عادية بجدول أعمال يتضمن 39 بنداً، أقله أن تكون جلسة انتاجية بمعنى ان قرارات ستتخذ ولو بـ18 وزيراً، ومن يريد ان يعطل فليتحمل المسؤولية.

شغب وسط بيروت

ولم تستبعد مصادر نيابية أن يكون ما جرى من احداث شغب وتخريب في وسط بيروت، ولا سيما في ساحتي الشهداء ورياض الصلح أن يكون له علاقة بتوجيه رسالة إلى الرئيس سلام، في أعقاب صدور السبت الماضي دعوته إلى جلسة لمجلس الوزراء الخميس المقبل، فحواها انه ممنوع عليه السير بالأغلبية في المجلس، واصفة ما جرى بأنه تعبير عن «حقد دفين».

وإذا كانت جلسة الحوار السابعة عشرة في عين التينة قد نجحت في إطفاء نيران فتنة الشغب في وسط بيروت، فان المصادر نفسها لم تخف اعتقادها بأن مجموعة من «حزب الله» مع بضعة أفراد من التيار العوني كانت من المندسين الذين اشعلوا الشغب والتخريب.

وكان هذا الأمر موضع إدانة واستنكار من قبل مجموعة واسعة من الجمعيات البيروتية، التي طالبت الجيش والقوى الأمنية بالقيام بواجبها الوطني بشكل حاسم في الحفاظ على أرواح المواطنين وممتلكاتهم وعلى مقرات «الشرعية»، كما طالبت الرئيس سلام بالاستمرار في تحمل المسؤولية الوطنية في هذه المرحلة الصعبة والدقيقة، وهي مطالبة صدرت عن عدد كبير من الشخصيات التي زارت السراي مستنكرة محاولات الاستغلال السياسي لمطالب المجتمع المدني.

وساهمت الاتصالات والمراجعات التي تولاها الرئيس سعد الحريري، ومعه وزير الداخلية نهاد المشنوق في إطفاء نار الفتنة كذلك، وهو ما كشف عنه وفد من نواب عكار زار الداخلية ظهر أمس، أعلن باسمه النائب معين المرعبي انه سيعض على الجرح، ولا يريد صب الزيت على النار، وليعلم الذين كتبوا الشعارات الحقيرة على صورة الرئيس الشهيد رفيق الحريري اننا «نستطيع أن نرد على ذلك بطريقة أقسى».

وكان الوزير المشنوق الذي زار الرئيس سلام قد جال في ساحة رياض الصلح وتفقد الاضرار الناجمة عن أعمال الشغب، مؤكداً التزامه بأمن وأمان كل اللبنانيين وحماية الأملاك الخاصة لكل اللبنانيين وكذلك الأملاك العامة، مشدداً على أن القوى الأمنية لن تسمح للمتظاهرين، سلميين كانوا أم معتدين، بالدخول إلى حرم السراي الحكومي، وإلى حرم مجلس النواب، واكد ان لا انتخابات نيابية قبل انتخاب رئيس للجمهورية.

وفي هذا الإطار، وتحسباً لأي تحركات مقبلة، قد يحاول خلالها المشاغبون خرق طوق السراي، عملت القوى الأمنية، ووحدة حماية السراي على إنزال مكعبات اسمنتية ضخمة في محيط المقر الرسمي من جهة رياض الصلح، شكلت حائط سد يحصّن السراي في وجه اي تهديد أمني، خاصة أن الشرائط الشائكة وحدها ما عادت تكفي.

ولفتت مصادر مطلعة لـ «اللواء» أن هذا الاجراء هو مؤقت، لحين زوال التهديد الأمني للسراي، وهو ليس جديداً وهو شبيه بالجدار القائم عند وزارة الداخلية، وكذلك أمام السفارة السعودية في شارع بلس.

غير ان الجدار لم يحل دون تجدد التظاهرات مساء أمامه، بدعوة من مجموعة «طلعت ريحتكم» بقصد خرقه، وهي كانت أرجأت اعتصامها إلى السبت المقبل، وطالبت، برفض نتيجة فض عروض النفايات.

وأفيد مساء أن مجموعات أمن المتظاهرين رموا الحجارة على القوى الأمنية التي إلتزمت عدم الرد.

وكشف الوزير المشنوق أن أعمال الشغب أدّت إلى سقوط 99 جريحاً من قوى الأمن و61 جريحاً من المدنيين، وانه يتم التحقيق مع عدد من الموقوفين (32) سيتم اطلاقهم إذا ثبت عدم ارتكابهم اي مخالفة قانونية.