IMLebanon

جلسة النفايات: إلغاء المناقصات و100 مليون لعكّار وهدم الجدار

جلسة النفايات: إلغاء المناقصات و100 مليون لعكّار وهدم الجدار

عون يفتعل أزمة حول «صدور المراسيم» .. ويهدّد بالشارع بعد الإنسحاب من مجلس الوزراء

طوى الرئيس تمام سلام خيار الاستقالة، وقرّر مدعوماً من الغالبية الوزارية داخل مجلس الوزراء، ان يمضي قدماً في تحمل المسؤولية، الأمر الذي دفع وزراء تحالف عون – حزب الله إلى الانسحاب من الجلسة، التي اتخذت قراراً «بعدم الموافقة على نتائج مناقصات ملف النفايات وتكليف اللجنة الوزارية البحث في البدائل ورفعها إلى مجلس الوزراء»، فيما وصف وزير الإعلام رمزي جريج تخصيص مائة مليون دولار لمنطقة عكار بأنه «انصاف» لها، ولا يجوز وصفه «بالرشوة».

وكان الرئيس سلام استبق الجلسة باتخاذ قرار جريء بإزالة الجدار الاسمنتي من حول السراي الكبير، في خطوة وصفت بأنها «مريحة وايجابية»، وتعكس موقفاً لرئيس الحكومة ان «لا جدارات تفصل هذه الحكومة عن النّاس ومصالحهم»، وقوبلت الخطوة بارتياح تحركات الحملات المنظمة للاعتصامات في وسط بيروت، ووصفت بانها «ايجابية» وتحتاج إلى خطوات إيجابية أخرى، منها إلغاء المناقصة نظراً للكلفة الباهظة التي يمكن ان تترتب عن السير بها.

وبصرف النظر عن الربط ما بين تخصيص مبالغ لإنماء منطقة عكار المهملة والمحرومة منذ عقود بـ454 مليون دولار هو مجموع المشاريع المخصصة لتلك المحافظة المستحدثة، واستحداث مطامر للنفايات فيها، لا سيما نفايات العاصمة، ريثما تسلك عملية التلزيم طريقها من جديد، فإن هذه الخطوة لاقت اعتراضاً من قبل وزراء عون وحزب الله، فضلاً عن الاعتراض على صدور 70 مرسوماً في الجريدة الرسمية بتوقيع 18 وزيراً تتعلق بامور حياتية وإنمائية وحيوية تهم المواطنين.

وفيما رحّبت كتلة نواب عكار بإقرار المشاريع، ونبهت من خطورة الانجرار وراء شعارات تتحدث عن معادلة «الانماء مقابل النفايات»، فشلت محاولات التحريض لتحريك بلديات عكار لرفض الخطوة والانجرار إلى حملة التحريض العوني على الحكومة ورئيسها ووزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق.

بين الجلستين

والسؤال: كيف ستكون عليها حالة الجلسة العادية لمجلس الوزراء غداً الخميس بعد النتائج السياسية التي آلت إليها جلسة النفايات أمس، والتي تمثلت بمعادلة 18 ضد 6، ومعادلة الإنتاج مقابل الاعتراض، ومعادلة السير وفق الآلية الدستورية وليس وفق آلية التعطيل، سواء داخل الحكومة، أو في الساحات المحيطة بالسراي الكبير؟

المعلومات تتحدث عن ان جولة من المشاورات تكثفت بين الوزراء المسيحيين مع وزيري حركة «امل» لتشكيل مناخ ضاغط يُعيد وضع آلية اتخاذ القرارات ليس في الحكومة وحسب بل في ما خص ممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية على الطاولة واتخاذ قرار عمّا إذا كان الوزراء المنسحبون في الجلسة السابقة سيحضرون جلسة الغد، وكيف سيتصرفون، سواء إذا قاطعوا أو حضروا؟

ولم تشأ مصادر مطلعة على أجواء هذه المعلومات ان تستبق المؤتمر الصحفي لرئيس تكتل الإصلاح والتغيير ميشال عون اليوم، الذي سيتناول فيه الخطوات التي يزمع التيار العوني الإقدام عليها بعدما طلب من مناصريه الالتحاق بحركة الشارع الذي تعددت المجموعات التي تتحرك فيه بين مدنية ومندسة وحزبية، ووضعت آلية لتحركها بين السادسة والتاسعة من كل مساء، تاركة لحملة

«طلعت ريحتكن» أن تقرر الالتحاق بدورها في التجمع اليومي، أو العزف المنفرد على مساءات السبوت.

لكن هذه المصادر اشتمّت رائحة تصعيد يمكن أن يكشف عنها النائب عون، على أن تتزامن مع جلسة غد الخميس التي لا تزال قائمة بجدول أعمال معلن من 39 بنداً، كأبلغ ردّ على محاولات المماحكة، سواء على طاولة السراي، أو بين الأزقة والشوارع التي عادت تمتلئ حاوياتها بالنفايات، بعدما أعلن عمال شركة «سوكلين» للتنظيفات الإضراب يوم أمس.

ولم تخف المصادر عن أن عون وضع نفسه في مأزق، وإن كان يدعمه حزب الله الذي لا يعترض لا على إنماء عكار، ولا على أي مرسوم يتضمن مصالح حيوية أو إنمائية أو نقل اعتمادات ما دامت لا تمس شأناً استراتيجياً أو موقعاً إقليمياً من مواقع الحزب.

إلا أن مصدراً شبه رسمي قال لـ«اللواء» أنه، وبمعزل عمّا سيعلنه عون، فإن ثمة ارتياحاً من النقلة النوعية في عمل الحكومة، على الرغم من الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد في محاولة لتسخين الأوضاع، عشية افتتاح المدارس والجامعات، لإطلاق حراك يتشابه مع بعض ما حفل به «الربيع العربي» أو تسخير الضغوطات المطلبية لفتح الطريق أمام الاستقحاق الرئاسي.

وعليه، يضيف المصدر، لا يمكن معرفة مسار الجلسة غداً، خارج تفاصيل ما حصل أمس الثلاثاء.

«جلسة النفايات»

وأكد مصدر وزاري لـ«اللواء» أن جلسة أمس الاستثنائية كانت مخصصة فقط لبحث أزمة النفايات، في ضوء النتائج الملتبسة لفض عروض الشركات، غير أن النقاش تشعب في اتجاه آلية عمل الحكومة والمراسيم التي صدرت بتوقيع 18 وزيراً، والتي أثارها وزراء «التيار العوني» مدعومين من وزراء حزب الله حيث كان التضامن بارزاً بوضوح بين الطرفين، لا سيما لجهة المطالبة بوقف مفاعيل المراسيم السبعين، غير أن الرئيس سلام أكد أن هذه المراسيم نُشرت في الجريدة الرسمية، وبالتالي لا يمكن العودة عن هذا الموضوع.

ويُضيف أنه بعد أخذ وردّ غادر وزراء الحزب وعون الجلسة، عندما وجدوا أن لا سبيل للتراجع عن قرار تخصيص المبالغ المالية لإنماء عكار، مصرّين على حصر النقاش فقط بالآلية والمراسيم، فيما أكد سلام، في المقابل، إنفتاحه على النقاش في هذا الأمر، في جلسة لاحقة، من دون أن يلقى تجاوباً.

وكشف وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ«اللواء» أن الرئيس سلام اقترح في بداية الجلسة بعد أن تحدث عن تظاهرات ساحتي رياض الصلح والشهداء، طالباً من القوى الأمنية رفع الحاجز الإسمنتي الذي يفصله عن النّاس، تخصيص مبلغ مائة مليون دولار لإنماء عكار، عارضاً أنه إذا قبل به أهل عكار كان به، وإذا رفضوه على اعتبار أنه لفتح مطمر «سرار» فهذا حقهم، لكن وزراء عون وحزب الله مع وزير الطاشناق آرتور نظريان اعترضوا عليه، بحجة أن هذا المبلغ هو «رشوة» لعكار، على حدّ تعبير الوزير جبران باسيل.

إلا أن الاقتراح أقرّ من غالبية الوزراء رغم اعتراض أربعة وزراء هم: باسيل، محمّد فنيش، حسين الحاج حسن، نظريان، فيما كان الوزير الياس بوصعب غادر الجلسة قبل ذلك، وكان الوزير روني عريجي خارج لبنان.

ولم تخلُ الجلسة من مشادة محدودة بين الوزيرين درباس وباسيل على خلفية كلام كان قاله الأول في الجلسة الماضية عن البابا والوضع المسيحي، فردّ درباس مؤكداً أن جلسات المجلس مدونة ومسجلة، وأنه يتحدّى أن يكون قد قال ما تفوّه به باسيل، وتوجّه إليه خاتماً النقاش معه: «أنا لست بحاجة إلى شهادتك، فالقاصد الرسولي يعطيني بركته في كل مرّة ألتقيه».

وأوضح المصدر، أنه، ولدى انسحاب وزراء الحزب وعون، طرح الرئيس سلام موضوع نتائج مناقصة النفايات وطلب من وزير البيئة محمّد المشنوق شرح الموقف، فعرض بشكل مفصل الموضوع، وأعطى مقارنة بالأسعار بين عروض الشركات وأسعار «سوكلين»، وصفت بأنها لم تكن موفقة، وحيال ذلك قرّر الوزراء عدم قبول النتائج، وطالبوا بإدخال تعديلات على دفتر الشروط بحيث تكون الشركات التي تشارك في المناقصات أكثر وأن تعطي أسعاراً أفضل.

ولفت المصدر إلى أن إعادة النظر بالمناقصات يعني أن يُصار إلى تحسين دفتر الشروط، لأنه في ظل الدفتر الحالي لم يكن باستطاعة الشركات أن تعطي أسعاراً مختلفة، لأن مُـدّة العقد لم تكن تتجاوز السبع سنوات، فيما يتطلب أمر معالجة النفايات إنشاء معامل ومطامر وقضايا تقنية باهظة الثمن، ولذلك يفترض بدفتر الشروط المقبل أن تكون مُـدّة العقد أكثر من سبع سنوات.

ووصف وزير العمل سجعان قزي ملف النفايات خلال الجلسة، بأنه أصبح قنبلة موقوتة، معتبراً أن منع سقوط لبنان في دائرة الفتنة يمر بمعالجة النفايات، مشيراً إلى أنه لو أخذ مجلس الوزراء بمقترحات حزب الكتائب في 12 كانون الثاني الماضي لكانت المناقصات جاءت بأكلاف أرخص مما هي عليه اليوم.

ولاحظ قزي أن ملف النفايات أصبح سلاحاً بيد من يريد إدخال ما يسمى «بالربيع العربي»، حيث استعمل في تونس ملف الفساد، وفي مصر الانتخابات المزوّرة، وفي سوريا انطلقوا من منع الحجاب في المدارس، وفي اليمن من التجاوزات العسكرية ويريدون الانطلاق في لبنان من النفايات، داعياً إلى مواجهة ذلك بحزم.

على أن اللافت بعد انتهاء الجلسة، حضور وزير المال علي حسن خليل إلى السراي، والتقى الرئيس سلام في خلوة ثنائية، أعلن بعدها خليل ان رواتب الموظفين مؤمنة، وهي بحاجة إلى قرار مجلس الوزراء بنقل الأموال من احتياط الموازنة إلى بند الرواتب.

وفهم من كلام خليل بأنه إشارة إلى ان جلسة الخميس قائمة، حيث سيكون بند الرواتب أولوية في جدول الأعمال إضافة إلى الاستحقاقات المالية والهبات والقروض، والدعوى المقامة على الدولة من إحدى شركات الطيران والمقدرة بمليارات الدولارات.