«قرارات إنقاذية» للحكومة لتفادي الإنهيار المريع
إنشغال دبلوماسي دولي بالتهدئة.. وغياب وزراء عون وحزب الله «سيناريو تسهيلي»
حزمة القرارات التي اتخذها مجلس الوزراء أمس، والتي لا خلاف على اعتبارها حيوية، وتتعلق بالأمن الاجتماعي للموظفين والعسكريين ومالية الدولة، يمكن وصفها «باجراءات احتياطية»، في ما لو تفاقمت الأزمة السياسية في البلاد، في ضوء مؤشرين على دخول الأزمة مرحلة صعبة ومصيرية:
1- الموقف الذي سيعلنه النائب ميشال عون في المؤتمر الصحفي الذي سيعلنه في الحادية عشرة من قبل ظهر اليوم، والذي استبقه بزيارة استمرت ساعتين إلى بكركي والطلب إلى البطريرك الماروني بشارة الراعي الانضمام إلى ما يسمى «استعادة حقوق المسيحيين في الشراكة».
وحسب المعلومات ان النائب عون أبلغ الراعي ان تياره يتجه إلى خطوات تصعيدية سيكشف عن بعضها في مؤتمره الصحفي، عبر الدعوة إلى التظاهر الأسبوع المقبل، بمعزل عن حراك هيئات المجتمع المدني.
وفي ضوء هذه المعلومات، أجرى رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط اتصالاً بالنائب عون، متمنياً عليه ان يغلب الحكمة على التصعيد في ضوء مساعي الرئيس نبيه برّي عبر التمني على الرئيس سلام ارجاء الدعوة إلى جلسة جديدة لمجلس الوزراء، ريثما يتم التفاهم على آلية اتخاذ القرارات فضلاً عن التعيينات الأمنية التي ما يزال التيار العوني يثيرها سواء في اللقاءات أو المشاورات الجارية.
وافيد في هذا السياق ان السفيرين الأميركي والفرنسي يؤيدان المشروع القاضي بترفيع عدد من عمداء الجيش، ومن بينهم العميد شامل روكز، بقصد إنهاء الأزمة الراهنة، وتوفير أجواء التهدئة للبلاد، لكن وزير الدفاع ما يزال يرفض التوقيع على هذا الأمر الذي بحسب المعلومات، لا يحتاج إلى قانون من مجلس النواب.
2- اما المؤشر الثاني فيتعلق بالتجمع الذي دعت بضع حملات للمجتمع المدني والنقابي إليه، عند السادسة من مساء غد في وسط العاصمة، بعد مؤتمر صحفي يعقد عند الخامسة من مساء اليوم للاعلان عن مكان التجمع وشعاراته ومداه الزمني، وتشكيل لجان ارتباط لمنع التخريب على الحراك السلمي والتنسيق مع القوى الأمنية.
وهذا الموضوع حضر إلى جانب الموضوع السياسي بقوة في مناقشات مجلس الوزراء التي غاب عنها ستة وزراء يمثلون التيار العوني و«حزب الله» والطاشناق و«المردة»، وتركزت المناقشات على ان التظاهر حق يكفله الدستور، وأن التعدّي على قوى الأمن أو السراي أو الأملاك العامة والخاصة، غير مقبول، وأن ما تقوم به وزارة الداخلية موضع تقدير يجب ان يستكمل، على ان تتخذ الأجهزة الأمنية بالتنسيق مع الجيش ما يلزم من إجراءات لحماية التظاهر والحؤول دون افتعال أعمال شغب تغير وجهة التحرّك السلمي وتأخذ البلاد إلى المجهول.
وكشف مصدر وزاري شارك في المناقشات، أنه تمّ الاتفاق على التنسيق بين وزارتي الدفاع والداخلية لحفظ حرية التظاهر من جهة وضبط الأمن ومنع التعدي على الممتلكات ورموز الشرعية من جهة ثانية.
وتوقف المصدر عند الكلام الخطير الذي قيل في الجلسة عن خطورة الوضع، والمخاوف من دخول أكثر من «طابور خامس» على خط التظاهر للتعدي على الممتلكات والمتظاهرين وقوى الأمن، عبر عمليات عنف تمهّد لفتنة تنتشر في بيروت والمناطق.
يُشار إلى ان الهيئات الاقتصادية التي عقدت اجتماعاً طارئاً ليل امس الأوّل، نددت باعمال الشغب التي اقترفها بعض المتظاهرين، ورأت انها ارتدت سلباً على لبنان واللبنانيين واساءت إلى سمعة لبنان في محيطه العربي وفي الخارج، مع انها تؤيد مبدأ التظاهر السلمي وحرية التعبير، ودعت الهيئات الى تفعيل عمل الحكومة وسائر المؤسسات الدستورية وفي طليعتها مجلس النواب، مشيرة إلى ان الممر الإلزامي لانتظام عمل المؤسسات يبقى في انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
مقاطعة الجلسة
والسؤال: هل مقاطعة الوزراء الستة لجلسة القرارات الدسمة، كانت لتسهيل اتخاذ القرارات الحيوية، أم هي تعبير عن إجراء تصعيدي له أبعاد سياسية، كما أشارت محطة O.T.V الناطقة بلسان التيار العوني؟ ولفتت إلى أن قرار المقاطعة اتخذ في ساعة متأخرة من ليل أمس الأول، في ضوء معلومات نقلت عن صعوبات تواجه توقيف المراسيم التي وقعت من 18 وزيراً باعتبارها مراسيم عادية تهم مصالح النّاس، ولا شأن للميثاق أو الدستور أو الشراكة بها، وذلك بعدما اطلع عون الذي أرسل إليه 70 مرسوماً عليها فقرر المضي في التصعيد، فأبلغ حزب الله بذلك الذي نقل إليه الموقف المعروف بأن الحزب إلى جانبه في أي موقف يتخذه، سواء في مجلس الوزراء أو في الشارع.
ورأت وكالة «رويترز» في ما أسمته مقاطعة «جماعة حزب الله وحلفائه من السياسيين المسيحيين لاجتماع مجلس الوزراء أمس، مؤشراً على التوترات السياسية المتصاعدة التي أصابت عمل حكومة الوحدة الوطنية بقيادة رئيس الوزراء تمام سلام بالشلل».
مخرج ذكي
واستندت المصادر إلى نظرية التصعيد، إلى الاتصال الذي أجراه الوزير جبران باسيل بالرئيس سلام وأبلغه قرار المقاطعة، فأمل سلام في مستهل الجلسة باستمرار التواصل بين القوى السياسية لإيجاد الحلول والمخارج التي تعيد الجميع إلى المشاركة في الجلسات، في حين لاحظت مصادر وزارية أن المقاطعة كانت عبارة عن «مخرج ذكي» لتمرير القرارات التي اتخذت في الجلسة، على اعتبار أن اتخاذ القرارات في حضور الوزراء الستة قد يُشكّل إحراجاً لهم.
وأوضح مصدر حكومي، ان الرئيس سلام سيتعاطى مع تمني الرئيس برّي له التريث في الدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء بإيجابية، بقصد إفساح المجال امام الاتصالات السياسية للوصول إلى صياغات ونتائج تتيح عودة الانتاجية إلى الحكومة.
وقال ان الرئيس سلام سينتظر نتائج هذه الاتصالات لاتخاذ قراره في هذا الصدد، من دون ان يستبعد عقد الجلسة الأسبوع المقبل، في حال حققت الاتصالات اختراقاً خلال اليومين المقبلين.
وكشف ان أمانة رئاسة الحكومة ارسلت المراسيم الـ70 الموقّعة من قبل 18 وزيراً إلى النائب عون لكي يتأكد شخصياً ان هذه المراسيم غير ميثاقية ولا تتعلق بامور أساسية مهمة، بل هي فقط مجرّد مراسيم عادية جداً لا تمس الوكالة المعطاة إلى مجلس الوزراء في ظل الشغور الرئاسي.
وفي تقدير المصدر المذكور، فإن الرئيس برّي هو الذي تولى تأمين انعقاد الجلسة الحكومية أمس، واتخاذ القرارات، وبالتالي فإن التعامل معه لا يجوز ان يتم من خلال اصطفافات مذهبية أو طائفية، مؤكداً ان الرئيس سلام ليس في وارد الموافقة أو القبول بالفكرة التي ترددت أمس عن محاولة لعقد اجتماع سني في دار الفتوى قيل انه سيعقد قبل ظهر الأحد المقبل في دار الفتوى لدعم رئاسة الحكومة، في ضوء التحركات الشعبية التي تطالب بإسقاط الحكومة. ووصفت الفكرة بأنها «غير موفقة»، مشيراً إلى ان جزءاً كبيراً من التحركات الشعبية تحمل مطالب محقة ولا يفيد التعامل معها باصطفافات طائفية.
وكان مصدر نيابي أوضح ان هذا الاجتماع لا علاقة له بالقمة الروحية التي ستعقد في بكركي يوم الاثنين المقبل، والتي سيكون عنوانها «ملء الفراغ الرئاسي».
ولفت المصدر إلى ان جلسة مجلس الوزراء نجحت في إنجاز أمور أساسية واخذت قرارات موضحاً ان البحث في موضوع النفايات كان جدياً، لكننا لم نصل إلى نتيجة، ونحن ننتظر من البلديات استجابة للقرار المتخذ في هذا الخصوص، علماً ان التجربة مع البلديات لم تكن ناجحة في ما مضى.
وفي السياق ذاته، رأى مصدر وزاري لـ«اللواء» ان مجلس الوزراء أكّد أمس انه يستطيع ان يكون منتجاً عندما يكون هناك فريق عمل متجانس بدليل القرارات التي صدرت، غير ان المجلس ما يزال عاجزاً عن حل أزمة النفايات بسرعة بسبب الخلافات السياسية من جهة، وعرقلة القوى المتظاهرة للحلول التي وجدت، بما فيها حل منطقة عكار، وكأن هناك أطراف تقف وراء المتظاهرين لا تريد للحلول ان تستمر.
وأوضح ان النقاش تمحور في الجلسة حول كيفية الخروج من أزمة النفايات وطرحت عدة اقتراحات من بينها تأمين مطمر جديد ومواصلة الاتصالات مع فعاليات عكار لهذه الغاية، وكذلك إعادة النظر بدفتر الشروط السابق للمناقصات وسد ثغراته، وتحرير أموال البلديات لكي تكون جاهزة لمعالجة النفايات بانتظار الانتهاء من دفتر الشروط والمناقصة الجديدة.
وكشف المصدر ان وزراء حزب الكتائب ألمحوا بالانسحاب من الجلسة إذا لم يتم تبني الخطة التي طرحوها، وانه جرى اتصال بين الرئيس سلام ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل، وتقرر خلاله إعادة النظر في موضوع الانسحاب أو الاستقالة.