إستقالة المشنوق من ملّف النفايات .. وتكليف شهيِّب رئاسة لجنة خبراء
مبادرة برّي تعلّق ما دونها .. وعون يردّ الكرة لبكركي
علقت أزمة النفايات جلسات مجلس الوزراء، وعلقت مبادرة الرئيس نبيه برّي كل ما دونها من أنشطة، بما في ذلك اجتماعات كل اللجان النيابية التي كانت وحدها تخرق تعطيل التشريع، بما فيها لجنة البيئة النيابية التي كان مقرراً ان تجتمع غداً.
وفي المعلومات ان المبادرة نفسها اطاحت بالقمة الإسلامية – المسيحية التي استعيض عنها، أمس، في بكركي بقمة مسيحية روحية، شددت على «وجوب استمرارية الحكومة الحالية في عملها فلا تسقط أو تستقيل طالما هناك فراغ في سدة الرئاسة الأولى (…) وما يقوم به رئيس الحكومة تمام سلام ومجلس الوزراء بالتعاون مع رئيس المجلس النيابي نبيه برّي ينبغي دعمه ومؤازرته».
لكن بيان بكركي المسيحي بقدر ما وفر دعماً لاستمرار عمل الحكومة والمجلس، وارتياحاً في الأوساط الوطنية والإسلامية، شكل صدمة «للتيار الوطني الحر» قبل 72 ساعة من موعد نزوله إلى الشارع، عندما اشارت بكركي إلى ان «خارطة الطريق تبدأ بانتخاب فوري لرئيس الجمهورية، ثم تأليف حكومة جديدة تعالج كل المشاكل بما فيها قانون الانتخاب».
واعتبرت محطة O.T.V الناطقة بلسان التيار العوني ان «مرجعية كبرى تغطي المؤامرة عن حسن نية ظاهراً لكنها توصل في باطنها إلى التعمية».
وربطت المصادر بين بيان بكركي واللقاء الفاشل بين النائب ميشال عون والبطريرك الماروني بشارة الراعي، حيث عبر بيان القمة المسيحية عن نقاط الخلاف التي تتمثل باختلاف جذري بين عون والراعي، فالاول لا يعترف بشرعية المجلس والثاني يعترف ويطالب النواب بالنزول إلى المجلس وانتخاب الرئيس أولاً، بينما يُصرّ عون على انتخاب الرئيس من الشعب إلى كامل نقاط خارطة الطريق.
وكشفت المصادر لـ«اللواء» ان عون استعان بنفوذ «حزب الله» للحؤول دون انعقاد القمة الروحية الإسلامية – المسيحية التي كانت مقررة حتى الساعات الأولى من صباح أمس، وانتظر رؤساء الطوائف المسيحية لبعض الوقت قبل ان يتبلغوا ان رؤساء الطوائف الإسلامية، أو على الأقل بعضهم ليس جاهزاً للمشاركة في القمة، لا سيما بعد مبادرة الرئيس برّي التي وضعت الهواجس المسيحية على الطاولة.
وأشارت هذه المصادر إلى ان عون طلب من حليفه بذل ما يمكن من جهد لئلا تأتي القمة الروحية وكأنها تنزع عنه الغطاء بوصفه المرشح الأقوى في المكون المسيحي، علماً ان بكركي كانت تسعى لتأمين اجتماع للقادة الموارنة الأربعة الذين وافق ثلاثة منهم على الحضور، فيما امتنع عون عن الموافقة على الفكرة، انطلاقاً من كونه المرشح الأقوى.
النفايات إلى لجنة خبراء
وقبل ساعات قليلة من موعد عودة «طلعت ريحتكم» إلى الشارع، عبر خطوات تصعيدية، وفقاً لما أعلن أحد نشطاء الحملة طارق الملاح ومنها قطع الطرقات، بدءاً من اليوم، طرأ تطوّر على ملف النفايات تمثل بتنحي وزير البيئة محمّد المشنوق عن اللجنة الوزارية، وتمثل التطور الثاني باصدار الرئيس سلام قراراً بتكليف وزير الزراعة اكرم شهيب (كان وزيراً سابقاً للبيئة) ترؤس لجنة من الخبراء وأصحاب الاختصاص تنظر في ملف النفايات وتقترح مخارج وحلول فورية للأزمة، في ضوء ما صدر عن مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة، على ان ترفع اللجنة نتائج عملها إلى الرئيس سلام، بعد الانتهاء من الاجتماعات المفتوحة.
وأوضح مصدر حكومي ان اللجنة الوزارية لم تحل رسمياً، وإنما حلت مكانها لجنة فنية من الخبراء، بما يتوافق مع مطالب الحراك المدني، وهي وضعت في عهدة الوزير شهيب الذي له باع في هذا الملف، وعمل عليه عندما كان وزيراً للبيئة، وله صداقات في هذا المجال، مشيراً إلى ان الخطوة تمت بمعرفة وموافقة النائب وليد جنبلاط مما يعطي شهيب دعماً اضافياً لاستكشاف الحلول.
ولفت المصدر إلى أن تكليف شهيّب بالملف كان مخرجاً لائقاً لمشكلة تنحي وزير البيئة، الذي بادر إلى فتح الباب صباحاً بطلب إعفائه من مهمته وتعيين لجنة من الخبراء.
ولاحظ المصدر أن الوزير المشنوق حُمِّل أكثر مما يحتمل من أعباء ملف عمره 20 سنة من الإهمال وسوء التخطيط، ومن الظلم إلقاء اللوم عليه وتحميله لشخص واحد في ظل الخلافات السياسية التي حالت دون الوصول إلى نتائج إيجابية، في هذا الملف وفي غيره من الملفات.
ونفى المصدر أن تكون لخطوة سلام علاقة بمطالب الحراك المدني الذي طالب باستقالة الوزير المشنوق وليس تنحيه عن الملف.
إلى ذلك أكدت مصادر وزارية زارت السراي مساء أمس أن تنحي الوزير المشنوق عن ملف النفايات، جاء بفعل عدم قدرته على انتزاع قرار سياسي بإيجاد مطامر، ولكي لا يبقى في الواجهة، معتبرة أن تسلّم الوزير شهيّب، من كتلة النائب جنبلاط، الذي أقفل مطمر الناعمة، والذي كان شرارة مشكلة النفايات، يُفترض أن يقدم تقريره حول كيفية معالجة الموضوع خلال الأيام المقبلة، وساعتئذٍ تقرر الحكومة إذا كانت ستجتمع لاتخاذ القرار.
وكشف المصدر أن الجلسات العادية مجمّدة في انتظار ما ستؤول إليه طاولة الحوار التي دعا إليها الرئيس برّي.
وعندما سئلت المصادر أنه في حال طالت جلسات الحوار، قالت المصادر «عندها لكل حادث حديث»، مؤكدة أن أي جلسة استثنائية للحكومة ستكون للنفايات فقط.
من جهته، كشف وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ«اللواء» أن الوزير شهيّب بدأ بوضع خطوط فورية ومتوسطة وطويلة الأجل بالإشتراك مع خبراء وفنيين لمعالجة أزمة النفايات، مشيراً إلى أنه «آن لهذا الملف أن يخرج من التجاذبات السياسية ويكون سبباً لاتفاق الأطراف السياسية حول نقطة إيجابية تقي لبنان من التسمّم الحقيقي ناهيك عن التسمم السياسي».
وأوضح أنه «عندما يصبح الجو نظيفاً، ويتم التفاهم على الخطة التي سيضعها الوزير شهيّب سيجتمع مجلس الوزراء لإقرار الخطة، ونحن نعوّل على نظافة العقول والقلوب والذهاب إلى ما ينفع الناس».
وكشف مصدر حكومي لـ«اللواء» أن الرئيس سلام بادر مساء أمس الأول وفور انتهاء الرئيس برّي من خطابه في مهرجان النبطية، إلى الاتصال به هاتفياً مشيداً بدوره الوطني، مؤكداً استعداده للانخراط في طاولة الحوار عند اكتمال توجيه الدعوات.
ورفض المصدر التكهن بنتائج الحوار منذ الآن، مشيراً إلى أن هذا الأمر يتوقف على القوى السياسية ومدى استعدادها للوصول به وبلبنان إلى بر الأمان.
مبادرة برّي
ومثلما علّقت أزمة النفايات اجتماعات مجلس الوزراء، فإن مبادرة الرئيس برّي، كما يبدو، علّقت أو أوقفت كل ما دونها، على حدّ تعبير المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم الذي أبلغ وفد رابطة خرّيجي الإعلام برئاسة الزميل الدكتور عامر مشموشي، أنه «بعد مبادرة برّي لا مكان للمبادرات»، في إشارة إلى مبادرة ترقية العمداء في الجيش، مضيفاً بأن مبادرة برّي قد تكون بداية لانفراجات، خصوصاً بعد أن أبدي معظم الأطراف موافقتهم عليها.
وفيما أعلن «حزب الله» رسمياً تأييده الكامل للمبادرة الحوارية للرئيس برّي، واصفاً إياها بأنها «فرصة لإيجاد منفذ يؤدي إلى حلحلة الكثير من القضايا العالقة في البلاد»، رحّب النائب جنبلاط بالحوار «الذي يبقى السبيل الوحيد للتفاهم بين اللبنانيين لاجتياز التحديات الصعبة التي يمر بها لبنان والمنطقة»، داعياً إلى «تلافي الغرق في عناوين خلافية مطاطة».
ووصف مصدر نيابي في كتلة «المستقبل» مبادرة برّي بأنها «حجر في مياه راكدة» وهي من دون شك خطوة إيجابية، ولا أحد يستطيع ان يقول لا لمبادرة حوارية تحت سقف المبادئ الدستورية.
ولفت المصدر إلى ان المبادرة ستناقش اليوم في اجتماع الكتلة، بانتظار ان تتبلغ نص الدعوة، مشيراً إلى انه سيُصار لاحقاً إلى التدقيق في أعداد المتحاورين وطبيعتهم، بقصد الحفاظ على التوازن السياسي والطائفي، ومعرفة ما المقصود بتعبير برّي «قادة الكتل النيابية»، حيث كان في الحوار السابق تعتمد الكتلة التي تضم أربعة نواب وما فوق.
وأشار إلى انه في المرحلة التحضيرية للحوار لا بدّ من ان تناقش مسألة الضمانات بأن يتم تنفيذ ما يتفق عليه، خصوصاً وانه في الحوارات السابقة اتفقنا على قضايا لم تنفذ، مثل تحديد الحدود وسلاح المخيمات الفلسطينية والمحكمة الدولية ومقررات بعبدا، فضلاً عن موضوع الاستراتيجية الدفاعية التي لم نتوصل إلى اتفاق حولها.
وتوقعت مصادر في تكتل التغيير والإصلاح ان تبحث مبادرة برّي في اجتماع التكتل اليوم وأن يتخذ الموقف المناسب في هذا الصدد.
وأوضحت انه في ما خص مبادرة اللواء إبراهيم فلا تزال خاضعة للتشاور بعد التعديلات التي ادخلت عليها.
ورأى عضو التكتل النائب سليم سلهب لـ«اللواء» انه قد لا تبحث المبادرات بالمفرق بل ان مبادرة اللواء إبراهيم ستبحث من ضمن الحوار الذي دعا إليه رئيس المجلس، خصوصاً انها تساهم في تفعيل عمل مجلسي النواب والحكومة.
وكشف النائب سلهب انه في الاجتماع الأخير للتكتل فهم المشاركون ان هناك عملاً يجري بشأن هذه المبادرة.