IMLebanon

«حوار الإنقاذ»: ملء الشغور الرئاسي أو تقطيع الوقت

«حوار الإنقاذ»: ملء الشغور الرئاسي أو تقطيع الوقت

المشنوق يُعلِن منع إحتلال الوزارات .. والرابية تتّهم فيلتمان بالسعي لإبعاد عون عن الرئاسة

قبل أقل من أسبوع من انعقاد «حوار الانقاذ» الذي دعا إليه الرئيس نبيه برّي، أخذت الحركة في الشارع بُعداً يتقاطع عند كسر «الستاتيكو» وتبديل للمشهد السياسي اللبناني، عبر وضع انتخاب رئيس جديد للجمهورية على الطاولة، وبلورة مشروع انتخابي جديد لمنع لبنان من الانحدار إلى مستنقع الفوضى التي تمر بها المنطقة، على الرغم من ان اللاعبين الاقليميين والدوليين لا يزالون يلتقون عند «ان لا مصلحة بانهيار لبنان أو عودة اعمال العنف»، وفقاً لدبلوماسي غربي، لا يُخفي ارتباط ما يجري بتعثر الحلول لازمتي سوريا واليمن، وبقاء التوتر في العلاقات الإقليمية ذات الامتدادات داخل الوضع اللبناني.

وفيما كانت حملات الحراك المدني، لا سيما حملة «بدنا نحاسب» وحملة «طلعت ريحتكم» تسعى لإعادة تقييم ما حصل، في ضوء ما أعلنه وزير الداخلية نهاد المشنوق عن قرار سياسي يمنع احتلال أي مرفق رسمي ولو اقتضى الأمر استخدام القوة، مع السماح بالتظاهر لأصحاب المطالب المحقة وفقاً للدستور والقوانين المرعية، كان «التيار الوطني الحر» يستبق طاولة الحوار بتحريك تظاهرات سيّارة من سنتر ميرنا شالوحي، باتجاه مناطق كسروان والمتن، وصولاً إلى قصر بعبدا، مطالبة بانتخاب رئيس قوي للجمهورية، تمهيداً لشعارات مماثلة من المتوقع ان ترفعها التظاهرة العونية في ساحة الشهداء غداً الجمعة.

ولاحظت مصادر سياسية متابعة ان الشارع بدأ يستعد للضغط على طاولة الحوار، بصرف النظر عن جدول الأعمال الذي يواجه بدوره جدلاً في أوساط المدعوّين إلى الطاولة لجهة «العمومية والغموض»، هما سمتا جدول الأعمال المدرج في الدعوة التي تسلم تباعاً للشخصيات المدعوة.

ومع ان الدعوة تحمل في طياتها ومقدمتها عبارة ان الحوار «محاولة للخروج مما نحن فيه، وابتكار حلول تنبع من رغبات شعبنا»، فإن صدى الشارع بدأ يتحضر لرفع الصوت في تظاهرات تتزامن مع موعد الدعوة في المجلس النيابي الذي انضم إلى السراي في احاطته بتحصينات من الاسلاك الشائكة والاسوار الحديدية، فضلاً عن تعزيز الحاميات لكل من هذين المقرين.

واستبقت أوساط «التيار العوني» الجلسة الأولى المقررة الأربعاء المقبل لهيئة الحوار الوطني، بالترويج سياسياً بأن النائب ميشال عون سيطالب بانتخاب رئيس قوي، ووضع قانون جديد للانتخابات، وتكرار الخطاب العوني المعروف من الأزمة، في ظل ارتفاع أصوات «حزب الله» والعونيين ضد ما وصفوه بـ«وصاية دولية جديدة»، تحضر في الخارج من خلال مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية جيفري فيلتمان والذي كان سفيراً للولايات المتحدة في بيروت، والذي تتهمه أوساط 8 آذار بالوقوف وراء الاحاطة التي قدمتها منسقة الأمم المتحدة الخاصة بلبنان سيغريد كاغ مساء أمس امام مجلس الأمن، في ضوء حملة «طلعت ريحتكم» والحشد الشعبي الذي استجاب للتحرك السبت في 29 آب الماضي.

وكان مجلس الأمن أذاع بياناً بعد اجتماعه قال فيه رئيس المجلس لهذا الشهر السفير الروسي فينالي شوركين ان الجلسة لم تكن طارئة، مؤكداً في مؤتمر صحفي مضمون البيان الذي جاء فيه:

«أعرب أعضاء مجلس الأمن عن دعمهم لحكومة لبنان ورئيس الوزراء سلام. وبناء على البيان الرئاسي الصادر من مجلس الأمن في مارس آذار، جدد الأعضاء التأكيد على الحاجة لأن يجتمع البرلمان اللبناني لانتخاب الرئيس في أقرب وقت ممكن من أجل وضع حد لعدم الاستقرار الدستوري».

وأعرب أعضاء مجلس الأمن الدولي عن تطلعهم لانعقاد الاجتماع رفيع المستوى لمجموعة العمل الدولية لدعم لبنان، المقرر خلال أعمال المداولات العامة للجمعية العامة.

ونقل زوّار الرئيس نبيه برّي عنه دهشته لتزامن انطلاق الحراك في الشارع بعيد وقت قصير من جس نبض عدد من سفراء الدول الكبرى بنيته إدارة حوار بين قادة الكتل النيابية، وعما إذا كانت جهات تريد توظيف هذا الحراك لتصفية حسابات أو تحقيق مكاسب.

ولم يستبعد مصدر مطلع أن يتزامن حوار المجلس الذي يتجه الرئيس برّي لتكثيف جلساته دون انقطاع، مع حراك ضاغط في الشارع دون انقطاع أيضاً.

وأشار هذا المصدر إلى أن لا خلاف على أن انتخاب رئيس جديد للجمهورية هو مفتاح الخروج من المأزق، وأن شبح المخاوف من فشل التوصّل إلى تفاهم حول هذا الموضوع من شأنه أن يطيح بالحوار أو يوقفه، إلا إذا شاء الرئيس برّي أن يبدأ من المواضيع الأقل خلافاً حولها كاللامركزية وقانون استعادة الجنسية، على الرغم من إقرار الجميع بأولوية البدء بانتخاب رئيس للجمهورية والاتفاق على قانون جديد للانتخابات كمقدمة ضرورية للتغيير المنشود من السياسيين ومن المتظاهرين على حدٍّ سواء.

وأمل الرئيس برّي، في لقاء الأربعاء النيابي أن تتجاوب جميع الأطراف ليكون الحوار المأمول منتجاً ويصل إلى قرارات عملية، مشيراً في هذا السياق إلى أن الحوار اليوم يختلف عن حوار العام 2006 في المضمون، ففي الحوار السابق كانت القضايا المدرجة على جدول الأعمال ذات طابع خارجي (كترسيم الحدود وضبط سلاح المخيمات) وبالتالي كانت تخضع من حيث التنفيذ لاعتبارات تتجاوز اللبنانيين، أما حوار اليوم فهو محصور بالقضايا الداخلية، وبالتالي يمكن في حال حصول اتفاق حولها أن تأخذ طريقها إلى التنفيذ بالإرادة اللبنانية.

وفي تقدير مصدر نيابي أن إحاطة برّي للحوار السابق، كان بمثابة توضيح، إذا لم يكن رداً، على المشككين بالحوار أو المتريثين منه، ومنهم على سبيل المثال «القوات اللبنانية» التي تتجه إلى احتمال مقاطعة الحوار باعتبار أنه «غير مجدي» استناداً إلى تجربة حوار العام 2006 على حدّ تعبير النائب جورج عدوان الذي أعلن أن قرار مشاركة «القوات» أو عدمه سيتخذ خلال 48 ساعة.

وكان عدوان قد اجتمع، أمس، برئيس كتلة «المستقبل» الرئيس فؤاد السنيورة في مبنى المجلس، على هامش جلسة انتخاب رئيس الجمهورية ذات الرقم التسلسلي 28 والتي أرجئت كالعادة إلى 30 أيلول الحالي، بقصد التشاور في مسألة دعوة برّي للحوار، من دون أن يتم الاتفاق على رؤية موحدة منها، إذ أن كتلة «المستقبل» كما أعلنت في بيانها أمس الأول، رحّبت بالدعوة، معتبرة أن «هناك إمكانية كبيرة بأن تكون هناك مبادرة لبنانية للخروج من المأزق تتمثل بانتخاب رئيس الجمهورية بحسب ما أعلن الرئيس السنيورة، في حين طرح عدوان تساؤلات حول جدوى الحوار، انطلاقاً من عدم تمكن لا حوار 2006 ولا حوار بعبدا من التوصّل إلى اتفاق حول سلاح «حزب الله» الذي هو في نظر «القوات» الأصل في كل مشكلات البلد.

وشدّد الرئيس السنيورة على أن المشكلة الأساسية التي تُعرّقل عمل كل المؤسسات الدستورية وتعرقل كل البلاد باتجاه حلحلة المشاكل الحياتية هي موضوع انتخاب رئيس الجمهورية، لافتاً النظر إلى أن هناك من يريد أن يحرف الاتجاه ويبعد النّاس عن مسألة الشغور الرئاسي، من ضمن محاولات لضرب الشرعية في لبنان واتفاق الطائف.

مؤتمر المشنوق

وفي مؤتمره الصحفي الذي خصصه وزير الداخلية نهاد المشنوق لعرض نتائج التحقيقات في أحداث 22 آب التي أفرطت فيه القوى الأمنية في استخدام القوة، بحسب تأكيد المشنوق، رغب وزير الداخلية بأن يوجه نصيحة أو رسالة سياسية للمتظاهرين، مؤداها أن لا ربيعاً لبنانياً قبل انتخاب رئيس للجمهورية وإقرار قانون انتخاب جديد، لافتاً نظرهم إلى أن ذلك هو الأسلوب الوحيد للتغيير، «فلا شيء يبني دولة ويحقق نتائج إلا عبر صراع سياسي على قانون انتخاب، وأي أمر آخر هو إثارة للفوضى وتعريض المؤسسات».

ولم يخل المؤتمر سياسياً من نقدغير مباشر للحراك الذي يعتزم العماد عون تنظيمه في ساحة الشهداء الجمعة، متسائلاً عن الجدوى من امتحان الشارع في وجه لا أحد، طالما انه موافق على المشاركة في الحوار، ومشارك اصلاً في الحكومة.

وفي الأمن، اعتبر الوزير المشنوق ان سياسة شبطنة قوى الأمن جريمة، فهي من النّاس، ومن يراها غير ذلك مصاب بعمى وطني، مؤكداً ان القوى الأمنية ستقوم بجهدها لحفظ أمن التظاهرات، إلاَّ ان الاعتداء على أي مؤسسة عامة سيتم حسمه من اللحظة الأولى تحت سقف القانون بالقوة إذا استوجب الأمر.

وأعلن ان نتيجة التحقيقات في تظاهرة 22 آب أثبتت انه حصل افراط في استعمال القوة تمثل في استخدام الرصاص المطاطي عن قرب ورمي القنابل المسيلة للدموع، مقراً بأنه تمّ إطلاق النار لكن في الهواء وليس على المتظاهرين، كاشفاً انه تمّ إحالة ضابطين للمجلس التأديبي ومعاقبة 6 عسكريين بعقوبة مسلكية لقيامهم بالتصرف بشكل تلقائي، كما تمّ توجيه تأنيب لبعض الضباط لتركهم وسائل اتصالهم في مكاتبهم.

وكشف ان عدد جرحى قوى الأمن يفوق المتظاهرين إذ بلغ عدد الجرحى الأمنيين 146، فيما رسا عدد الموقوفين من المدنيين على 18 شخصاً بينهم بينهم سوداني واحد وآخر سوري، ثبت تعاطي 4 منهم بالمخدرات.

ولم يمر مؤتمر المشنوق من دون ردّ من قبل مجموعة الحراك المدني، حيث نظمت حملة «بدنا نحاسب» اعتصاماً في ساحة رياض الصلح، كان في معظمه هادئاً، تخلله مؤتمر صحفي للرد على المشنوق، معتبراً انه «مليء بالمغالطات وتشويه الحقائق».

واعتبرت الحملة ان الصور تثبت عدم صحة ما قاله وزير الداخلية بحيث تظهر عناصر أمنية وهي تطلق النار الحي باتجاه المتظاهرين، مشيرة إلى ان القوى الأمنية كانت تقوم بتوجيه الإهانات والكلمات النابية للمتظاهرين ولم توفّر أحداً من العنف.

وبالنسبة إلى احداث اللعازارية واحتلال وزارة البيئة، وإخراج المعتصمين بالقوة، لاحظت الحملة ان المعتصمين كانوا سلميين ولم يلحقوا أي ضرر بالوزارة بينما القمع هو قرار سياسي بامتياز تتحمل مسؤوليته السلطة السياسية ووزير الداخلية الذي كان رفض الحديث عمّا حدث في اللعازارية قبل اكتمال التحقيق، مشيراً إلى أن المسؤولية تفترض مراجعة كل الصور والتصرف علی أساسها».