Site icon IMLebanon

9 أيلول: مواجهة جديدة بين الطبقة السياسية والجمهور الغاضب

9 أيلول: مواجهة جديدة بين الطبقة السياسية والجمهور الغاضب

سليمان لعدم رفع الحوار قبل انتخاب رئيس والمشنوق يعتبر الحراك المدني «صفارة إنذار»

ربما من حسن حظ رؤساء الكتل النيابية ومرافقيهم إلى طاولة الحوار التي تنعقد في المجلس النيابي ظهر اليوم، بدعوة من الرئيس نبيه برّي، ان العاصفة الرملية التي اوقعت حالات وفاة وما يقرب من ألف مواطن اصيبوا بحالات اختناق وضيق تنفّس واغماء غصت بهم المستشفيات فرضت عطلة قسرية اليوم بموجب مذكرة اصدرها الرئيس تمام سلام قضت بإقفال المؤسسات والإدارات العامة، باستثناء المستشفيات وهيئات الاسعاف الصحي والدفاع المدني وفرق الإطفاء، فضلاً عن مذكرة وزير التربية بإقفال المدارس الخاصة التي أعلنت التزامها بقرار الوزير.

وهكذا خلا الشارع للمتحاورين والمحتجين على حوار الطبقة السياسية مع نفسها، باعتبارها المسؤولة عن الأزمات السياسية والدستورية وتعطيل البلاد وتشريعها امام أزمات اجتماعية وحياتية من النفايات إلى اعطال الكهرباء التي فاقت التصور في العام 2015، وهي السنة التي كان وزير الطاقة في العام 2012 جبران باسيل قد وعد بتوفيرها 24 ساعة على 24 إذا شرعت الحكومة والمجلس النيابي مده بمليار و200 مليون دولار فكانت النتيجة ان التقنين في بيروت قفز من ثلاث ساعات إلى 12 أو 18 ساعة يومياً، فيما كاد التيار الكهربائي يغيب تماماً عن احياء ومناطق بكاملها سواء في بيروت الكبرى أو محافظات البقاع والشمال والجنوب عدا عن الجبل، وهذا ما عبرت عنه تظاهرة وقطع طريق ليلاً في محلة الأوزاعي، بعد اعتصام لحملة «بدنا نحاسب» امام مؤسسة الكهرباء في مار مخايل.

مؤتمر الحوار

اذاً، في الشارع اليوم وعلى الطاولة ثلاثة اطراف:

1- المتحاورون في مجلس النواب، حيث تشخص الأنظار إلى مجموعتي 8 و14 آذار اللتين اعدتا العدة للمواجهة أو المماحكة ضمن اولويتين مختلفتين: الأولى (8 آذار) تعتبر ان الأولوية هي لوضع قانون انتخاب على أساس النسبية تجرى على قاعدته الانتخابات النيابية ومن ثم ينتخب رئيس الجمهورية وتشكل الحكومة ضمن سلّة تعالج ثلاثة بنود من البنود المدرجة على جدول الأعمال، والثانية (14 آذار) تعتبر ان الممر الإلزامي لمعالجة كل جدول الأعمال هو انتخاب رئيس الجمهورية فوراً ومن دون إبطاء، ثم تشكيل حكومة جديدة ووضع قانون جديد للانتخابات واجراء انتخابات نيابية على أساسه.

واستبق النائب ميشال عون مؤتمر الحوار باقتراح تعديل الفقرة 49 من الدستور ولو لمرة واحدة من قبل مجلس النواب الحالي يتيح انتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من الشعب، وهو الأمر الذي رفضته كتلة «المستقبل» وقوى 14 آذار، ومن ضمنها حزب الكتائب جملة وتفصيلاً.

وعلى هامش اجتماع كتلة «المستقبل» النيابية في «بيت الوسط» عقد اجتماع تنسيقي لممثلي 14 آذار، بمشاركة «القوات اللبنانية» مماثل لاجتماع الخميس الماضي. جرى خلاله التأكيد على الموقف المعلن بالنسبة إلى التمسك بالبند الأوّل لجدول الحوار اليوم والمتعلق بانتخاب رئيس الجمهورية ورفض الانتقال إلى أي بند آخر قبل الاتفاق على انتخاب الرئيس بحيث تصبح باقي البنود تحصيل حاصل.

وأبلغ مصدر نيابي في الكتلة «اللواء» انه من الطبيعي إذا ما تمّ التفاهم على انتخاب الرئيس، ومن ثم انتخابه ان ينتقل الحوار إلى قصر بعبدا، وتفتح الآفاق كلها امام الحلول.

وعلم ان النائب عاطف مجدلاني سيرافق الرئيس فؤاد السنيورة الذي سيمثل كتلة المستقبل.

وتزامن الاجتماع مع اجتماع آخر لممثلي قوى 8 آذار على مستوى ممثلي القيادات المدعوة للحوار لتنسيق المواقف من بنود الحوار ومن طروحات فريق 14 آذار حيث اتفق على ضرورة الانطلاق من قانون الانتخاب كمدخل لأي تسوية أو حل، علماً أن المجتمعين كانوا على اقتناع بأن مبادرة رئيس المجلس الحوارية ليس لها أي سند دولي أو إقليمي، وإنما هي مجرّد محاولة لتقطيع الوقت.

وفيما توقع مصدر نيابي أن تكون الجلسة الأولى للحوار اليوم، بمثابة «جلسة إحتفالية» أو تمهيدية، أوضح الرئيس برّي أمام زواره مساء أمس، أنه ستكون لديه كلمة استهلالية، مؤكداً أن «الحوار هو ملك المتحاورين».

ولفت النظر إلى استطلاع رأي يقول أن 82 بالمائة من اللبنانيين هم مع الحراك المطلبي و78 في المائة مع الحوار، معتبراً أن هذا يعني أن النّاس تريد الحل، مجدداً قوله بأنه مع الحراك الشعبي والمطالب المحقة، لافتاً اى أن حركة «أمل» قامت مع الإمام موسى الصدر لأسباب أقل من المطالب المرفوعة اليوم، وهي قدّمت حينذاك 20 بنداً إصلاحياً.

مؤتمر الأمن والدفاع

ولم يغب، لا الحوار ولا الحراك الشعبي، عن «مؤتمر ومعرض الأمن والدفاع في الشرق الأوسط» الذي افتتح أعماله قبل ظهر أمس في مركز بيروت للمعارض في «البيال» برعاية الرئيس سعد الحريري، وبدعم رسمي من وزارة الداخلية وقيادة الجيش، في حدث غير عادي في هذه الظروف التي تشهدها العاصمة اللبنانية، سواء بالنسبة لنوعية الحضور، أو بالنسبة للموضوع الرئيسي الذي يبحثه وهو مكافحة الإرهاب.

وأمل الرئيس ميشال سليمان الذي كان ضيف شرف على المؤتمر من الحوار اليوم عدم رفع جلساته إلا بنزول النواب إلى المجلس لانتخاب رئيس الجمهورية، وتشكيل حكومة جديدة يُشارك فيها شباب المجتمع المدني وإقرار قانون انتخاب عصري يرتكز على النسبية ويضمن حقوق جميع المكونات ويشرك الشباب بعمر18 سنة.

ودعا الشباب الذين يتابعون تحركهم اليوم بالتزامن مع انعقاد جلسة الحوار إلى أن يكونوا الكتلة العابرة للطوائف والطبقات والمناطق والمذاهب.

أما راعي المؤتمر الذي مثّله وزير الداخلية نهاد المشنوق، فرأى «أن الحراك أطلق صافرة إنذار سمعها الجميع، وعلينا جميعاً أن نتحمّل مسؤولية التعامل معها من داخل المؤسسات ومن قلب النظام، لافتاً إلى أنه ليس هناك من مخرج للأزمة إلا بالعودة إلى الدستور والبدء بتنفيذ خارطة طريق إنقاذية تكون أولى خطواتها انتخاب رئيس للجمهورية، ثم تشكيل حكومة تشرف على إقرار قانون إنتخاب عصري يفسح المجال أمام المعارضين والقوى الشبابية الجديدة والمستقلين لكي تتمثل في المجلس والدخول إلى مؤسسات الدولة التشريعية، ثم الشروع في إجراء إنتخابات برلمانية تعيد إنتاج النخبة السياسية».

الحراك المدني

2- المتظاهرون الذين جاء قرار التعطيل في الإدارة العامة بتحريرهم من عبء الوظيفة، بطريقة غير مباشرة، لا سيما هيئة التنسيق النقابية ورابطة موظفي الإدارة العامة وحملات الحراك المدني للتبكير في حزم أمتعة الذهاب إلى الساحات المحيطة بالبرلمان، ضمن خطة تقضي بتحديد نقاط التجمّع قبل الظهر، ونقاط الانطلاق بالتظاهرة خارج «الحزام الأمني» الذي فرضته قوى الأمن مدعومة من الجيش في حرم المجلس النيابي والطرقات المؤدية إليه.

وأعلنت حملات «طلعت ريحتكم» و«بدنا نحاسب» و«نريد وطناً» و«ضد الفساد» والروابط المنضوية داخل هيئة التنسيق النقابية و«حراك 29 آب» أنها ستنظم حشداً كبيراً سيواكب الحوار الدائر في الطبقة الثالثة في مبنى المجلس، بشعارات ومفاجآت تكتّم المنظمون عليها، وعلى قاعدة أن أقطاب السلطة والطبقة السياسية المجتمعين فقدوا شرعية تمثيلهم الشعبي، وأن «سلطتهم المستمرة غير شرعية وفاشلة»، وأن المخرج هو بانتخابات نيابية وفقاً لأحكام الدستور تسمح بإعادة تشكيل السلطة من مصدرها الذي هو الشعب، والكلام لناشط بارز في الحملات أبلغه مساءً لـ«اللواء».

الخطة الأمنية

3- الأمن والاجراءات: وعند ساعات المساء الأولى، كانت الخطة الأمنية التي وضعت بالتنسيق بين قوى الأمن الداخلي والجيش والأجهزة الأمنية الأخرى، قد وضعت اللمسات الأخيرة عليها، انطلاقاً من تلازم الحق بالتعبير ولو من خلال التجمع والتظاهر وحماية المؤسسات والاملاك من اي اعتداء أو عمل فوضوي أو التعرّض للاشخاص المعنويين والطبيعيين.

وكان قائد الجيش العماد جان قهوجي تناول عقد جلسة الحوار والحراك في الشارع مع البطريرك الماروني بشارة الراعي في بكركي، انطلاقاً من الأمور التالية:

1- ان الجيش يعتبر ان التحركات الشعبية والشبابية تعكس صرخة وجع النّاس ومعاناتهم على مختلف الصعد.

2- ان الشعب نزل إلى الشارع ليقول انه «موجوع» بتعبير العماد قهوجي الذي أكّد على أهمية ان يبقى التعبير تحت سقف القانون والدستور وبعيداً عن العنف، وأن الجيش لن يتهاون  في حماية التحرّك وحرية التعبير، وهو سيحمي المسار السلمي للتحركات والاستقرار الداخلي والمؤسسات والممتلكات العامة.

اما قوى الأمن فاتخذت تدابير سير وإجراءات تتعلق بجلسة الحوار تقضي بتحديد بقعة تمتد من تقاطع «النهار» إلى تقاطعي باب ادريس وبنك عودة وشارع عمر الداعوق، يمنع الدخول إليها، بدءاً من السادسة صباحاً، ويسمح فقط للشخصيات المدعوة إلى الحوار ووسائل الإعلام المعتمدة داخل المجلس النيابي والذين بحوزتهم تصاريح خاصة.

وأكدت مصادر أمنية لـ«اللواء» ان الإجراءات المتخذة من شأنها ان تؤمن دخول وخروج المدعوين إلى جلسات مؤتمر الحوار بسهولة ومن دون احتكاك مع المتظاهرين.

النفايات

وبطبيعة الحال، بقيت أزمة النفايات كامنة في خلفيات كل التحركات سواء السياسية أو الشبابية.

وفي معلومات «اللواء» ان اتصالات الوزير اكرم شهيب مع القوى السياسية لم تحقق أي اختراق في جدار الأزمة إذ بقي الفريق العوني يربط بين الأزمة وحل مشكلة تعيين العميد شامل روكز لقيادة الجيش، أو إيجاد حل يكفل له بقاءه في الجيش عن طريق التمديد «لمجموعة من العمداء».

وأوضحت مصادر رسمية ان كل الأمور بالنسبة لهذه الأزمة باتت مرهونة بطاولة الحوار، والتي يُشكّل استعادة عمل الحكومة بندها الثالث.

وكان الوزير شهيب أوضح بعد زيارته الرئيس سلام أمس ان ملف النفايات بات في عهدته وانه وحده صاحب القرار، وهو سيأخذ القرار المناسب في أسرع وقت ممكن.