IMLebanon

8 آذار تحاول إستثمار الحوار لفرض عون رئيساً للجمهورية

8 آذار تحاول إستثمار الحوار لفرض عون رئيساً للجمهورية      

أول الغيث: مجلس الوزراء يُقِرّ مسار شهيب لإنهاء أزمة النفايات .. وبيض الغضب يلاحق المتحاورين

أولى نتائج الجلسة الأولى للحوار، ولو من خارج جدول الأعمال، تسلسلاً، هو انعقاد مجلس الوزراء «بكبسة زر» لدراسة وإقرار بند وحيد هو: خطة الوزير اكرم شهيب لمعالجة أزمة النفايات التي أطلقت شرارة الحراك المدني، عندما امتلأت شوارع بيروت وتقاطع الطرقات والضواحي بالنفايات، متسببة بازمة كادت تطيح بالحكومة، وتعطل سائر مؤسسات الدولة.

على ان الحدث الملفت للاهتمام، توقيت «حزب الله» زيارته إلى بكركي مع موعد الحوار تماماً، والمجاهرة امام البطريرك الماروني بشارة الراعي، بأن العماد ميشال عون هو الجدير بموقع الرئاسة في هذه المرحلة، مشيراً إلى انه «ليس صحيحاً ان عون لا يريد ان يكون رئيساً ونحن اقنعناه بذلك».

ولم تقتصر هذه المجاهرة على الموقع الروحي الماروني الأوّل في لبنان، بل تردد صداها في الطبقة الثالثة من المجلس النيابي، حيث عقدت الجلسة الأولى للحوار، عندما أكّد النائب محمّد رعد ان انتخاب الرئيس الماروني يُشكّل عنصراً من عناصر الاستقرار الداخلي والإقليمي، مسمياً العماد عون بشكل واضح وصريح، وايده في تسميته النائبان سليمان فرنجية واسعد حردان.

وخارج صخب الشعارات التي رفعت في الشوارع القريبة من ساحة النجمة، حيث كان صخب الحوار يرفع من منسوب تشاؤم المتشائمين من نتائجه بعدما لمس فريق 14 آذار ان خطة فريق 8 آذار تقضي بتوظيف الحوار لفرض عون رئيساً للجمهورية، من ضمن لعبة الأوراق والمتغيرات والمفاجآت التي تعصف بالأزمات الساخنة في سوريا واليمن وبين الدول الخليجية وإيران، وسط مخاوف دبلوماسية من تحول التدخل العسكري الروسي المباشر في سوريا إلى أزمة تعيد إلى الأذهان أزمات الحرب الباردة من كوبا إلى كوريا إلى أزمة الصواريخ الروسية عام 82 بين موسكو وواشنطن ودمشق وتل أبيب.

ولم يخف قطب بارز شارك في جلسة الحوار الأولى في اتصال مع «اللواء» من صدمته من النتائج، في إشارة إلى ان كل طرف كان في واد والبلاد في واد آخر، ملمحاً إلى أن صعوبة الوضع في البلد لم تكن حاضرة لدى المتحاورين من ان بلدهم يتعرّض للانهيار، معيداً إلى الذاكرة معزوفة الدجاجة قبل البيضة أو العكس، في إشارة إلى ايهما يسبق الآخر، الانتخابات الرئاسية أم الانتخابات النيابية.

وأكّد مصدر وزاري لـ«اللواء» ان وجهات النظر المختلفة عرضت كما هي من دون تزويق أو تنميق.

وقائع الجلسة

فماذا في وقائع جلسة الحوار؟

افتتحت الجلسة بالنشيد الوطني وقوفاً، ثم تحدث الرئيس نبيه برّي فقال للمتحاورين: انتم لبيتم حوار الضرورة لوضع خارطة طريق للخروج من ازماتنا المتكررة، وفقاً للجدول المعلن وللخروج من الجمود الراهن، مكرراً ما قاله في كلمته في مهرجان الصدر في 31 آب «حتى لا نعثر على وطننا في مكب التاريخ»، مطالباً بوضع حلول عادلة ومخارج صحيحة، معتبراً ان إعادة توحيد الأرض والشعب والمؤسسات تُشكّل نموذجاً لبنانياً لإخراج الأقطار العربية من التفكك ومشاريع تقسيم المقسم، معتبراً ان الامتحان هو بالحوار.

ثم أعطى الكلمة للرئيس تمام سلام الذي استعرض عمل حكومة المصلحة الوطنية بما لها وعليها وكيف ادركت التعطيل في ظل الشغور الرئاسي مع تفاقم أزمة النفايات التي أصبحت أزمة وطنية، آملاً ان تساهم كل القوى في حلها.

ثم كانت مداخلة للرئيس فؤاد السنيورة شكر في مطلعها الرئيس برّي على دعوته للحوار باعتباره الوسيلة الوحيدة لحل المشكلات ومنع انزلاق لبنان إلى الفوضى، خالصاً إلى ان لنجاح الحوار مدخلاً إلزامياً وحيداً هو انتخاب رئيس للجمهورية، لافتاً إلى ان مطالبة البعض بانتخابات نيابية قبل انتخابات الرئاسة اقتراح يحمل في طيّاته مخاطر أوّلها مخالفة الدستور (راجع نص المداخلة ص 3).

وعلى الرغم من نفي مكتب الرئيس السنيورة لاحقاً حصول مشادة بينه وبين العماد عون، فإن المعلومات الخاصة اشارت إلى ان الخلاف بدأ حينما قال الرئيس السنيورة انه ليس من الضروري ان يكون الرئيس العتيد قوياً، بل يكفي أن يكون يمثل وحدة اللبنانيين.. هنا علق عون قائلاً: هذا الكلام كان قائماً قبل الطائف أما اليوم فلا يجوز، فالبلدان التي فيها مجلس نواب شرعي تعود إلى النّاس، فكيف الحال في لبنان، حيث مجلس النواب الممدّد له؟

وهنا أيضاً تدخل الرئيس برّي والوزير بطرس حرب وقال بري: إذا لم يكن المجلس النيابي الحالي غير شرعي فكيف تريده أن يعدّل القانون؟

فرد عون: اعتبروه مجلساً تأسيسياً.

أضاف: كيف تريدون أن يكون الرئيس المسيحي غير مقبول بأن يمثّل طائفته بينما الرئيس المسلم يمثّل هو طائفته؟

ردّ الرئيس السنيورة: منصب رئيس الجمهورية غير منصب بقية الطوائف والمناصب، عندما سقطت حكومة الرئيس سعد الحريري، سقطت لسبب دستوري وهو استقالة ثلث أعضائها، وهذا معناه أن هناك أسباباً دستورية، بينما رئيس الجمهورية لا أحد يستطيع أن يحركه من منصبه، وعندما حاولنا أن نعيد تسمية الرئيس الحريري لم نستطع، فجيء بالرئيس نجيب ميقاتي، وهذه هي اللعبة السياسية البرلمانية، ناس تغلب ناس.

أما الوزير حرب فأعاد تأكيد ما قاله الرئيس برّي، متسائلاً: إذا كان المجلس غير شرعي فكيف سيعدّل له الدستور لإجراء نتخاب رئيس مباشرة من الشعب؟ أنت تتحدث هكذا لأنك مرشّح.

فرد عون بحدة: لا أقبل أن تعلّق على كلامي، أنا أتحدث بالقانون.. الظاهر أن لديك مشكلة مع النّاس.

قبل هذه المشادة، كان كل قطب من أقطاب الحوار قد أدلى بدلوه، فطالب النائب طلال أرسلان بمؤتمر تأسيسي، فيما رأى النائب سليمان فرنجية بأن ما أثاره عون مهم، لكن الانقسام الحاصل في البلد قد لا يسمح بالتفاهم عليه، معرباً عن اعتقاده بأنه يمكن للحوار أن يخرج بأمور إيجابية إذا نجحنا في تأمين التوافق على الخروج بالحكومة وبالنفايات والكهرباء.

وقال النائب وليد جنبلاط أن الاعتكاف والاستقالة جريمة وطنية، وإذا لم نستطع أن ننجز إتفاقاً فعلياً أن نرحل إلى إحدى جزر المحيط الهندي.

وأعاد النائب محمّد رعد التأكيد على ثوابت «حزب الله» مشيراً إلى أن هناك شخصاً متفقاً عليه جديراً بأن يكون رئيساً للجمهورية، مسمياً عون بشكل صريح وواضح.

أما النائب سامي الجميّل فرأى أن النظام يحتاج إلى تطوير، لكن السؤال كيف نطوّر النظام من خارج الدستور والمؤسسات. ولفت نظر الحاضرين إلى أنه ليس لأحد نصيب بأن يكون رئيساً للجمهورية لا من 8 ولا من 14 آذار، لكن نحن كحزب كتائب نرشح الرئيس أمين الجميّل، إنما لا يجوز أن نعطّل البلد من أجله.

ولاحظ نائب رئيس المجلس فريد مكاري أن لدى عون كل الحيثية الشعبية، لكن لا نستطيع أن نقول أنك تمثّل كل المسيحيين.

وهنا كان الوقت قد أزف على الثالثة بعد الظهر، فاقترح الرئيس برّي رفع الجلسة إلى الأربعاء المقبل، من دون أن يكون مرتاحاً للنتائج، بدليل أنه كان يعتزم أن يتلو هو بياناً في مؤتمر صحافي جرى تنظيمه في القاعة العامة، لكنه عدل عن ذلك وكلف الأمين العام لمجلس النواب عدنان ضاهر تلاوة البيان المقتضب جداً.

الحراك السلمي

في هذا الوقت، وقبل التئام جلسة الحوار، كان عشرات من المتظاهرين من حملة «طلعت ريحتكم» تجمعوا على الطريق البحرية المؤدية إلى مبنى المجلس في ساحة النجمة وعمدوا إلى رشق مواكب كل من عون الذي كان يرافقه جبران باسيل والنائبان الجميّل وفرنجية المؤلفة من سيّارات سوداء ذات زجاج داكن بالبيض هاتفين بشعارات: «حرامي.. حرامي» و«نواب طلعوا برا»، قبل أن ينتقلوا إلى ساحة الشهداء ورفعوا أعلاماً لبنانية وصورة ضخمة تجمع كل أعضاء مجلس النواب كُتب عليها: «فشلتم في كل شيء يللا عالبيت»، فيما رفعت على الأسلاك الشائكة التي أحاطت ببوابات العبور الحديدية إلى مبنى المجلس، لافتة ضخمة كُتب عليها «طلعت ريحتكم».

وتكرر نفس مشهد رشق المواكب بالبيض لدى خروج أقطاب الحوار من بوابة الطريق البحرية، في حين تمكن عدد من المشاركين من الخروج عبر بوابات آمنة، خارج أنظار المتظاهرين.

ومساء حشد المجتمع المدني، على إيقاع يوم الحوار الطويل، تظاهرة في ساحة الشهداء جمعت الآلاف متحدّين العوامل المناخية وارتفاع درجات الحرارة والعاصفة الرملية، مطالبين مجدداً بسقوط النظام، ساخرين من الحوار، قبل أن ينتقلوا إلى محيط وزارة البيئة للتضامن مع الشباب المضربين عن الطعام، لتنتهي التظاهرة بسلام، رغم بعض المحاولات للاحتكاك بقوى الأمن التي كانت انتشرت بكثافة عند مداخل وسط العاصمة ومحيط السراي الحكومي ومجلس النواب.

حل أزمة النفايات

وبينما كان المتظاهرون يتجمعون في ساحة الشهداء، كان مجلس الوزراء يجتمع استثنائياً في السراي الحكومي بدعوة فاجأ فيها الرئيس سلام الجميع، من أجل البحث في خطة الوزير أكرم شهيب لمعالجة أزمة النفايات، وتمكن المجلس في هذه الجلسة التي شارك فيها ممثلو جميع  مكونات الحكومة من التوافق على خطة وزير الزراعة، التي تحقق مبدأ المسؤولية المشتركة لجميع اللبنانيين في معالجة الأزمة، وتحتاج إلى التزام سياسي واضح من قبل كل القوى الساسية، كما إلى تفهم ابناء المناطق التي لحظت إقامة مواقع معالجة وطمر النفايات تستوفي الشروط الصحية والبيئية والعلمية المطلوبة لمدة لن تتجاوز 18 شهراً من تاريخ البدء بالحل المتكامل، بحسب ما أعلن شهيب بعد الجلسة التي استغرقت قرابة ست ساعات.

وأوضح مصدر وزاري لـ «اللواء» أن مشاركة وزراء حزب الله والتيار العوني في الجلسة، كانت مؤشراً على أن الفريق الذي كان يعترض قد وافق على السير في خطة الوزير شهيب، وبالتالي جاءت قرارات الحكومة بمثابة تكريس لهذا التوافق السياسي، على الرغم من بعض الملاحظات التي ابداها الوزير ارتور نظريان بالنسبة لمطمر برج حمود، الا انها كانت ملاحظات عابرة أو جدل بيزنطي بدليل أن الموافقة جاءت وفق القرارات التي اعلنها الوزير شهيب.

وفهم من المصادر الوزارية أن الاقتراح الوارد في خطة الوزير شهيب من شأنه معالجة جبل النفايات في برج حمود وبطريقة بيئية كما هي حال مكتب النورماندي، مؤكدة ان تحفظات الوزيرين الياس بو صعب ونظريان ستعالج بعدما يدركان أهمية التخلص من هذا الجبل، والذي يؤمن قطعة أرض مساحتها 300 ألف متر مربع، فضلاً عن المكاسب البيئية والعقارية للاهالي والمنطقة.

وأفادت المصادر الوزارية أن النقاشات تركزت على كيفية الاستفادة من المكبات وتحويلها إلى مطامر، ولا سيما في منطقة السلسلة الشرقية، معلنة أن مكب رأس العين في بعلبك سيعالج بعد دراسة ستقدم من قبل مجلس الإنماء والإعمار.

ولفت إلى انه تمّ الاتفاق على قيام تنسيق بين البلديات والاتحادات بشأن الدخول على خط هذا الملف وتكليف من تشاء من شركات في عملية تلزيم النفايات على أن تكون العملية باشراف وزارتي البيئة والداخلية، متخوفة من اللجوء إلى خيار المحارق في حال عدم تطبيق القانون.