«شظايا إنفعالية» على الحكومة والحوار .. والإختيار في مجلس النواب غداً
سلام يحذِّر من دفع البلاد إلی الإنهيار .. ونصر الله لمناقشة العلاقة مع المستقبل
بين الوعكة الصحية التي أُصيب بها وزير الزراعة أكرم شهيّب المكلّف وضع خطة النفايات موضع التنفيذ، والحالة اللاصحية التي بلغها الوضع الحكومي، موصولاً بطاولة الحوار الوطني التي يرعاها الرئيس نبيه برّي، إرتفع منسوب التشاؤم في الأوساط الوزارية والسياسية، مع العلم أن ثمّة اقتناعاً لدى الدوائر النيابية أن جلسة انتخاب اللجان النيابية المقرّرة غداً الثلاثاء، ستُعقد في موعدها، وستُعيد تجديد «المطبخ التشريعي»، بعيداً عن ضوضاء التراشق بالمواقف التي تركّزت حول البقاء في الحكومة أو عدمه، أو استمرار الحوار الثنائي أو عدمه، وسط تزايد الأسئلة حول ما يمكن أن تُسفر عنه هذه السجالات عالية السقوف، في وقت كانت فيه الأنظار تتّجه إلى السراي الكبير والدعوة المتوقعة من الرئيس تمام سلام لعقد جلسة لمجلس الوزراء تخصّص فقط لملف النفايات حالما يكون جواب «حزب الله» في ما خصّ مطمر في البقاع الشمالي قد أصبح ناجزاً، ورُفعت الاعتراضات العكارية حول مطمر «سرار»، والتزمت قوى الحراك المدني بتقديم ما يلزم من تسهيلات لفتح الطريق أمام معالجة النفايات، قبل فوات الأوان.
ومن المُبكر الخوض، وفقاً لأوساط سياسية، في مآل السجالات مستقبلاً، حيث تتجه الأنظار إلى طبيعة الاتصالات التي سيجريها الرئيس نبيه برّي فور عودته إلى بيروت، بعد زيارة إلى كل من رومانيا وسويسرا وانتخابه رئيساً للبرلمان العربي، بدءاً من الدورة التي تبدأ في آذار المقبل.
وأشارت هذه الأوساط إلى أن جلسة التجديد للجان غداً ستكون فرصة لإجراء مشاورات بين رؤساء الكتل الفاعلة لتبريد المواقف، وإيضاح خلفيات التوصيفات العالية النبرة التي كادت تحوّل الصعوبات القائمة أمام الحكومة إلى اشتباك من شأنه أن يأخذ البلاد إلى الانهيار التام، إذا ما أُصيبت السلطة التنفيذية الممثّلة بالحكومة بالشلل، مع بروز مخاوف لدى الرئيس سلام لم يُخفها أمام زواره من أن «الأمور متجهة إلى الأسوأ وليس إلى الأفضل».
والكلام الذي صدر عن وزير الداخلية نهاد المشنوق يوم الجمعة الماضي، في احتفال الذكرى الثالثة لاستشهاد اللواء وسام الحسن، لم يتضمّن موقفاً رسمياً من تيّار «المستقبل» بالخروج من الحوار أو الإستقالة من الحكومة، وكذلك الردّ الذي جاء على لسان الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، والذي وصف كلام المشنوق «بالإبتزاز»، لم يُعلن موقفاً بوقف الحوار أو الخروج من الحكومة، بل اكتفى بإعلان ثلاثة مواقف على هذا الصعيد: الأول يتعلق بالحرص على الحوار لأن مصلحة لبنان واللبنانيين تقتضي ذلك، والثاني التأكيد أن مصلحة لبنان واللبنانيين تكون في بقاء الحكومة «ونحن ندعو للحفاظ على هذه الحكومة»، والثالث الإعلان أنه سيناقش مع قيادة «حزب الله» مسألة إعادة النظر بالحوار، على خلفية «تمنين» المستقبل ورفضاً للإبتزاز، وهذا الكلام لم يتضمن إشارة قاطعة لا على لسان الوزير المشنوق ولا السيّد نصر الله، إلى أن الحوار أو الحكومة أصبحا من الماضي.
وأكدت هذه الأوساط أن المواقف الإنفعالية التي ارتبطت بالمناسبتين (إستشهاد اللواء الحسن وذكرى أسبوع القائد الميداني حسن محمّد حسين الحاج) لها طابع تعبوي وتقديم كشف حساب أمام جمهور كِلا الطرفين، وبالتالي لا يمكن البناء عليه، للحكم ما إذا كانت جلسة الحوار المقبلة رقم 20 بين «المستقبل» وحزب الله ستُعقد الثلاثاء في 27 الحالي، أي بعد أسبوع، أو سيتم تأجيلها، علماً أنها مقرّرة بعد يوم واحد من موعد جلسة الحوار الوطني السادسة المقرّرة في ساحة النجمة.
إلا أن مصدراً نيابياً مطلعاً في كتلة «المستقبل» أوضح لـ«اللواء» أنه لم يستجد شيء على جلسة الحوار الثنائي، ولا يزال موعدها قائماً.
وقال المصدر ان «الكتلة ليست مضطرة للرد على كلام نصرالله، طالما ان موقف الوزير المشنوق في احتفال ذكرى اللواء الحسن، لم يكن موقف تيّار «المستقبل»، فضلاً عن ان كلام المشنوق كان توصيفاً للوضع الذي يمكن أن يؤدي إلى الاستقالة من الحكومة والخروج من الحوار، ولم يقل ان هناك قراراً، وبالتالي فنحن نعتبر، والكلام للمصدر النيابي المطلع، انه لم يحدث أي تطوّر سياسي يقتضي منا الرد».
وبالنسبة لموضوع الحكومة، أوضح المصدر انه ليس سراً ان الحكومة ستأخذ إجازة بعد الجلسة المقرّرة للنفايات، قد تطول إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا، حيث لا شيء في الأفق يُشير إلى احتمال خروج الحكومة من حالة «الموت السريري» بحسب وصف وزير العدل اللواء اشرف ريفي الذي كان حمل بعنف أمس على «حزب الله» ووصفه بأنه «كذبة كبيرة مثل المشروع الفارسي»، لافتاً إلى ان معركة الترقيات انتهت بتوجيه صفعة كبيرة لميشال عون وللحزب، مشيراً الى ان مطالب عون والحزب ليست قدراً يجب ان ننفذه، بل سنرفضه ونحاربه.
جنبلاط وحماده
غير أن التطور الذي برز أمس، والذي ربما يتصل بمعركة رئاسة الجمهورية، تمثل برد النائب وليد جنبلاط على من اتهمه بالتخاذل والتخلي في منتصف الطريق في بعض المنابر، ولمناسبة ذكرى الشهيد الحسن، والمقصود هنا، بطبيعة الحال النائب مروان حماده الذي كان دعا الرئيس سعد الحريري، في كلمته للمناسبة للعودة إلى بيروت، غامزاً من قناة جنبلاط عندما قال: «إن عدت (والكلام هنا للرئيس الحريري) يعود من تركنا سياسياً في منتصف الطريق».
وإذا كان جنبلاط لم يشأ في رده الافاضة أو التسمية، بغير عبارته على «تويتر»: «الله يهديهم، وما في جمرك على الحكي»، إلا أن وزير الصحة وائل أبو فاعور لفت إلى أن الحزب التقدمي الاشتراكي لا تستهويه المزايدات ممن تخلف عن فهم المخاطر على الوطن من الانقسامات القاتلة، مشيراً إلى ان الشهيد الحسن كان «داعية تسوية بين اللبنانيين، وهنا الجريمة المضاعفة لمن قتلوه».
زوّار سلام
وسط هذه الأجواء المشحونة، حذر الرئيس سلام من أن الأمور متجهة إلى الأسوأ، داعياً كل القوى السياسية إلى بذل الجهود لتفعيل العمل الحكومي، كي لا يتسرب الشلل إلى السلطة التنفيذية، وكي لا نذهب إلى الانهيار.
وإذا كان الحديث عن استقالة الحكومة قد غاب عن كلام الرئيس سلام، الا أن زواره نقلوا عنه تمسكه بموقفه الذي كان أعلنه منذ شهرين، وهو انه إذا لم يعد هناك سبيل لالتئام مجلس الوزراء فلا ضرورة لبقاء الحكومة، واضافوا إلى ذلك أن الرئيس سلام يسعى بشكل حثيث لمتابعة الموضوع الحكومي، ومحاولة لعقد ليس جلسة فقط لبت موضوع النفايات، وإنما لجلسات بعد أن تراكمت البنود وأصبحت بالمئات ومعظمها أمور إجرائية تخص مصالح وشؤون المواطنين.
وبالنسبة لأزمة النفايات التي وصفها سلام بأنها «صناعة وطنية مائة في المائة»، شدّد رئيس الحكومة على ضرورة مشاركة الجميع بالحل، إذ لا يكفي القول اننا لا نتدخل ولا نعطل، بل على الجميع تسهيل أي اجراء يمكن اتخاذه للمضي في تنفيذ الخطة لإزالة هذه الغمامة عن البلد والعباد.
وعن موعد عقد جلسة لمجلس الوزراء بهذ الخصوص، أشار الزوار إلى أن أي جلسة مرتبطة باستكمال الملف، موضحين بأن الجلسة ليست بحد ذاتها المنشود، بل المنشود هو التركيز على الخطة بعناصرها كاملة ومشاركة الجميع مناطقياً وسياسياً لاعتمادها نهائياً.
وفي السياق، أكدت مصادر وزارية لـ «اللواء» أن الوزراء لم يتبلغوا أي موعد لجلسة لمجلس الوزراء، موضحة أن هناك من الوزراء من بدأ يُبدي تشاؤماً حول إمكانية انعقاد الجلسة هذا الأسبوع، ما يُعزّز الاعتقاد انها ستلتئم الأسبوع المقبل.
ولفتت المصادر إلى أن ملف النفايات لا يزال ينتظر الضوء الأخضر من «حزب الله» لا سيما بعد اعطاء الرد بشأن مطمر في البقاع.
وأشارت إلى أن وزير الزراعة اكرم شهيب الذي اصيب بوعكة صحية لا يزال يتابع اتصالاته مع المعنيين، مع العلم انه حتى الساعة لم يُصرّ إلى تحديد أي موقع نهائي.
وأجرت «اللواء»، في سياق متصل، اتصالات مع عدد من نواب البقاع الذين لم يتبلغوا بدورهم أي أمر في هذا المجال، وأكدوا أن ما من شيء رسمي بعد سوى أقاويل عن إقامة مطمر هنا ومطمر هناك.
ولفتت مصادر بقاعية لـ «اللواء» أن أي تشاور رسمي مع الجهات المعنية لم يتم، وإن طرح إقامة مطمر في كفرزبد أو في القاع يواجه برفض الاهالي، لكن مصادر أخرى كشفت عن اجتماعات في الساعات المقبلة بشأن موضوع المطمر، رافضة تحديد موقعه خصوصاً إذا كان لا يتلاءم مع الشروط البيئية.