تفاقم التدخُّل الروسي في سوريا يهدِّد قواعد الإستقرار اللبناني
لا جلسة قريبة للنفايات وكتلة المستقبل تدعم المشنوق ومواجهة بين أبو صعب والأساتذة
الناشطان وارف سليمان وبيار حشاش بعد إطلاق سراحهما من مخفر الرملة البيضاء
تراجعت موجة التفاؤل التي سادت نهاية الأسبوع الماضي حول عقد جلسة قريبة لمجلس الوزراء لوضع خطة تنفيذية للنفايات مبنية على ما بات يعرف بـ«خطة الوزير اكرم شهيب» قبل حوالى الشهر، وسلم الأطراف المعنيون بها ان المشكلة ليست تقنية أو جيولوجية، بل هي سياسية، بالدرجة الأولى، عزاها مصدر وزاري، إلى ارتفاع حدة الخطاب السياسي بين تيّار «المستقبل» و«حزب الله».
وأكد هذا المصدر لـ«اللواء» ان الرد السلبي على مطمر البقاع، مرده إلى ارتفاع نبرة الخطاب، مما عقد الأمور، ووضع الدعوة للجلسة الحكومية على الرف.
إلاَّ ان مصدراً وزارياً معنياً مباشرة بهذا الملف دعا لانتظار 48 ساعة حتى تتوضح الأمور، نافياً ان يكون الموقف من مطمر البقاع الشمالي نهائياً، ونافياً بالتالي إخفاء طابع تشاؤمي أو تفاؤلي على حالة الانتظار هذه، مشيراً إلى ان إنهاء ملف النفايات «فيه مصلحة لجميع الأطراف، لكن مع الأسف لا يمكن علاجه خارج الإطار السياسي، على الرغم من انه يفيد كل بيت في لبنان».
في المقابل قال وزير «حزب الله» في الحكومة، الذي طلب عدم ذكر اسمه، بعد ان التقى الرئيس تمام سلام في السراي الكبير لـ«اللواء»: ان الحزب بذل جهوداً كبيرة من أجل إيجاد حل لملف النفايات على الرغم من معارضة أهالي المنطقة، والذي كان من المتوقع إقامة مطمر في منطقتهم، لكن تبين ان الموقع المقترح غير ملائم بيئياً.
سياسياً، اكتفى الرئيس سلام بما نقله عنه زواره نهاية الأسبوع، والذي نشرته «اللواء» في عددها أمس، في حين تراجعت حدة التصريحات التي وصفت بالانفعالية لكل من وزير الداخلية نهاد المشنوق والأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله إلى خط الدفاع باعتبارها «جرس انذار»، وصرخة تنبيهية وليست خطوة لنسف الحوار أو تطيير الحكومة.
وفيما كان سفير مصر في بيروت محمّد بدر الدين زايد يتحرك بين معراب والرابية، مستهلاً جولة من الاتصالات في ما يشبه المبادرة لاحتواء التصعيد والحفاظ على حكومة الرئيس سلام وطاولة الحوار التي يرعاها الرئيس نبيه برّي، كلف الأخير فور عودته إلى بيروت مساء أمس، وزير المال علي حسن خليل اجراء الاتصالات اللازمة منعاً لمواقف تصعيدية تصدر عن كتلة «المستقبل» اليوم وغداً عن كتلة «الوفاء للمقاومة»، وحصر التصعيد عند الحدود التي بلغها يومي الجمعة والاحد.
وقال مصدر نيابي لـ«اللواء» ان اتصالات التبريد تبدو ضرورية، قبل ساعات قليلة من العودة إلى مجلس النواب في مستهل العقد العادي للتمديد للجان النيابية على قاعدة معادلة المعاملة بالمثل، وإبقاء القديم على قدمه، مع تعديلات طفيفة تقتضيها ليس اعتبارات سياسية، بل تقنية داخل الفريق الواحد، مشيراً إلى ان أروقة ساحة النجمة ستشهد سلسلة من الاتصالات لتحويل «استراحة المحارب» إلى «فرصة لالتقاط الانفاس»، قبل العودة إلى جلسات الحوار سواء الثنائية أو الطاولة العامة الاثنين المقبل، تمهيداً لاطلاق صفارة تشريع الضرورة، ولو من بابي قانون الجنسية وقانون الانتخاب، فضلاً عن القوانين المالية وتلك المتعلقة بالهبات والقروض الميسرة.
ولفت مصدر نيابي في كتلة «المستقبل» إلى ان بيان الكتلة اليوم سيخضع لنقاش، وهو سيظهر موقف الكتلة من الحوار ومن ضرورة تفعيل عمل المؤسسات وفي مقدمها الحكومة، مشيراً إلى ان الوزير المشنوق عبر عن امتعاض عميق جداً من طريقة تعاطي حزب الله مع الحوار ومع الحكومة.
مناورات الأطلسي
ومع ارتباط ملف النفايات والتريّث بدعوة مجلس الوزراء للإنعقاد بملفات التصعيد الإقليمي والدولي، إهتمّت الأوساط الديبلوماسية في بيروت بتقصي أسباب التصعيد بين تيّار «المستقبل» و«حزب الله»،ومدى ارتباط ذلك برهانات فريق 8 آذار، وداخله التيار العوني، على ما أسمته محطة O.T.V في نشرتها الإخبارية مساء أمس بـ«عاصفة السوخوي» في إشارة إلى تقدّم رهانات هذا الفريق على ما سيسفر عنه غبار المعارك الدائرة في سوريا، ومع تحوّل الحوض الشرقي للمتوسط إلى بحيرة عائمة بالسفن والبوارج الحربية، والتي آخرها كانت مناورات الأطلسي التي بدأت أمس من إيطاليا، من دون أن تعتبر أن روسيا خصماً، وهي المعنية بتوجيه «رسالة واضحة إلى كل معتدٍ محتمل سيحاول إنتهاك سيادة إحدى دول التحالف، بأنه سيواجه تدخلاً عسكرياً حاسماً من الدول الحليفة الـ28»، في إشارة ربما إلى تنظيم «داعش»، لكنها بالتأكيد مرتبطة «بالحرب الهجينة» الدائرة في سوريا بعد الدخول العسكري الروسي المباشر ساحات الحرب في الجو والبر والبحر.
إلا أن مصدراً ديبلوماسياً في بيروت لم يستبعد أن تكون هذه المناورات على علاقة بتفعيل القوة الدفاعية للأطلسي للحؤول دون تسفير مجموعات جديدة من اللاجئين السوريين إلى بلدان الاتحاد الأوروبي الفقيرة أو الغنية.
قواعد إشتباك
ووفقاً إلى تشكّل قواعد إشتباك ميداني وسياسي على الأرض السورية، كان من مفاعيله أمس، مقتل ثمانية قيل أنهم من جبهة «النصرة» وإصابة عشرات آخرين بجروح، في صاروخ أطلقه الجيش اللبناني باتجاه مسلحين في وادي حميد عند تخوم عرسال في محاذاة الحدود السورية – اللبنانية كانوا يستعدون للقيام بعمليات داخل الأراضي اللبنانية.
ونفت مصادر أمنية لبنانية لوكالة «فرانس برس» أن يكون القصف الصاروخي من مروحية لبنانية استهدف مخيماً من مخيمات اللاجئين السوريين. وفقاً لذلك، فإن المصادر تخشى من إندفاع حزب الله و«التيار العوني» إلى مغامرة جديدة شبيهة بالذي حدث عام 1982، وتوفر الفرصة لوصول النائب ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية، بعد تحوّل الحكومة إلى حكومة تصريف أعمال، وجعل النفايات تشكّل عاملاً ضاغطاً على الحياة السياسية، مما يعني أن الأولوية باتت إنتخاب رئيس، وفقاً لميزان القوى الجديد.
وقائع ميدانية
وبانتظار معالم مشهد لم يكتمل بعد، سجلت الوقائع اللبنانية جملة من الأحداث اليومية ابرزها:
1- إطلاق سراح الناشطين وارف سليمان ويبار حشاش بناءً لقرار أصدرته محكمة التمييز العسكرية فسخت بموجبه قرار قاضي التحقيق العسكري الأوّل رياض أبو غيداء. ونتيجة لذلك تجمع عدد من شباب الحراك امام المحكمة العسكرية وازالوا الخيم احتفالاً بخروجهما.
2- اشتباك غير مسبوق بين وزير التربية الياس بو صعب ورابطة الأساتذة الثانويين التي دعت إلى إضراب اليوم، وحمل الوزير المديرين مسؤولية عدم التدريس، متسلحاً بالقانون الذي يمنعهم من الإضراب، وردت الرابطة بالتأكيد على الإضراب في كل الثانويات ودور المعلمين.