برّي لجلسة تشريعية تُنقِذ القروض.. واتصالات مع عون للمشاركة
سلام مستاء من عرقلة خطّة النفايات.. و«المستقبل» تتمسَّك بالحوار والحكومة
لن يتكرر المشهد النيابي الذي مدد للجان النيابية، أمس، اليوم في الجلسة الثلاثين لانتخاب رئيس الجمهورية، فالنصاب لن يكتمل، وتبادل الاتهامات والمؤتمرات الصحفية ستكون هي الحاضر الأكبر، فيما الحكومة ما تزال على حافة الانتظار، في ما خص عقد جلسة لمجلس الوزراء لإقرار الخارطة التنفيذية لإنهاء ملف النفايات، ويتبارى المتحاورون في تسجيل النقاط لجهة استمرار أو انقطاع الحوار الدائر في عين التينة أو في ساحة النجمة، مع العلم ان الحوار الثنائي، وأن اكتفى بتبريد الاجواء، فإنه «لم يسمن ولم يغن من جوع».
ولعل الموقف الذي صدر عن تكتل «الاصلاح والتغيير» والذي لم يقفل الباب تماماً امام جلسة تشريع الضرورة، يأخذه الرئيس نبيه برّي في الحسبان، لدى دعوة هيئة مكتب المجلس للاجتماع لوضع جدول أعمال الجلسة التي يعتزم الدعوة إلى عقدها مطلع الشهر المقبل، والتي تحظى بتأييد غالبية الكتل، في مقدمها كتلتا «المستقبل» و«الوفاء للمقاومة» اللتان ما تزالان تتساجلان حول مصير الحوار الثنائي بينهما.
والاتصالات الجارية لتذليل الصعوبات امام الجلسة الحكومية المرتجاة، فضلاً عن الجلسة التشريعية المطلوبة بقوة من الرئيس برّي إلى حدّ التوسل من النواب المشاركة فيها لإقرار مجموعة من القروض والاتفاقيات الدولية المالية، حتى لا يشطب لبنان من على جدول اهتمامات البنك الدولي، واعتبار لبنان بالتالي دولة فاشلة، ستكون على جدول اللقاء بين الرئيس برّي والرئيس تمام سلام في غضون الأيام القليلة المقبلة، بعد ان كانا التقيا على هامش جلسة انتخاب اللجان.
وكشفت أوساط السراي الكبير لـ«اللواء» ان الرئيس سلام يُبدي استياءً متزايداً يوماً بعد يوم، في ظل المماطلة لحل أزمة النفايات وعدم التعاون من الجهات المفترض بها ان تتعاون، حيث لا موعد لاجتماع اللجنة الوزارية المكلفة دراسة الملف، ولا حتى لقاء مع الوزير اكرم شهيب، الذي نوّه بجهوده النائب وليد جنبلاط، من غير ان يمانع من ان يكشف وزير الزراعة من الذين عرقلوا تنفيذ خطة النفايات في الوقت المناسب.
واستناداً إلى هذه الأوساط، فإن رئيس الحكومة يعتبر ان اجتماعه مع الرئيس برّي بات ضرورياً لوضعه في أجواء العراقيل التي توضع في وجه الحكومة ورئيسها، وهل ان استمرارها مفيد أم لا.
يذكر ان الرئيس سلام كان شرح لوفد من برنامج الأمم المتحدة للبيئة زاره في السراي بشكل مفصل أزمة النفايات الشائكة التي يُعاني منها لبنان طالباً المساعدة وتقديم الدراسات الممكنة في هذا الإطار، ووعد الوفد سلام بالقيام بدراسة للملف ورفع تقرير إليه حوله في أسرع وقت ممكن.
وأكّد مصدر وزاري لـ«اللواء» في السياق ذاته ان الأفق ما زال مقفلاً بالنسبة لازمة النفايات حيث ان كل المواقع التي تمّ الحديث عنها لتكون مطامر في البقاع وجدت انها غير صالحة بيئياً.
وجدّد المصدر التأكيد بأن لا جلسة قريبة لمجلس الوزراء، وانه في حال عقدت فإنها ستخصص للنفايات التي اقتربت ازمتها من يومها المئة، بعدما يرسي الخيار على مطمر في البقاع.
المبادرة المصرية
وسط هذه الأجواء القاتمة محلياً، علمت «اللواء» من مصادر وزارية، ان هناك في الأفق بادرة تحمل اهتماماً عربياً بلبنان، تتمثل بالمبادرة التي سيحملها معه إلى بيروت وزير الخارجية المصري سامح شكري الذي يزور لبنان خلال الأيام المقبلة، حيث سيلتقي عدداً من القيادات اللبنانية لعرض الأفكار عليها، في إطار جهود القاهرة لتحقيق تقارب بين اللبنانيين يسمح بالحفاظ على الاستقرار ويمهد لانتخاب رئيس جديد للجمهورية.
واكد مصدر دبلوماسي عربي لـ«اللواء» ان اللقاءات التي عقدها السفير المصري في بيروت محمّد بدر الدين زايد مع كل من الرئيس فؤاد السنيورة والنائب ميشال عون والنائب سامي الجميّل والدكتور سمير جعجع، إضافة إلى الرئيسين سلام وميشال سليمان، تأتي في إطار التمهيد لزيارة شكري التي من المفترض أن تؤسس لخرق أو لإحداث خرق.
الجلسة التشريعية
وإذا كان من مفاجأة سجلتها الجلسة النيابية أمس والتي تمكنت من تأمين النصاب بأكثرية 92 نائباً، للمرة الأولى منذ قرابة السنة من أن تحدث أي تغيير يذكر لا في هيئة المكتب ولا في اللجان الـ16 فإن البارز الذي خرجت به كان بدعوة الرئيس برّي إلى عقد جلسة تشريعية، حيث ستذهب كل الاتصالات والجهود في الأيام المقبلة إلى تأمين انعقادها، خصوصاً وأن هناك استحقاقات مالية وهبات تحتم انعقادها، على الرغم من استمرار التصعيد السياسي على صعيدي الحوار والحكومة.
وفي تقدير مصدر نيابي أن هناك فرصة عالية للولوج إلى جلسات تشريعية أفضل من المرحلة الماضية التي حالت دون انعقاد جلسات خلال مرحلة عدم وجود عقد عادي، لكنه استدرك بأنه من المبكر الحكم على الأمور، وبالتالي يجب التريث، خصوصاً وأن الموافقات التي صدرت في أعقاب دعوة الرئيس برّي لم تكن كلها صريحة، وبعضها وضع شروطاً كقوانين تكوين السلطة، أي قانون الانتخاب وقانون الجنسية، في حين أن دعوة برّي اقتصرت على الأمور المالية والهبات والقروض.
ولاحظ المصدر أن كل الشروط التي طرحت أمس، سواء من قبل تكتل الإصلاح والتغيير أو «القوات اللبنانية» يمكن أن تعالج من خلال ما إذا كان في الإمكان القبول بوضع القوانين المطالب بها ضمن جدول أعمال الجلسة، أو الاشتراط بأن تكون بنداً أول، وفي هذه الحالة تصبح إمكانية عقد الجلسة صعبة، لأن هناك فرقاً بين أن نطالب بوضع قانون الانتخاب مثلاً في جدول الأعمال، أو في بنده الأول، خصوصاً وأن قانون الانتخاب يحتاج إلى أشهر لإقراره.
ولفت إلى أن المخوّل بوضع جدول الأعمال هو هيئة مكتب المجلس التي يفترض أن تجتمع عندما يدعوها الرئيس برّي، وعند ذلك يمكن أن تتضح مواقف الكتل النيابية بشكل رسمي، علماً أن الجميع بات يسلّم بمنطق تشريع الضرورة في ظل الشغور في رئاسة الجمهورية،
وفيما أكدت كتلة «المستقبل» النيابية استمرار دعمها لعمل مجلس النواب لجهة إقرار التشريعات التي تتسم بالضرورة، اشترط تكتل «التغيير والاصلاح» أن تشريع الضرورة يقتصر على القوانين التي تتعلق بتكوين السلطة ومنها بعض القوانين المالية، لكنه ترك الباب مفتوحاً أمام التفاهم مع الرئيس برّي حول التفاصيل.
وأوضحت مصادر نيابية في التكتل أن ما يهم التكتل هو انعقاد جلسة لا يقاطعها نواب فتصبح جلسة غير ميثاقية، مشيرة إلى أن أموراً ملحة فرضت نفسها كتحذير البنك الدولي، لافتة إلى أن هناك حاجات ضرورية لا يمكن التغاضي عنها وتعدّ ملحة، فيما الوقت لا يزال متاحاً من أجل بحث المواضيع التي يطالب بها التكتل حتى نهاية العام.
وأكدت المصادر رداً على سؤال من «اللواء»: مبدئياً سيشارك نواب التكتل في الجلسة التشريعية.
أما حزب الكتائب الذي كان يرفض بالمطلق التشريع قبل انتخاب رئيس الجمهورية، فإن الموقف المبدئي الذي أعلنه وزير الاقتصاد والتجارة آلان حكيم لـ«اللواء» لم يختلف عن موقف «القوات اللبنانية» وتكتل عون حول ضرورة تضمين جدول أعمال الجلسة ما له علاقة بانبثاق السلطة والمواضيع المالية، مؤكداً إنفتاح الحزب على جدول يقع في هذا الإطار.
إلا أن الوزير حكيم لفت إلى أن أي قرار في المشاركة أو عدمه لم يتخذ بعد بانتظار ما سيقوله اجتماع المكتب السياسي للحزب.
كتلة المستقبل
وفي بيانها المنتظر، أكدت كتلة «المستقبل» النيابية تمسكها بنهج الحوار ومتابعته، وكذلك باستمرار دعمها لحكومة الرئيس سلام ووقوفها معه وإلى جانبه في تفعيل عمل الحكومة، لكنها شددت على أن الحوار يجب أن يكون هادفاً ومثمراً وفعّالاً لتلبية مع يعلّق عليه اللبنانيون من آمال.
ولفتت إلى أن موقف وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق الذي أعلنه في مهرجان الذكرى الثالثة لاغتيال اللواء الشهيد وسام الحسن يوم الجمعة الماضي يُشكّل «جرس إنذار» في مواجهة التجاوزات التي يديرها حزب الله، مشيرة إلى أن كلامه «عبّر عن ضيق اللبنانيين بما وصلت إليه حال البلاد، وعن أن الكيل قد طفح من ممارسات حزب السلاح وتجاوزاته السياسية والأمنية، فيما رأت في المقابل أن كلام الأمين العام للحزب السيّد حسن نصر الله يتّسم بالإستعلائية المستنكرة، معتبرة بعض كلام غير مقبول.
ولاحظ مصدر نيابي في الكتلة لـ«اللواء» أن البيان الذي تمسك بنهج الحوار ومتابعته واستمرار دعم حكومة الرئيس سلام، ترك الأبواب مفتوحة بالنسبة للحوار الثنائي مع حزب الله، بحسب ما سيتصرف به الطرف الآخر، وهذا هو المعني من الفقرة التي وردت في بيان الكتلة، والتي أكدت بأنها هي من «تقرّر الاستمرار في أي عمل أو وقفه وفق ما تقتضيه المصلحة الوطنية» ولا تخضع بذلك لردّات الفعل أو الإستدراج».
وبحسب هذا المصدر فإن الكتلة كانت في وارد تأكيد الاستمرار في الحوارين، أي حوار الطاولة والثنائي، لكن تصريح النائب علي فياض الذي أشار فيه إلى أن الحوار الثنائي يخضع للنقاش في قيادة الحزب، دفع المعنيين في الكتلة إلى وضع هذه الفقرة، في إشارة إلى أنها مع احتضان موقف الوزير المشنوق لا تريد من أحد أن يربّحها جميلة الموافقة أو عدم الموافقة، علماً أن الحوار الثنائي ما زال قائماً، حسب معلومات المصدر.