Site icon IMLebanon

التشريع أمام العُقَد القديمة.. وشهيِّب يُمهِل المُعرقلين أسبوعاً

التشريع أمام العُقَد القديمة.. وشهيِّب يُمهِل المُعرقلين أسبوعاً

زايد لـ«اللواء»: مصر تدعو للتهدئة وتدعم الحوار برئاسة برّي

السؤال الملح الذي يشغل الأوساط السياسية والدبلوماسية: إلى أي مدى يمكن للوضع اللبناني ان يحتمل مخاطر حالة «الستاتيكو» التي يشهدها، على مشارف نهاية إضافية لم تشهد لا انتخاب رئيس جمهورية، ولا تشريعات في مجلس النواب، ووضعت حكومة الرئيس تمام سلام امام خيارين احلاهما مر: البقاء في دائرة العجز عن اتخاذ القرار، أو الاستقالة؟

وبقدر ما شكلت زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى موسكو قضية إقليمية استدعت اتصالات بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وكل من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حول هذا الحدث وانعكاساته على احتمالات التسوية في سوريا، كانت فاجعة عائلة صفوان التي عاد سبعة من افرادها جثثاً إلى بيروت من رحلة الموت الفاشلة من تركيا إلى اليونان، بحثاً عن موطن آخر لحياة فيها عمل وبعض من الكرامة الإنسانية، على نحو ما يحصل مع مهاجرين سوريين أو فلسطينيين أو عرب آخرين، تقض مضاجع اللبنانيين والرأي العام، فيما الساسة ورؤساء الأحزاب والكتل يتبارون في حشد الوقائع المؤيدة لمواقفهم، سواء منها التي تُهدّد مصير الحكومة وانتاجيتها، أو رواتب موظفي القطاع العام، إذا ما عجز الرئيس نبيه برّي عن عقد جلسة لتشريع الضرورة تسمح بتمرير اتفاقيات قروض مع البنك الدولي، وعدم ادراج لبنان على لائحة الدول الممنوع على البنك الدولي ومؤسساته ان تتعامل معها ما لم تفِ بالتزاماتها المتوقفة منذ عامين.

ولئن أضيفت الجلسة 30 لانتخاب الرئيس إلى سابقاتها، فأرجئت إلى 11 تشرين الثاني، فإن الأجواء التي اشاعها وزير الزراعة المكلف بملف النفايات اكرم شهيب، من انه منح نفسه ومنح القوى السياسية المعنية بالمساعدة على توفير المطامر، اسبوعاً فقط، قبل ان «يبق البحصة» ويسمي الأشياء باسمائها، ويعتذر عن عدم تمكنه من الاستمرار بحمل «كرة النار» وحده، مع طلائع فصل الشتاء، والمخاوف المتصاعدة من موجات غير مسبوقة من الأوبئة تسببها النفايات المتراكمة منذ 17 تموز الماضي، رفعت من مخاطر ليس وقف محركات الوزير فقط، بل ايضاً وقف محركات الحكومة، في ضوء ما لمسه وزير الإعلام رمزي جريج من الرئيس سلام، من ان الأفضل للحكومة الاستقالة إذا ما استمر التعطيل.

مصر: للتهدئة والحوار

في هذه الاثناء، أكّد سفير مصر في لبنان د. محمّد بدر الدين زايد، ان بلاده تشجّع مساعي التهدئة، وتخفيف حالة الاحتقان والتوتر في الوسط السياسي، حرصاً عى أمن واستقرار لبنان.

وقال د. زايد رداً على سؤال لـ«اللواء» حول ما يُحكى عن مبادرة مصرية: ان مصر تدعم مسار الحوار الذي دعا إليه الرئيس نبيه برّي، رغم التوقعات التي تستبعد حصول معجزات في نتائج الحوار، ذلك ان العودة إلى القطيعة بين الأطراف السياسية الأساسية في لبنان من شأنه ان ينقل الصراع إلى الشارع، مع كل ما يعني ذلك من احتمالات التوتير والتصعيد، التي ستضفي مزيداً من التعقيدات على الأزمة السياسية الحالية.

وتابع: لذلك نحن نجري الاتصالات اللازمة مع كل الفرقاء اللبنانيين داعين إلى تبريد السجالات السياسية، عشية الجلسة المقبلة للحوار في مجلس النواب يوم 26 تشرين – اكتوبر الجاري.

واعرب السفير زايد عن اعتقاده بأن الإسراع في إنهاء ملف النفايات من شأنه ان يُساعد على إعادة مناخات التهدئة، وافساح المجال لمعالجة ملفات طارئة أخرى.

وفي السياق ذاته، أكّد دبلوماسي عربي لـ«اللواء» ان إعلان الرئيس برّي من ان طاولة الحوار ستعود للاجتماع الاثنين المقبل في ساحة النجمة، لمتابعة البحث في جدول الأعمال، وأن الحوار الثنائي بين «المستقبل» و«حزب الله» سيستأنف الثلاثاء في عين التينة، من شأنه ان يبعث برسالة إلى المعنيين في الداخل والخارج، انه على الرغم من التعثر في حلحلة الملفات، فإن رهان اللبنانيين ما يزال على الاستقرار، بانتظار اللحظة الإقليمية المناسبة لانتخاب رئيس للجمهورية، والعودة إلى سكة التشريع وعمل المؤسسات التي تكاد تصبح مشلولة بكاملها.

تشريع الضرورة

وإذا قيض للجلسة التشريعية التي يعتزم الرئيس برّي الدعوة إليها في مطلع أو منتصف الشهر المقبل، أن تُبصر النور, على الرغم من أن فرص انعقادها تبدو متعادلة، فإنها قد تشكّل إختراقاً للنفق الذي أسدل ظلامه على لبنان، منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان، وتُسهم، بالتالي، في تحريك عجلة العمل الحكومي، فيما لو صاحبتها تفاهمات ما تزال بعيدة.

وبدا الرئيس برّي في لقاء الأربعاء النيابي مصمّماً على الدعوة لعقد الجلسة التشريعية في أقرب وقت ممكن، من خلال إعطاء توجيهاته لدوائر المجلس التحضير للجلسة، ودعوة هيئة المكتب للإجتماع ظهر الثلاثاء المقبل لوضع جدول الأعمال في ضوء تراكم العديد من المشاريع واقتراحات القوانين الملحّة والضرورية.

ولفتت مصادر نيابية، إلى أن الرئيس برّي عندما دقّ ناقوس الخطر المالي بإمكانية إسقاط لبنان عن لائحة المساعدات الدولية، كان يملك معلومات مستقاة من مراجع دولية، وأنه أراد وضع الجميع دون استثناء أمام مسؤولياتهم، لكن المصادر نفسها رأت أن انعقاد الجلسة يحتاج إلى مزيد من التشاور، سيّما وأن الأسباب التي حالت دون انعقاد جلسات تشريعية منذ أكثر من سنة ما تزال قائمة، معتبرة أن بنود جدول الأعمال هي التي ستحدّد مصيرها.

تجدر الإشارة إلى أن الكتل النيابية المنضوية في قوى 14 آذار تداعت إلى اجتماع سريع عُقد أمس الأول في «بيت الوسط» للتداول في دعوة برّي، لكن الإجتماع لم يخرج بقرار سوى التأكيد على أولوية انتخاب رئيس الجمهورية، في حين أظهر النقاش إختلافاً بين «المستقبل» وحزب الكتائب على التشريع، عبّر عنه النائب سامي الجميّل الذي أعلن، في جلسة إنتخاب الرئيس، أن المجلس النيابي هيئة ناخبة وليس لديه الآن أي دور سوى إنتخاب الرئيس، بينما كان الموقف مع حزب «القوات اللبنانية» يتّسم بمرونة أكثر، نتيجة قبول القوات بتشريع الضرورة لكنها اشترطت، على لسان النائب جورج عدوان، وضع قانون الإنتخاب بنداً أول على جدول الأعمال، وهو موقف يكاد يعطّل الجلسة وينسجم مع موقف تكتل «التغيير والإصلاح»، نظراً للصعوبات القانونية التي تمنع طرح إقتراح قانون الإنتخاب واستعادة الجنسية، طالما لم يُحالا إلى الهيئة العامة من اللجان.

خطة النفايات

في هذا الوقت، بدا الوزير شهيّب أقرب إلى إعلان عجزه عن إكمال مهمته في وضع خطة النفايات التي أقرّتها الحكومة موضع التنفيذ، بسبب تلكؤ القيادات السياسية عن مساعدته في هذا الأمر، وكاد أن يُعلن ذلك صراحة مساء أمس، لكن اتصالات عاجلة جرت معه، دفعته إلى تأجيل ذلك، أسبوعاً واحداً، وإلا فإنه سيطفئ محركاته ويعود إلى وزارته الأصلية (الزراعة).

وكان شهيّب زار صباحاً الرئيس سلام في السراي الكبير، بعيداً عن الإعلام، وأبلغه برغبته هذه، فأجابه سلام، بحسب ما أعلن وزير الزراعة مساءً: «إذا أنت أطفأت محركاتك فأنا سأطفئ أنوار السراي الحكومي»..

ومن السراي، إنتقل شهيّب إلى ساحة النجمة حيث التقى الرئيس فؤاد السنيورة، في جلسة إنتخاب الرئيس التي لم يكتمل فيها النصاب، وطلب مساعدة تيّار «المستقبل» في تذليل إعتراضات بعض أهالي عكار بالنسبة لمطمر سرار، فأكد له السنيورة أن كتلة المستقبل تدعم بشكل مطلق الحكومة ورئيسها ولا سيّما في موضوع النفايات.

وفي مقابلته مع برنامج «بموضوعية» من تلفزيون M.T.V، كشف شهيّب أن الرئيس برّي الذي التقاه أيضاً، أبلغه أنه سيتعاون مع «حزب الله» باقتراح مطمر جديد في البقاع، بعدما كان الحزب إقترح عليه موقعين تبيّن أنهما غير صالحين، لافتاً إلى أن المشكلة في عكار تختلف بعدما تمّ تجهيز مطمر سرار وأنه بالإمكان التفاهم عليه إذا ما تحمّل السياسيون وبعض نواب المنطقة مسؤولياتهم وتجاوزوا حالة الأبتزار التي يواجهونها هناك.

وقال أنه ينتظر الآن إختبار الموقع الثالث في البقاع والذي سنعتمده إذا ما تبين انه صالح، مع العلم بأن اللجنة الفنية كانت اختارت موقعاً صالحاً جداً يقع على الحدود اللبنانية – السورية، وفي قطعة أرض تملكها الدولة، ولكن، مع الأسف، فإن الثلث المعطل في الحراك المدني عطل هذا الخيار من خلال بث شائعات تقول للناس بأنكم «ستتوضون بمياه النفايات»، وهذا خطأ قاتل، لافتاً النظر إلى ان بعض الحراك دخل على الخط لأسباب سياسية لتوظيف ملف النفايات في الحراك.

جثامين آل صفوان

من جهة ثانية، تشيّع عند الثالثة من عصر اليوم الثلاثاء في الأوزاعي، جثامين سبعة من آل صفوان اعيدت أمس إلى مطار بيروت من تركيا، والذين كانوا غرقوا في مياه بحرها خلال توجههم على متن عبارة من تركيا إلى أوروبا، بحثاً عن ملجأ عمل لهم.

وأقيم في مطار رفيق الحريري الدولي استقبال رسمي وشعبي حاشد وحزين، شارك فيه وزير الاشغال غازي زعيتر ممثلاً الرئيس برّي، والأمين العام للهيئة العليا للاغاثة اللواء محمّد خير ممثلاً الرئيس سلام، والنائب علي المقداد ممثلاً حزب الله، والشيخ عباس زغيب ممثلاً المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى.

ونقلت الجثامين السبعة على متن طائرة تابعة لشركة الخطوط الجوية التركية التي حطت في قسم الشحن في المطار، وتولت سبع سيّارات تابعة للصليب الأحمر اللبناني حمل الجثامين إلى مستشفى رفيق الحريري الحكومي في بيروت، على ان يُصار إلى اجراء مراسم الدفن اليوم بعد ان يكون اثنان من العائلة اللذان استطاعا النجاة قد عادا اليوم، فيما لا يزال مصير اثنين آخرين من العائلة نفسها مجهولاً.