برّي ينصح سلام بالتريّث .. ومحاولة فرنسية لتحريك التسوية اللبنانية
«مزايدة مسيحية» تأرجح جلسة التشريع.. والمشنوق لم يقرّر بعد المشاركة بالحوار مع حزب الله
ينتهي منتصف هذه الليلة التوقيت الصيفي، وبدءاً من الساعة صفر من صباح يوم الأحد، يبدأ التوقيت الشتوي، وربما إذا صدقت الأرصاد الجوية، فإن أمطاراً غزيرة ستحلّ في هذا اليوم فوق أرض ملأى بالنفايات تمتد في غير محافظة لبنانية، ولم تنفع معها لا تهويلات الحراك المدني أو جمعيات البيئة ولا حتى تهديدات وزير الزراعة أكرم شهيّب، مدعوماً من الرئيس تمام سلام، بأن تأخّر الجواب من حزب الله وفعاليات البقاع الشمالي، في ما خصّ المطمر هناك، من شأنه أن يجعل الوزير ينسحب من المسؤولية، وتصبح الحكومة ككل على كف الإستقالة، على الرغم من تعهّد الرئيس نبيه برّي ببذل جهود، في ما خصّ الخطة الأمنية في البقاع وسائر الملفات العالقة قبل جلسة الحوار الوطني في ساحة النجمة، بعد غد الإثنين، والتي تلتقي مصادر المعلومات على وصفها بأنها جلسة لا بدّ منها، لكنها لا تُثمر ولا تُغني عن جوع، في ظل عدم مشاركة أربع شخصيات على الأقل في أعمالها، أبرزهم الرئيس فؤاد السنيورة الموجود في لندن والنواب: ميشال عون وبطرس حرب وربما رئيس حزب الكتائب سامي الجميّل الذي لم يتخذ قراراً قاطعاً بعد، إذ يلتقي اليوم النائب إيلي ماروني الذي يشاركه في لقاءات ساحة النجمة لإبلاغه ما إذا سيكلّفه بتمثيله في الجلسة، في حال قرّر عدم الحضور، إلى جانب النائبين عاطف مجدلاني الذي سينوب عن الرئيس السنيورة وإبراهيم كنعان الذي سيمثّل عون.
ومع أن الخلوة القصيرة التي جمعت الرئيسين برّي وسلام في عين التينة، على هامش المأدبة التكريمية التي أقامها رئيس المجلس لرئيس مجلس الشيوخ الفرنسي جيرار لارشيه، في حضور كل من الرئيس إمين الجميّل والنائب عون والنائب ميشال المرّ وعن كتلة المستقبل النائب سمير الجسر والوزير نبيل دو فريج، بالإضافة إلى رئيس حزب الطاشناق، ممثّل الأرمن على طاولة الحوار هاغوب بقرادونيان، ونائب رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» جورج عدوان، ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمّد رعد، تطرقت إلى أن الرئيس برّي نصح الرئيس سلام بالتريّث نظراً لأن الأوضاع الضاغطة في البلاد تقتضي بقاء الحكومة، لا سيّما وأن التركيز الآن يجري على عقد الجلسة التشريعية، وتمرير القوانين المالية الملحّة، لأن تعريض المالية العامة، من شأنه، وفقاً لأوساط عين التينة، أن يؤثّر سلباً على الحماية المالية الدولية للبنان، ويعرّض رواتب موظفي الدولة للخطر، إذا لم تعقد الجلسة التشريعية في غضون عشرة أيام على الأكثر.
وحسب الأوساط نفسها، فإن الرئيس برّي طلب من نوابه عدم الانجرار إلى أي سجال، والتركيز على إنقاذ ما يمكن إنقاذه، والتمسّك بآلية الحوار المتّبع، سواء العام أو الثنائي ومساعدة الوزير شهيّب على معالجة ملفّ النفايات وبذل ما يمكن بذله لئلا تضرب البلاد أزمة كهرباء جديدة مع اقتراب فصل الشتاء، في ظل سوء معامل الإنتاج والمخاطر المحدقة بها.
لارشيه
أما بالنسبة لزيارة لارشيه الذي جاء إلى بيروت لرعاية افتتاح معرض الكتاب الفرانكوفوني في «البيال» أمس، فإنه أبلغ الشخصيات التي التقاها، سواء في عين التينة أو في السراي الكبير، أو في مبنى السفارة في قصر الصنوبر، حيث التقى هناك النائب آلان عون موفداً من النائب عون، ووفداً من «حزب الله» وشخصيات أخرى مجموعة من الأمور أهمها:
1 – ان وزير الداخلية الفرنسي برنار كازونوف سيكون في بيروت، أوّل الأسبوع في مهمة ذات علاقة بالنازحين السوريين، ومن زاوية ان فرنسا تبدي اهتماما بالعبء الذي يحمله لبنان، سواء لجهة العدد ومخاطر التغيير الديموغرافي، أو لجهة الأعباء المالية والخدماتية في ظل الوضع الاقتصادي والمالي الصعب الذي يمر به لبنان.
2 – ان لارشيه سيقوم بزيارة إلى طهران لبحث الانتخابات الرئاسية المعطلة ومصير التسوية في سوريا والانفتاح الفرنسي والغربي على طهران بعد التوقيع على الاتفاق النووي.
3 – ان فرنسا تجري مشاورات مع دول صديقة في المنطقة، ومع كل من الولايات المتحدة والاتحاد الروسي لوضع ملف لبنان على جدول أعمال اللقاءات الدولية، جنباً إلى جنب مع الملف السوري، والخروج من أزمة الشغور الرئاسي والتعطيل العسكري والإداري الذي يصيب مؤسسات الدولة اللبنانية.
4 – ان بلاده تدعم الحوار الذي يرعاه الرئيس برّي وترى ان لا بديل في مرحلة الانتظار الإقليمية التي يمكن ان تطول، من الحفاظ على الاستقرار اللبناني، وعدم التفريط بالحكومة الحالية.
ملف النفايات
اما أوساط السراي الكبير، فأكدت من جهتها لـ «اللواء» بأنه لم يحدث أي تطوّر بالنسبة لملف النفايات وليست هناك أية بوادر لدعوة مجلس الوزراء حتى الساعة في ظل عدم وصول أية إشارة إيجابية من القوى السياسية حوله.
وأشارت إلى ان اللقاء الذي جمع الرئيس سلام مع الوزير شهيب بعد ظهر أمس، أكّد المؤكد بالنسبة لموقفهما، بحسب ما أبلغ وزير الزراعة «اللواء» والذي أكّد ان الوقت يضيق، ولا تراجع عمّا أعلنه بالنسبة لتقديم اعتذاره عن استكمال تحمل مسؤولية هذا الملف بعد ان قذفت «كرة النار» إليه، وحاول جاهداً إيجاد الحلول له برعاية ومساعدة الرئيس سلام والوزير نهاد المشنوق.
وأشار شهيب إلى أن الرئيس سلام لا يزال على موقفه من تسمية الأشياء بأسمائها، وتحميل المعرقلين مسؤولية فشل خطة النفايات والمساهمة في تعطيل العمل الحكومي.
لكن مصادر السراي رفضت تحديد يوم محدد خلال الأسبوع المقبل لإعلان سلام هذا الموقف، بحسب ما تردّد عن لسان الوزير شهيب بأنه حدد يوم الخميس المقبل موعداً نهائياً لتلقيه الردود من القوى السياسية في البقاع بالنسبة للمطمر، وجددت المصادر القول انه من المعروف عن الرئيس سلام عدم تهوره، ولكن ما أعلنه أمام طلاب جامعة القديس يوسف جدي ولا تراجع عنه.
المشنوق
ومع ان زيارة الوزير المشنوق للرئيس برّي في عين التينة، تركت انطباعاً ايجابياً لجهة الأمور التي طرحت خلال اللقاء،، تمثل أحداها بتعهد الرئيس برّي شخصياً بمتابعة تنفيذ خطة البقاع الأمنية مع الأطراف المعنية في الجيش اللبناني ومع الأطراف السياسية الموجودة في المنطقة، كما تمثل أيضاً بإعلان وزير الداخلية بأن الحوار هو جزء من السلم الأهلي في لبنان، وهو حاجة لتماسك اللبنانيين، بما أوحى انتهاء العاصفة بين «المستقبل» و«حزب الله» والتي أثارها كلامه في ذكرى استشهاد اللواء وسام الحسن، إلا أن «تغريدة» الوزير المشنوق على «تويتر» لاحقاً، وتأكيده ان كلامه في عين التينة لا يعني انه قرّر المشاركة في الحوار الثنائي الذي يفترض أن يستأنف الثلاثاء، أرخى شكوكاً باحتمال تأجيل هذا الحوار، أو أقله عدم مشاركة المشنوق شخصياً، في حال لم تؤد المشاورات التي بدأها برئيس المجلس إلى اقتناع بحضور الجلسة العشرين للحوار الثنائي في عين التينة.
وكانت معلومات نشرت أمس بأن حزب الله اشترط للمشاركة في هذه الجلسة عدم وجود وزير الداخلية ضمن وفد «المستقبل»، لكن مصادر في 8 آذار استبعدت لـ«اللــواء» أن يكون الحزب وضع شرطاً من هذا القبيل.
الجلسة التشريعية
واللافت ان الشكوك التي أحيطت بجلسة الحوار الثنائي باحتمال عدم انعقادها، تزامنت مع التأرجح الذي يصاحب احتمال انعقاد الجلسة التشريعية التي يعتزم الرئيس برّي الدعوة إليها، في مدى قريب أو التأجيل، بسبب المزايدة المسيحية – المسيحية، بالنسبة لتشريع الضرورة، حيث بقي حزب الكتائب على موقفه الرافض للتشريع في ظل عدم انتخاب رئيس الجمهورية، في حين يشترط تكتل «الاصلاح والتغيير» و«القوات اللبنانية» بأن يكون قانون الانتخابات النيابية بنداً أول على جدول أعمال الجلسة، علماً أن أمر ترتيب بنود جدول الأعمال من صلاحية رئيس المجلس.
وبحسب المعلومات فإن جهوداً تبذل من قبل الرئيس برّي ومعه كتلة «المستقبل» بأن يوضع اقتراح قانون الانتخاب من ضمن جدول الاعمال مع إقتراح قانون باستعادة الجنسية, على أن تعطى الأولوية في الجلسة لتمرير مشاريع القوانين المتعلقة بالأمور المالية والقروض.
وفُهم أن هذا الأمر سيكون محور مشاورات يُفترض أن تتم قبل انعقاد هيئة مكتب المجلس الثلاثاء المقبل بين الكتل المنضوية في قوى 14 آذار للخروج باتفاق بالنسبة لتشريع الضرورة.
نصر الله
في ظل هذه الأجواء، أطلّ الأمين العام «لحزب الله» السيّد حسن نصر الله شخصياً مساء أمس على الجمهور المحتشد في مجمّع سيّد الشهداء في الرويس عشية ليلة العاشر من محرّم، حيث كانت له كلمة حماسية استغرق إلقاؤها قرابة الساعة، خلت من أي إشارة إلى الشأن اللبناني الداخلي، وتركزت على هجوم عنيف جداً على السياسة الأميركية وعلى المملكة العربية السعودية،
ووصفت كلمة نصر الله بأنها كانت استنهاضية وتعبئة لجمهوره، بما يشي بمرحلة لن تكون هادئة أقلّه بالنسبة للحزب نفسه الذي يواجه معركة لن تكون سهلة.