Site icon IMLebanon

تعثُر حلّ النفايات يهدِّد كل الملّفات والقروض

تعثُر حلّ النفايات يهدِّد كل الملّفات والقروض

الرواتب للعسكريّين والإدارات بمرسوم عادي… والمساعدات للبنان لم تعد أولوية فرنسية

اليوم الإثنين في الثاني من تشرين الثاني، ومع بداية العدّ العكسي المتسارع لنهاية هذا العام، لن ينعقد مجلس الوزراء، ويكتفي المنشغلون بحلّ مشكلتين ملحّتين: رواتب العسكريين وبعض موظفي الدولة، وإنهاء ملف النفايات عبر جلسة حكومية، تُدخل تعديلات على الخطة الأصلية التي أُقرّت قبل خمسة أسابيع، بانتظار اليوم التالي الذي سيكون حافلاً باستحقاقات تأجّلت من سنة إلى سنة، ومن شهر إلى شهر، ومن أسبوع إلى أسبوع، ومن يوم إلى يوم:

1- فجلسة مجلس الوزراء التي كان من المقرّر أن يدعو إليها الرئيس تمام سلام، لتنعقد بعد ظهر اليوم، أُرجئت، على أن يرتبط موعد الإعلان عنها – إذا حصل ذلك – بعد أن تحلّ «عقدة» المطمر الدرزي في «الكوستا برافا» التابع لبلدية الشويفات، والقرار بشأنها بات في عُهدة الأمير طلال أرسلان الذي تحوّلت دارته في خلدة إلى خلية لقاءات كان من أبرز المشاركين فيها وزير المال علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل، فضلاً عن الوزير المكلّف بملف النفايات أكرم شهيّب، لتنتهي محصلة هذه اللقاءات إلى إحالة الملف على طاولة الحوار الثلاثاء، وعلى ما سينجم عنه «لقاء الأرسلانيين» في بلدة الشويفات مع فعاليات المنطقة التي يُعلن النائب وليد جنبلاط أنه لن يتجاوز قرارها بما خصّ مطمر الشويفات في «الكوستا برافا» عند الساحل الشرقي للمتوسط، وعلى الطريق الذي يربط العاصمة بيروت بالجنوب عبر خط الأوزاعي.

2- قبل ظهر غد تنعقد طاولة الحوار في ساحة النجمة، ومن المؤكّد أن حزب الكتائب سيستمر في مقاطعتها طالما أن ملف النفايات سيبقى عالقاً، فيما يعود الرئيس فؤاد السنيورة للمشاركة فيها، من دون أن يُعرف ما إذا كان النائب ميشال عون سيشارك بعد العودة إلى نغمة أن لا شرعية للمجلس النيابي بعد التمديد له مرّتين، رافضاً أن ينتخب رئيساً للجمهورية, ومعتبراً أن الأولوية لقانون الإنتخاب الذي يُعتبر نائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري أحد أبرز ممثّلي الأرثوذكس على طاولة الحوار أن الإتفاق عليه (قانون الإنتخاب) أصعب بكثير من الإتفاق على إنتخاب رئيس، فيما لم يُعرف ما إذا كان النائب وليد جنبلاط سيشارك في جلسة الحوار، بعد إبلاله من الوعكة الصحية، أم أن «أمراً طارئاً» قد يحول دون مشاركته لا سيّما بروز العقبة الدرزية، في ما خصّ مشكلة النفايات.

الجلسة التشريعية

3- وفي هذا الجو الذي يُبدي فيه الرئيس نبيه برّي حسب زواره، إستياءً شديداً من تعثّر المعالجات، والكلام الأخير للنائب عون في عشاء المهن الحرّة للتيار الوطني الحر، ينعقد مكتب المجلس، لإضافة ما يمكن إضافته على جدول أعمال الجلسة التشريعية، في ضوء عقبات ثلاث:

الأولى: إصرار «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» على إدراج قانونيّ الجنسية والإنتخابات في أولويات الجلسة، ليس لحرقهما، وفقاً للأوساط العونية، بل لإقرارهما لاعتبارات ميثاقية، وإلّا فلكل حادث حديث، مع العلم أن حزب الكتائب لا يُبدي ميلاً للمشاركة في أي جلسة نيابية قبل انتخاب رئيس الجمهورية، ولا يقرّ مع الحزبين المسيحيين الآخرين بشيء إسمه «تشريع الضرورة».

والثانية: ما صدر عن البنك الدولي من أن الجمود المؤسساتي «دفعنا إلى إلغاء عدد من المشاريع المهمّة على صعيد التنمية الإقتصادية في البلاد»، وهذا الإعلان نقلته وكالة «فرانس برس» عن المدير الإقليمي للبنك الدولي فريد بلحاح، في إشارة إلى إلغاء قروض بقيمة 40 مليون دولار.

وفي الإطار نفسه، نقلت «فرانس برس» عن ديبلوماسي فرنسي في بيروت، أن لبنان لم يعد أولوية بالنسبة لفرنسا، «ورغماً عنّا وجدنا أنفسنا مضطّرين لإلغاء قروض لا نستطيع أن نواصل تأجيلها إلى الأبد».

وإذا كان الجزء الأكبر من مساعدات البنك الدولي لتمويل سد بسري بقرض تبلغ قيمته 500 مليون دولار، ومن شأنه أن يؤمّن مياه الشفة والريّ لمليون و600 ألف نسمة، فإن الرئيس برّي الذي حفّزته إنذارات البنك الدولي والمؤسسات المالية الأخرى، ويبذل جهوداً استثنائية لإزالة العقبات أمام الجلسة، بدأ يخشى أن تُطيح المزايدات لعقد الجلسة، لا خلال هذا الأسبوع ولا قبل 31 من كانون الأول المقبل، وهو الموعد الأخير الذي يمكن أن يشكّل آخر فترة سماح للدولة اللبنانية المتعثّرة بمؤسساتها المصابة بشلل قاتل منذ 25 أيار 2014، وهو الموعد الذي كان يُفترض أن يُنتخب فيه رئيس للجمهورية خلفاً للرئيس ميشال سليمان.

أما العقبة الثالثة، فهي المتعلّقة بإدراج سلسلة الرتب والرواتب على جدول الجلسة التشريعية في حال إنعقادها، وهو أمر لم تحصل هيئة التنسيق النقابية في الإتصالات التي تجريها مع قادة الكتل النيابية الممثلة على طاولة الحوار وخارجها، على أجوبة قاطعة حيالها، في ظل تحفظ ثلاث كتل على الأقل على اقرارها، وهي كتل «المستقبل» و«اللقاء الديمقراطي» و«القوات اللبنانية».

وفي المناسبة، دعت هيئة التنسيق إلى إضراب عام واعتصام في المدارس الرسمية والخاصة والإدارات العامة غداً الثلاثاء، للمطالبة بإدراج السلسلة على جدول أعمال الجلسة، مهددة بالتصعيد إذا لم يؤخذ بهذا المطلب..

وكشف مصدر نيابي ان مسارعة الرئيسين برّي وسلام إلى إيجاد مخرج لتحويل رواتب العسكريين وموظفي الإدارات العامة الذين لم يقبضوا رواتبهم لا السبت ولا الأحد، وربما اليوم أيضاً، عبر إصدار مرسوم عادي لا يحتاج إلى مجلس الوزراء، التماس المسؤولين صعوبة عقد جلسة تشريعية، وبالتالي عدم تعليق مصالح ورواتب العسكريين والموظفين لا على الجلسة الحكومية ولا على الجلسة التشريعية.

وفي هذا السياق، أبلغ عضو في هيئة مكتب المجلس «اللــواء»، ان المكتب سيناقش غداً لائحة بـ19 مشروعاً واقتراح قوانين جديدة ذات طبيعة مالية، لإدراج ما يمكن ادراجه على اللائحة لأولى والتي أقرّت في الاجتماع السابق، لافتاً إلى أن أهمية الاجتماع غداً تكمن في ترجيح أن يُحدّد الرئيس برّي خلاله موعد الجلسة التشريعية المنتظرة.

لكن المصدر لاحظ ان مصير هذه الجلسة يتوقف على القرار الذي سيتخذه عون، كاشفاً ان الأخير سبق ان أبلغ «القوات» تضامنه معها بالنسبة إلى اشتراط أن يكون قانون الانتخاب بنداً أول، في حين قال شيئاً آخر لأطراف آخرين، لافتاً النظر إلى ان رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل لم يشر من بشري أمس إلى قانون الانتخاب، بل أعلن ان نواب تكتل «التغيير والاصلاح» و«القوات» لن يحضروا جلسة تشريعية ليس فيها بند استعادة الجنسية في أولوية جدول الأعمال، علماً ان اقتراحاً بهذا الشأن وضع على جدول أعمال المجلس بشكل معجل مكرر في الاجتماع السابق للمكتب.

غير أن الجديد الذي طرأ على الموضوع كان أمس تنبيه عضو كتلة «المستقبل» النائب أحمد فتفت من احتمال تطيير نصاب الجلسة في حال تضامن العونيون مع القوات. وأبلغ «اللواء» انه في هذه الحالة، لن يحضر الجلسة في ظل غياب كل ممثلي المكونات المسيحية، حتى لو وافقت الكتلة التي ينتمي إليها على حضورها، معتبراً ان الجلسة تعتبر غير ميثاقية، لافتاً إلى ان إصرار الرئيس بري على عقد الجلسة في هذه الحالة لعبة خطرة، حتى لو كانت ثمة حاجة ضرورية لانعقادها.

أزمة النفايات

وخلافاً لما كان متوقعاً اليوم، فان الجلسة الحكومية لإقرار خطة النفايات بشكل نهائي، لن تعقد، وعزا وزير الصحة وائل أبو فاعور ذلك، إلى التغيير الذي طرأ على موقع استقبال نفايات الضاحية الجنوبية الذي كان مقرراً أن يقام في الجنوب (الكفور) إلى منطقة الشويفات، مؤكداً أن ما نطلبه من رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال ارسلان هو التشاور مع أهل الشويفات قبل إقرار المطمر في منطقتهم.

اما الوزير المعني اكرم شهيب، فلم يرفع من جهته لا شارة النصر ولا شارة الاستسلام، ولم يتخل عن «كرة النار» التي رميت إليه، فمهلة الأسبوع التي كان وضعها لنفسة للوصول الى نتيجة سلبية كانت ام ايجابية انتهت ظهر الخميس الماضي، وكما التمديد يطال كل الامور، فمدد الوزير شهيب 48 ساعة انتهت ظهر امس الأول السبت، ولكنه لم يستكين وظل مستمرا باتصالاته ولقاءاته.

وأكد شهيب لـ«للواء» مواصلته لاتصالاته ومشاوراته، كاشفاً عن اجتماعين عقدهما امس الاحد مع الامير طلال ارسلان لحل عقدة المطمر المتوقع اقامته في شمال منطقة الكوستابرافا، ولفت الى ان الاتصالات والاجتماعات لن تتوقف خلال اليومين المقبليين للوصول الى خاتمة سعيدة، مشيراً الى «اننا على طريق الحل»، مؤكدا انه «متفائل دائماً».

وكشف شهيب ايضا عن لقاء عقد يوم السبت الماضي بين ارسلان ووزير المال علي حسن خليل والحاج حسين الخليل للبحث في الموضوع. واشار الى ان المطمر الذي سيقام في المنطقة المذكورة سيكون مطمراً صحياً مستوفياً كل الشروط البيئية.

اما مصادر الرئيس تمام سلام فأبدت استعداد رئيس الحكومة للدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء فور الاتفاق مع الاطراف كافة على خطة النفايات، واستبعدت عقد هذه الجلسة قبل الاجتماع الذي سيعقده ارسلان مع فاعليات المنطقة بعد ظهر غد الثلاثاء، ولفتت الى ان الرئيس سلام لن يوفر أي جهد لحل الموضوع خصوصا ان الاجتماعات مفتوحة مع الوزيرين شهيب والخليل للوصول الى خاتمة لهذا الملف الشائك.

ولفتت المصادر الى ان رئيس الحكومة اعتذر امس من زوار المصيطبة الذين يأمون دارة سلام ككل اسبوع وترأس اجتماعاً مطولاً في السراي مع الوزيرين شهيب وخليل لبحث كيفية تذليل كل العقد من أمام تنفيذ خطة النفايات التي يريد رئيس الحكومة تنفيذها بسلاسة وبموافقة كل القوى السياسية الذين هم شركاء بالوطن.