14 آذار تتشدَّد على طاولة الحوار .. وتصعيد مسيحي لنسف الجلسة التشريعية
شهيدان للجيش و6 قتلى باشتباك المعاملتين .. ونقمة عسكرية للتلاعب بالرواتب
كل شيء بات مرتبطاً بما ستسفر عنه جلسة الحوار الوطني اليوم، بعدما اهتدى العقل اللبناني إلى ما وصفه وزير المال علي حسن خليل بتخريجة قانونية لكن استثنائية لصرف رواتب العسكريين الذين تأخروا اسبوعاً عن قبض رواتبهم، فيما كان الأمر لا يحتاج إلى هذا الاستعراض، باعتبار ان الحل سبق واعتمده الرئيس فؤاد السنيورة عندما كان على رأس الحكومة الثانية، حيث كانت الأزمات تشتد وتمنع ليس فقط إقرار الموازنة، بل حتى عقد اجتماعات بصورة منتظمة.
ومع تحويل رواتب العسكريين وباقي موظفي الدولة إلى حساباتهم في المصارف، تكون الاستحقاقات الضاغطة على جلستي التشريع ومجلس الوزراء قد وضعت على الرف، في ظل تأكيد قيادة الجيش على ضرورة استدراك قضية الرواتب قبل حصولها، وعدم إقحام الجيش في النزاعات والخلافات السياسية الضيقة، مشيرة إلى ان المؤسسة تجاوزت ما وصفته بالمشكلة الطارئة بروح المناقبية والالتزام، وكأنها تُشير إلى العسكريين الشهيدين اللذين سقطا على مذبح ملاحقة مروجي الجريمة المنظمة في المعاملتين داخل ملهي ليلي، الأمر الذي أدى إلى إبادة العصابة التي كانت مؤلفة من ستة أشخاص، بينهم أربعة مطلوبين وفتاتان. (راجع ص 5).
وكانت الاتصالات في ما خص رواتب العسكريين قد نشطت منذ السبت الماضي وسجلت أمس محطتين الأولى باكراً في السراي من خلال اجتماع الرئيس تمام سلام مع نائبه وزير الدفاع سمير مقبل، والثانية بذهاب وزير المال علي حسن خليل إلى اليرزة للاجتماع بمقبل والعماد جان قهوجي، حيث أعلن بعد ذلك عن انتهاء الأزمة، بعد ان أخذ رئيس الحكومة على عاتقه مسؤولية صرف الرواتب، رداً على كتاب وزير المال إليه، على ان يسوى الموضوع في أوّل جلسة لمجلس الوزراء.
طاولة الحوار
وفي حين كانت الأنظار تتجه إلى موقف رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني الأمير طلال أرسلان في ما خص إصدار موقف إيجابي يسمح باستحداث مطمر في «الكوستا برافا» عند مدخل بيروت الجنوبي، وهو تابع عقارياً لبلدية الشويفات، كانت طاولة الحوار التي سيحضر هذا الملف عليها أيضاً تواجه مشكلتين كبيرتين ومستعصيتين على المعالجة:
الأولى تتعلق بالقرار الذي اتخذته قوى 14 آذار بعد اجتماع عقدته ليل أمس في «بيت الوسط» على مستوى تمثيلي، ويقضي برفض الاستمرار في بحث مواصفات رئيس الجمهورية على خلفية ان هذه المواصفات ينص عليها الدستور، ولا حاجة لابتداع مواصفات جديدة، فضلاً عن ان الحوار يتعين عليه تحديد آلية الاتفاق على جلسة لانتخاب الرئيس وليس الجدل البيزنطي حول جنس المواصفات واصلها وفصلها، فيكفي ان يكون الرئيس ملتزماً بالدستور والطائف، وموضع ثقة الجميع، وتوافقياً في شخصه وادائه، على حدّ تعبير مصدر شارك في اجتماع «بيت الوسط».
وأبلغ المصدر «اللواء» ان فريق 14 آذار لن يدخل مرّة جديدة في نقاش حول رئيس يؤيد المقاومة أو حول رئيس يتبنى «اعلان بعبدا» والنأي بالنفس عن الصراع الدائر في سوريا وعموم المنطقة.
اما المشكلة الثانية فتتعلق بالتراشق من وراء السطوح بين الرئيس نبيه برّي ونائبه فريد مكاري من جهة وكتلة التيار العوني التي تحاول ان تغطي موقفها بموقف «القوات اللبنانية» من جهة ثانية، في ما خصّ جدول أعمال جلسة التشريع لضمان عدم الدعوة إليها، أو إفقادها الصفة الميثاقية في ما لو امتنع عن المشاركة فيها كتلتا عون وجعجع، إضافة إلى كتلة حزب الكتائب.
وإذا كان مكاري أكد أنه شخصياً سيشارك في الجلسة حتى ولو كان النائب المسيحي الوحيد نظراً لأهمية المواضيع المطروحة على جدولها، خاصة الشق المالي الذي يتجاوز الميثاقية وأي بند آخر، فيما استبعد نائب في كتلة «المستقبل» آثر عدم كشف إسمه أمس أن يُدرج قانون الإنتخاب على جدول أعمال الجلسة باعتبار أنه يحتاج إلى تفاهم سياسي لم يحصل بعد، فضلاً عن أن قانون إستعادة الجنسية وإصرار الفريق العوني عليه تسبّب باندلاع سجال إتهامي ما بين عضو تكتل «الإصلاح والتغيير» النائب نعمة الله أبي نصر ووزير الصحة عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» وائل أبو فاعور الذي جاهر بأن المسلمين ليسوا بوارد السير في هذا المشروع، إضافة إلى أن لا أولوية له كتشريع ضرورة من الناحية الوطنية، ويمكن درسه في وقت غير ضاغط حتى لا يُحرق حرقاً، وفقاً لمصدر نيابي قريب من أجواء الإتصالات التي فرضت إدراجه على جدول الأعمال في الإجتماع الماضي لهيئة مكتب المجلس، فضلاً عن أن المشروع لن يكون في مصلحة المسيحيين في المدى البعيد.
على أن المشكلة في نظر المصدر النيابي لا تكمن في استعادة الجنسية، بل في إدراج قانون الإنتخاب على جدول أعمال الجلسة مثلما يطالب عون وجعجع، علماً أنه يوجد في أدراج المجلس 17 مشروعاً واقتراح قانون بخصوص الإنتخابات النيابية ولم ينتهِ النقاش بشأنها بعد في اللجان.
وإذ لاحظ فارقاً ما بين وضع القانون على جدول الأعمال وبين إقراره، مذكّراً بالتوصية التي أصدرها المجلس بعدم إقرار قانون إنتخاب في ظل الشغور الرئاسي تخوّف من احتمال تعرّض الجلسة لفقدان الميثاقية، إلا إذا رضخ بعض النواب العونيين للمشاركة في الجلسة تحت ضغط من حزب الله.
وقال إن توجّه كتلة «المستقبل» في هذه الحالة هو إحترام الميثاقية، علماً أن الأمر لم يُناقش داخل الكتلة بعد.
وفيما علم ان الاتصالات التي جرت بين فريق «إعلان النيات» المسيحي (عون وجعجع) بعث برسائل إلى الرئيس برّي بأنهما ذاهبان إلى التصعيد، في ما خص الجلسة التشريعية، أوضحت مصادر «تكتل التغيير والإصلاح» ان الموقف النهائي بالنسبة للمشاركة في جلسة التشريع أو عدمها سيتحدد في اجتماع التكتل اليوم، من دون أن تخفي التأكيد بأن جدول أعمال الجلسة سيشكل مؤشراً للمشاركة أو الغياب.
وكشفت بأن ما حصل في موضوع رواتب العسكريين واللجوء إلى تدبير الصرف سيحضر في مناقشات التكتل، مشيرة إلى ان التكتل لم يقف يوماً ضد تأمين الرواتب، وتوقفت عند تراجع الوزير خليل عن موقفه في هذا الخصوص وكأن المقصود ممارسة ضغط سياسي معين.
أزمة النفايات
وبالعودة إلى الاجتماع التنسيقي لقوى 14 آذار في «بيت الوسط». فقد علمت «اللواء» أنه جرى عرض لموضوع النفايات حيث الجميع ينتظر موقف الأمير طلال أرسلان في هذا الخصوص، والذي قد يبلغه اليوم إلى طاولة الحوار، لكن الحاضرين استغربوا عدم قيام «حزب الله» وحركة «أمل» بأي جهد جدّي للمساعدة في هذا المجال بالنسبة لإيجاد مطمر في الجنوب أو في البقاع، ورميا المشكلة إلى الطرف الدرزي. وتبلّغ هؤلاء عن إتجاه لدى وزراء حزب الكتائب والمسيحيين المستقلين بالإستقالة من الحكومة إذا لم تحلّ أزمة النفايات خلال 48 ساعة، وهو ما ألمح إليه صراحة وزير الإتصالات بطرس حرب بعد لقائه أمس الرئيس سلام الذي يترك بدوره الإتصالات تأخذ مجراها، ولم يشأ خلال رعاية الدورة الخامسة لتوزيع جوائز التمييز العلمي التي يقدمها المجلس الوطني للبحوث العلمية في السراي الكبير، الإعلان عن أي موقف في هذا الشأن، واكتفى بالتأكيد بأنه مستمر في تحمّل مسؤولياته الوطنية سواء في رئاسة الوزارة أو خارجها، في أول تلميح مباشر إلى تركه الرئاسة، علماً أن الرأي العام اللبناني ليس مع إستقالة الحكومة، بحسب إحصائية سريعة أجرتها «اللــواء» أمس.
وشددت مصادر السراي على أن الاتصالات والمشاورات استمرت أمس للوصول إلى نتيجة ترضي الجميع، من أجل أن يدعو رئيس الحكومة مجلس الوزراء للاجتماع الأربعاء ووضع خطة النفايات قيد التنفيذ.
وفي اتصال مع «اللواء» اكد الوزير أكرم شهيّب ان مساعيه لا تزال مستمرة لانهاء ملف النفايات، وقال نحن بانتظار ما ستسفر عنه اجتماعات اليوم، خصوصا انه من الطبيعي ان يكون هذا الملف بند اولي على طاولة الحوار التي ستعقد اليوم وفي ضوء ما ستسفر عنه ننتظر النتيجة، آملا أن تكون الاجتماعات ايجابية ويحل الملف الذي لا بد من حله مهما طال الانتظار.