Site icon IMLebanon

«حوار النفايات» يُدخل الدولة في الكوما وسلام مستاءٌ

«حوار النفايات» يُدخل الدولة في الكوما وسلام مستاءٌ

برّي: سأدعو إلى جلسة تشريعية ولا مبرّر لغياب المكونات المسيحية { شهيّب لـ«اللــواء»: الترحيل مكلف

خارج «تهكم» النائب وليد جنبلاط من أن جلسة الحوار رقم 9 كانت «ممتازة»، علمت «اللواء» من مصدر وزاري شارك في الجلسة أنها كانت «سيّئة جداً»، في حين أن قطباً رئاسياً أبلغ «اللواء» أيضاً أن الوقت، وهو ساعتان ونصف، توزّع هكذا: ساعة للمماحكة في جنس مواصفات الرئيس، وكأن إنتخابات الرئاسة واقعة غداً، وكأن الإنتخاب يتوقف على هذه المواصفات، وساعة للنأي بالنفس ممزوجة بالمواصفات العونية للرئيس وضرورة إنتخابه من الشعب، بصرف النظر عمّا نصّت عليه الفقرة الأولى من المادة 49 من الدستور، وكأن المناسبة هي مبارزة وتسجيل نقاط لا أكثر ولا أقل.

وقبل أن يضيق المتحاورون ذرعاً «بالسفسطة العونية» والتلاعب بالألفاظ، وقبل أن يرفع الرئيس نبيه برّي الجلسة إلى 17 تشرين الثاني الحالي، طرح النائب طلال أرسلان موضوع النفايات، وأنه سيجتمع مع فعاليات الشويفات بعد الجلسة ليتباحث معهم في الموقف، مؤيداً إقتراح النائب سليمان فرنجية العائد من فيينا، بترحيل النفايات ولو كانت العملية مكلفة، وأيّد في هذا الطرح رئيس حزب الطاشناق هاغوب بقرادونيان والوزير ميشال فرعون.

ولم يستغرق البحث سوى نصف ساعة، كرّر الرئيس تمام سلام أنه لن يدعو إلى جلسة لمجلس الوزراء ما لم تتوضح آلية حل أزمة النفايات.

ولم يكن سوء طالع إجتماع مكتب المجلس بأفضل حال من جلسة الحوار التي سبقتها إجراءات أمنية استثنائية، على طول الطريق التي سلكها الرئيس برّي من مقر الرئاسة الثانية في عين التينة إلى ساحة النجمة، عبر خط الأونيسكو – عائشة بكار – برج المرّ وصولاً إلى وسط بيروت، حيث انتشرت عناصر من الجيش اللبناني على طول التقاطعات والمنافذ، لحين مرور موكب برّي، من دون أن يكون هناك سيّارات تابعة لمجلس النواب، حيث وقع الخلاف وتشدّد نائب «القوات اللبنانية» في مكتب المجلس أنطوان زهرا مصرّاً على إدراج قانون الإنتخاب في أول جلسة، إنفاذاً للإتفاق مع «التيار الوطني الحر».

ما بعد يوم الإستحقاقات

وما إن انفضّت الجلسات والإجتماعات عن لا شيء، حتى انهمكت الكتل والمسؤولون في تقييم مرحلة ما بعد الثلاثاء الأول من الشهر الحالي، ليُبنى على الشيء مقتضاه:

1- في عين التينة، إطمأن الرئيس برّي إلى أن الجلسة العاشرة لطاولة الحوار ستعقد بعد أسبوعين، وأن لا بديل عن مواصلة النقاشات والتحاور، بصرف النظر عن النتائج المباشرة، من دون أن يُخفي إستياءه مما آلت إليه نتائج الإجتماعات، لا سيّما بعد اجتماع مكتب المجلس في ساحة النجمة، ولم يُفصح عن الوجهة التي سيعتمدها، وإن كان مصرّاً بالتفاهم مع النائب جنبلاط على مواصلة العمل مع الرئيس سلام لمعالجة ما يمكن معالجته من مشكلات.

ووصف الرئيس برّي الجلسة بأنها كانت جيّدة، وأن الحوار يتقدّم ببطء، مشيراً أمام زواره إلى أنه تمّ الإنتهاء من جوجلة مواصفات رئيس الجمهورية، وقال إن موضوع الرئاسة سيبقى متقدماً على رأس جدول الأعمال كاتفاق الدوحة.

2- أما في السراي الكبير، فسادت نظرة سوداوية لمرحلة ما بعد الجلسة.

وتخوّف وزير مقرّب من الرئيس سلام الذي اجتمع إلى كل من الوزيرين أكرم شهيّب ونهاد المشنوق، أن يقود هذا الوضع المستجد البلاد إلى جمود تام أو ما أسماه بـ«كوما الدولة»، ملمّحاً إلى صورة سوداوية بدأت تُحيط بالوضع الحكومي.

وقال هذا الوزير لـ«اللواء»: «إننا في ملف النفايات عدنا إلى نقطة الصفر»، متهماً البعض من دون أن يسميه بأنه «يريد أن تبقى النفايات في الشارع حتى تبقى البلاد أسيرة النفايات».

وقالت أوساط السراي الكبير، أن الرئيس سلام تعرّض لخدعة سياسية من أولئك الذين أظهروا استعداداً لمساعدته في ملف النفايات، من دون أن تفصح عمّا إذا كان المقصود «حزب الله» وحركة «أمل»، معربة عن أسفها بأن ما ظهر في الإعلام شيء، وأن ما حصل على الأرض شيء آخر، مستبعدة عقد جلسة حكومية في المدى المنظور.

وأشارت هذه المصادر إلى أن الرئيس سلام لم يُخفِ امتعاضه وانزعاجه الشديدين من وضع العصي في دواليب الحلول التي كانت تُطرح، مذكّرة بما كرره على طاولة الحوار، من أن النفايات صناعة لبنانية وحلّها يحتاج إلى توافق سياسي بين جميع القوى التي عليها أن تتحمّل المسؤولية لإيجاد حلّ للأزمة.

وسيعاود الرئيس سلام مناقشة الموضوع مع الوزير شهيّب اليوم.

3- أما في ما خصّ الوزير المكلّف بهذا الملف، فهو أكد لـ«اللواء» أنه لم يتخلَ عن الملف، لأن الكتلة التي ينتمي إليها أعربت عن رغبة باستمرار الوقوف إلى جانب الرئيس سلام.

ولفت شهيّب إلى أن موضوع مطمر «كوستابرافا» لم يكن مطروحاً في يوم من الأيام وعند طرحه علينا فوجئنا باختياره وبرفضهم له، ولكن توقعنا أن يكون ردّ الأهالي رفض هذا المطمر وهذا الأمر لم يفاجئنا.

وكشف لـ«اللواء» أن أرسلان وخلال طاولة الحوار اقترح إعادة فتح مطمر الناعمة، وإعادة العمل به، فردّ النائب جنبلاط عليه بالقول: «أنا عملت كل ما يمكن أن أعمله على هذا الصعيد وقمت بواجباتي، فإذا كنت تريد فتحه مرّة أخرى فعليك أنت تحمّل المسؤولية والعمل على فتحه».

4- في الخيارات، بدا واضحاً أنه لم يعد أمام الحكومة سوى ترحيل النفايات، خلافاً لخطة الوزير شهيّب، لكن مصادر رئيس الحكومة ترى أن الترحيل دونه عقبات كثيرة وشروط صعبة، خصوصاً وانها على الصعيد المادي مكلفة أيضاً.

ولفت الوزير شهيب من جهته إلى أن هناك بعض النفايات تصلح وبعضها لم يعد يصلح، وعلينا أن نرى كيف سيكون الحل، مشيراً إلى انه يدرس ما تبقى لنا من خيارات.

وأعاد إلى الأذهان أن فكرة تصدير النفايات كانت طرحت من قبل الوزير محمّد المشنوق في فترة من الفترات، مشيراً إلى أن موضوع التصدير له أكثر من طريقة.

ولاحظت مصادر وزارية أن خيار الترحيل مهما كانت كلفته مرتفعة يبقى ارخص من ثمن الكوارث الصحية التي قد تنجم عن استمرار النفايات في الشارع.

ولفت وزير الاقتصاد والتجارة آلان حكيم لـ «اللواء» إلى انه كان أوّل من طرح خيار الترحيل منذ أربعة أشهر، لكنهم قالوا لي أن الأمر مكلف، وأغلقوا الباب امام النقاش، مشيراً إلى انه لو تمّ الأخذ بالاقتراح لكنا تفادينا الخسائر الصحية والبيئية التجارية والاقتصادية المتأتية عن هذا الملف.

ورداً على سؤال، أكّد الوزير حكيم انه إذا كان هناك من قرار للترحيل، فلا بدّ من أن يُصار إلى ترحيل كميات النفايات الصالحة والجديدة في حين أن الكميات القديمة وغير الصالحة للترحيل يجب أن تجد لها مكاناً للطمر، معلناً أن هذا الخيار يجب ان يكون على الأقل لمدة ستة أشهر.

الحوار

اما في ما خص طاولة الحوار، فقد لفت مصدر وزاري شارك في الحوار، أمس، أن معظم الوقت وهو تقريباً ساعتين ونصف الساعة، استغرق نصفه في نقاش عقيم حول النأي بالنفس، وكانت للرئيس نجيب ميقاتي مداخلة دافع فيها عن مبدأ النأي بالنفس، مشيراً إلى ان الحكومة الحالية نالت الثقة استناداً إلى بيانها الوزاري الذي أكّد على النأي بالنفس لحماية لبنان.

وهنا كانت للرئيس فؤاد السنيورة مداخلة أيضاً انتقد فيها ما وصفه بـ «تقييد» رئيس الجمهورية بمواصفات معينة، كأن يكون مؤيداً للمقاومة أو ملتزماً بسياسة النأي بالنفس، متسائلاً عمّا إذا كان المقصود بذلك هو محاربة الإرهاب.

وقال مخاطباً المتحاورين: «أرجو أن لا تقولوا لي أن الإرهاب هو المسؤول عن قتل 320 ألف شخص في سوريا»، موضحاً بأن ما يجري في سوريا هو أن هناك شعباً يقاتل نظامه، فهل هذا إرهاب؟

وأوضح أن المادة 49 من الدستور تحدد مواصفات الرئيس حتى لا ينخدع أحد، فالرئيس هو رمز البلد والمؤتمن على وحدته، وبالتالي هذه هي مواصفات الرئيس.

ورأى الوزير بطرس حرب وأيده في ذلك نائب رئيس المجلس فريد مكاري اننا نستطيع أن نحارب الإرهاب في بلدنا، لكن ليست لدينا القدرة على محاربته خارج البلد، ولا يجوز لنا ذلك.

ولاحظ المصدر، أن الرئيس بري أعطى هنا إشارة ذات مغزى عندما أشار إلى أن السياسة الجيدة هي التي تنتج أمناً جيداً، في حين اننا حالياً لدينا أمن جيد، ولكن السياسة عاطلة.

ثم كانت مداخلة للنائب إبراهيم كنعان الذي مثل النائب عون فعاد إلى طرح مسألة العودة إلى الشعب لانتخاب الرئيس، فرد عليه الرئيس ميقاتي بأن العودة إلى الشعب تكون من خلال آلية دستورية.

ورد كنعان على معترضيه قائلاً: اما أن تأخذوا بحيثياتنا الوطنية أو روحوا اعملوا انتخابات.

وفي نصف الساعة الأخير من الجلسة، طرح أرسلان موضوع النفايات، مؤكداً انه لا يستطيع القبول بمطمر «الكوستابرافا»، مقترحاً اما ترحيل النفايات إلى الخارج، أو فتح مطمر الناعمة مجدداً، فرد عليه جنبلاط قائلاً: «ننزل سوية».. عليك بأكرم، ثم غادر الجلسة غاضباً.

الجلسة التشريعية

وعلى إيقاع الاعتصام الذي نفذته هيئة التنسيق النقابية مع إضراب لأساتذة التعليم الابتدائي والمتوسط والمهني الرسمي وموظفي الإدارات العامة، بقصد الضغط على هيئة مكتب المجلس لإدراج مشروع سلسلة الرتب والرواتب على جدول أعمال الجلسة التشريعية التي يعتزم الرئيس برّي الدعوة إليها, عاودت الهيئة النقاش في جدول أعمال الجلسة، في ظل إصرار من الرئيس برّي على عقدها في أسرع وقت.

وفي معلومات «اللــواء» انه طرحت فكرة عقد الجلسة غداً الخميس، لكن ارتؤي ان الفاصل الزمني عن هذا الموعد لا يسمح قانوناً الدعوة إلى الجلسة، فطرحت فكرة أن تكون الجلسة يوم الخميس في 12 تشرين الثاني الحالي، إلا أن أعضاء في المكتب لفتوا نظر الرئيس برّي إلى أن الرئيس سلام لن يكون موجوداً في بيروت في هذا التاريخ، عندها أبلغ برّي النواب انه سيتمهل في تحديد موعد الجلسة إلى حين التشاور مع الرئيس سلام في الوقت المناسب له، ملمحاً لأعضاء الهيئة بأن الجلسة ستعقد، وأن لا مبرر لغياب عون عنها.

ومساء، أكد الرئيس برّي أمام زواره، بأن جدول أعمال الجلسة قد حدّد بشكل نهائي، وهو يضم 40 بنداً ولن يطرأ عليه اي تعديل، ولا جلسة جديدة لهيئة مكتب المجلس. وقد بوشر طبع جدول الأعمال تمهيدا لتوزيعه على النواب، اما موعد إنعقاد الجلسة التشريعية فسيحدد فور الانتهاء من التوزيع».

واضاف بري: «لا سبب لتغيب المكونات المسيحية عن الجلسة التشريعية لانني ادرجت لعون بندين في جدول اعمالها وهما مشروع قانون استعادة الجنسية للمغتربين، وبند آخر يلح عليه وهو تحويل عائدات الخلوي الى البلديات. اما سلسلة مشروع قانون الرتب والرواتب للعاملين في القطاع العام فسيوضع على جدول اعمال الجلسة التي ستلي الجلسة التشريعية المقبلة».

وعن مشروع قانون الانتخاب قال بري: «لم يدرج في جدول اعمال الجلسة التشريعية بسبب وجود عدد كبير من المشاريع في هذا الصدد ولا صيغة توافقية على مشروع محدد، إلا اذا طُرح احد المشاريع كاقتراح قانون معجل مكرر وعندئذ يعرض في الجلسة ولا يمكن التكهن في ما يمكن ان يكون عليه مصيره».

يُشار الی ان ممثّل «القوات» في المكتب النائب أنطوان زهرا اعترض على عدم إدراج قانون الانتخاب، معلناً باسم «القوات» انها ستقاطع الجلسة، من دون أن يلزم العونيين بهذا الموقف، مكتفياً بالاشارة إلى التنسيق القائم بين الطرفين.

أما جدول الأعمال الذي أعلن برّي انه يضم 40 بنداً ، فإن معظم بنوده ذات طابع مالي وقروض، من بينها 21 مشروعاً واقتراح قانون أدرجت أمس، بعد شطب مشروع واقتراح قانون من الجدول الأصلي، وأضيف إليه اقتراح قانون معجل مكرّر بإنشاء مجلس انماء عكار والشمال واقتراح آخر معجل مكرر مقدم من النائب عون حول أموال البلديات، إضافة إلى اقتراح ثاني معجل مكرر باستعادة الجنسية، الأمر الذي ترك انطباعاً لدى أعضاء الهيئة بأن عون يرغب بانعقاد الجلسة استناداً إلى الاقتراحين المقدمين منه.