سباق دولي – إقليمي على تسليح الجيش لكفاءته في مواجهة الإرهاب
بري يميل لجلسة التمديد بعد عاشوراء .. ونواب التكتل العوني لن يغامروا بالإستقالة
قللت مصادر وزارية واسعة الاطلاع من أية تأثيرات سلبية «لحفلة» السجالات من فوق الأسطح بين «المستقبل» و«حزب الله».
وتنطلق هذه المصادر في تقييمها للموقف عشية جلسة مجلس الوزراء اليوم من نقطتين: الأولى: قدرة الرئيس تمام سلام على إدارة الخلافات خارج مجلس الوزراء وداخله، و«طريقته الخاصة لامتصاص النيران».
والثانية: التوضيحات التي أدلى بها عشية الجلسة أيضاً وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، والتي تضمنت أنه لم يلمح الى علاقة لحزب الله باغتيال اللواء الشهيد وسام الحسن، وفي الوقت نفسه لم يرَ مانعاً من إدارة حوار حول دور حزب الله في الدفاع عن الحدود الشرقية في وجه المسلحين السوريين، فضلاً عن إعلان «حزب الله» على لسان نائب أمينه العام أن لا مناطق مغلقة بوجه الدولة، وأن لا تغطية لأي مرتكب مهما علا شأنه.
وفي تقدير مصدر مقرب من السراي الكبير أن جلسة مجلس الوزراء ستبت «استراتيجية» التعامل مع النزوح السوري، وستعيد تأكيد خيارات الدولة في ما خص التفاوض لاستعادة العسكريين الأسرى، فضلاً عن تجديد الثقة بالجيش اللبناني والقوى الأمنية في المعركة المفتوحة مع الجماعات المسلحة والارهابية، سواء تلك التي تعتدي عليه، أو ما بات يعرف بخطر «داعش» والاشتباكات الجارية بين الحين والآخر، في جرود عرسال وعند السلسلة الشرقية.
وسيأخذ مجلس الوزراء علماً بسفر الرئيس تمام سلام الى برلين يوم الاثنين المقبل، ومعه وزير الخارجية جبران باسيل ووزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لترؤس وفد لبنان الى مؤتمر مجموعة الدعم الدولية للبنان، في ما خص موضوع النازحين السوريين، حيث أن فريقاً استشارياً يمثل رئاسة الحكومة والوزارات المعنية أنجز ليل أمس الورقة التي سيطرحها الوفد اللبناني أمام المؤتمر للحد من النزوح السوري وإنقاص أعداد هؤلاء في لبنان والمطالبة بتقاسم أعباء هؤلاء النازحين.
ووفقاً للمصدر نفسه فإن هذه المسائل، بالإضافة الى الخطة الأمنية وضرورة استكمالها هي موضع إجماع أو شبه إجماع داخل الحكومة، ولدى التيارات والكتل على اختلافها.
وكشفت مصادر وزارية أن الرئيس سلام أجرى اتصالات مع الوزراء قبيل انعقاد الجلسة بهدف تحاشي إثارة أي موضوع حسّاس من شأنه أن يتسبب بخلاف داخل الحكومة.
وتوقعت المصادر أن يستجيب الوزراء لدعوة الرئيس سلام، مع العلم أن هناك بنوداً مؤجلة مدرجة على جدول أعمال الجلسة كانت تسببت بتشنج في جلسات سابقة، مستبعدة حصول نقاش حول الهبة الإيرانية لتسليح الجيش في ضوء اختلاف الآراء بين مؤيد ومعارض لها لأكثر من سبب.
تسليح الجيش
ولعل الاجماع الأهم الذي لا يقتصر على ما يعلنه الأفرقاء اللبنانيون بل الأطراف الدولية والإقليمية لجهة توفير ما يلزم لتعزيز قدرات الجيش، لا سيما بعد اعتبار لبنان أنه بات واحداً من الدول العشر العربية التي أصبحت جزءاً من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لمواجهة تنظيم الدولة الاسلامية «داعش»، ولا سيما أيضاً بعد المواجهات التي خاضتها القوات المسلحة اللبنانية بشجاعة ومهارة نادرتين رغم قلة التجهيزات والأسلحة المتطورة ووسائل التنقل والمراقبة والاتصال، وفقاً لما لاحظه رئيس أركان الدفاع البريطاني الجنرال نيكولاس هوتون، والذي التقى قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي وكبار الضباط.
وأعلن المسؤول العسكري البريطاني الرفيع أن بلاده تعتزم توسيع برنامج التدريب والتجهيز المستمر لتعزيز إمكانيات أفواج الحدود البرية للقوات المسلحة اللبنانية، موضحاً أن هذه الخطوة تشمل توفير سيارات لاندروفر ومعدات الحماية الشخصية ومراكز محمية لمراقبة الحدود ومعدات لاسلكية.
وفي السياق، قالت معلومات أخرى أن لبنان اشترى 18 طوافة أميركية من طراز HUEY-2بمبلغ 150 مليون دولار أميركي، على أن تصل قريباً الىالجيش، وهذه الطوافات سبق للجيش أن استخدمها في معركة نهر البارد لنقل الجنود، ويمكن أن تطلق صواريخ تشتغل بالبطاريات عند الحاجة.
وربط مصدر غربي بين تعزيز إمكانيات الجيش القتالية براً وجواً ليتمكن من مواجهة أي هجوم من «النصرة» أو «داعش» سواء عبر جرود عرسال أو السلسلة الشرقية لجهة قوسايا.
وإذا كانت هبة المليار التي قدمتها المملكة العربية السعودية وفّرت للجيش حتى اليوم تسليحاً بأكثر من 200 مليون دولار، فإن العمل قائم على قدم وساق مع الفرنسيين والايطاليين والروس لتوفير ما يلزم من تعزيزات.
وتتابع إيران باهتمام أيضاً التقارير التي تتحدث عن كفاءة الجيش اللبناني وقدرته على مواجهة الارهاب.
وفي هذا السياق، أعلنت الناطقة باسم الخارجية الإيرانية مرضية أفخم أن بلادها تنتظر الرد اللبناني لترسل المساعدات التي أعلن وزير الدفاع اللبناني سمير مقبل أنها كانت على جدول محادثاته مع المسؤولين الايرانيين العسكريين والسياسيين، كاشفاً أن لائحة الهبة المقدمة من إيران أصبحت مع القيادة العسكرية، وانها ستعرض على مجلس الوزراء لاتخاذ القرار المناسب بشأنها في الأسبوع المقبل، مشيراً إلى أن الحكومة لم تتلق أي نصيحة من أي دولة بعدم قبول الهبة الإيرانية، لكن مجرّد ان يرفض أحد الوزراء الهبة، فهذا يعني انها لن تقر.
ومن زاوية إعطاء العناية اللازمة للجيش تجهيزاً وتدريباً ورفع كفاءاته، تقدّم البحث في سلسلة الرتب والرواتب للعسكريين، وانهمكت قيادة الجيش مع وزارة المال في إدخال التعديلات اللازمة على سلسلة الرتب والرواتب وبذل ما يمكن من جهود لإنجاز المصادر الإضافية لتمويلها، وفقاً لما أعلن رئيس المجلس نبيه برّي في لقاء الأربعاء امس.
جلسة التمديد
في الأسبوع المقبل
ولم تكن السلسلة وحدها على جدول أعمال ما سمعه النواب من الرئيس برّي في هذا اللقاء الأسبوعي، بل حظي التمديد للمجلس النيابي بأسئلة من النواب وإجابات موجزة من رئيس المجلس، لكنها تركزت على نقاط ثلاث:
1 – أن الخيار يحظى بتفاهم غالبية الكتل، وأن هذا الخيار لا بد منه لتجنب الفراغ في التشريع.
2 – أن التمديد يصبح كأنه غير قائم حالما يتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وتوضع الحكومة المنبثقة عن المشاورات الملزمة أوّل قانون لانتخابات نيابية منصفة وعادلة يقرها المجلس الممدد له.
3 – أن موعد الجلسة لا يمكن أن يقفز عن المشاورات مع الكتل المسيحية الرافضة للتمديد، لا سيما كتلة «الاصلاح والتغيير» وكتلة «القوات اللبنانية» والوقوف على هواجس بكركي من هذه الخطوة التي فرضتها التطورات الأمنية والسياسية الضاغطة على لبنان.
وتوقع عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب علي خريس لـ «اللواء» أن تعقد جلسة التمديد في الأسبوع الأوّل من الشهر المقبل، أي بعد انتهاء مراسم عاشوراء في الثالث من الشهر المقبل، واصفاً التمديد، بصرف النظر عن مدته، سيكون تقنياً، مذكراً (أي خريس) بأن الرئيس برّي سار بالتمديد بعد ان سحب الرئيس سعد الحريري مرشحيه وأعلنت وزارة الداخلية تعذر اجراء الانتخابات لأسباب أمنية، وانه لهذه الأسباب كان يتعذر على الرئيس بري تحبيذ اجراء انتخابات لا يُشارك فيها تيار المستقبل.
وفي هذا الوقت، بقيت الأنظار مشدودة إلى معالجة الموقف المسيحي الروحي والنيابي، ولا سيما اعتراض بكركي، ومعارضة التكتل العوني، من زاوية أن يؤثر هذا الموقف على الوحدة الوطنية، وتحصين الجبهة الداخلية، وفي الوقت عينه عدم اغراق البلد في الفراغ وسط ما يمكن ان يواجهه من استحقاقات داهمة.
ونفى عضو تكتل التغيير والإصلاح النائب آلان عون لـ «اللواء» وجود أي نية لنواب التكتل بتقديم استقالاتهم احتجاجاً على التمديد، وقال «نحن لسنا على استعداد لاخلاء الساحة مع تفضيلنا الدائم لاجراء الانتخابات النيابية».
اما «القوات اللبنانية» التي عاد رئيسها سمير جعجع مساء أمس من المملكة العربية السعودية، بعد أن قابل كبار المسؤولين فيها، كما التقى الرئيس سعد الحريري، فان موقفها من موضوع التمديد بات واضحاً، وهو ان نواب الكتلة سيحضرون الجلسة التشريعية، لكنهم لن يصوتوا على بند التمديد، وسيكتفون بالتصويت على البنود المالية الواردة في جدول الأعمال.
تجدر الإشارة إلى أن وزير العدل اللواء أشرف ريفي توجّه ليلاً إلى السعودية.
أهالي العسكريين
في غضون ذلك، نفذ أهالي العسكريين المخطوفين تهديداتهم بتصعيد تحركهم إذا لم يبرز جديد في قضية ابنائهم ولم تفلح الاتصالات السياسية في ثنيهم عن خطوتهم، لكن وزير الصحة وائل أبو فاعور نجح في اقناعهم بالتريث في هذا التصعيد، والعودة إلى مكان اعتصامهم في ساحة رياض الصلح، بعدما قطعوا الطريق في منطقة الصيفي امام بيت الكتائب لمدة ساعة تقريباً، في حين كان زملاء لهم يقطعون صباحاً طريق القلمون بين طرابلس وبيروت بالأتربة ومكعبات الباطون، من دون تحديد موعد فتحها، وإن كانوا عادوا مساء وسمحوا للسيارات بعبور الطريق البحرية.
ورأى أبو فاعور، الذي زار المعتصمين في الصيفي، انه ربما كان من واجبنا الإفصاح عن بعض التفاصيل أكثر ليطمئن قلب الأهالي، لكن الخوف من أن يُسرب الذين يتعاطون بهذا الملف بعض المعلومات مما يؤدي إلى تخريب المفاوضات التي بدأت تتحرك إلى حدّ ما.
وقال رداً على سؤال عن زيارة اللواء عباس إبراهيم مع الموفد القطري إلى عرسال: «الكثير مما يشاع في الإعلام غير دقيق، والكثير من التكهنات والاستنتاجات تتلاعب بأعصاب الأهالي»، خاتماً بأن «الامور تسير الى حدّ ما بشكل أفضل ولكن يجب حماية المفاوضات من التسريب الإعلامي».