Site icon IMLebanon

قصة «التسوية البيضاء»من طائرة سلام إلى بيان الحريري

قصة «التسوية البيضاء»من طائرة سلام إلى بيان الحريري

التصويت على قانون استعادة الجنسية .. ومهلة شهر لقانون الإنتخاب

بقلم الرياض – د. عامر مشموشي

ما ان أصبحت الطائرة التي تقل الرئيس تمام سلام خارج الأجواء اللبنانية حتى كان الوزيران علي حسن خليل ووائل أبو فاعور يضعانه في صورة الأجواء السوداوية السائدة على الساحة الداخلية بعد فشل الاجتماع بين الرئيس نبيه برّي وممثلي التيار الوطني الحر والقوات في شأن الجلسة التشريعية، فالرئيس نبيه برّي يعتبر ان عدم انعقاد الجلسة يوم أسود، لأنه يضع لبنان على قائمة الدول غير المتعاونة في حال لم تقر الاتفاقيات الدولية والمشاريع ذات الطابع المالي كالقروض وغيرها، في حين يعتبره التيار و«القوات» يوماً أسود في حال انعقد من دونهما، وما ان حطت الطائرة في الرياض، والتقى الرئيس سلام الوزير جبران باسيل الذي سبقه إلى هناك، حتى وضعه في الأجواء نفسها، وحذره من التداعيات التي تترتب على انعقاد الجلسة وعدم الأخذ برأيهما بادراج مشروعي قانون الانتخابات واستعادة الجنسية.

انتظر الرئيس سلام إلى ما بعد انتهاء جلسة افتتاح مؤتمر القمة العربية – اللاتينية، ليستدعي الوزراء الثلاثة: أبو فاعور وباسيل وعلي حسن خليل إلى الاجتماع في جناحه، بالإضافة إلى نائبه وزير الدفاع سمير مقبل للبحث عن حلول لتفادي الوقوع في هذا المأزق الخطير، على ما اتفقوا على تسميته.

وفي الاجتماع عرض كل من الوزيرين الخليل وابو فاعور وجهة نظر رئيسي كلتيهما، من موضوع ادراج قانون الانتخابات في الجلسة، وردّد على مسامع باسيل ما أبلغه الرئيس برّي إلى النائبين إبراهيم كنعان وجورج عدوان وهو انه يوافق على لجنة من مختلف الكتل أو احياء اللجنة السابقة لدرس مشاريع القوانين المقترحة، والاتفاق على صيغة، ثم يدعو مجلس النواب للاجتماع وإقرار الصيغة التي يتم الاتفاق عليها، وعرض على الوزير باسيل السير باستعادة الجنسية بدلاً من تعطيل الجلسة التشريعية، لما له من تداعيات.

وبعدما لاحظ أبو فاعور وخليل ليونة في موقف باسيل من هذا الاقتراح، فتحت خطوط الهاتف بين بيروت وجناح الرئيس سلام في الرياض، فأبلغ خليل برّي بما تمّ التوصّل إليه، وحصل على موافقته مع تحفظ واحد يتعلق باللجنة التي تدرس طلبات استعادة الجنسية، وما إذا ستكون ممثلة بالخارجية أو بمديرية المغتربين، فوافق باسيل على ان تكون ملحقة بالمغتربين، وحصل على موافقة عون لكنه اشترط الحصول من الرئيس برّي على ابلاغه موافقته بالتصويت لصالح المشروع، وكذلك بالنسبة للنائب وليد جنبلاط، الذي أبدى موافقته في اتصال مع أبو فاعور، مشدداً، أي جنبلاط، على أن ما يوافق عليه الرئيس برّي يوافق عليه هو.

وعند هذا الأمر جرى نقاش موقف د. سمير جعجع، فاقترح باسيل ان يتصل أبو فاعور بالرئيس سعد الحريري الموجود في الرياض ومع مدير مكتبه نادر الحريري وحصل منهما على الموافقة.

وبعد ذلك تمّ الاتفاق بين الوزراء الثلاثة على الاشتراك في الجلسة، وعلى ان يُبادر الرئيس برّي إلى تشكيل لجنة ممثلة من الكتل النيابية لوضع مشروع قانون انتخابات ضمن مهلة 30 يوماً، واحالته إلى اللجان النيابية المشتركة.

وهكذا طويت الأزمة، وحصلت موافقة من كل الأطراف.

باسيل

وبعدما روى الوزير باسيل لـ«اللواء» تفاصيل الاتفاق الذي تمّ في الرياض في اجتماع عُقد في جناح الرئيس سلام، قال باسيل: بعد الساعة الثانية والنصف، حيث توصلنا إلى اتفاق مع الزملاء الوزراء، خرجت إلى باحة الفندق، لأستشف فنجاناً من القهوة، فوجدت أمامي من النافذة مجموعة من الحمائم نائمة، فغرّدت بما يلي: «إنها الثانية والنصف صباحاً في فندقي في الرياض، بعد اجتماع وزاري طويل، الحمائم نائمة على النوافذ، وأنا مستيقظ لفتح نافذة على حل سياسي للأزمة السياسية التي نعيشها»، ثم بعد لحظات فتح الهواء النافذة، فغرّدت بالعبارة التالية: «النافذة فُتحت ودخل الهواء»، بعد لحظات استيقظ الحمام وطار عن النافذة، فغرّدت قائلاً: «لقد استيقظ الحمام ومعها أستيقظ الحل».

الحريري

في هذه الأثناء وبعد دقائق قليلة من بيان الرئيس سعد الحريري الذي تضمّن عناوين الخروج من مأزق شبح المقاطعة المسيحية لتشريع الضرورة، انفرجت الأسارير السياسية، وتتالت المواقف وفق «متوالية» حسابية، بمعدّل ساعتين أو أكثر بقليل، بين إعلان الرئيس الحريري عند الثانية بعد الظهر، وإعلان النائب ميشال عون بُعيد الثالثة والنصف، وإعلان الدكتور سمير جعجع عند الخامسة.

هكذا كرّت سبّحة الحلحلة، التي حضرت في الشق الثاني من كلمة الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله في يوم شهيد الحزب، والتي انطلقت من التطوّر الإيجابي الكبير في سبيل الدعوة إلى تسوية سياسية تتناول معظم المواضيع المدرجة على طاولة الحوار، وقبل أقل من أسبوع من العودة إلى جلسة جديدة في ساحة النجمة في 17 الجاري، فيما كانت جلسة انتخاب رئيس الجمهورية تُرجأ للمرة الواحدة والثلاثين إلى الثاني من كانون الأول المقبل.

وبقدر ما باتت الطريق إلى الجلسة التشريعية سالكة من كل الاتجاهات، باستثناء الصيفي حيث يتجمّع هناك اليوم شباب حزب الكتائب إعتراضاً على التشريع في ظل الشغور الرئاسي، حيث ستشارك كل الكتل النيابية، باستثناء حزب الكتائب للتصويت بكثافة تتجاوز النصف زائداً واحداً، وهو النصاب المطلوب للجلسة التشريعية، على اتفاقات ومشاريع قوانين ملحّة بعضها يتعلق بقروض دولية، ينتظر البنك الدولي ومجموعات مالية مانحة إقرارها، بالإضافة إلى إقرار إقتراح قانون استعادة الجنسية، وفقاً لما أحيل إلى الجلسة من لجنة الصياغة التي انبثقت عن اجتماعات كلتة «المستقبل» ومسيحيّي 14 آذار وكتلة «التيار الوطني الحر»، بحسب ما كشف الرئيس الحريري في بيانه، والذي تعهّد فيه أيضاً بعدم المشاركة، بعد جلسة اليوم وغداً، بأية جلسة لا تكون الأولوية فيها لقانون الانتخاب الذي سيصبح في عهدة لجنة من كل الكتل الكبرى للإتفاق عليه في غضون شهرين، فضلاً عن التصويت على اقتراح تحرير أموال البلديات من الهاتف الخليوي والمقدم من النائب عون عام 2012.

وفي حيثية إعلان الرئيس الحريري أن كتلته ستشارك في جلسة اليوم، ودعوة الزملاء من كل الكتل إلى الحضور تكريساً للشراكة والعيش المشترك، أن «الرئيس الشهيد رفيق الحريري كان من أشد الحرصاء على المحافظة على الشراكة الوطنية والعيش المشترك، وأن تيّار المستقبل في كل الظروف أعلن تشبثه بهذه المبادئ وباتفاق الطائف والمناصفة».

هكذا أصبح النائب عون وكتلته من الحاضرين في الجلسة، وهكذا وصف الدكتور جعجع ما تحقق من خلال الرئيس الحريري «بالإنتصار» بعدما أنقذ الموقف، عازياً ما حصل أيضاً إلى تفاهم بين «القوات» و«المستقبل» بعد الاتفاق الذي أُجري مع «التيار الوطني الحر»، معتبراً أن أكثرية نيابية من كل «المستقبل» و«الحر» و«القوات» ومستقلّي 14 آذار، وبعض الأطراف السياسية، تكون قد تأمّنت للتوصل إلى قانون إنتخاب جديد في أقرب وقت ممكن.

أما عون الذي كان السبّاق إلى إعلان مشاركة كتلته في الجلسة، فقد اقتصرت مباركته للبنانيين بالتسوية التي تمّ الوصول إليها، على تعليق مقتضب اعتبر فيه يوم أمس بأنه «نهار سعيد»، لأن كل الإشكالات التي كانت موجودة في جدول الأعمال قد زالت، مشيراً إلى «إتفاق شامل على قانون الجنسية وقانون أموال البلديات وقانون الإنتخاب».