IMLebanon

«داعش» يتبنى التفجير الإرهابي في برج البراجنة: 43 شهيداً و239 جريحاً

«داعش» يتبنى التفجير الإرهابي في برج البراجنة: 43 شهيداً و239 جريحاً

حداد وطني وإقفال الجامعات والمدارس اليوم.. والتشريع يُنجز 23 قانوناً

شكل الانفجاران اللذان وقعا بعيد السادسة من مساء أمس في برج البراجنة في الضاحية الجنوبية للعاصمة، صدمة مدوّية في كل الأوساط اللبنانية، كما احدثا اهتماماً عربياً واقليمياً ودولياً بهذا التطور الخطير الذي أعاد التفجيرات الأمنية التي تستهدف الاحياء السكنية في الضاحية، بعد ان كانت تراجعت على نحو شبه كلي خلال عام وأكثر من عام.

ولم يتأخر تنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش) عن تبني عملية التفجير التي أدّت إلى سقوط 43 شهيداً و239 جريحاً كمحصلة شبه نهائية لوزارة الصحة، كاشفاً عن ان أحد عناصره ركن دراجة مفخخة وتمكن من تفجيرها في تجمع في شارع الحسينية في منطقة برج البراجنة، وبعد تجمع السكان فجر عنصر آخر حزامه الناسف في وسطه فأوقع ما يزيد عن 40 شخصاً ومائتي جريح.

وكشف بيان قيادة الجيش انه تمّ العثور في موقع الانفجار الثاني على «جثة إرهابي ثالث لم يتمكن من تفجير نفسه، بعد ان نفذت قوى الجيش انتشاراً واسعاً في منطقة الانفجارين، وفرضت طوقاً امنياً، وباشرت الشرطة العسكرية رفع الأدلة وتحديد حجم الانفجارين ومعرفة الفاعلين».

ووفقاً للمعلومات، فإن الفارق بين الانفجارين الأوّل والثاني كان بحدود سبع دقائق، وأكّد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق ان الانتحاريين كانا راجلين عندما فجرا نفسيهما، وقتل الثالث في أحد الانفجارين اللذين وقعا في مكان قريب من مستشفى الرسول الأعظم.

وفي أوّل ردّ فعل لمسؤول رفيع في «حزب الله»، قال المعاون السياسي للأمين العام للحزب الحاج حسين الخليل وهو يتفقد مكان الانفجار، ان «ما جرى أمس يُؤكّد اننا نسير على الطريق الصحيح، وأن المعركة مستمرة في وجه الإرهاب، وهي ليست قصيرة، بل طويلة بيننا وبينهم».

وترددت معلومات لم تؤكدها مصادر رسمية ان هناك شخصاً رابعاً يمكن ان يكون انتحارياً ألقي القبض عليه حياً، وسلم للقوى الأمنية.

وأعلن الرئيس تمام سلام الحداد الوطني العام اليوم الجمعة وتنكيس الإعلام في الإدارات الرسمية والمؤسسات العامة، فيما أصدر وزير التربية الياس بو صعب قراراً بإقفال المدارس الرسمية والخاصة والمعاهد التقنية والمهنية والجامعات، وذلك تضامناً مع أرواح الشهداء الأبرياء بمن فيهم الأطفال، معتبراً هذا القرار رسالة واحدة إلى الارهابيين انهم لن يتمكنوا من ضرب وحدة اللبنانيين وتضامنهم.

كما أعلن رئيس الجامعة اللبنانية الدكتور عدنان السيّد حسين اقفال كافة الوحدات والفروع الجامعية اليوم الجمعة، احتراماً لارواح الشهداء.

صدمة في مجلس النواب

ووقع الانفجاران في الوقت الذي كان فيه مجلس النواب يعقد جلسته المسائية لمتابعة مناقشة وإقرار بنود جدول أعمال، بمشاركة كل الكتل النيابية، الأمر الذي أحدث صدمة كبيرة لدى رئاسة المجلس والنواب وأعضاء الحكومة الذين وقفوا دقيقة صمت حداداً على أرواح الشهداء، قبل ان يرفع الرئيس نبيه برّي الجلسة الذي اعتبر ان انعقادها هو أهم ردّ على محاولات النيل من استقرار البلاد، إلى الواحدة من بعد ظهر اليوم، ثم عاد وارجأها إلى الخامسة افساحاً في المجال للمشاركة في تشييع الشهداء وتضامناً مع ذويهم، وتأكيداً على ان الوحدة الوطنية عصية على النيل منها.

وعقد الرئيسان برّي وسلام اجتماعاً مغلقاً، بعد رفع الجلسة، جرى خلاله البحث في تداعيات الانفجارين وما يمكن فعله لمواجهة المرحلة التي باتت تستهدف استقرار البلد.

وترددت معلومات عن إمكان دعوة مجلس الوزراء إلى عقد اجتماع استثنائي، في ضوء مطالبة عدد من النواب ذلك، وايضاً من قبل رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع لاتخاذ المزيد من التدابير والإجراءات للحفاظ على لبنان، كما دعا اللبنانيين إلى الالتفاف حول بعضهم البعض، فيما حض رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل جميع المسؤولين إلى وعي خطورة ما تمر به البلاد، والتوقف عن المهاترات التي لا طائل منها، والانكباب على فعل كل ما من شأنه إنقاذ الوطن ومواطنيه قبل فوات الأوان.

ولعلها من الأوقات القليلة التي يشعر فيها جميع المسؤولين ومن مختلف الكتل والتيارات السياسية بأن وحدة البلد باتت مستهدفة، حيث شدّد هؤلاء على أن ما حصل في الضاحية يجب أن يُعزّز الجو الوفاقي السائد.

وفي تقدير مصدر نيابي في كتلة «المستقبل» أن جريمة برج البراجنة يجب أن تكون حافزاً لعودة مؤسسات الدولة إلى العمل، باعتبار أن الدولة هي هيبة ومن أبسط وظائفها حماية مواطنيها.

ولاحظ أن الحادثة الإرهابية والتي جاءت ونحن نفتح صفحة جديدة بدأت بانعقاد الجلسة التشريعية يجب أن تضعنا أمام ضرورة إعادة لمّ الصف، باعتبار أن الوضع لم يعد يحتمل حرتقات واستعراضات سياسية.

وقال وزير العمل سجعان قزي الذي كان أول الوزراء الذين وصلوا إلى مكان الانفجارين في الضاحية، أن الجريمة يجب أن تدفع كل الأطراف إلى حماية السلم الداخلي وتشكيل جبهة ضد الإرهاب، حرصاً على الاستقرار في لبنان، مقترحاً وضع خطة أمنية – سياسية ترتكز على سياسة تحييد لبنان، استناداً إلى ما ورد في البيان الوزاري لحكومة الرئيس سلام.

وفيما شدّد الرئيس الحريري على أن استهداف المدنيين عمل دنيء لا تخفف من وطأته أي ادّعاءات وأن قتل الأبرياء جريمة موصوفة بكل المعايير، دعا رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط إلى رصّ الصفوف والترفع عن الخلافات والتجاذبات السياسية لقطع الطريق أمام عودة التفجيرات.

صدمة دولية وتضامن

وما أن انتشر خبر الانفجار الإرهابي، حتى انهالت الاتصالات التضامنية مع لبنان، سواء عبر الاتصالات المباشرة أو البرقيات أو البيانات، فأعرب الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند عن صدمته وسخطه، معلناً أن بلاده ملتزمة باستقرار لبنان ووحدته وسلامه، فيما أكد أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، في برقية للرئيس سلام إدانة بلاده الشديدة لهذا العمل الارهابي ورفضها للإرهاب بكافة أشكاله.

كما تلقى الرئيس سلام برقية مماثلة من ولي العهد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، وبرقية أخرى من نظيره الكويتي جابر المبارك الأحمد الصباح.

بدوره تلقى الرئيس برّي إتصالاً هاتفياً من الرئيس سعد الحريري معزياً ومستنكراً تفجيري برج البراجنة، واتصالاً من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي اتصل أيضاً بالرئيس سلام، يُعرب فيه عن وقوف الشعب الفلسطيني مع وحدة وسلامة لبنان وشعبه، واستنكاره لأي محاولات لخلق الفتنة.

وقالت المنسقة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ أن المجتمع الدولي يقف إلى جانب لبنان.

ودانت السفارة الأميركية في بيروت ما وصفته بـ

«الإعتداء الشنيع» في برج البراجنة.

ودعا شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب القيادات اللبنانية لتغليب صوت العقل والنأي بلبنان عن الانجرار إلى أتون الصراعات الإقليمية، مدينا الانفجارين في الضاحية.

الجلسة التشريعية

وإذا كان التفجير الارهابي قد فرض نفسه على متابعة الجلسة التشريعية في مجلس النواب فاختصرها الرئيس برّي داعياً إلى استكمالها اليوم، إلا أن الجلسة، ولا سيما في فترتي قبل الظهر والمساء، اتسمت بالإنتاجية، حيث تمّ إقرار سلّة من مشاريع واقتراحات القوانين أبرزها الاقتراح المتعلق بشروط استعادة الجنسية إنسجاماً مع التسوية السياسية التي نسجت خيوطها بالتوافق على حضور الجلسة وبالتالي إزالة الخلاف حول ميثاقيتها بحضور مائة نائب يمثلون معظم الكتل النيابية، باستثناء حزب الكتائب، وإن كان رئيسه النائب سامي الجميّل حضر صباحاً مع نواب كتلته داعياً الرئيس برّي إلى تحويل الجلسة من إشتراعية إلى جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية، وإلا سيكون المجلس مسؤولاً عن خرق الدستور، إلا أن الرئيس برّي رفض ذلك لأن الجلسة تشريعية مبدياً استعداده لعقد جلسة لانتخاب الرئيس ولو حتى في الليل، إذا كان النواب يريدون الانتخاب.

على أن اللافت أن إقرار قانون إستعادة الجنسية تمّ بمادة وحيدة، بسبب الخلاف الذي كاد يتفلت من الضوابط لولا الدخول المتكرر على الخط من رئيس المجلس وسوى الخلاف بوضع توصية بالإسراع بدراسة مشروع قانون منج المرأة اللبنانية الجنسية لأولادها.

وبلغت محصلة انتاجية المجلس أمس، والذي عاد إلى التشريع للمرة الأولى منذ توقف قبل سنة ويومين بالتمام والكمال، إقرار 23 مشروع واقتراح قانون، وأعيد واحد يتعلق بفتح اعتمادات إضافية لتسديد المبالغ المستعملة من سلف خزينة معطاة خلال العام 2012، وبقي على جدول أعماله الذي أضيف إليه أربعة اقتراحات قوانين، اثنان لتنمية عكار والثالث في بعلبك والرابع يتعلق بالبنك الإسلامي للتمويل ثمانية عشر مشروع واقتراح قانون أبرزها بالتصريح عن نقل الأموال عبر الحدود وتبادل المعلومات الضريبية وتعديل قانون مكافحة تبييض الأموال، وهو الأهم على الجدول.