IMLebanon

«تقاطع إيجابي» بين الحريري ونصر الله باتجاه التسوية السياسية

«تقاطع إيجابي» بين الحريري ونصر الله باتجاه التسوية السياسية

إشادة وطنية بتوقيف المعلومات الشبكة الإرهابية .. وعون لم يعد المرشح الوحيد لحزب الله

بعد أقل من 48 ساعة على جريمة التفجير المزدوج في برج البراجنة، وسرعة قياسية تكاد تكون نادرة في كشف عمليات التفجير الإرهابي، وقعت الشبكة المسؤولة عن التفجير في قبضة القوى الأمنية.

وكشف وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أن الشبكة تضم سبعة سوريين موقوفين ولبنانيين إثنين أحدهما إنتحاري (وهو طرابلسي من آل الجمل) والثاني مهرِّب تولى تهريبهم عبر الحدود اللبنانية – السورية، مؤكداً أن عدد الإنتحاريين كان خمسة، وأن وجهة العملية الأصلية كان تفجير مستشفى الرسول الأعظم في الضاحية الجنوبية، وأن شقتين استخدمتا في مخيم برج البراجنة والأشرفية في بيروت في التحضير اللوجستي للعملية.

وإذا كان فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي نجح في وضع اليد الأمنية على هذه الشبكة الخطيرة جداً، وكانت الخطوة محل تقدير رسمي وأمني، ومن قبل «حزب الله» تحديداً على لسان أمينه العام السيّد حسن نصر الله، فإن الأمن العام اللبناني أعلن في بيان أنه أوقف أحد المخططين لتفجيري برج البراجنة والمموّل لهذه العملية الإرهابية. والموقوفان هما اللبناني إبراهيم أحمد رايد والسوري مصطفى أحمد الجرف، وكانا يتلقيان الأوامر من أحد أمراء تنظيم «داعش» داخل سوريا، وكان رايد يُدير الشبكة الإرهابية ويتنقل بين طرابلس والأشرفية وبرج البراجنة.

ومع اكتمال المعلومات الأمنية عن الشبكة، وكشف الوزير المشنوق أن الإنتحاريين كانا يتلقيان التعليمات ويلتقون شخصاً يسمى «أبو الوليد» في مدينة «الرقة» السورية، أكدت مصادر أمنية مطلعة لـ«اللواء» أن مباغتة القوى الأمنية للشبكة الإرهابية وسرعة تفكيكها ساهم إلى حدّ كبير في توجيه ضربة لمخطط تفجيري كبير كان يستهدف الساحة الداخلية، بدءاً من تفجير مستشفى الرسول الأعظم وصولاً إلى ضربات أخرى في توقيت مُريب مع اقتراب أعياد نهاية السنة.

وأشارت هذه المصادر إلى احتمال هروب بعض الخلايا النائمة بعد التوقيفات الأمنية وضرب الرأس المخطط، مشيرة إلى إطلاق أوسع عملية استنفار أمني، بما في ذلك اتخاذ إجراءات نوعية لحماية تقاطع الطرقات ودور العبادة والتشدد في مراقبة العناصر المشبوهة، سواء في مخيم برج البراجنة أو أماكن أخرى تعتقد الخلايا الإرهابية أنها قد لا تكون في دائرة الشبهة.

وقالت المصادر نفسها أن المعطيات التي توفرت للأجهزة الأمنية في ضوء التحقيقات أطلقت أوسع عملية بحث وتحرٍ عن مشبوهين منتشرين في الضاحية وبيروت والبقاع، إضافة إلى الشمال، واصفة ما جمعته التحقيقات بأنه «كنز كبير» من المعلومات.

دينامية الحوار

على أن الأهم، لا ينحصر فقط في التعاون والنسيق بين الأجهزة الأمنية الرسمية وغير الرسمية، فضلاً عن الفصائل الفلسطينية، بل في إطلاق دينامية جديدة للحوار الداخلي بين القوى السياسية لا سيما تيّار «المستقبل» و«حزب الله»، ليس من أجل استمرار الحوار بين الطرفين، بل لإحداث نقلة نوعية على خلفية ما أعلنه الرئيس سعد الحريري في «تغريداته» التي أعقبت دعوة السيّد نصر الله إلى «تسوية وطنية شاملة تطال رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء بعد انتخاب الرئيس وتشكيل الحكومة المقبلة وعمل المجلس النيابي وقانون الانتخاب، التزاماً بالدستور وبنظام الطائف»، والتي أكد فيها الحريري على النقاط الآتية:

1- النظرة الإيجابية لكل توجه يلتقي مع إرادة معظم اللبنانيين في إيجاد حل للفراغ الرئاسي، وذلك في إشارة مباشرة إلى موقف السيّد نصرالله.

2 – تشديده على ان بت الرئاسة الأولى هو المدخل السليم لتسوية تعيد إنتاج السلطة التنفيذية وقانون الانتخاب.

3 – اعتباره ان التضامن مع أهلنا في برج البراجنة واجب اخلاقي ومسؤولية وطنية.

4 – تأكيده ان وحدة اللبنانيين يجب ان تعلو فوق أي اعتبار وخلاف.

5 – نظرته إلى ان درء الفتنة عن لبنان تحتاج إلى قرارات مصيرية تجنّب البلاد الذهاب إلى الحروب المحيطة، في إشارة إلى تدخل حزب الله العسكري في سوريا.

وما لم يقله الرئيس الحريري صراحة قاله الوزير المشنوق واضعاً كلام السيّد نصر الله بأنه «جدي مسؤول باعتبار ان الطائف بما هو دستور هو سقف كل اللقاءات والحوارات السياسية»، مضيفاً ان الرئيس الحريري تجاوب مع هذا الكلام وكان ايجابيا ووضع أولويات، الا ان هذه الأولويات ليست للخلاف بل للنقاش، ولاستمرار الحوار وللبحث عن مزيد من الفرص للقاء حول النقاط التي تحدث عنها نصرالله.

ولاحظ مصدر نيابي في كتلة «المستقبل» ان لا خطوات عملية بعد على صعيد ترجمة أجواء الانفراج التي لاحت من خلال كلام نصر الله ورد الرئيس الحريري عليه، والانطباعات الإيجابية التي اعلنها المشنوق بالنسبة إلى كلام نصرالله الذي هو كلام يُبنى عليه.

وأشار إلى ان هذه الأجواء تحتاج إلى نقاش تفصيلي لم يبدأ بعد، وأن كان من الممكن ان تكون أولى مقاربة عملية له في الجلسة العاشرة لطاولة الحوار غداً الثلاثاء، ولاحقاً من خلال الحوار الثنائي بين الحزب والمستقبل.

ولفت إلى ان العناوين التي طرحها نصرالله هي نفسها جدول أعمال طاولة الحوار.

على خط «حزب الله»، كشف مصدر مطلع ان دعوة أمينه العام إلى تسوية سياسية شاملة بدءاً من الرئاسة الأولى، جاءت على خلفية معطيات توفرت لديه ان الحلول للأزمات الكبرى وضعت على الطاولة، وإن النقاشات خرجت إلى العلن، وكان يمكن حدوث تطوّر يتعلق بشأنها لولا الانفجار الذي وقع في العاصمة الفرنسية وأدى إلى تأجيل زيارة الرئيس الإيراني حسن روحني إليها.

ورأى المصدر ان التسوية التي أدت إلى إنعقاد الجلسة التشريعية لها ما وراءها لجهة الاتفاق على مرشّح رئاسي مقبول، وإقرار قانون انتخابات يراعي المطالب المسيحية وصولاً إلى إقرار مجلس للشيوخ الذي يضمن حقوق الطوائف اللبنانية كافة.

وتوقع المصدر أن يؤدي التقاء الرئيس الحريري والسيّد نصر الله على وضع المصلحة الوطنية أولاً إلى تنشيط الاتصالات، عبر الأطر المتاحة من أجل وضع عناوين التسوية على سكة زمنية لا تتجاوز ستة أشهر، وهي نفس المدة التي وضعها مؤتمر فيينا لإطلاق الحل السياسي في سوريا.

على ان اللافت في توقعات مرجع سياسي كبير محسوب على فريق 8 آذار، هو احتمال أن يكون الحزب أصبح جاهزاً لمناقشته في اسم مرشّح آخر لرئاسة الجمهورية غير النائب العماد ميشال عون، بعد ما كان الحزب حتى الأمس القريب يرفض الحديث عن إمكانية تسمية مرشّح غير عون.

وتساءل المرجع نفسه عمّا إذا كان قانون الانتخاب سيكون البديل الذي سيمنحه الثنائي الشيعي والنائب وليد جنبلاط للعماد عون تعويضاً له عن كرسي بعبدا؟ مع العلم هنا، – والكلام للمرجع – انه يتم التداول إقليمياً ودولياً باسم مرشحين اثنين لرئاسة الجمهورية أحدهما مقرّب من «التيار الوطني الحر»، وبالتالي تكون التسوية الكاملة عبارة عن إعطاء عون أو المسيحيين حصة وازنة في الانتخابات النيابية والملف الرئاسي مقابل تمرير سلّة الحلول الحكومية والرئاسية والنيابية؟

سلام

مهما كان الإجابة على هذه التساؤلات وربما التحليلات، فإن الرئيس تمام سلام بدا أمس في دارته في المصيطبة مرتاحاً إلى الإنجاز الذي تحقق على صعيد كشف الشبكة الإرهابية المرتبطة بتنظيم «داعش»، وإن كان ليس هو الأول الذي تحققه الأجهزة الأمنية الرسمية، آملاً في أن يتكامل هذا الأمر مع تحصين سياسي يفترض أن تلاقيه القوى السياسية بمزيد من وحدة الموقف.

وتمنى الرئيس سلام، حسب ما نقل عنه زواره، أن تكون جلسة الحوار التي ستعقد غداً الثلاثاء في ساحة النجمة محطة سياسية جدية وإيجابية لتقارب القوى السياسية وتضافر جهودها وتقريب وجهات النظر في ما بينها للتوصل إلى مخارج للأزمة السياسية القائمة وأبرز عناوينها هو إنتخاب رئيس الجمهورية، آملاً أن تنعكس إنجازات جلسات تشريع الضرورة التي عقدت الأسبوع الماضي إيجاباً على الأداء العام للمؤسسات الرسمية، ولا سيما عمل السلطة التنفيذية.

إلا أن رئيس الحكومة رأى ان عقد جلسة قريبة لمجلس الوزراء مرتبط إلى حدّ بعيد بقضية النفايات التي تعرّضت إلى صراع سياسي، متمنياً الوصول في الأيام المقبلة إلى حل لهذه الأزمة بمشاركة وتعاون الجميع. مشيراً إلى أن موقفه لم يتغيّر، فحين الوصول إلى إتفاق حول هذا الملف فإنه سيدعو فوراً إلى جلسة لمجلس الوزراء تكون مثمرة ومفيدة، لافتاً إلى ان الموضوع قيد متابعة يومية متواصلة، وحثيثة من قبله ومن قبل وزير الزراعة أكرم شهيب.

وكشف سلام أمام زواره، بأن الحكومة تعمل على إصدار مرسوم بتحويل أموال الهاتف الخليوي إلى البلديات بعد التعديل الاجرائي الذي أجري عليه، وخصوصاً إن هذا الأمر لم يمر في الجلسة التشريعية، مشيراً إلى ان المرسوم يتم حالياً التوقيع عليه من قبل الوزراء.