الطلب الروسي يفاجئ لبنان .. والرحلات الجوية في مواعيدها
الرئاسة بنداً أول بين الحريري وفرنجية .. واستنكار بيروتي للتهديد العوني بتعطيش العاصمة
بين المناورة العسكرية الروسية في المتوسط التي تبدأ اليوم وتنتهي غداً، والتي غيّرت وجهة الملاحة الجوية في مطار بيروت إلى أوروبا والخليج، والمناورة الإعلامية المتهورة لنائب في تكتل «الاصلاح والتغيير»، والتي أعلن فيها انه خلال أسبوع سيقدم فريقه على قطع المياه عن بيروت، ومن دون ان يوضح عمّا إذا كانت بيروت التي يتجاوز عدد سكانها المليون نسمة وتعيش فيها مجموعات من كل الطوائف ومن كل لبنان، بما في ذلك السيّاح الأجانب والعرب، وفيها كل مؤسسات الدولة والمصالح وترعى شؤون المياه فيها «مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان، هي المسؤولة عمّا يصفه نائب جبيل سيمون أبي رميا عن «تعطيل مشروع سد جنة» والذي اعترف ان له «بعض الاضرار البيئية» كأي مشروع بيئي آخر، مشيراً إلى ان «لا جدوى قريبة منه سواء في ما يتعلق بقضاء جبيل أو العاصمة بيروت سوى على المدى البعيد»، معتبراً ان امام بيروت المهددة بالعطش والمزيد من النفايات وقلة النظافة، مهلة أسبوع لحل «العرقلات التي تمنع الاستمرار في بناء السد».
وبصرف النظر عن قدرة النائب المذكور أو فريقه على تنفيذ هذا التهديد الارعن وغير المسبوق، في اصعب فترات الاجتياحات والاعتداءات والحروب الصغيرة على أرض العاصمة، فإنه يُشكّل نكسة لمحاولات الانفراج الداخلي، عبر طاولة الحوار أو لجنة قانون الانتخاب، إذ ان شخصيات بيروتية، لا سيما المؤتمر الوطني لإنماء بيروت قد تلقت «باستياء واستنكار شديدين» مثل هذا النوع من الخطاب الذي عاد إلى نغمة «المناطق المسيحية» و«المناطق الاسلامية»، بلغة أقل ما يمكن ان يقال فيها انها تتمتع بثقافة غريبة وخطاب غير لبناني، بل «داعشي» عشية ذكرى السنة الثانية المؤلمة للعيد 72 للاستقلال، في ظل الشغور الرئاسي المفتوح على أفق مجهول في ظل التعنت العوني، وربط رئاسة الدولة بكاملها بشخص يتزايد الابتعاد عن قبوله للرئاسة الأولى، كلما تزايدت المواقف الصادرة عنه وعن تياره وعن فريقه، بإطلاق «النار السياسية» على أي تقارب وعلى أي محاولة لانتاج توافق وطني على الانتهاء من الشغور الرئاسي.
وحذر عضو بارز في مؤتمر انماء بيروت من الاقدام على خطوة هي بمثابة انتحار سياسي، معتبراً ان منع تغذية بيروت بالمياه من نبع جعيتا الذي يتغذى بدوره من نهر إبراهيم مسألة ممكنة لكنها ليست سهلة.
ولفت النائب المذكور نظر الرأي العام إلى ان سد جنة مشروع فاشل، ووراؤه صفقات مالية ومنافع للجهات التي تقف وراء التلزيمات. كاشفاً عن ان نواب العاصمة والجمعيات الأهلية تداعت إلى مواجهة هذا الموقف «برد مدروس» عليه.
أزمة الطيران
في هذا الوقت، فوجئت سلطات الملاحة في مطار بيروت الدولي وشركة طيران الشرق الأوسط، بالبرقية التي تجاوزت الأصول والصادرة عن البحرية الروسية مباشرة، بأنها «تطلب من السلطات اللبنانية ان تتجنب الرحلات الجوية المنطلقة من مطار رفيق الحريري الدولي منطقة مناوراتها البحرية في البحر الأبيض المتوسط لمدة ثلاثة ايام».
وعلمت «اللواء» ان السفير الروسي في بيروت الكسندر زيسبكين لم يكن على علم بالبرقية، وأن وزارة الخارجية اللبنانية لم يتم اخطارها بالموضوع، وهذا «انتقاص من سيادة لبنان»، وفقاً لتعبير النائب وليد جنبلاط.
وأشار مصدر مطلع لـ«اللواء» إلى انه بعد ان أبلغت السلطات الملاحية اللبنانية وزير الاشغال غازي زعيتر بالطلب الروسي، جرت اتصالات بين المسؤولين اللبنانيين لتقرير الموقف إزاء هذا الطلب.
وكشف المصدر ان ارباكاً حصل، فضلاً عن «الاستياء من هذا الطلب الذي يؤثر سلباً على حركة الطيران المنطلق من مطار بيروت لا سيما بعد ان نفى السفير الروسي علمه بتدبير بحرية بلاده».
وأكدت أوساط رئيس الحكومة تمام سلام ان الرحلات الجوية لا يمكن ايقافها معربة عن قلقها من تداعيات هذا الطلب، فيما أشار الوزير زعيتر إلى تحفظ لبنان.
ونقلت وكالة «فرانس برس» عن مسؤول كبير في مطار بيروت عن ان المفاوضات مستمرة مع المسؤولين الروس، وانه على الطائرات الآتية أو المغادرة من بيروت التحليق فوق صيدا والصرفند باتجاه قبرص على ان تبقى بعيدة عن محيط المناورات الروسية.
واستناداً إلى ذلك، أعلنت شركة طيران الشرق الأوسط «الميدل ايست» ان كل رحلاتها لليوم السبت ستقلع في مواعيدها المحددة كالمعتاد، في حين ان بعض الرحلات الجوية المتوجهة إلى دول الخليج والشرق الأوسط وأوروبا ستستغرق وقتاً (50 دقيقة) أطول بسبب سلوكها مسارات جوية جديدة. فيما أعلنت شركة طيران إير فرانس تقديم موعد الرحلة التي توجهت فجراً من بيروت إلى باريس 50 دقيقة.
وكان الوزير زعيتر عقد سلسلة اجتماعات مع المديرية العامة للطيران المدني لتحديد الموقف والخيارات البديلة والتي تمثلت:
1- تحفظ لبنان على الطلب الروسي.
2- التنسيق مع قبرص من أجل إنشاء خط نقل جديد ومؤقت بين البلدين.
وأفاد سفير لبنان في قبرص يوسف صدقة أن المفاوضات بين مدير «الميدل إيست» في الجزيرة نبيل أبو جودة ومديرية الطيران المدني القبرصي انتهت إلى تحديد مسار طيران آمن للطيران اللبناني.
وشكّل الوزير زعيتر خلية طارئة لاتخاذ الإجراءات المناسبة بالتنسيق مع منظمة الطيران الدولي لضمان استمرارية حركة الإقلاع والهبوط في مطار بيروت مع مراعاة أكثر درجات السلامة.
وأعلن رئيس مجلس إدارة شركة طيران الشرق الأوسط محمّد الحوت أن المسارات الجوية اللبنانية هي من مسؤولية الدولة في لبنان والشركة ستلتزم بأي قرار تتخذه الدولة وسنتقيّد به.
الإستقلال والحوار والرئاسة
في هذه الأثناء، تغيب الحركة السياسية بفعل عطلة عيد الاستقلال الذي يصادف نهاية الأسبوع ويوم الاثنين، ويغيب معها الاحتفال الرسمي به بسبب الشغور الرئاسي للسنة الثانية على التوالي، وتقتصر الاحتفالات على المؤسسة العسكرية والمجتمع المدني الذي سينظم مجموعة نشاطات لمجموعات الحراك المدني، فيما أكد مصدر وزاري لـ«اللواء» أن لا موعد لجلسة مجلس الوزراء في المدى المنظور، رغم أن الأمور السياسية الداخلية حلّت وتم التوافق على ترحيل النفايات.
وعزا المصدر ذلك إلى أن هناك أموراً تقنية معقّدة بين الدول، وهي بحاجة إلى كثير من المفاوضات والمشاورات لحلّها، خصوصاً إلى الوجهات التي يمكن أن ترحّل إليها هذه النفايات والشروط المطلوبة لنقلها.
وأكدت مصادر السراي، في هذا الإطار، أن الاتصالات ما تزال مستمرة، ولا شيء محسوماً حتى الساعة.
وقال وزير الاتصالات بطرس حرب لـ«اللواء» أنه ليس مقتنعاً أن الموضوع الحكومي أضحى جاهزاً الآن، لافتاً إلى أنه لا يرى أن هناك شيئاً جديداً، وأننا ندور في مكاننا وننتظر ما سيقوم به الرئيس سلام.
وإذ اعتبر أن هناك مأزقاً في البلاد يصعب الخروج منه، قال: أنا لا أقطع الأمل، ولا أعرف متى تهبّ الرياح وتسهم في تغيير مزاج «القبضايات»، مؤكداً سعيه للتدخل عند اللزوم.
لكن العجز السياسي عن اختراق أزمة النفايات، لم يحجب الإنجازات النوعية التي تسجلها المؤسسات الأمنية والعسكرية في الداخل، وكان آخرها إعلان الأمن العام عن توقيف لبناني يدعى ي.د اعترف بانتمائه لتنظيم جبهة «النصرة»، وأنه كان بصدد التحضير لتنفيذ عملية انتحارية بواسطة حزام ناسف، فيما أوقف الجيش في طرابلس شخصاً آخر لانتمائه إلى مجموعة إرهابية.
واغتنم قائد الجيش العماد جان قهوجي أمر اليوم في عيد الاستقلال للتأكيد على الاستمرار في المعركة ضد الإرهاب من دون هوادة، مشدداً على أن كل المحاولات الإرهابية ستبوء بالفشل أمام صمود الجيش واللبنانيين وتضامنهم الوطني الواسع.
لقاء الحريري – فرنجية
سياسياً، بقيت المعلومات حول صحة اللقاء الذي تردّد أنه عُقد بين الرئيس سعد الحريري والنائب سليمان فرنجية في دائرة المتابعة لمعرفة ما إذا كان اللقاء عُقد فعلاً، وما هي النتائج المترتبة عنه في حال انعقاده فعلاً.
وأشارت المعلومات المتوافرة إلى أن اللقاء عُقد فعلاً بين الرجلين في العاصمة الفرنسية، واستغرق أكثر من ساعة، وأن التحضيرات لأجل هذا الأمر بدأت منذ عدّة أشهر، من خلال زيارة قام بها مستشار الرئيس الحريري النائب السابق غطاس خوري إلى بنشعي حيث عقد اجتماعاً مطولاً مع فرنجية تناول مراجعة المرحلة الماضية وما يمكن القيام به للتخفيف عن لبنان تداعيات الأزمة السورية.
أما التحضير للقاء بحدّ ذاته، والذي تجزم المصادر أنه انعقد، فكان من خلال المحامي جوزف عريجي والد وزير الثقافة روني عريجي والموثوق من النائب فرنجية ومدير مكتب الحريري السيّد نادر الحريري في بيت الوسط.
وكشفت المعلومات أن فرنجية انتقل إلى باريس بطائرة رجل الأعمال جيلبير شاغوري الذي يقيم في نيجيريا، وأن المداولات بين الرجلين تناولت تحديداً موضوع رئاسة الجمهورية، إلا أن معلومات عن نتائج اللقاء لم تُعرف، علماً أن سياسياً حزبياً بارزاً في فريق 8 آذار أبلغ «اللواء» أنه من السابق لأوانه إدخال رئيس تيّار «المردة» في بازار الرئاسة الأولى، طالما أن مرشّح بنشعي وحارة حريك ما زال النائب ميشال عون، مشيراً إلى أن الفريق الآخر (المقصود هنا 14 آذار) رفض تأييد عون رئاسياً، على اعتبار أنه حليف حزب الله، فكيف سيرضى في ظل الأوضاع السياسية القائمة في لبنان والمنطقة تسمية فرنجية حليف سوريا في الدرجة الأولى؟
إلا أن السياسي الحزبي البارز أقرّ من ناحية ثانية أن إيصال فرنجية إلى رئاسة الجمهورية له «ترتيب سياسي إقليمي آخر»، وله تبعات تتخطى حدود محيطنا العربي لتصل إلى ما يُحضّر في فيينا، في إشارة واضحة إلى مصير الرئيس السوري بشار الأسد (راجع ص3)/