اللحظات الصعبة في تحرير العسكريِّين .. من عرسال إلى السراي الكبير
الحريري يلتقي هولاند غداً .. وعسيري لـ«اللــواء»: الحوار سبيلاً لتقريب وجهات النظر في الإنتخابات الر
أنعشت الولادة الثانية لـ16 عسكرياً لبنانياً احتفل لبنان باستعادتهم أحياء من قبضة «النصرة»، الجهود لاستعادة العسكريين التسعة الباقين عند تنظيم الدولة الإسلامية «داعش»، كما أحيت الآمال لقدرة الدولة اللبنانية على استعادة دورها الجامع والمحوري، باعتبارها الحاضنة لكل اللبنانيين بصرف النظر عن انتماءاتهم وتوجهاتهم السياسية.
وإذا كانت عملية بهذه الضخامة إستدعت أشهراً من المفاوضات السرّية والمعقّدة، وتدخلات محلية وعربية وإقليمية تمكّنت من تكفكيك حلقات الملف، وتشكيل مسارات للمفاوضات، على خلفية أن استعادة جنود وعناصر أمنية وقعوا في الأسر لدى منظمات مسلّحة إثر معركة عسكرية حصلت في 2 آب عام 2014، تحتاج لوقت طويل لإظهار فصول التفاوض وحقيقة التنازلات التي كان من غير الممكن على الدولة اللبنانية إلا أن تسير بها لاستعادة جنودها، باعتبارها مسؤولة عنهم كعناصر في الخدمة ومواطنين.
وشكّل النجاح اللبناني ثقة لدى الرأي العام وأهالي العسكريين الذين ما زالوا لدى تنظيم «داعش»، والتقت كل المواقف على اعتبار هذا النجاح «إنجازاً وطنياً» برسم الحكومة والمفاوض اللبناني والأجهزة الأمنية وفي مقدّمها الأمن العام ومديره اللواء عباس إبراهيم.
وفي مشهد اختلطت فيه مظاهر الفرح مع مظاهر الرجاء مع الاعتزاز الوطني، احتضنت السراي الكبير العسكريين العائدين بعد يوم طويل من معاناة الإنتقال من قبضة الأسر إلى رحاب الحرية، ومن جرود عرسال إلى العاصمة بيروت، عبر غير محطة أبرزها في اللبوة، حيث ثكنة اللواء الثامن في الجيش اللبناني، حيث استعاد هؤلاء العسكريون بزّتهم الرسمية وحلقوا ذقونهم، كما كانوا يفعلون في يوميات الخدمة.
وعبّرت كلمة الرئيس تمام سلام عن إحاطة وطنية بالموقف، شاكراً دولة قطر وأميرها الشيخ تميم بن حمد، ومشيداً بالعسكريين الأبطال الذين تحمّلوا وصمدوا، متعهداً بالعمل لتحرير العسكريين الآخرين، لأن لبنان بحاجة إلى كل أبنائه.
في هذا الوقت كان اللواء إبراهيم الذي أثبت جدارة إضافية في إدارة عمليات التفاوض الصعبة يتولى الكشف تباعاً عن فصول هذه العملية، مثبتاً آلية التفاوض الوطني السيادي، بصرف النظر عن حملات من هنا وهناك، وانتقادات ليست ذات أهمية، قياساً إلى مشقة التفاوض والمسؤولية الوطنية لإيصال الأمور إلى خواتيمها، كاشفاً عن دور لكل من الرئيس سعد الحريري والأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، مع قطر لحلحلة عُقد اعترضت المفاوضات، وكان الرئيس سلام ووزير الداخلية نهاد المشنوق على علم بتفاصيلها.
وأعلن اللواء إبراهيم أن الدولة اللبنانية على استعداد للتفاوض مع «داعش» لاستعادة التسعة الباقين، حالما تعثر الدولة اللبنانية على مفاوض جاهز لهذا الغرض.
وروى اللواء إبراهيم في أحاديث تلفزيونية متفرقة أن الرئيس الحريري أبلغ أمير قطر ثقته بمدير الأمن العام واضعاً حدّاً لمحاولة مذهبة الملف، وكشف في الوقت نفسه أنه زار نصر الله في 18/10 وطلب إليه التدخّل لدى الرئيس السوري بشار الأسد للإفراج عن بعض الموقوفين الذين طالبت بهم «النصرة»، ملمّحاً إلى أن ليلة الأحد كانت ليلة عصيبة وبدا أن التنفيذ مستحيل لولا التدخلات التي فكفكت العُقد الأخيرة، كل ذلك تحت سقف الكرامة الوطنية وعدم التخلّي عن السيادة.
وفي الجانب الآخر، سلّم المفاوض اللبناني جبهة النصرة 13 شخصاً كانوا موقوفين في لبنان وسوريا، بينهم خمس نساء أبرزهن سجى الدليمي التي فضّلت العودة إلى بيروت على أن تنتقل منها إلى تركيا.
وتضمّن الاتفاق ملحقاً يتعلّق بالخدمات الإنسانية للنازحين السوريين وفقاً لما أشارت إليه «اللواء» قبل يومين ويتعلّق بممر إلزامي آمن، وبمساعدات شهرية للنازحين ومواد طبية ومستشفى للجرحى والمصابين في عرسال.
وهكذا نام اللبنانيون على يوم آخر تبدأ فصوله اليوم، سواء باستمرار خيمة أهالي العسكريين الذين ما زالوا في الأسر، أو في استئناف الجنود العائدين حياتهم العسكرية والعائلية، على أن تعود عملية التفاوض إلى السرّية، أما عن أدوار أخرى وتسويات أخرى تطال الشيخ مصطفى الحجيري المعروف بأبو طاقية والتصريحات التي أدلى بها وزير الصحة وائل أبو فاعور عن دوره في مختلف مراحل المفاوضات، فبعضها متروك للقضاء وبعضها الآخر للتقييم في الغرف السياسية المغلقة. (محور خاص عن عملية الإطلاق ص 3 و4 و5).
الموقف السعودي
سياسياً، بقيت قضية ترشيح النائب سليمان فرنجية في واجهة الاهتمام، في ظل رفض عوني متصاعد لتبنّي ترشيحه، ومعلومات عن أن رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع يستعدّ لزيارة المملكة العربية السعودية (O.T.V)، فيما لم يأت أمس رئيس «المردة» إلى الرابية للتعزية، مع العلم أن التعازي مستمرّة اليوم وغداً، وبدا أنه فضّل تناول العشاء إلى مائدة النائب وليد جنبلاط في كليمنصو.
والأهمّ على هذا الصعيد الموقف الذي أعلنه سفير المملكة العربية السعودية علي عواض عسيري الذي عاد لتوّه إلى بيروت، من التسوية المطروحة، حيث أوضح لـ«اللواء» أن كلامه هو في الواقع دعوة للحوار بين الأطراف السياسية، وخاصة بين القيادات المسيحية، التي سبق لها واجتمعت في بكركي برعاية البطريرك بشارة الراعي، واتفقت فيما بينها على تأييد من يحظى بالتوافق من بقية الأفرقاء السياسيين.
واعتبر عسيري أن أمام اللبنانيين فرصة لوضع حدّ للشلل الحالي في المؤسسات الدستورية، وإعادة الاعتبار إلى دور الدولة، عبر العودة إلى انتظام الحياة السياسية بعد انتخاب رئيس الجمهورية.
وأكد السفير السعودي حرص المملكة على الحفاظ على التوازن بين مكونات المجتمع اللبناني، داعياً إلى الابتعاد عن أساليب التهميش والاستقصاء، واعتماد الحوار سبيلاً لتقريب وجهات النظر وتوحيد المواقف في الاستحقاقات الرئيسية، لا سيما الانتخابات الرئاسية.
وكان عسيري قد وجّه في تصريح له أمس، التهنئة إلى لبنان الرسمي والشعبي ولقيادة الجيش والمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي على تحرير العسكريين، مثنياً على الجهود التي قام بها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، لافتاً إلى أن المملكة العربية السعودية تتابع التطورات الجارية على الساحة اللبنانية إنطلاقاً من حرصها الأخوي على لبنان وشعبه، لكن من دون أن تتدخّل في الشؤون الداخلية اللبنانية.
وأعرب عن أمل المملكة في أن تتمكن القوى السياسية اللبنانية من انتخاب رئيس للجمهورية في أقرب فرصة لوضع حدّ للشلل الحاصل في مؤسسات الدولة، مؤكداً انه مع أي مرشّح يجمع عليه الأشقاء اللبنانيون عموماً والمسيحيون خصوصاً، لأن رئاسة الجمهورية هي الموقع المسيحي الأول في الدولة». (راجع ص3)
في السياق نفسه، علمت «اللــواء»، ان موضوع الشغور الرئاسي استحوذ على وقت طويل من الحوار الذي جرى أمس الأول بين وفدي «المستقبل» و«حزب الله» في عين التينة.
وكشفت معلومات ان وفد الحزب سأل وفد «المستقبل» عمّا إذا كان طرح الرئيس الحريري بترشيح النائب فرنجية جدي، فأجابه بـ«نعم»، وعندها ردّ الحزب بالسعي لأن يبذل جهداً في هذا الاتجاه، لكن من دون أن يؤدي ذلك إلى «زعل» النائب عون، على اعتبار ان «هيدا يميني وهيدا يميني» (أي فرنجية).
أما كتلة «المستقبل» التي اجتمعت أمس برئاسة النائب سمير الجسر لوجود الرئيس فؤاد السنيورة في الكويت، فقد اكتفت بتوجيه تحية إلى مبادرة الرئيس الحريري من أجل إنهاء الشغور الرئاسي في رئاسة الجمهورية، ودعت كل المخلصين في الوطن إلى دعم هذه «الخطوة الإنقاذية»، وإلى البحث في كيفية استيلاد فرص تؤمن الخروج من هذا المأزق.
ونفت مصادر نياية في الكتلة علمها بأي تطوّر في شأن هذه المبادرة على اعتبار ان الموضوع هو في عهدة الرئيس الحريري الذي يتولى القيام بالاتصالات اللازمة.
وكشفت ان الرئيس الحريري انتقل أمس إلى باريس لعقد لقاءات مع عدد من الشخصيات المسيحية في فريق 14 آذار، وهو سيلتقي الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند قبل ظهر الخميس للبحث معه في كل التطورات، ولا سيما موضوع الاستحقاق الرئاسي اللبناني، وسيكون له كلام بعد هذا اللقاء.
ولم يعرف ما إذا كانت لقاءات الرئيس الحريري في باريس ستشمل هذه المرة رئيس «القوات» سمير جعجع الذي زاره أمس في معراب الوزير نهاد المشنوق الذي لاحظ أن فرنجية لم يعلن ترشيحه رسمياً بعد، لافتاً إلى ان كل الأمور خاضعة للنقاش الإيجابي وليس للمواجهة أو القضاء على مسيرة 14 آذار التي عمرها سنوات.
ومن إمكانية الاتفاق على قرار موحد لقوى 14 آذار حول ترشيح فرنجية، استشهد المشنوق بالمثل الانكليزي الذي يقول: «حين تصل إلى الجسر تعبره»، نافياً أن تكون زيارته لجعجع بتكليف من الرئيس الحريري، لكنني في جو أفكاره.
يُشار إلى أن اجتماعاً إنعقد في دارة وزير الاتصالات بطرس حرب ضمه ووفد من حزب الكتائب برئاسة نائب رئيسه الوزير السابق سليم الصايغ ورئيس حزب «الوطنيين الأحرار دوري شمعون والنائبين السابقين كميل زيادة وجواد بولس ورئيس حركة الاستقلال ميشال معوض وأمين سر حركة التجدّد الديمقراطي الدكتور انطوان حداد، وذلك في إطار المشاورات المسيحية للسعي إلى ضمانات لانتاج رئيس خلال الدستور على حدّ تعبير صايغ الذي رفض الإتيان برئيس مشروط ومقيد.