اللقاء الأخير: عون لا يدعم فرنجية
رسالة أميركية للراعي: لإنهاء الشغور الرئاسي الآن
من «لقاء الرابية الصامت» بين النائبين ميشال عون وسليمان فرنجية، إلى الموقف الأميركي القاطع الذي أعلنه بعد لقاء البطريرك الماروني بشارة الراعي في بكركي القائم باعمال السفارة الأميركية في لبنان السفير ريتشارد جونز، بدعم المبادرة الرئاسية التي أطلقها الرئيس سعد الحريري، إلى «الانتظار الضمني» الذي كشف عنه الرئيس نبيه برّي من عين التينة للتفاهم بين عون وفرنجية، بوصفه «افضل سيناريو رئاسي»، على طريقة «خير الكلام ما قل ودل», كان الموضوع واحد هو إزالة العراقيل من امام ترشيح رئيس تيّار «المردة» للرئاسة الأولى.
وبمعزل عن «الفرمان الاعلامي» الذي بثته محطة O.T.V عن اللقاء الذي وصفته بأنه كان «جيداً جداً وطغت عليه الأجواء الإيجابية في كل دقيقة منه»، فإن معلومات «اللواء» التي تسربت عن اللقاء اشارت إلى ان تسوية انتخاب فرنجية وما بعدها ما تزال قائمة، وأن ثمة دعماً دولياً وعربياً واقليمياً لهذه التسوية، وأن المطروح الآن هو مسألة وقت لمعالجة الاعتراضات الاخذة بالتلاشي، بصرف النظر عن موقف الرابية اوغيرها.
وتوقفت المصادر المطلعة بقوة عند ما أعلنه السفير جونز بأن «موعد اجراء الانتخابات هو الآن»، وأن «وقت اجراء هذه الانتخابات قد حان»، وانه «لا يجوز وضع عراقيل على طريق هذه العملية»، وأن «على الأحزاب المعنية ان تختار رئيسا للبلاد واتمام الحوار للوصول إلى انتخابات رئاسية».
وعزا السفير جونز موقف بلاده إلى ان «الاضطرابات التي تشهدها المنطقة تستدعي بأن يكون هناك رئيس يعمل مع الحكومة، وأن استمرار تعطيل عمل المؤسسات والفراغ لا يناسب احداً».
واعتبرت مصادر مطلعة على مسار التسوية ان الموقف الأميركي وضع حداً لتسريبات استهدفت الايحاء بأن واشنطن لا تشجّع التسوية التي جرى التفاهم عليها في لقاء باريس بين الرئيس الحريري والنائب فرنجية، وهذا الموقف هو الأكثر وضوحاً بين المواقف الدولية التي صدرت حتى الآن داعمة التسوية، وهو ما أبلغه القائم بالأعمال الأميركي للبطريرك الراعي، وأن بلاده تضع ثقلها بإملاء الفراغ، وهي تتابع يوماً بيوم تطورات التسوية الرئاسية، وهي تشجّع القيادات اللبنانية على عدم إضاعة الفرصة، وتطالب البرلمان باعتبار ان انعقاد جلسة الانتخاب باتت أكثر من ملحة.
وعلمت «اللواء» ان عون أوفد أمين سر تكتل «الاصلاح والتغيير» النائب إبراهيم كنعان إلى بكركي، قبل اجتماعه إلى فرنجية، للاطلاع من الراعي على طبيعة ما نقله جونز إليه.
لقاء الرابية
على ان الأهم في اللقاء الذي حصل بين عون وفرنجية ليس ما انتهى إليه، بل انعقاده، بعدما كانت احتمالات صرف النظر عنه من قبل بنشعي تقدمت في ساعات ما بعد الظهر، وأن الذين التقوا رئيس تيّار «المردة» لمسوا منه انه لم يعد يرى مبرراً لعقد اللقاء، بعد المعلومات التي وصلت إليه عما قاله رئيس تكتل «الاصلاح والتغيير» من «طعن بالظهر»، وانه لم يكن يتوقع ان يقدم فرنجية على أي خطوة من دون ان يضعه مسبقاً في جوها، باعتباره المرشح المدعوم من فريقه السياسي للرئاسة الأولى.
الا ان اتصالات جرت مع فرنجية انتهت باقناعه بعدم تفويت فرصة اللقاء، وعدم حشر عون في الزاوية، لأن انعقاد اللقاء مهما آل إليه من نتائج يبقى أفضل من عدم انعقاده، وحتى لا يتسبب الترشيح بأزمة داخل فريق 8 آذار، خصوصاً وأن اتصالات جرت داخل فريق 14 آذار أدّت إلى ما يمكن وصفه باحتواء موقف «القوات اللبنانية».
وأفادت مصادر مطلعة على سير الاتصالات، لا سيما بين حارة حريك والرابية وبنشعي، ان الصدمة باحتمال إلغاء الاجتماع ساهمت في تخفيض سقف الموقف العوني من ترشيح فرنجية، خاصة بعد انضمام رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل إلى اللقاء الذي انعقد عند الرابعة وعشر دقائق بعد الظهر، وانتهى قبيل الخامسة والنصف.
وارتأى النائب فرنجية بعد اللقاء الذي لم يرافقه أحد إلى الرابية، أن يخرج من دون الإدلاء بأي موقف، على قاعدة أن الخلافات داخل تكتل «الاصلاح والتغيير» (وفرنجية عضو فيه) يجب أن تُبقي محصورة داخل الجدران الأربعة، وأن ما عرض من استعراض للعلاقة بين التيار العوني وتيار «المستقبل»، ومحاولة الرابية الإيحاء بأن ترشيح فرنجية ليس «بريئاً»، كان يهدف للتأثير سلباً على رئيس «المردة» واتهامه بأنه وقع ضحية مناورة لا تستهدف إنتخابه، بل إحداث شرخ بينه وبين الرابية.
وهذه المقاربة العونية رفضها النائب فرنجية الذي اعتبر أن فترة السماح لقبول عون كمرشح وفاقي انتهت من دون بروز أي تطوّر، وبالتالي فما هي الجدوى من انتظار المزيد من الوقت، وأن فرنجية سيمتنع عن ترشيح نفسه أو قبول ترشيحه في ما لو لمس أن اتفاقاً سيحصل على النائب عون، وهذا «الإلتزام الأدبي» يعني دعم عون فقط وليس أي مرشّح آخر، متسائلاً عن السبب الذي يمنع من توفير ما يلزم من دعم له ليكون هو الممثّل المقبول لفريقه السياسي؟
وتداولت مصادر شمالية ما وصفته بوقائع حصلت خلال اللقاء وفيها أن فرنجية طلب من عون دعمه، موضحاً أن لقاء باريس لم يكن موجهاً ضد الرابية ولا ضد فريقه السياسي، «لكن أتتنا الفرصة للترشح»، وعملاً بتفاهم بكركي الذي أرسى قاعدة دعم المرشح الذي يتفق عليه والسير معه، فهذا يجب أن يحصل، وخاطبه قائلاً: «إذا كان لديك فرصة للفوز فأنا سأسير معك».
فردّ عون: «ترشحت وما زلت مرشحاً وسأبقى».
فقال فرنجية: «وماذا نفعل إذا استمرت هذه الحال لشهر أو شهرين أو ثلاثة ولم يحالفك الحظ؟».
وعندها صمت عون، ففهم فرنجية أن هذا الموقف يعني عدم دعمه.. وعندما همّ بالخروج تمنى له عون التوفيق من دون الاتفاق على لقاء جديد.
غير أن مصادر تكتل «التغيير والاصلاح» عكست أجواء مختلفة، وقالت أن الرجلين تفاهما على الخط الاستراتيجي الواحد الذي يجمعهما، وأن اللقاء سادته أجواء من المصارحة بحيث قدّم كلٌ منهما ما يملك من معطيات، مؤكدة أن الرجلين لم يعلنا أي حسم في المواقف لأن المواقف الأخرى غير محسومة بعد.
وأشارت إلى أن هناك توافقاً جرى على إبقاء خطوط التشاور مفتوحة بعيداً عن التشنج، ومعرفة ما ستكون عليه الأجواء المحيطة، لأن الإشكالية لا تتصل بهما بل بعدد من الأطراف، مذكّرة بأن الإثنين ما زالا مرشحين، وأن أي تنازل لحساب الآخر لم يُتخذ كخيار في اجتماعهما، لأن اللقاء لن يكون الأول ولا الأخير، وأنه إذا لم يتم التشاور بشكل مباشر فقد يحصل عبر موفدين.
ما بعد اللقاء
ماذا بعد اللقاء؟
مصادر معنية اعتبرت أن فرنجية قام بواجب وضع حليفه عون في صورة اجتماعات باريس وطلب دعمه، وهو غير معني إلا بخوض معركته، وتوفير الحلف اللازم له، أما المسائل المتعلقة بالحكومة وقانون الانتخاب فهي تُبحث في وقتها، وإن كان جرى التطرّق إلى الخطوط العريضة لها.
وكشفت هذه المصادر أن خط الاتصالات مفتوح بين الرئيس الحريري وفرنجية والكتل الحزبية والنيابية الداعمة لسلّة التسوية المطروحة بانتظار موقف «حزب الله» الذي سيتظهر في الفترة الفاصلة عن الجلسة الثانية عشرة للحوار الوطني التي ستنعقد في 14 الشهر الحالي، والتي تصادف في اليوم نفسه لجولة الحوار الثنائي الثانية والعشرين بين «المستقبل» و«حزب الله» في عين التينة.
وقالت هذه المصادر ان الرئيس برّي الذي على تنسيق تام مع حزب الله حول الملف الرئاسي قد يصبح طليق اليدين في الإقدام على أي خطوة يراها مناسبة لوضع التسوية موضع التنفيذ، بعد انتهاء فترة السماح التي أعطت النائب عون المجال ليكون شريكاً، ومن دون أن يشعر بأنه مستهدف.
فتفت
من جهته، لاحظ عضو كتلة «المستقبل» النيابية النائب أحمد فتفت لـ«اللــواء» أن لقاء عون – فرنجية هو أول تحرك جدي لرئيس تيّار «المردة» كمرشح جدي للرئاسة، على اعتبار ان زيارته الأخيرة للنائب وليد جنبلاط كانت من باب ردّ الجميل، مشيراً إلى ان فرنجية سيستمر في ترشيحه ولا يمكن التراجع، لأن في ذلك نهاية سياسية له.
وقال فتفت انه لمس في زيارته الأخيرة للرياض ان الرئيس الحريري مقتنع بخيار فرنجية، ويعتبره المخرج الوحيد للخروج من الفراغ الرئاسي، لكنه (أي فتفت) عزا العرقلة إلى «حزب الله» الذي قال انه لا يريد رئيساً في هذه المرحلة.
وكشف مصدر نيابي انه خلافاً للمعلومات فإن رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع على علم منذ ثلاثة أشهر بالتسوية الجاري طبخها في المحافل الدولية والإقليمية وكذلك الأمر بالنسبة لحزب الله، لكن فوجئ بالحملة عليه من خلال وضعه على لائحة الإرهاب وحجب «المنار» عن الفضاء الخارجي، عبر قمر «عربسات».
معارضة مارونية
مسيحياً، تبقى الساحة خارج دائرة تأثير بكركي ناشطة في الاتصالات بين التيار العوني و«القوات اللبنانية» في محاولة لوضع مرتكزات معارضة مارونية «لتسوية فرنجية – الحريري».
واستبعد وزير الاقتصاد الان حكيم في اتصال مع « اللواء» ان تجري الانتخابات الرئاسية قبل نهاية هذا العام، واعتبر ان التسوية الرئاسية لم تنته ولكنها بحاجة الى مزيد من الاتصالات والمشاورات لتبيان نتائجها، مذكرا بالمدة التي استغرقتها تسوية انتخاب الرئيس ميشال سليمان، واشار الى ان العقدة الاساسية هي عند رئيس تكتل الاصلاح والتغيير العماد ميشال عون.
ملف النفايات
في هذا الوقت، توقع وزير الزراعة اكرم شهيب « للواء» الانتهاء من دراسة ملف النفايات هذا الاسبوع، مؤكدا العمل ليلا ونهارا لمتابعته والوصول الى افضل نتيجة يمكن الوصول اليها بالنسبة لخيار التصدير الذي نعمل عليه, وشدد شهيب على ان العمل جاد جاد في هذا الملف، وتوقع ان يتم رفع تقريره الذي يعمل عليه مع فريقه الى رئيس مجلس الوزراء تمام سلام نهاية الاسبوع الحالي على ان يحدد سلام جلسة لمجلس الوزراء لبحث الملف واقراره.
ومن ناحيتها أكدت مصادر السراي الحكومي «للواء» استعداد الرئيس سلام للدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء فور تسلمه التقرير لبت هذا الملف الذي لم يعد يحتمل اي تأخير، مبدية تفاؤلا حول الانتهاء منه قريبا جدا.
«أبو فراس» الجبة
ميدانياً، أعلن «حزب الله» أمس انه استهدف موكباً لجبهة «النصرة» في جرود عرسال الحدودية مع سوريا ما أدى إلى مقتل مسؤول قيادي في هذا التنظيم وثمانية عناصر آخرين، وفق ما ذكرت قناة المنار التلفزيونية التي نشرت مشاهد حصرية للعملية، بأن «مجاهدي المقاومة استهدفوا موكب المسؤول في جبهة النصرة المدعو أبوفراس الجبة والملقب بـ«الاسمر» لدى مرور موكبه في وادي الخيل في جرود عرسال (…) بعد رصد دقيق لتحركة»، ما أسفر عن مقتله وثلاثة من مرافقيه.
وأضافت انه بعدما «حاول مسلحو النصرة سحب جثثهم»، استهدف عناصر حزب الله الموكب مجدداً «ما أسفر عن مقتل خمسة مسلحين آخرين».
وبالتزامن مع اشتباكات دارت بين عناصر حزب الله ومسلحي «النصرة»، قام الجيش اللبناني باستهداف تجمعات «النصرة» في جرود عرسال بقذائف المدفعية وراجمات الصواريخ محققاً اصابات مباشرة.
يذكر أن «أبوفراس الجبة» كان يتزعم سابقاً ما يسمى بـ«لواء أحرار القلمون»، وقد بايع جبهة «النصرة» مؤخراً، وينضوي تحت إمرته ما لا يقل عن 70 مسلحاً.