الحريري لفرنجية: لا عودة عن المبادرة المشتركة لإنتخاب الرئيس
الرابية تعتبر ترشيح فرنجية كأنه لم يكن .. ومصدر أمني يستغرب بيان الخارجية الأميركية
بات بحكم المسلَّم به أن انتخابات رئيس جديد للجمهورية لن تحصل هذه السنة. لكن رؤية المعنيين بالتسوية الرئاسية مختلفة، إن لم تكن متباعدة، وفق حسابات لا صلة لها «بالبيدر السياسي»، إنما، ربّما، يغلب عليها «المزاج الشخصي» القريب من «الغنائية الرومانطيقية»، مما يعني أن الوقائع لا تكون قائمة إلا بما يخدم الأهداف الشخصية والمزاجية لهذا الفريق السياسي أو ذاك، الأمر الذي دفع بالنائب وليد جنبلاط لاستبدال تغريداته عبر «تويتر»، وباللغات الثلاث التي يعرفها إلى مخاطبة الأموات بدل الأحياء، مردّداً القول المأثور «لا حياة لمَن تنادي»..
في المشهد هذا، تصبّ إتصالات الرئيس سعد الحريري في مجرى ثابت، أن المبادرة التي أطلقها قائمة، وأنه يتولى شخصياً تذليل العقبات، عبر الاتصالات مع الحلفاء والداعمين، وحتى المعارضين، من زاوية أن المبادرة التي تمّ التفاهم عليها مع رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية في باريس قبل شهر، هي مبادرة واقعية تأخذ بعين الاعتبار حصيلة السنة ونصف السنة من الفشل في انتخاب الرئيس وطبيعة الاصطفافات الداخلية، والحاجة إلى شراكة وطنية للخروج من المأزق.
وكان الأهمّ على هذا الصعيد، هو الإتصال الذي أجراه الرئيس الحريري مع النائب فرنجية، وخلص بنتيجته إلى التأكيد «على متابعة التشاور والمضي في المسار المشترك لانتخاب رئيس الجمهورية»، وهو نفس الموقف الذي التزم به تيّار «المردة».
وجاء الاتصال غداة إتصالين: الأول تلقّاه من رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع دام ساعة كاملة، وتناول خلفيات الموقف من ترشيح فرنجية، والخلاف بين تيّار «المستقبل» و«القوات» حول هذا الخيار، على أن ينظّم الفريقان هذا الخلاف، بحيث لا ينعكس سلباً على العلاقة بينهما، وتالياً على مكونات 14 آذار، بمعزل عن مآل ترشيح فرنجية.
وعلمت «اللواء» أن الموقف القواتي لم يكن حادّاً، وأبقى الباب مفتوحاً أمام الأخذ والردّ، وتقليب الاحتمالات والاستفسارات والخيارات البديلة، في ظل وضوح أن لا خيار في الواجهة الآن سوى ترشيح النائب فرنجية ضمن سلّة المبادرة التي أطلقها الرئيس الحريري لإنهاء الشغور الرئاسي، وإبعاد شبهة «الدولة الفاشلة» عن لبنان بتحريك العجلة الاقتصادية، وإنهاء أزمة النفايات، وإعادة الروح إلى مؤسسات الدولة الدستورية، وتغطية الإنجازات الأمنية التي كان آخرها، أمس الأول، باعتقال العقل التنفيذي لتفجيري برج البراجنة بلال البقار، وملاحقة سطام الشتيوي المتواري في جرود عرسال.
ووصف رئيس جهاز الإعلام والتواصل في «القوات» ملحم رياشي الإتصال بأنه «تميّز بالعلمية والوضوح»، معتبراً أن لا شيء يمنع من اللقاء بين الحريري وجعجع سوى الوضع الأمني، لأن الخطر على رئيس القوات قائم وحادّ جداً.
وفيما نفى وزير الثقافة روني عريجي أي ربط بين اتصال الحريري بفرنجية ومع جعجع، كشف مصدر نيابي لـ«اللواء» أن الاتصال بين رئيس تيّار «المستقبل» ورئيس حزب الكتائب سامي الجميّل هو السابع أو الثامن بين الرجلين في إطار المتابعة والتشاور.
وفي تقدير المصدر أن الرئيس الحريري ما زال مقتنعاً بأن التسوية الرئاسية لم تنته بعكس الانطباع الذي تكوّن لدى المراقبين في الأيام الأخيرة، ولذلك فهو حرص من خلال اتصاله بفرنجية من جهة على أن يُؤكّد بأن خياره ما زال قائماً، ومن جهة ثانية، لا يريد كسر الجرّة مع أحد.
الجميّل
وجدّد النائب الجميّل، في احتفال أُقيم في جبيل، في دورة قَسَم منتسبين جدد لحزب الكتائب حملت إسم الرئيس أمين الجميّل، دعوته لكل من يترشح لرئاسة الجمهورية أن يُعلن مشروعه، فإذا التقى مع مشروعنا فأهلاً وسهلاً به.
وساق الجميّل مواقف سياسية على صلة غير مباشرة بالاستحقاق الرئاسي أبرزها: أن المشكلة هي في النظام السياسي الفاشل، فحتى إذا انتخبنا رئيساً للجمهورية لا يمكن أن تشكّل حكومة بعد سنة من إجراء الانتخابات، وكذلك الحال بالنسبة لوضع قانون الانتخاب، وفي السلاح أيضاً والولاء للخارج، رافضاً أن يكون الخيار بين بشار الأسد أو «داعش»، متسائلاً: لماذا بدأت الاجتماعات حول الغاز والنفط عندما بدأ الحديث عن الانتخابات الرئاسية، مؤكداً «كما وقفنا ضد سوكلين سنقف ضد كل الصفقات في المستقبل»، مشيراً إلى أن موضوع النفط والغاز يتعلق بمستقبلنا ولن يمر دون تدقيق دولي وشفافية ومناقصات شفافة. (راجع ص4)
وعلى صعيد التواصل بين «المستقبل» و«التيار العوني الحر» يزور النائب السابق غطاس خوري الرابية غداً، موفدا من الرئيس الحريري لتقديم واجب العزاء باسمه للنائب ميشال عون، ولم يستعبد مصدر مطلع أن يجري التداول في مبادرة التسوية الرئاسية، علماً ان خوري ومدير مكتب الرئيس الحريري السيّد نادر الحريري كانا زارا قبل يومين النائب فرنجية في بنشعي، في إطار المشاورات الجارية بين الجانبين.
ومع ان مصادر تيّار «المردة» لم تشأ تأكيد أو نفي هذه المعلومة، وآثرت عدم الإدلاء بأي تعليق حول المعطيات المتصلة بالاستحقاق الرئاسي، وكذلك فعلت مصادر نيابية. وقالت مصادر «التيار الوطني الحر» لـ«اللواء» أن التيار يتعاطى مع مبادرة ترشيح فرنجية وكأنها لم تكن، وانه ينتظر ما يمكن أن يقوله فرنجية شخصياً في اليومين المقبلين، من دون أن تُشير إلى ظروف خروج فرنجية مجدداً الی الإعلام.
وأكد الوزير السابق ماريو عون لـ«اللواء» ان الأمور عادت الی مجراها الطبيعي، لجهة أن رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون هو مرشّح قوى الثامن من آذار بشكل نهائي وقوي، وأنه لا يزال الممر الإلزامي للانتخابات الرئاسية، مشدداً على ان جلسة الانتخاب المقبلة المحددة يوم الأربعاء المقبل، لن تعقد، وانه قد لا تكون جلسة أخرى في المدى المنظور.
وأعرب عن اعتقاده ان الحركة التي حصلت مؤخرا بشأن الملف الرئاسي كان من المفترض ألا تحصل وانها خلقت بلبلة في صفوف الثامن من آذار.
سلام
في غضون ذلك، رأى رئيس مجلس الوزراء تمام سلام ضرورة أن يكون رئيس الجمهورية المقبل رئيسا توافقيا أياً يكن، مشددا على ضرورة انتخاب رئيس في اقرب وقت ممكن، معتبراً أن أي رئيس ينتخب خارج التوافق لا يمكن ان ينجح، وهذا الامر لا يمكن ان يحصل لانه لا يجوز ان يغلب فريق فريقٍاً آخر من أي فريقٍ يكن، مؤكدا على اهمية التوافق، خصوصا ان لبنان لا يمكن ان يتحمل رئيسا صداميا او متنازع عليه أو محسوباً على فئة تعمل ضد فئةٍ أخرى.
واكد سلام امام زواره في المصيطبة أمس حاجة البلد لاجراء الانتخابات امس قبل اليوم، ورأى ان البلد انتعش معنويا بمجرد تحريك الملف، فكيف اذا حصلت الانتخابات؟ مبديا تفاؤلا بمستقبل لبنان في حال أنتخب رئيس للجمهورية، وقال بالطبع سنكون في مكان مختلف تماماً.
وإذ شدّد على وجوب أن يقوم كل مسؤول، ولا سيما قادة القوى السياسية ببذل جهود إضافية للوصول إلى نتيجة إيجابية حول الاستحقاق الرئاسي، لفت إلى ضرورة اجتماع القوى السياسية للإتفاق على انتخاب رئيس، متمنياً أن لا يكون هناك قطب مخفية تمنع حظوظ النائب فرنجية من الوصول إلى الرئاسة، مشيراً إلى أن هناك أسماء كثيرة يتم التداول فيها، لكنه شدّد على أهمية أن يكون الإسم توافقياً وغير استفزازي.
ونفى الرئيس سلام أن يكون ملف النفايات بات جاهزاً لطرحه على مجلس الوزراء، مكرراً تأكيده بأنه عند الوصول إلى مكان عملي وإلى مخرج للملف من خلال الترحيل سأدعو إلى جلسة لمجلس الوزراء فوراً، لكن إلى الآن لم يحن الوقت بعد للدعوة إلى جلسة لأن طبيعة الملف شائك ومعقّد، وفيه تفاصيل وتقنيات ومستلزمات محلية ودولية، واصفاً الملف بأنه ليس بالأمر السهل خصوصاً في مجال التصدير، لافتاً إلى استعداده لعقد جلسة خاصة بملف النفط، لكنه شدّد على أن المطلوب أن يكون هناك جلسات دورية لمجلس الوزراء لتسيير شؤون البلاد والعباد وتحريك الملفات، وليس فقط أن تقتصر الجلسات على بحث ملفّي النفايات والنفط (راجع ص2).
إستغراب بيان الخارجية الأميركية
أمنياً، ومع مواكبة التوقيفات التي تقوم بها الأجهزة الأمنية ولا سيما فرع المعلومات، تصدّت مدفعية الجيش اللبناني لتحركات المسلحين في جرود عرسال، فيما تحدثت مصادر أمنية عن اشتباكات وقعت ليلاً في جرود القاع بين عناصر من حزب الله وأخرى من جبهتي «النصرة» و«داعش».
إلى ذلك، استغربت مصادر أمنية بيان الخارجية الأميركية بتحذير رعاياها بالسفر إلى لبنان، مع العلم أن الملحقين العسكريين في السفارات الغربية والأوروبية بشكل خاص يسعون للحصول على معلومات حول الموقوفين المرتبطين بالخلايا «الإرهابية» مع الإشادة المتكررة بقدرة الأجهزة الأمنية اللبنانية على تفكيك هذه الخلايا وتعطيل محاولات أو خطط كانت موضوعة لتفجيرات في غير منطقة.