أسئلة برّي لعون وعدوان عن الميثاقية والفراغ
مؤتمر برلين يقرّ دعماً مالياً متزايداً لـ3 سنوات لمستقبلي النازحين.. و«المستقبل» تستنكر كلام نصر الله
في الوقت الذي كان فيه الرئيس تمام سلام يسمع ممثلي الدول الخمس الكبرى والاتحاد الأوروبي والاتحاد الروسي والدول والمنظمات المشاركة في مؤتمر برلين حول اللاجئين السوريين، ومجموعة الدعم الدولية للبنان، معاناة اللبنانيين من جرّاء النزوح السوري وتداعيات الحرب المستمرة في سوريا، على المستويات المالية والديمغرافية والأمنية، داعياً المجتمع الدولي للسماح للشعب اللبناني بأن يعيش بسلام وامان، لأنه يكفيه ما عاناه في العقود الأربعة الماضية، كانت ورش التمديد للمجلس النيابي تقترب من الخطوة التنفيذية، مع إصرار الرئيس نبيه برّي على خطوة ميثاقية مسيحية شجاعة، لأنه ليس بمقدوره وحده أن يتحمل عبء التمديد، وأن يكتفي المسيحيون بالمشاركة في الجلسة فقط ورفع الأيدي بالاعتراض على التمديد.
ويأتي هذا التطور، فيما انتقل الجيش اللبناني في طرابلس من إلحاق الهزيمة بالعناصر المتطرفة غير عابئ بما يتردد في بعض المحافل عن تسوية أو غير تسوية حصلت، إلى تعزيز تواجده، وتوفير ما يلزم لتثبيت الاستقراروتطمين الأهالي الذين عادوا إلى منازلهم ورفع الأنقاض تمهيداً لورش الاغاثة العاجلة، على أن تنتقل الجهود العسكرية إلى خارج طرابلس شمالاً وجنوباً، لإحباط ما يمكن أن يحاك من عمليات استهداف أو تخريب، سواء ضد الجيش ومراكزه، أو ضد أماكن احياء ليالي عاشوراء.
التمديد
وكشفت مصادر نيابية مطلعة أن نقاطاً مشتركة في ما خص التمديد للمجلس النيابي سادت في اللقاءين المنفصلين بين الرئيس برّي من جهة وكل من رئيس «التيار الوطني الحر» النائب ميشال عون ونائب رئيس حزب «القوات اللبنانية» النائب جورج عدوان.
فماذا سمع النائبان عون وعدوان من رئيس المجلس؟
قال الرئيس برّي انه يعتبر أن «التيار الوطني الحر» وحزب «القوات اللبنانية» من بين أبرز التيارات المسيحية التي تمثل الاقوياء في الشارع المسيحي وتوفر الغطاء الميثاقي لأي خطوة وطنية.
اضاف: انا عندما قبلت بالتمديد بسبب تمسكي بالميثاقية بعدما أعلن الرئيس سعد الحريري وتياره الذي يمثل القوة الأقوى للطائفة السنية، أنه لن يشارك في الانتخابات النيابية، وأنا هنا مع التمديد مع الأخذ بعين الاعتبار الميثاقية التي يؤمنها حزباكما، فإذا لم تحصل الموافقة من قبل «التيار الحر» و«القوات» ستكون هناك مشكلة ميثاقية، وبالتالي يكون البلد أمام أزمة الفراغ: فهل لديكما مصلحة في خرق الميثاقية، أن أوافق على التمديد في ظل عدم موافقة القوات والتيار العوني؟ وأن تأتي هذه الموافقة من دون أن يكون لديكما دور إيجابي في التمديد؟
2- هل للمسيحيين مصلحة في الفراغ؟ وما أدراك ما الفراغ والدخول في متاهات ما بعد الفراغ؟ وأين تكمن مصلحة المسيحيين في مثل هذا النوع من الفراغ؟
3- هل يريد التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية أن أتحمل وحد مسؤولية الفراغ، وعلى أكتافي؟ وهل هذا ممكن؟
4- تتحدثون عن المشاركة في الجلسة حضوراً والامتناع عن التصويت أو التصويت ضد التمديد، وفي اعتقادي أن المشاركة وحدها لا تشكل ميثاقية، وبالتالي فإن الحضور يجب أن يقترن بالتصويت لتكتمل الميثاقية.
5- أعتبر أن «القوات» و«التيار الحر» قادران على تغطية الميثاقية، وإذا لم يحصل هذا فأنتم تتحملون وحدكم عدم اكتمال الميثاقية أو السقوط في الفراغ.
واتفق الرئيس بري مع كل من النائبين عون وعدوان على أن يرجعا الى حزبيهما لاتخاذ القرار المناسب، ثم إبلاغه بالموقف النهائي حتى يتمكن من اتخاذ القرار مع مكتب المجلس بشأن تحدد موعد الجلسة. وإذا ما سارت الأمور على ما يرام في الاتجاه الإيجابي، فإن أوساطه (أي رئيس المجلس) تتحدث عن أنه يميل الى أن تعقد جلسة التمديد يوم الأربعاء المقبل في الخامس من تشرين الثاني.
وإزاء انحصار الوضع السياسي بين التمديد أو الفراغ على حد تعبير النائب عدوان بعد لقاء الرئيس بري، أعيد النظر بالموقف الذي كان سيعلنه تكتل الاصلاح والتغيير أمس من التمديد، وأرجأ قراره، بناء على طلب عون الذي وضع نواب تكتله في أجواء الرسالة التي تلقاها صباحاً من الرئيس سعد الحريري والزيارة التي قام بها الى دار الفتوى، حيث التقى مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان
في أوّل زيارة لدار الفتوى، حيث هنأه بانتخابه مفتياً للجمهورية، مشيداً بالبيان الأخير الصادر عن المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى الذي يكرّس الثوابت الوطنية، ووفر ما يلزم من غطاء ودعم للجيش اللبناني في معركة طرابلس.
ولاحظت مصادر سياسية أن عون أظهر حرصاً على التهدئة، وكان سواء في اللقاء مع المفتي دريان أو مع الرئيس برّي مستمعاً أكثر منه متكلماً، لكنه حرص على التمسك بالوحدة الوطنية، وبالاشادة بالدور الوطني للمسلمين، سواء في الميثاقية والعيش المشترك، مكرراً في عين التينة أن موقف التكتل المبدئي هو ضد التمديد.
وعبّر بيان تكتل الإصلاح والتغيير بعد اجتماعه برئاسة عون عن ذلك «إننا لا نناور ولا نغامر في مسائل بهذه الأهمية الحساسة، وسوف نعبّر عن موقفنا المبدئي والثابت في زمنه ووقته وبالطرق المناسبة»، في إشارة إلى جلسة التمديد التي سيحضرها نواب التكتل بانتظار ما ستسفر عنه الاتصالات في ما خص القانون الذي سيصدر عن الجلسة بالتمديد، لجهة ربطه الإلزامي بانتخابات الرئاسة الاولى، وتلبية أحد أبرز المطالب المسيحية على هذا الصعيد.
وأشار عضو تكتل الإصلاح والتغيير النائب آلان عون في تصريح لـ «اللواء» إلى أن التكتل ينتظر تحديد الجلسة الخاصة بالتمديد ليعلن موقفه النهائي.
ورداً على سؤال عن التصويت ضد التمديد أو مقاطعة الجلسة، أعلن نائب بعبدا أن هذا الموقف يعلن في وقته.
ولم يستبعد أن يكون لقاء عين التينة تطرق إلى جلسة انتخاب رئيس الجمهورية المقررة اليوم والمتوقع أن تبقى ضمن سابقاتها، معتبراً انه من الطبيعي أن يجري التعريج على هذا الموضوع، على الرغم من أن لا تطورات جديدة على هذا الصعيد.
اما النائب سليمان فرنجية، فاعتبر في موقف له أن الميثاقية تفرض مشاركة كل المكونات، وقال «أنا كمسيحي سأشارك، وهناك عدد من النواب المسيحيين بات معروفاً انهم سيشاركون بما يمنح الميثاقية المطلوبة. ولننتظر لنرى من سيعدل في رأيه ومن سيشارك».
الحريري
وعشية الجلسة الرابعة عشرة أو الخامسة عشرة (بحسب تقدير الأمانة العامة لمجلس النواب) توجه الرئيس سعد الحريري في بيان أصدره صباحاً إلى القيادات اللبنانية كافة، وعبرها إلى اللبنانيين من كل الأطياف الروحية والسياسية، وإلى اخوانه وأهله أهل السنّة، داعياً إلى المباشرة فوراً في إطلاق مشاورات وطنية للاتفاق على رئيس جديد للجمهورية وإنهاء الفراغ في موقع الرئاسة الأولى، في ما يؤدي الى استقامة العمل في المؤسسات والمواعيد الدستورية وتحقيق تداول في السلطة وفق القوانين المرعية، وكذلك العمل على إعداد استراتيجية أمنية متكاملة يتولاها الجيش اللبناني مع القوى الأمنية الشرعية اللبنانية تخصص للتعامل مع ارتدادات الحرب السورية على لبنان، وتكون مسؤولة حصراً عن حماية الحدود مع سوريا، ومنع أي اعمال عسكرية في الاتجاهين، سواء نشأت من مجموعات سورية في اتجاه لبنان أو مجموعات لبنانية في تجاه سوريا، على أن يشمل هذا التطبيق النازحين السوريين المقيمين على الاراضي اللبنانية ومن يناصرهم من اللبنانيين، والسير قدماً بالخطة الحكومية للتعامل مع قضية النزوح السوري.
وشدّد الرئيس الحريري على أن أهل السنّة في لبنان كانوا على الدوام وما زالوا يشكلون القاعدة المتينة لأهل الاعتدال والوحدة، مشيراً إلى أن كل الدعوات التي توجه للانشقاق عن الجيش وتحريض الشباب السني تحديداً على ترك مواقعهم والالتحاق بتنظيمات مسلحة في لبنان أو خارجه هي دعوات مدانة ومرفوضة، ولن تلقى صدى مؤثراً لدى بيئة وطنية تشكّل القاعدة الصلبة لبنيان الجيش، لافتاً النظر إلى ان الدعوة إلى ثورة سنية في لبنان هي دعوة لا تنتمي الى تطلعات وأهداف وحقيقة السنة في شيء، بل هي دعوة تتساوى مع المشاريع المشبوهة لإنهاء الصيغة اللبنانية واستبدالها بدويلات ناقصة.
وإذ أعلن، انه لا يرى بديلاً عن تحييد المسألة اللبنانية عن المسألة السورية وتعطيل كافة خطوط الاشتباك الأمني والعسكري بين المسألتين، مؤكداً انه لن يغطي أي مرتكب يخالف قواعد العيش المشترك والنيل من الجيش ووحدته وسلامته ودوره في حماية اللبنانيين، ختم قائلاً بأنه آن الأوان لوعي المخاطر التي تترتب على التورّط المتعمد في الحريق السوري، وآن الأوان لفك الاشتباك بين الحدود اللبنانية والجبهة السورية.
وفي السياق نفسه، دعت كتلة «المستقبل» بعد اجتماعها الأسبوعي، برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة، الذي غادر مساء متوجهاً إلى الكويت، إلى المسارعة لاستكمال تنفيذ الخطة الأمنية بحزم توصلاً إلى أن تبسط الدولة سلطتها على كامل الاراضي اللبنانية، بحيث لا يعود هناك اي سلاح غير سلاح الدولة اللبنانية، ولفتت إلى انه حين تتأمن للجيش التغطية السياسية والقرار المناسب يصبح قادراً على حماية اللبنانيين والدفاع عنهم من دون الحاجة الى مساندة ميليشياوية.
وشددت الكتلة على ضرورة مسارعة الحكومة، وعبر الهيئة العليا للاغاثة إلى التعويض على المواطنين في طرابلس الذين نكبوا بالأرواح والممتلكات جرّاء المعارك، ورأت في هذا المجال ضرورة المسارعة إلى تعيين مجلس إدارة المنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس، وكذلك إقرار إنشاء صندوق خاص لإنماء منطقتي الشمال وعكار لرفع الظلم عن هاتين المنطقتين.
ولفت الانتباه في البيان، استنكار الكتلة لكلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بحق المملكة العربية السعودية، مستغربة بأن هذا الموقف المستهجن جاء بعيد تبرع المملكة بهبات سخية من أجل تسليح وتجهيز الجيش اللبناني، متسائلة عن توقيت هذا الهجوم وأهدافه، وهو أمر يُؤكّد إمعان حزب الله في العمل على ما يُفاقم مشكلات لبنان ويزيد من حدة التأزم والتوتر وانتشار العصبيات، بل الدعوة إلى اعتماد لغة الهدوء والتعقل.
مؤتمر برلين
في غضون ذلك، عاد الرئيس تمام سلام والوفد المرافق له قبيل منتصف الليل إلى بيروت بعد مشاركته في مؤتمر برلين حول اللاجئين السوريين واجتماع مجموعة الدعم الدولية، ولقاء عقده مع المستشارة الالمانية انجيلا ميركل.
وبحسب البيان الختامي الذي صدر عن مؤتمر برلين، فقد التزم المجتمع الدولي بتقديم دعم مالي بعيد المدى للدول المجاورة لسوريا، وبينها لبنان، والتي تستضيف نحو ثلاثة ملايين لاجئ، من دون أن يُحدّد مبلغ هذا الدعم، مكتفياً بالقول أن «المانحين سيحاولون تعبئة دعم متزايد لأعوام عدّة يستند الى حاجات يتم تحديدها».
وشدّد الرئيس سلام في كلمة امام المؤتمر على أن لبنان تجاوز قدراته على استيعاب اعداد النازحين، مشيراً إلى أن لبنان بحاجة عاجلة لتقاسم هذا العبء، وإلى مفاعيل زعزعة الاستقرار لمثل هذا التدفق للاجئين الى الارض الخصبة للتطرف والعنف الذي يولده، فيما اكد وزير الخارجية جبران باسيل على ضرورة التمييز بين من لجأوا لأسباب سياسية واخرين لجأوا لأسباب اقتصادية، بهدف تركيز المساعدة على أولئك الذين فروا بداعي الخوف والذين يحتاجون إلى مساعدة سياسية عاجلة، معتبراً أن هذا الأمر سيحل نصف المشكلة.
وكشف الرئيس سلام عن اتفاق على عقد لقاء في جنيف في 9 كانون الأوّل بدعوة من منظمة الاغاثة الدولية لدرس كيفية تقاسم اعداد النازحين بعدما أكّد الحاضرون في كلماتهم مدى خطورة النزوح على لبنان، مبدياً اقتناعه بضرورة إقامة مناطق آمنة داخل سوريا، وبوجوب ان تقوم الأمم المتحدة والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين بالاشتراك مع الأطراف المعنية، باستكشاف السبل لتمكين النازحين السوريين من ممارسة حقهم في العودة إلى ديارهم، معتبراً أن هذا الحل، وعلى رغم المفاوضات السياسية المعقدة التي قد يتطلبها، قد يثبت انه الحل الأنسب والأفعل.