لبنان سهَّل إتفاق الزبداني بطلب أممي
شهيد من الجيش وجرح ضابط باشتباكات الدار الواسعة واعتقال مطلوبي جريمة بتدعي
غابت السياسة، وفرض اتفاق تبادل الجرحى والمسلحين المعروف باتفاق الزبداني – كفريا – الفوعة، والذي تمّ التوصّل إليه برعاية تركية – إيرانية – أممية، نفسه على ساحة الاهتمام الداخلي، فضلاً عن اشتباكات الدار الواسعة في بعلبك، بين الجيش ومجموعات مسلحة مطلوبة للعدالة، بعد رفع الغطاء السياسي عنها، إلى جانب تداعيات التهديدات المتبادلة بين «حزب الله» وإسرائيل على خلفية اغتيال الشهيد سمير القنطار، في وقت كشفت فيه طهران عن لسان المتحدث بلسان الخارجية الإيرانية حسين جابر الانصاري، بأن بلاده تجري اتصالات مع الرياض لحل أزمات المنطقة، رافضاً الكشف عن تفاصيلها، في حين أكّد وزير الخارجية الإيراني محمّد جواد ظريف أثناء استقباله نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في طهران ان بلاده تتطلع إلى «تمكن كافة المجموعات والطوائف والاطياف السياسية من تحقيق ما يخدم مصالح الشعب اللبناني، ودعم مطلبه في ما يخص انتخاب رئيس للجمهورية».
وبالتزامن، تلقت الأجهزة المعنية اللبنانية تأكيدات من المملكة العربية السعودية بأن مواعيد تسليم السلاح للجيش اللبناني، بالاتفاق والتنسيق بين المملكة وفرنسا انجزت بموجب الهبة السعودية، الأمر الذي سيؤدي إلى رفع القدرات القتالية للجيش اللبناني في مواجهة أعداء لبنان.
اتفاق الزبداني
وشكل مرور الجرحى من الزبداني وكفريا والفوعة عبر مطار الرئيس الشهيد رفيق الحريري الدولي في بيروت، وعددهم 450 مقاتلاً ومدنياً، تمّ اجلاؤهم بموجب اتفاق رعته الأمم المتحدة، وتوسطت فيه أنقرة وطهران، مادة تجاذب سياسي، مع العلم ان الأمن العام اللبناني، فضلاً عن الشرطة العسكرية وعناصر الجيش اللبناني تولوا توفير التدقيق وحماية الحافلات التي اجلت هؤلاء من المصنع إلى المطار من الزبداني وعددهم 126 شخصاً وصلوا إلى بيروت براً وغادروا جواً إلى تركيا، في وقت وصل فيه 330 مدنياً ومقاتلاً من القريتين الشيعيتين في محافظة إدلب إلى مطار هاتاي التركي، ومنه إلى مطار بيروت حيث تمّ نقلهم براً إلى دمشق.
وعلى الأرض، لاقى مرور الحافلات الآتية من الزبداني ترحيباً على طريق المصنع من أهالي مجدل عنجر، في حين لاقى انزعاجاً من تجمعات صغيرة على طريق المطار، رددت شعارات مناوئة.
وليلاً، صدر عن المديرية العامة للأمن العام البيان الآتي:
«تنفيذاً للإتفاق الذي رعته الأمم المتحدة، والقاضي بـإجلاء جرحى جميعهم مدنيين من مناطق سورية عبر الحدود اللبنانية في المصنع ومن ثم في مطار رفيق الحريري الدولي وبالعكس، وبتوجيه من السلطات الرسمية اللبنانية المعنية، إتخذت المديرية العامة للأمن العام الإجراءات اللازمة لتأمين دخول الجرحى وذويهم وخروجهم بالتنسيق مع المكلفين تنفيذ المهمة في الأمم المتحدة. كما واكبت قوة من المديرية العامة للأمن العام الحافلات على إمتداد الطريق داخل الأراضي اللبنانية تنفيذاً للقوانين المرعية الإجراء، وبالتعاون مع البعثة الدولية للصليب الاحمر والصليب الاحمر اللبناني».
ومنعاً لتحميل قضية تمرير الجرحى عبر مطار بيروت أية خلفيات سياسية أو أخذ ورد، كشف مصدر حكومي لـ«اللواء» ان رئيس مجلس الوزراء تمام سلام ووزير الداخلية نهاد المشنوق كانا على علم باتفاق الزبداني لإخراج الجرحى والمدنيين، وأن لبنان سهل العملية بناءً على طلب من الأمم المتحدة، مشيراً إلى ان العملية برمتها كانت باشراف المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا والذي طلب من ممثلة الأمم المتحدة في بيروت سيغريد كاغ التنسيق مع الرئيس سلام والوزير المشنوق لتسهيل تنفيذ الاتفاق.
ولفت المصدر النظر كدليل على ذلك، إلى أن الأمن العام اللبناني ما كان بإمكانه القيام بالدور الذي قام به لو لم يكن وزير الداخلية على علم به، ولا يجوز في مثل هذه الحالة تحميل هذا الموقف الإنساني أي أبعاد سياسية، وبصرف النظر عمّا إذا كان الجرحى من المسلحين أو المدنيين، فإن سياسة النأي بالنفس عمّا يجري في سوريا في صلب سياسة الدولة اللبنانية كما نص على ذلك البيان الوزاري.
وأشار المصدر إلى أنه لم يكن بإمكان لبنان أن يرفض طلب الأمم المتحدة كطلب إنساني، وهو الذي طرق أبواب الدول والأمم والحكومات شرقاً وغرباً للإفراج عن العسكريين الذين كانوا محتجزين لدى جبهة «النصرة» وهو بحاجة إلى الوسطاء الإقليميين والدوليين للإفراج عن العسكريين المحتجزين لدى تنظيم «داعش»، ولا يجوز بالتالي، يضيف المصدر، ربط العمل الإنساني الذي تمّ بإشراف دولي بالواقع الحكومي الحالي الذي تعرقله مصالح وحسابات حزبية وأنانيات خاصة لا تخفى على أحد.
وكان المكتب السياسي لحزب الكتائب توقف عند ما وصفه بعبور قوافل الجرحى والمسلحين من سوريا عبر الأراضي اللبنانية إلى تركيا، وتحوّل مطار بيروت مهبطاً لهذه القوافل بموجب إتفاقيات ثنائية خارجية حيكت خارج أراضيه ودون علمه، داعياً الحكومة اللبنانية ورئيسها إلى وضع الرأي العام في حقيقة صورة ما يحصل على المستويين الأمني والسياسي، آسفاً لما اعتبره «خضوع بعض المسؤولين اللبنانيين لإرادة الأفرقاء المتنازعين في سوريا وتنفيذهم إتفاقات تحصل بين هؤلاء من دون الرجوع إلى المؤسسات الدستورية صاحبة الحق والاختصاص في اتخاذ القرار».
وتزامن هذا الموقف الكتائبي مع تعليق عالي السقف للوزير الكتائبي سجعان قزي على اتفاق نقل المسلحين الجرحى عبر لبنان، متسائلاً عن سياسة النأي بالنفس الواردة في البيان الوزاري، مؤكداً أن لبنان غير معني بهذا الاتفاق لأنه لا علم له به، وحصل بين طرفين سوريين، جازماً بأن الحكومة والوزراء وعدد من القادة الأمنيين والعسكريين لا علم لهم بالاتفاق، وأن بعضهم لم يكن موافقاً على العملية.
أما تيّار «المستقبل» فلم تشأ مصادره الدخول في سجال حول هذا الموضوع، على اعتبار أنه موضوع إنساني بحت، وأن دور لبنان لم يكن سوى أن يكون ممراً إنسانياً، وهذا يحصل في كل دول العالم.
وأوضحت المصادر نفسها لـ«اللواء» أنها لا ترى في ما حصل إخلالاً بسياسة النأي بالنفس عن الأزمة السورية، «لأنه لو اتبعنا هذا المنطق، لكان علينا أن نرحّل كل النازحين السوريين الموجودين على الأراضي اللبنانية».
هدنة التيار العوني و«المردة»
سياسياً، ما زالت الهدنة صامدة بين «التيار الوطني الحر» وتيار
«المردة»، في حين شكّل الكلام الذي نُسب إلى الرئيس نبيه برّي من أن مبادرة ترشيح النائب سليمان فرنجية ما تزال قائمة، وأنه يعمل لتذليل العقبات أمامها، توصلاً لانتخاب رئيس في العام المقبل، حافزاً لاتصالات عونية، على خلفية أن ترشيح فرنجية لم يعد قائماً، وأن فرص النائب ميشال عون لم تضعف أياً تكن التفاهمات الجديدة.
وفي هذا السياق، أعلن الوزير السابق ماريو عون لـ«اللواء» أن النائب عون ما يزال مرشّح قوى 8 آذار بامتياز، مكرراً اعتقاده بأن مفتاح الرئاسة ما زال في يد الجنرال، مرجحاً ظهور بوادر إيجابية في هذا الصدد مع مطلع السنة الجديدة، ما يجعل حظوظ عون بالوصول إلى رئاسة الجمهورية كبيرة.
لكن عون لم يشأ إعطاء أية تفاصيل أو معلومات باستثناء نفيه ان يكون «التيار الوطني الحر» وراء هجوم قناة «او.تي.في» على البطريرك الماروني بشارة الراعي، معتبراً هذا الهجوم إعلامياً.
مداهمات «دار الواسعة»
وعلى خلفية جريمة مقتل صبحي ونديمة الفخري في بتدعي منذ قرابة السنة، نفذت وحدة من مخابرات الجيش مداهمات في دار الواسعة في بعلبك للقبض على المطلوبين المتورطين في هذه الجريمة، وجرى تبادل لاطلاق النار أدى إلى استشهاد أحد العسكريين وإصابة 4 آخرين بجروح.
وأوضح بيان قيادة الجيش ان قوى الجيش تابعت ملاحقة المجموعة المسلحة المؤلفة من 8 عناصر، وتمكنت من محاصرتهم في أحد المباني، وتوقيفهم جميعاً بعد استسلامهم (وجميعهم من آل جعفر)، وتبين ان ثلاثة منهم ضالعون في الجريمة المذكورة، ومحالون امام المجلس العدلي، وقد ضبطت بحوزتهم كمية من الأسلحة الحربية والذخائر والمخدرات.
ولفت البيان إلى ان قوى الجيش مستمرة بتنفيذ عمليات الدهم لتوقيف باقي المتورطين.
ولاحقاً، نعت قيادة الجيش الجندي الشهيد علي بسّام قاسم زين من مواليد شمسطار – بعلبك.