Site icon IMLebanon

قلق لبناني من تداعيات التصعيد بين السعودية وإيران

قلق لبناني من تداعيات التصعيد بين السعودية وإيران

الحريري يردّ بعنف على نصر الله .. وجلسة الحوار الثنائي في موعدها اليوم

لم يكن مطلع السنة الجديدة 2016 على قدر آمال اللبنانيين، وإن كان قد «بيّضها» «فلاديمير» مناخياً، حيث بسط وشاحه الأبيض على معظم الجبال والمرتفعات اللبنانية، منذ ليلة رحيل السنة الماضية 2015، مخلّفة وراءها إرثاً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً ثقيلاً ما يزال يرزح على صدور اللبنانيين، أقلّه بيئياً، حيث ملف النفايات ينتظر توقيع عقود ترحيلها إلى أماكن لم تحدّد بعد، وإن كانت أكثر من علامة استفهام وتساؤلات ترتسم حول طبيعة الصفقة والشركات التي ستتولى تصديرها إلى الخارج.

ومع أن اللبنانيين كانوا يأملون أن تحمل السنة الجديدة معها بشائر أمل في حلحلة ملف الاستحقاق الرئاسي الذي رُحِّل بدوره من السنة الماضية، بكل ما يحمله من تعقيدات و«فيتوات» متبادلة بين القوى السياسية المتصارعة على مَنّ يكون الرئيس الآتي، فإن مطلع السنة، أو أقلّه في اليوم الثالث منه، حمل «مؤشرات سوداء» دفع بالكثيرين، سياسيين وغير سياسيين إلى التساؤل حول ما إذا كان الإستحقاق الرئاسي قد أصبح أسيراً لتداعيات التصعيد الحاصل بين تيّار «المستقبل» و«حزب الله» على خلفية تنفيذ حكم الإعدام بالشيخ نمر النمر في المملكة العربية السعودية؟

وهل ستنحصر هذه التداعيات في الملف الرئاسي أم ستلتحق بالملف الحكومي الموعود بأن يشهد مع مطلع العام حلحلة ما تتمثّل بعودة استئناف جلسات الحكومة، بعد عودة رئيسها تمام سلام من إجازته العائلية اليوم أو غداً؟

أوساط وزارية متابعة، أبدت لـ«اللواء» قلقها من هذا الاحتمال، بعد الخطاب الناري للأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله والذي هاجم فيه بشدّة وبنبرة غير مسبوقة المملكة العربية السعودية، مما استدعى ردّاً سريعاً من الرئيس سعد الحريري رافضاً فيه التعرّض للمملكة وقيادتها ورموزها، وشاجباً اعتبار السيّد نصر الله نفسه مسؤولاً عن كل أبناء الطائفة الشيعية في العالم.

واعتبرت هذه الأوساط أن اتساع الخلاف بين جديد «المستقبل» و«حزب الله» من شأنه أن يؤدي إلى «تعليق» الاتصالات الجدّية التي كانت ناشطة قبل نهاية العام الماضي للتوصّل إلى صيغة ما حول «المبادرة الحريرية» بترشيح النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، خصوصاً وأن الطرفين على موعد اليوم الاثنين لجلسة حوار جديدة في عين التينة، ذات الرقم التسلسلي 23.

لكن هذه الأوساط ألمحت، على رغم التصعيد الحاصل، إلى حرص الطرفين: «المستقبل» و«حزب الله» على عدم تحويل خلافاتهما في هذه المسألة (إعدام الشيخ النمر) إلى مواجهة مذهبية، حيث أوصى كل طرف جمهوره ومناصريه بتجنّب الاستفزارات المذهبية في الشارع وإبقاء المسألة في إطارها السياسي البحت.

وفي السياق ذاته، لم تُخفِ مصادر أمنية لـ«اللواء» قلقها من حالة التشنّج التي أعقبت الإعلان عن إعدام النمر في أوساط «حزب الله» ومؤيّديه، منبّهة إلى ضرورة اتخاذ كل الاحتياطات اللازمة لعدم إنتقال هذه الأجواء إلى الشارع مرّة أخرى، وتعريض أمن البلد للخطر، لا سيّما وأن اكتشاف «الخلايا النائمة» للتنظيمات «الإرهابية» يُشير إلى إمكانية حصول إختراقات خطيرة ليس من السهل تجنّبها دائماً على نحو ما حصل في انفجاري برج البراجنة مؤخراً.

الحوار الثنائي

ومع ذلك، فإن مصدراً نيابياً في كتلة «المستقبل»، أبلغ «اللواء» أن جلسة الحوار الثنائي بين «المستقبل» والحزب لا تزال قائمة في موعدها، وأن لا شيء تغيّر بالرغم من التصعيد الكبير الحاصل بين الطرفين، إلا أن المصدر نفسه أعرب عن تشاؤمه الكبير حيال ملف الاستحقاق الرئاسي، في حين دعا مصدر وزاري بارز، عبر «اللواء»، إلى انتظار الأيام المقبلة، وما ستحمله من المزيد من ردّات الفعل.

وإذ أسف المصدر لانعكاس أي موقف إقليمي على وضعنا الداخلي، توقّع أن تتعقّد الأمور أكثر فأكثر، على كل الأصعدة الداخلية، إن كان بالنسبة إلى تفعيل العمل الحكومي، أو حتى على موضوع رئاسة الجمهورية، وبالتحديد المبادرة الرئاسية.

أما وزير الاقتصاد والتجارة آلان حكيم فقد اعتبر في تصريح لـ«اللواء» أن ما حصل من ردّات فعل على إعدام الشيخ نمر النمر ومواقف إيران و«حزب الله» من الموضوع، ستكون له بطبيعة الحال إنعكاسات سلبية على الساحة الداخلية اللبنانية.

ودعا حكيم الجميع للعمل على تجنيب لبنان هذه الانعكاسات، وبذل كل الجهود من أجل إنهاء

الفراغ الرئاسي الذي لا يجوز استمراره أكثر من ذلك، معتبراً ان هذا الاستحقاق يجب أن يكون أولوية لدى جميع اللبنانيين.

الحريري

ولم تكد تمضي بضع ساعات على الخطاب الناري للسيد نصر الله، الذي كان يتحدث في ذكرى أسبوع على رحيل الشيخ محمّد خاتون، والذي هاجم فيه السعودية بعنف غير مسبوق، على خلفية تنفيذ حكم الإعدام بالشيخ النمر، حتى سارع الرئيس الحريري للرد عليه من دون الإشارة إليه بالإسم، بل حمل بدوره، وبعنف على «حزب الله» الذي اتهمه بأنه يتصرف كأنه مسؤول عن كل أبناء الطائفة الشيعية في العالم، مشيراً إلى انه على «خطى الجمهورية الإسلامية الإيرانية ينطلق من مرجعبة سياسية زائفة، لإسقاط حدود السيادة الوطنية للدول القريبة والبعيدة، ويعطى نفسه حقوقاً غير منطقية للتدخل في شؤونها والاعتراض على قراراتها والاساءة لقياداتها واشهار سيوف التهديد والوعيد في وجهها.

واستفاض الرئيس الحريري في بيان الرد ملاحظاً ان حصر ردة الفعل على أحكام الإعدام التي صدرت عن القضاء السعودي بالحكم الخاص بالشيخ النمر هو وجه من وجوه التلاعب على الغرائز المذهبية، ومحاولة متعمدة لإعطاء تلك الاحكام أبعاداً خلافية عقائدية لا تتوافق مع الحقيقة التي تشمل 46 مداناً آخر طاولتهم أحكام الإعدام.

وقال: ان الشيخ النمر هو مواطن سعودي يخضع كسائر المواطنين السعوديين والمقيمين في المملكة لأحكام القوانين السعودية، وليس مواطناً ايرانياً تطبق عليه قواعد «الباسيج» والحرس الثوري.

وإذ شدّد الحريري على أن المملكة ضنينة على سلامة لبنان واستقراره فإنه نبّه كل الذين يحبون المملكة ويعبرون عن التقدير والاحترام لقيادتها، إلى عدم الإنجرار للسجالات المذهبية والذهاب إلى حيث تريد بعض الأصوات والأبواق من النفخ في رماد العصيان والفتن، داعياً بعض قيادات الطائفة الشيعية في لبنان إلى التعاون على رفض العمل الجاري لتأجيج المشاعر وإثارة النفوس والتزام الحكمة في مقاربة التحديات الماثلة وحماية الاستقرار الداخلي، لافتاً نظر هؤلاء إلى ان شيعة لبنان والسعودية والعراق واليمن هم مواطنون في دولهم مثل أي شيء آخر، وأن التصرف الإيراني مع هؤلاء المواطنين بصفتهم رعايا إيرانية في دولها، بات يمثل الخلل الأكبر الذي يُهدّد العالم الإسلامي، ويحرك عوامل الفتنة في غير من مكان ومناسبة».

يشار إلى ان نصر الله، على الرغم من هجومه العنيف على السعودية والنظام السعودي، فإنه دعا بدوره إلى عدم تحويل تنفيذ حكم الإعدام بالشيخ النمر الى موضوع شيعي – سني، مشدداً على ان هذا الموضوع لا يجوز وضعه في خانة أهل السنة والجماعة، والذهاب من خلال هذا الدم إلى فتنة سنية – شيعية، معتبراً ذلك خيانة لدماء النمر الذي نفى نصر الله أن يكون دعا إلى انشقاق أو تقسيم المملكة، متهماً الولايات المتحدة الأميركية بأنها كانت تطلب من الشيعة في المنطقة الشرقية من المملكة أن يطالبوا بالانشقاق وبناء دولة مستقلة، وأن واشنطن عرضت قبل سنوات على قادة الشيعة ذلك فرفضوا وأصروا على أن يبقوا في بلدهم وجزءاً منه.