Site icon IMLebanon

التسوية الرئاسية في مهب إنفجار الخلاف بين العرب وإيران

التسوية الرئاسية في مهب إنفجار الخلاف بين العرب وإيران

حزب الله يثأر للقنطار في مزارع شبعا .. والوضع يعود إلى طبيعته بعد قصف إسرائيلي للوزاني

ما كادت العاصفة الثلجية تقترب من الانحسار، حتى ألقت العاصفة الإقليمية المتمثلة بانهيار العلاقات الإيرانية – الخليجية في ضوء القرار الذي اتخذته المملكة العربية السعودية بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع طهران، بثقلها فوق الساحة اللبنانية المنهكة بتداعيات الحرب السورية، والفراغ في سدة الرئاسة الأولى، وشل عمل الحكومة، واللجوء إلى التمديد تلو الآخر للعقود والعمل في الإدارات، وتأخر ترحيل النفايات إلى خارج لبنان.

على ان الأخطر هو المخاوف ليس فقط من تعثر جديد، يصيب المؤسسات المشلولة، بل من تداعيات تجدد الاشتباك بين «حزب الله» وإسرائيل بعد العملية التي نفذها الحزب في مزارع شبعا، ثأراً لاغتيال سمير القنطار، باستهداف المنزل الذي كان فيه في جرمانا السورية في 19 كانون الأوّل الماضي.

وقال مصدر أمني لبناني ان حزب الله استهدف دورية إسرائيلية بعبوة ناسفة ذات وزن كبير في منطقة رويسة القرن في مزارع شبعا المحتلة، مضيفاً ان إسرائيل ردّت عبر استهداف منطقتي العباسية والوزاني القريبتين من المزارع والمأهولتين بالسكان بحوالى 30 قذيفة مدفعية.

وهذه العملية هي الثانية التي ينفذها الحزب في المزارع، بعد العملية الأولى في أواخر كانون الثاني من السنة الماضية وادت إلى مقتل جنديين اسرائيليين رداً على استهداف نجل القيادي في الحزب عماد مغنية في سوريا.

وأشار حزب الله في بيانه الذي تبنى فيه العملية ان مجموعة الشهيد القنطار هي التي نفذتها ودمرت آلية من نوع «هامر» وقتلت من فيها، وفقاً لبيان «المقاومة الاسلامية»، فيما نفى المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي افيخاي ادرعي وقوع اصابات في الجانب الإسرائيلي، في وقت عقد فيه رئيس الأركان الإسرائيلي اجتماعاً عسكرياً لمناقشة الموقف.

وتحدثت معلومات عن إصابة ضابط إسرائيلي كبير، الا ان الوضع عاد إلى وضعه الطبيعي مع هبوط الليل. فيما سيّرت قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة «اليونيفل» دوريات في المنطقة، ودعا قائد هذه القوات الميجر جنرال لوتشيانو بورتولانو إسرائيل وحزب الله إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس لمواجهة أي استفزاز.

نعي رعد للمبادرة الرئاسية

سياسياً، نعى رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمّد رعد مبادرة إنهاء الفراغ الرئاسي التي تفاهم عليها الرئيس سعد الحريري مع النائب سليمان فرنجية في لقاء باريس الشهير.

وقال في احتفال تأبيني: «يريدون في لبنان ان يصادروا الدولة بمؤسساتها الدستورية وغير الدستورية، لمصلحة سياسة أميركية أو غربية».

وفي كلام فسّر بأنه يعبر عن رفض «حزب الله» عودة الرئيس الحريري إلى رئاسة الحكومة، رأى رعد: «ان من يعيش الإفلاس في ملاذه الذي يأوي إليه الآن، لا يجب ان يجد مكاناً له في لبنان من أجل نهب البلاد مرّة جديدة»، مضيفاً «المسألة ليست مسألة شخص تسلمه موقعاً في رئاسة الجمهورية، ولا يجد صلاحيات يستطيع ان يحكم بها البلاد»، في إشارة إلى النائب فرنجية.

وهذا الموقف الذي جاء في غمرة اشتداد الصراع بين الرياض وطهران على خلفية تدخل الأخيرة في الشؤون العربية ومهاجمة مقر البعثة الدبلوماسية السعودية في طهران واضرام النار فيها، في تطوّر يذكر باحتجاز الرهائن الأجانب في السفارة الأميركية عام 1979، غداة تنفيذ أمر القضاء السعودي باعدام الشيخ نمر النمر وعدد آخر من المدانين بالارهاب السبت الماضي، من شأنه ان يعقد مساعي التقارب اللبناني – اللبناني، وإن كان النائبان سمير الجسر وأحمد فتفت يستبعدان أن يؤدي إلى وقف  الحوار مع حزب الله، في وقت أكدت فيه أوساط عين التينة أنها على استعداد لاستقبال المشاركين في هذا الحوار، وأن أبوابها ما تزال مفتوحة لحوار «المستقبل» و«حزب الله» الاثنين المقبل.

وكشف مصدر مطّلع لـ«اللواء» أن أوساط النائب فرنجية أبدت استياءها من مقاربة رعد للموضوع ووصف رئيس تيّار «المردةً» بالشخص الذي نسلمه رئاسة الجمهورية، واعتبرت أن رئيس تيّار «المردة» لا يُخاطب بهذه الطريقة، وأن الموضوع هو إنهاء الفراغ الرئاسي أم استمراره على قاعدة الإلتقاء عند منتصف الطريق.

تفعيل الحكومة

حكومياً، أبدى مصدر وزاري لـ«اللواء» خشيته من انعكاس الخلاف الإيراني – السعودي مزيداً من التأزم الداخلي، لا سيما بالنسبة للاستحقاق الرئاسي. ودعا المصدر إلى ضرورة تحصين الساحة الداخلية وتكاتف الجميع للعمل لما فيه مصلحة البلد، والقيام بخطوات عملية لتفعيل  العمل الحكومي لتسيير شؤون النّاس في ظل  الفراغ الرئاسي.

ونقل زوّار الرئيس تمام سلام الذي استأنف نشاطه في السراي الحكومي أمس عدم ارتياحه للتطورات الراهنة ولتأزم الأوضاع مع استمرار الشلل الحكومي والفراغ الرئاسي. وكشف هؤلاء عن نيّة الرئيس سلام الذي ستكون له كلمة اليوم في استقبال موظفي رئاسة الحكومة لمناسبة بدء السنة الجديدة، القيام بخطوات معيّنة، من دون الكشف عنها من أجل تفعيل عمل الحكومة، على أساس أنه لا يجوز أن يستمر الوضع على ما هو عليه من شلل، وأن يبقى رئيس الحكومة مكتوف الأيدي في ظل استمرار الفراغ الرئاسي.

وفي تقدير مصدر وزاري أن التصعيد الحاصل على المستوى الإقليمي مدعاة للتشاؤم، لا سيما بعد كلام النائب رعد الذي يحمل في رأيه دعوة واضحة لتغيير النظام تحت شعار مسيحي وهو صلاحيات رئيس الجمهورية.

ولفت المصدر إلى أنه كانت هناك بوادر أمل في أواخر السنة الماضية تتمثل بمبادرة الرئيس الحريري إلى ترشيح فرنجية، لكن ما حصل من تصعيد وسجال كلامي وتوتّر إقليمي يُعيدنا إلى الوراء خطوات كبيرة، وربما إلى المربع الأول.

وقال لـ«اللواء» أن هذا ما يدفع الرئيس سلام إلى إعادة تفعيل عمل الحكومة من خلال الدعوة إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء بجدول أعمال مقبول لا خلاف عليه بين مكونات الحكومة.

وبحسب المصدر، فإنه إذا لقيت الدعوة إلى  الجلسة تجاوباً من قبل الوزراء يكون ذلك مؤشراً إلى إمكانية تجاوز التصعيد والتأزم الإقليمي إلى ما يُريح البلد على صعيد تسيير شؤون العباد والبلاد، أما إذا لم تلق الدعوة تجاوباً، فإن ذلك سيكون مدعاة للتشاؤم وحيال ذلك لا بدّ من التفكير باحتمالات أخرى.

وأوضح المصدر أن الدعوة للجلسة لن تكون في هذا الأسبوع المثقل باستحقاقات أولها جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الخميس المقبل، وقبلها عطلة الميلاد لدى الطائفة الأرمنية يوم الأربعاء، ومن ثمّ طاولة الحوار الوطني رقم 13 يوم الاثنين المقبل والتي تتزامن مع جلسة الحوار الثنائي الـ23 في عين التينة بين «المستقبل» و«حزب الله».

غير أن مصادر وزارية كتائبية، لفتت النظر عبر «اللواء» إلى أن صورة انعقاد جلسة لمجلس الوزراء لم تتضح بعد، واستبعدت عقد تلك الجلسة خشية حصول توتر داخلها على خلفية التطورات الحاصلة في المنطقة، مشيرة إلى أن الأجواء حالياً لا تصلح لانعقاد جلسة قد تعكس الخلافات وتفشل في تمرير ما يتصل بشؤون النّاس.

وقال وزير الاقتصاد والتجارة آلان حكيم لـ«اللواء» أن لا مصلحة للبنان للدفاع عن أحد، وهو ليس في وضع يسمح له بذلك، رافضاً الكلام التصعيدي الصادر من أي جهة أتى، معلناً أن لا خيار لنا سوى الحياد.

«المستقبل» يردّ اليوم

وفي معلومات «اللواء» أن كلام رعد سيكون موضع ردّ من كتلة «المستقبل» التي ستجتمع اليوم في إطار اجتماعها الأسبوعي.

ولاحظ مصدر في الكتلة أن كلام رعد هو دعوة واضحة للرئيس الحريري بأنه ممنوع عليه العودة إلى لبنان، فضلاً عن نعي المبادرة الرئاسية، وهذا ما يُؤكّد أن «حزب الله» لا يريد انتخاب رئيس، أو بمعنى آخر لن يسمح بإجراء إنتخابات رئاسة الجمهورية قبل فرض سيطرته على البلد.

وأوضح المصدر أن جلسة الحوار الثنائي ما تزال قائمة في موعدها الاثنين المقبل، وأن لا قرار بعد سواء لدى «المستقبل» أو الحزب بوقف هذا الحوار الذي أصبح نوعاً من ترف فكري، لكنه قال أنه لا يعرف ما يمكن أن يحصل بعد ذلك.